دراسات إسلامية
بقلم: أ. د. صلاح سلطان
في غزة ألم عميق، يبعث على أمل وثيق، ويحرك كل حر إلى عمل دقيق.
أولا: غزة ألم :
في غزة ألم من سيل الدماء، وتناثر الأشلاء، الأطفال والرجال والنساء، وهدم بالجملة للمساجد والمدارس والجامعات والمجالس التشريعية والمباني الإعلامية، والمؤسسات الإغاثية والاجتماعية، بمعنى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ﴾[البقرة :205] .
في الضفة فريق قليل من الخونة تسعدهم هذه الجراح، ويضحكون في أعماقهم طربا لهذا الصياح، ويتمنون بين عشية أو ضحاها أن يعودوا لغزة على دبابة إسرائيلية، وحراسة مزرية من دول صليبية وعربية.
في فلسطين يمنع الشعب من التعبير عن رأيه، وتمنع الصلاة في المسجد الأقصى إلا لمن يجاوز الخمسين.
في العالم العربي سُلطتان سُلطة المجتمع وسُلطة الأنظمة، أما الأنظمة فتتابع وتراقب، وتدافع عن مواقفها المخزية أمام شعوبها العربية، وتبرر صمتها المريب عن نصرة إخوانهم في غزة، وتسمح بذرات الرمل في العيون بعلاج عشرات الحالات وزيارتهم، بمعنى ترك الضحية حتى يكون على شفير الموت، فإما أن نصلي عليه أو نعالجه إن أمكن ذلك، لكن الوقاية خير من العلاج ليس خيارا استراتيجيا، وإعلان الحرب على الصهاينة أعداء الله ورسله والمسلمين والأخلاق والقيم بل أعداء الإنسانية، أمرٌ مستبعد.
أما سلطة المجتمع فغضب عارم، وألم حاد، وقلق شديد، وغيرة متدفقة، لكنها محجوبة عن التعبير عن كل غضبها، ولا يسمع لها ولا يسمح أن تشارك بأغلبية في صناعة رؤية متقاربة لنصرة إخوة الدين والعقيدة والعروبة من هذا الطغيان الأمريكي الصهيوني.
في العالم الغربي ترقب مشوب بالحذر من فشل متكرر لوليدتهم وصنعيتهم إسرائيل، فيكون المشروع الغربي كله معرضا لغضبة الشعوب، وتحدث الفجوة بين الشرق والغرب، وتغلق الأسواق الغربية وتتراجع المكاسب المادية، فيذوقون من الفقر مثلما نذوق، ولذا تراهم يتابعون ويدعمون الكيان الصهيوني بكل قواهم.
ثانيا: غزة أمل:
لا يزال الرجال والنساء والأطفال يستخفون بهذا القصف المتدفق، ويعلنون الصمود والمقاومة والدفاع المستميت، والالتفاف حول قيادتهم، وهي معنويات لا يملكها العدو الجبان الذي لولا طائراته لانتكس في الميدان كما انتكس في لبنان، ونتحدى أن يكون في الكيان الصهيوني رجل في قوة وشجاعة وثبات الشهيد الشيخ الدكتور نزار ريان.
صدق وقوة وثبات خالد مشعل و هنية والزهار ونزَّال ومرزوق و….. تدهش الأعداء والأصدقاء، وتغيظ الظالمين وترطب قلوب قوم مؤمنين، وتؤكد أن هذا القصف يعمق يقينهم بقوله تعالى: ﴿لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ﴾ [آل عمران:111]، وأنهم على يقين كامل من نصر الله لهم، وخذلانه لأعدائهم : ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللهُ﴾ [الحج:60]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ﴾[الحج:71] .
لم يستطع الإعلام الإسرائيلي نشر حالة الفزع والرعب لدى القادة والشعب الصهيوني وحرم دخول مواقع هزائمهم التي تفضحهم، لكن الإعلام في قناة الأقصى – رغم تدمير المبنى – بقيت رسالته تبَثُ قويةً فتية صريحة واضحة، تخطف القلوب والعقول والأبصار، بل استطاعوا أن يقتحموا شفرة إذاعة الكيان الصهيوني وخطوط الاتصال بين قادة الجيش البري والقناة الفضائية للعدو الصهيوني وأن يبثوا أناشيدهم الحماسية وبياناتهم القوية.
يجب ألا ننسى من ذاكرة تاريخنا المعاصر أن الاتحاد السوفييتي قتل عشرين مليون مسلم لترسيخ مبادئه الملحدة، لكنه قهر وزالت دولته أمام الجماعات والقبائل في أفغانستان بعد أن قتل مليون ونصف منهم، خرج منهارا بل انتهى الاتحاد السوفييتي كله، وأن الصرب رغم قوة جيشهم وبشاعة ما فعلوه في أهل البوسنة العُزَّل، إلا أنهم قهروهم وأقاموا دولة البوسنة والهرسك، وأن جماعات الشيشان لم تهزم حتى الآن أمام قسوة الظلم الروسي، وأن المقاومة العراقية والأفغانية لا تزال تمرغ أنف القوى الدولية، خاصة الأمريكية والبريطانية في الرغام، وتكسر أنف الكبرياء بما يسمى القوى العظمى، وتبحث أمريكا بكل جدية عن مخرج من هذا المستنقع الذي دخلت فيه، لتحفظ بعض ماء وجهها وغطرستها. ومن قريب لقنت المقاومة الباسلة في لبنان الصهاينة درسا لم ولن ينسى، وهذه كلها جماعات من المقاومة الوطنية الحرة هزمت دولا ذات قوة وسيادة، وأحسب أن شعب فلسطين أقوى هذه الشعوب المناضلة جميعا، وسيلقنون العدو الصهيوني أقسى الهزائم بإذن الله تعالى.
ثالثا: خطة عمل:
على مستوى الأنظمة:
قطع جميع العلاقات مع الكيان الصهيوني ديانة وسياسة، فليس في الاستمرار إلا الانتحار والمنتحر يتردى في نار جهنم، كما أن الانتحار السياسي لعنة تاريخية.
إعلان الجهاد وتهيئة الأمة له، والالتحام مع الشعوب الإسلامية التي ستتحول إلى سياج حقيقي قوي طويل المدى لحمايتكم إن تصدرتم الدفاع عن فلسطين، وتشرفتم بإنقاذ أهل غزة.
كسر الحصار عن أهل غزة، والتعامل مباشرة مع الخيار الديمقراطي الحر للشعب الفلسطيني.
تكريس إعلامي ضد المشروع الصهيوني، وأنه العدو الأول والاستراتيجي، وعدم الدخول في أية معارك جانبية دونه، بما سيؤدي إلى لمِّ الشمل العربي.
على مستوى الشعوب:
الاستمرار في إعلان الغضب بطريقة سلمية حضارية على الظلم الصهيوني والصمت العربي، وإعلان كامل التأييد والمناصرة للمقاومة، من خلال المسيرات والمظاهرات والمؤتمرات والمهرجانات، و….، دون تحويل ذلك إلى مساجلات ضد الأنظمة أو الاتجاهات، ودون تدمير أو تخريب لأن الله لا يحب الفساد.
الضغط على الأنظمة بالاعتصام، بل والعصيان المدني إن اقتضى الأمر، حتى تُعَدِّل الأنظمة مواقفها بما يتوافق مع الواجب الإسلامي والعربي والإنساني نحو أهلنا في غزة.
الصيام والقيام والدعاء والقنوت بتضرع إلى رب الأرض والسماء أن يجعل كيد الصهاينة ومن عاونهم يرتد عليهم، وأن يربط على قلوب إخواننا في غزة.
التبرع السخي الندي من الزكوات وأصل المال فالواجب هو التبرع حتى يكتفي أهل غزة، وأن نشارك في الضغط حتى تصل هذه الأموال إليهم.
المقاطعة الاقتصادية للسلع الإسرائيلية والأمريكية، والسعي في هذا بكل جدية، والاستمرار طويل المدى استجابة لنداء علماء أمتنا الإسلامية، إعذارا إلى الله من إثم المشاركة في دعم الآلة الصهيونية والقوة الأمريكية؛ باقتطاع جزء من أرباح السلع لتمويل عملياتهم الإرهابية، وبيان أن ذلك من الحرام لغيره، كما اتفق العلماء على عدم جواز شراء أية سلعة من سارق أو مغتصب حتى لا يساعد على سرقته، ولا شك أن اغتصاب الأرض المقدسة وحصار الشعب الأبي وقتل الأبرياء أفحش في الإثم وأوسع في الوزر.
إعادة دراسة من هم بني إسرائيل في خمسين سورة في القرآن الكريم، والنصوص الصحيحة الصريحة والسنة والنبوية المتواترة في خصائص هؤلاء الإسرائيليين وتاريخ مكرهم وخداعهم والتوائهم ونزقهم وتكذبيهم وفسادهم وكفرهم وقتلهم وظلمهم،… حتى لا تغطي مقالات المخدوعين على عقل المسلم أو المسلمة، وتزيح حقائق النصوص الشرعية التي صدرت ممن قال عن نفسه : ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾[الملك:14]، وليكن تحليل الأحداث وتوقعها والحلول صادرة من صريح القرآن وصحيح السنة وهو : ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ﴾ [الأنفال:60]، وقوله تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾[التوبة:14، 15] .
وأخصُ بالدراسة في هذه الأزمة سور: البقرة، آل عمران، المائدة، الأنفال، التوبة، الإسراء، الشعراء، القصص، محمد، والصف، ومن السيرة النبوية، كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع يهود بني قينقاع ثم بني النضير، ثم بني قريظة، ثم أهل خيبر، وجميعهم كانوا يتصفون بصفة واحدة هي الغدر، وليس جزاء الغادر إلا: ﴿فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾[الفتح:10]، وشرح هذه النصوص والمواقف النبوية لأطفالنا بطريقة سهلة وبسيطة وواضحة.
دراسة بروتوكولات حكماء «خبثاء» صهيون، وروايات نجيب الكيلاني (عمر يظهر في القدس)، و(دم لفطير صهيون)، و(معركة الوجود بين القرآن والتلمود) للشيخ عبدالستار فتح الله سعيد، وموسوعة د.عبدالوهاب المسيري، وغيرهم من الكُتَّاب الذين فضحوا مخططاتهم ونزواتهم وتعطشهم للدماء والسفك والتخريب.
كتابة مقالات للرد على شبهات عديدة أهمها:
أن القضية الفلسطينية تخص الفلسطينيين، وهو تجرد وتهرب من الواجب الإسلامي والعربي، بل والإنساني.
أن الفلسطينيين أضعفوا أنفسهم بالانقسام الداخلي؛ مع عدم التفريق بين من أشعلوا الفتنة من العملاء الذين ضحوا بالوطن والأهل والعشيرة، ومن ضحوا بأنفسهم وأولادهم وأموالهم من أجل وطنهم وبلدهم.
التشكيك في شرعية حماس، وتناسوا أنها السلطة المنتخبة، وأن الانقلاب جاء من عملاء الصهاينة والأمريكان ضد شرعيتها، وأنها ليست هي السبب وراء هذا الهجوم، بل لو جاء مناضلون ملحدون لقاتلهم الصهاينة كما قتلوا الأنبياء.
أن صواريخ القسام ليست مجدية، وضررها أكبر من نفعها، مع نسيان أن صواريخ القسام لم تضرب دولة صاحبة أرض، بل كيان محتل مغتصب، وجهادهم شرعا فرض عين حتى لا يستقر محتل على أرضنا وتتحرر كل شبر من فلسطين المقدسة.
أنه يجب قبول التهدئة الطويلة، وقد حدثت اتفاقات تهدئة مرارًا، فهل احترم الصهاينة مرة واحدة أي اتفاق في الماضي أو الحاضر؟! ألا نثق بقوله تعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة:100]، وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ﴾ [الأنفال:56].
أن إسرائيل وراءها أمريكا، ومن يحاربها يحارب أمريكا وهو ما لا طاقة لنا به، ونسوا أن أهل غزة وفلسطين وراءهم ربنا تعالى بحوله وطوله، وقوته وجبروته، فهو القائل عن نفسه: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾[الأنعام:18]، ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ [يوسف:21] و ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [البروج:12-16]، و﴿نِعْمَ الْـمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ [الأنفال:40].
أن الصف العربي ممزق، ولن يقدر أهل غزة على مواجهة عدوهم وحدهم، ونسوا قوله تعالى: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ﴾[البقرة:249]، وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [آل عمران:123]، ، وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم]
وقول العرب: «إن البعوضة تدمي مقلة الأسد» و«بين النصر والهزيمة صبر ساعة» وهزيمة الصهاينة في لبنان لم يجف مدادها، ولم يفيقوا من آثارها، وفشلهم في قمع الانتفاضة 21 عاما مع توعدهم في مهدها بأنها لن تستغرق أكثر من أسبوعين، وتوالي أربعة رؤساء على أمريكا ولم يستطيعوا جميعهم أن يحققوا شيئا سوى الفشل الذريع.
(س) أن الاتفاقات الدولية تلزمنا عدم فتح معبر رفح وهي أكذوبة كبرى لتبرير خنق قطاع غزة والمشاركة الفعلية في قتل وإنهاك إخواننا في فلسطين، وبيان أن الواجب الشرعي أولا، وحق الجوار ثانيا، والإنساني ثالثا، وأخيرا يلزم القانون الدولي فتح المعابر للمنكوبين من ضحايا الحرب.
بث روح الأمل واليقين في النصر، وإرسال رسائل تأييد وتقوية لظهر إخواننا في غزة عبر القنوات الفضائية والرسائل الإلكترونية والهاتفية، والإعلانات في الشوارع والطرق، وبطاقات التهنئة لا التعازي في الشهداء فهم بإذن الله: ﴿أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [آل عمران: 169-170].
اعتماد سياسة «قليل دائم خير من كثير منقطع»، و«خير الأعمال ما قل ودل»، فالحرب طويلة، والمعركة ستستمر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا، وهذه تحتاج إلى خطوات جادة نحو إصلاح النفس بكل الوسائل التربوية الصحيحة، وإصلاح المجتمع دعويا في كل جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية والسياسية حتى نستحق العناية الربانية، وننتقل من القلة المستضعفة إلى الكثرة المحاورة ثم القوة العادلة، كما تدرج أصحاب الحق في سورة الكهف من الاستضعاف مع أهل الكهف إلى الحوار مع الصاحبين ومنهما إلى التمكين في قصة ذي القرنين ضرورة السعي الحثيث لجمع الصف وتقريب الهوة بين الجماعات والجمعيات والمذاهب الإسلامية، كما التقى سيدنا موسى والخضر (مجمع البحرين) وافترقا على حب وإعذار وعمل لله تعالى، وهي خطوة لا مناص منها قبل التمكين، كما جاء موضعها في سورة الكهف.
جعل قضية فلسطين، وتحرير الأقصى، ومساندة شعب فلسطين أول الأولويات التي تلتقي عليها كل التيارات الإسلامية المخلصة، على مستوى كل فرد منا، وأسرة وجماعة وجمعية، ووطن وأمة، حتى لا يظن العدو أن خطته في القضاء على المقاومة، وتشريد شعب فلسطين سوف ينهي القضية، بل يجب أن يعلم عين اليقين أن أبناء الأمة كلها فداء للأقصى والقدس وفلسطين وأبنائها الأحرار، وأن العمق الاستراتيجي لأبناء غزة وكل شبر ومسلم على وجه الأرض.
إثراء الحوار مع الأسرة في البيت، والأصدقاء في العمل، ومجالس العائلات أو الديوانيات أو الندوات والمؤتمرات والمحاضرات في فاعلياتنا الاجتماعية والثقافية عن إسلامية وعدالة القضية الفلسطينية، وتاريخ الظلم الصهيوني لنفسه وللفلسطينيين وللعرب وللمسلمين، بل للعالم كله خاصة بريطانيا أولا، وأمريكا آخرا، وبث روح الأمل والعمل في النصر وانتزاع اليأس والكسل، مع ضرورة غرس ذلك في أطفالنا وشبابنا منذ نعومة أظفارهم، على الأقل كما يزرع الصهاينة عداءنا في أطفالهم!.
وأختم بهذه القصة التي حدثت عام 1997م عندما أكرمنا الله بجمع كل المسلمين من كل التيارات والجماعات والمراكز والجنسيات، والبيض والسود، لنصلي العيد معا في مدينة بروكلين – نيويورك، وكان العدد داخل المبنى 25 ألف وخارجه 15 ألف، وجاء عمدة نيويورك وزوجته لتهنئتنا بالعيد، فشكرناه، ثم قلت له: «إن سياسة أمريكا تزعج كل مسلم من مساندتها المفتوحة المفضوحة للكيان الصهيوني، لأن المسجد الأقصى عند كل متدين أهم من بيته الذي يسكن فيه»، ففزع الرجل لكني أصررت على تأكيدها..
فكيف إذا علمنا أن حرمة المسلم في غزة أو غيرها أشد عند الله من حرمة الكعبة بيت الله الحرام؟!!. لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ [الصافات:61].
* * *
* *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، محرم – صفر 1436 هـ = نوفمبر – ديسمبر 2014م ، العدد : 1-2 ، السنة : 39