الأدب الإسلامي

بقلم : الأستاذة الدكتورة مه جبين أختر(*)

إذا كانت شخصية علي بن أبي طالب رضي الله عنه يحمل في ذاته درجة عالية لدى المسلمين من ناحية الدين، فله مكانة مرموقة أيضًا في كثير من العلوم كعلم الكلام وعلم الأسرار والشريعة والخطابة والبلاغة واللغة وغير ذلك. فمن آثاره العلمية خطبه المعروفة التي جمعة في كتاب «نهج البلاغة» والذي ألفه في القرن الرابع الهجري الأديب الشهير الشريف الرضي محمد بن الحسين بن موسى الموسوي.

       ومما يدل على مكانة كلامه العلمية وذيوعه أن كل أديب وشاعر عربي نراه يتأثّر به. ولما لم يكن النثر العربي متطورًا في البداية لم يرغب الناس إلا في تدوين كلامه، وممن اعتنى بذلك الحارث الأعور والأسبغ بن نباتة وزيد بن وهب الجهني وعبد الله بن عباس، وقد كان عند الحارث الأعور فقط ذخيرة كبيرة من كلام علي؛ حيث لما كتب إليه الحسن بن علي مرة أنه قد سمع من أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أحاديث كثيرة لم يسمعها هو، فأرسل إليه الحارث جملاً محملا. ويؤيده مارواه ابن سعد بسنده عن عامر يقول: إنه رأى حَسنًا وحسينًا يسألان الحارث الأعور عن أحاديث علي بن أبي طالب.

       وهكذا روي عن الأصبع بن نباتة وزيد وهب الجهني وعبد الله بن عباس وغيرهم أيضًا الخطب والرسائل الكثيرة التي جاء ذكرها بالتفصيل في كتاب «رجال نهج البلاغة».

       والحاصل أن كلام علي بن أبي طالب قد نال في النصف الأول من القرن الأول شهرة حيث كان العرب في ذلك الوقت يدرسون خطبه، ويدل عليه ما يقول الشعبي المتوفى سنة 106هـ في صعصعة بن صوفان: «تعلمت منه الخطب».

       ثم لما بدأ النثر العربي يتطور، وتذوق العرب بالنشر أكثر تذوق بدأت تتجلى مظاهره في كتاباتهم، وعلى ذلك يوجد في كتاب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز الذي هو أروع نموذج للنثر العربي، كثير من كلمات وتراكيب خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وفيما يلي بعض الأمثلة:

       1- فاحذرها الحذر؛ فإنها مثل الحية لين مَسُّها وسمها يقتل.

       2- فإنها قد آذنت بزوال لايدوم نعيمها ولا يؤمن فجائعها.

       3- فانظر إليها نظر الزاهد المفارق.

       فهذه الجمل الثلاث من خطب وحكم علي بن أبي طالب المذكورة في نهج البلاغة ببعض الاختلاف اللفظي اليسير.

       وهذا التأثر يوجد أيضًا في كثير من الكتاب والشعراء، لاسيما ابن نباتة المتوفى سنة 374هـ فقوله المعروف في ذلك: «حفظت من الخطابات كنزا لا يزيد الإنفاق إلا سعة وكثرة حفظت مئة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب».

       وقد أثر فيه كلام علي بن أبي طالب إلى حد حاول في خطبه أن ينهج منهجه، حتى في كثير من خطبه كان يأخذ من خطب علي تركيبا وكلاما بعينه، وقد أخذ ذخيرة كبيرة من الكلمات بأجمعها من خطب علي بن أبي طالب، صرح ابن أبي الحديد المعتزلي في عدة مواضع من شرح نهج البلاغة بهذه السرقات من ابن نباتة، وفيما يلي بيان بعض الأمثلة على ذلك:

       1- جاءت خطبة في نهج البلاغة بدايتها هكذا:

       «أحمده شكرا لإنعامه وأستعينه على وظائف حقوقه» (نهج البلاغة1/204 ط بيروت).

       يقول ابن أبي الحديد عن هذه الخطبة في شرحه (2/118):

       «واعلم أن هذه الخطبة من أعيان خطبه ومن ناصح كلامه ونادره، وفيها من صناعة البديع الزائقة المستحسنة البريئة من التكلف مالا يخفى، وقد أخذ ابن نباتة الخطيب كثيرا من ألفاظها فأودعها خطبه مثل قوله: شديد كلبها عالٍ لجبها ساطع لهبها متغيظ زفيرها متأجج سعيرها بعيد خمودها».

       ويمثل على ذلك بمزيد من الأمثلة قائلاً:

       «شديد كلبها، عالٍ لجبها ساطع لهبها متغيظ زفيرها متأجج سعيرها بعيد خمودها، ذاك وقودها، مخوف وعيدها، عم قرارها، مظلمة أقطارها، حامية قدورها، فظيعة أمورها، فإن هذه الألفاظ كلها اختطفها وأغار عليها واغتصبها وسمط بها خطبه وشذر بها كلامه مثل قوله».

       كما أخذ ابن نباتة الكلمات التالية أيضًا من خطب علي:

       هول المطلع وروعات الفزع واختلاف الأضلاع واستكاك الأسماع وظلمة اللحد وخيفة الوعد وغَمِّ الضرَع وروم الصفيح.

       2- وخطبة أخرى من نهج البلاغة بدايتها هكذا:

       «أما بعد، فإني أحذركم الدنيا؛ فإنها حلوة خضرة حفت بالشهوات» (نهج البلاغة 1/128).

       وقد أخذ ابن نباتة من هذه الخطبة المقتبسات التالية وأدخلها في خطبته بتغيير بسيط:

       «حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا وأنزلوا فلا يدعون ضيفانا وجعل لهم من الصفيح أخبان ومن التراب أكفان ومن الرفات جيران فهم جيرة لايجيبون داعيا ولا يمنعون ضيمًا ولا يبالون مندبة إن جِيدوا لم يفرحوا وإن قحطوا لم يقنطوا جميع وهم آحاد وجيرة، وهم أبعاد، متدانون لايتزاورن وقريبون لا يتقاربون.

       وحيدًا على كثرة الجيران، بعيدا على قرب المكان… أسير وحدة الانفراد فقيرا إلى اليسير من الزاد جار من لا يجير وضيف من لا يمير حملوا ولا يرون ركبانا وأنزلوا ولا يدعون ضيفانا واجتمعوا ولا يسمَّون جيرانا واحتشدوا ولا يعدون أعوانًا»

       3- «أما بعد، فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع وأن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع» (نهج البلاغة).

       هذه العبارة جاءت في إحدى خطب ابن نباتة كالتالي:

       «يا أيها الناس، إن الدنيا قد أدبرت وآذنت بانقلاب وأن الآخرة قد أقبلت وأذعنت باقتراب».

الخطباء الآخرون من العرب:

       يوجد لدى كثير من الأدباء والخطباء أيضًا غير ابن نباتة أمثلة كثيرة على أنهم استفادوا من كلام علي وأخذوا منه ما أخذوا من الكلمات والتراكيب لرفع شأن كلامهم، بل كثير منهم قرأوا خطبة علي بكاملها في جمع من الناس، وفيما يلي ذكر بعض النماذج على ذلك:

       * «إنما الدنيا دار مجاز والآخرة دار قرار فخذوا من ممركم لمقركم» (نهج البلاغة 1/230).

       قرأ أعرابي باسمه هذه الخطبة بكاملها، يروي ذلك أبو إسماعيل القالي في أماليه (1/258) بما يلي:

       «وحدثنا أبوبكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمـن عن عمه قال ولّى جعفر بن سليمان أعرابيًا بعض مياههم فخطبهم يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد.

       فإن الدنيا دار بلاغ والآخرة دار قرار فخذوا لمقركم من ممركم ولا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم وأخرجوا من الدنيا قلوبكم»

       * «أيها الناس، إنما أنتم في هذه الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا» (نهج البلاغة 1/230).

       روى أبو إسماعيل القالي في أماليه (2/102) هذه الخطبة بعزوها إلى الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز:

       «وحدثنا أبوبكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا الزنادي قال: يقال: إن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تكلم بهذا الكلام في خطبته «إنما الناس في الدنيا أغراض… الخ».

       * «ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق، والسبقة الجنة والغاية النار» (نهج البلاغة 1/46).

       هذا جزء من خطبة علي، يقول ابن عجلان: إن عون بن عبد الله بن عتبة كان كثيرا ما يقرأ هذا الكلام، فرواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني بما يلي:

       «حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن إسحاق، ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث بن سعد، عن ابن عجلان عن عون أنه كان يقول: «اليوم مضمار وغدا السباق، والسبقة الجنة، والغاية النار، فبالعفو تنجون وبالرحمة تدخلون وبالأعمال تقتسمون المنازل».

       وتشير بعض الأمثلة إلى أن العرب كانوا يستخدمون كلام علي بالطلاقة مما يدل على ذيوعه ومكانته لدى الناس، ومن هذه الأمثلة ما كتب ابن أبي الحديد أن الحجاج بن يوسف خطب مرةً وحث الناس فيها على طلب الآخرة، فلما سمع الحسن البصري ذلك قال:

       «هذه ضالة المؤمن خرجت من قلب المنافق».

       وهكذا كتب ابن عبد ربه الأندلسي في كتابه «العقد الفريد» (2/33) قصة فقال:

       «العتبي، قال: قال عبد الله بن الأهتم، مات لي ابن وأنا بمكة فجزعت عليه جزعًا شديدًا فدخل علي بن جريج لتعزيتي فقال لي: يا أبا محمد! سل صبرا واحتسابا قبل أن تسلو غفلةً ونسيانا كما تسلو البهائم».

       ومعلوم أن الكلام السابق هو كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قاله في تعزية الأشعث بن قيس، وهو موجود في نهج البلاغة بهذه الصيغة:

       «إن صبرت صبر الأكارم إلا سلوت كما تسلو البهائم».

       الشعراء:

       نذكر هنا بعض الأمثلة على أن الشعراء أيضًا استفادوا من أقوال وحكم علي بن أبي طالب ونظموها بأساليب مختلفة:

       1- «قيمة كل امرئ ما يحسنه».

       هذا من أقوال أمير المؤمنين المعروفة التي أخذها بعض الشعراء في بعض أبياتهم، خاصة العلامة أبوالحسن بن طبا طبا المتوفى قبل سنة 384هـ، فقد أخذ هذا القول بكل عناية واهتمام حيث قال:

حسود مريض القلب يخفى أنينــه

ويضحى كئيب البال عندي حزينَه

يلوم على أن رحت في العلـم راغبا

وأجمِّــع من عنــد الـرواة فنونــه

فأعــــرف أبكار الكلام وعونــه

وأحفظ مما أستفيـــد عيـــونـــه

ويزعم أن العلـم لا يجلب الغـنى

ويحسن بالجهل الذميـم ظنــونــه

فيـا لائمـي دعنــي أغالي بقيمـتي

فقيمــة كل الناس مـا يحسنـونــه

       وجاء شاعر محدّث فنظم هذا الكلام بأسلوبه قائلاً:

قـال عـلي بـن أبـي طالب

وهـــو اللبـيب الفـطــن

كل امرئ قيمتــه عنـدنـا

وعند أهل العلم ما يحسن

       وقال الخليل هكذا:

لايكــون العـلي مثل الــدني

لا ولا ذو الذكاء مثل البغي

قيمة المرء قدر ما يحسن المرء

قضاء مــن الإمــام عــلي

       وقال شاعر بلاط الملك عبد الله بن المعتز العباسي هذه الكلمة بأسلوبه:

لاتله عن مصطنعي فتغبن

واشترني فإني عبــد مثمن

كل امرئ قيمته مـا يحسن

       2- «كفى بالأدب شرفًا أنه يدعيه من لايحسنه ويمرح إذا نسب إليه وكفى بالجهل خمولاً أنه يتبرأ منه وينفيه من نفسه من هو فيه ويغضب إذا نسب إليه» (المحاسن والمساوي 2/4).

       اختار شاعر مولد هذا الأسلوب والمعنى في قوله:

ويكفى خمــولا بالجهالــة أنني

أراعُ متى أنسبت إليها وأغضب

       3- «أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما»

       وقد نظم هذا المعنى شاعر القرن الأول هدبة بن الخسرنة العذري في أشعاره الثلاثة الآتية:

وكن معقلا للحلم واصفح عن الخنا

فإنك راءٍ مـــا حييـت وسـامــــع

وأحبب إذ أحببت حبــا مقــاربـــا

فإنك لا تــدري متـى أنت نـــازع

كـذا بغض إذا أبغـضت مقــاومــا

فإنك لا تــدري متـى أنت راجــع

       وكذا الشاعر الصحابي ابن تولب نظم هذا المعنى في قصيدته المشهورة:

أحبب حبيبك حـبًا رويـــدا

فقـد لا يعـولك أن تصــرما

وأبغض بغيضك هونا رويدا

إذا أنت حــاولت أن تحكـما

       ويمكن أن يقال هنا: إن عصر ابن تولب وعصر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب واحد فلا يعرف من السابق في اختراع هذا المعنى.

       4- «ما أنقص النوم لعزائم اليوم».

       وقد صور شاعرٌ هذا المعنى في شعره قائلاً:

فتى لا ينـام وعلى عــزم

ومن صمم العزم لم يرقد

       5- «وإن أهل الدنيا كركبٍ بينا هو حلّوا إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا» (نهج البلاغة 2/125).

       وقد نظم هذا المعنى الشاعر المعروف أبو العتاهية المتوفى سنة 212هـ في أشعاره:

إن دارًا لنحــن فيـــه الــدار

ليس فيـها لمقـيم قـــــــرار

كـم وكـم حلهــا من أنـاس

ذهب اللـيل بهـم والنهـــار

فهم الـركب أصـابوا مناخا

فاستراحوا ساعةً ثم سـاروا

وكذا الـدنيا عـلى مـا رأينـا

يذهب الناس وتخلو الديـار

       6- «ألا إن الدنيا … فإنها عند ذوي العقول كفيء الظلّ بينا تراه سابغا حتى قلص وزوائد حتى نقص» (نهج البلاغة 1/67).

       وقد نقل هذا المعنى شاعر إلى شعره قائلاً:

ألا إنما الدنيا كظل غــمامــة

أظلت يسيرا ثم خفت فولت

       7- «الناس أعداء ما جهلوا»

       أخذ هنا المعنى شاعر وقال:

جهلت أمرا فأبديت النكير له

والجاهلون لأهل العلم أعداء

       8- «قليل تدوم عليه أردى من كثير مملول» (نهج البلاغة 2/110).

       جاء شاعر ونظم هذا المعنى في قوله:

إني كثرت عليه في زيارتـــه

فمل والشيء مملول إذا أكثر

ورابنى منه أنى لا أزال أرى

في طرفه قصرا عني إذا نظرا

       9- «ما لابن آدم والفخر أوله نطفة وآخره جيفة» (نهج البلاغة 2/129).

       وقد نظم شاعر هذا المعنى في شعره قائلاً:

ما بال من أوله نطفة        وجيفة آخــره يفخر

       10- «المقل غريب في بلدته» (نهج البلاغة 2/76).

       وقد نظم هذا المعنى شاعر القرن الثاني خلف الأحمر المتوفى سنة 180هـ قائلاً:

لا تظني أن الغريب هو النائي

ولكنـــما الغــريب المقــــل

       11- «أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان» (نهج البلاغة 2/77).

       وقد نظم هذا المعنى شاعر القرن الثاني والأديب المشهور ابن الأعرابي المتوفى سنة 230هـ قائلاً:

لعمرك ما مال الفتى بذخيرة

ولكن إخوان الصفا الذخائر

       12- «الحزم سوء الظن» (نهج البلاغة 2/80).

       نقل شاعرٌ هذا المعنى بعينه إلى شعره قائلاً:

أسأت إذ أحسنت ظني بكم

والحـزم سـوء الظن بالناس

       13- «مثل الدنيا كمثل الحيـــة لين

             مسها والسم الناقع في جوفها»

       وقد نظم هذا المعنى أبو العتاهية قائلاً:

إنما الدهر رقم لين المس            وفي نابه السقام العقام

       14- «زهدك في راغب فيك نقصان حظ ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس» (نهج البلاغة 2/129).

       وقد نظم هذا المعنى عباس بن أحنف المتوفى سنة 192هـ في نسيبه:

ما زلت أزهـد في مــودة راغب

حتى ابتليت برغبــة في زاهــد

هذا هـو الداء الذي ضاقت بـه

حيل الطبيب وطال يأس العابد

       15- «الحلم والأناة تو أمان ينتجهما علو الهمة».

       وقد نظم هذا المعنى بقدر من التفصيل الشاعر المعروف ابن هانئ (المتوفى سنة 363هـ).

وكل أنــاة في المــواطـن ســـودد

ولا كأنـاة مـن تــدبــر محكــــم

ومن يتبين أن للسيف مــوضعـــا

من الصفح يصفح عن كثير ويحلم

       16- «لاتحل هم سنتك على هم يومك، فإن تكن السَّنة من عمرك فإن الله تعالى سيؤتيك في كل غدٍ جديدٍ ما قسم لك» (نهج البلاغة 2/123).

       نظم هذا المعنى النابغة (المتوفى سنة 194هـ) هكذا:

ولست بخائب أبدا طعاما      حذر غدٍ لكل غد طعام

       17- «إن لله عبادا يختصهم الله بالنعم لمنافع العباد فيقرها في أيديهم ما بذلوها فإذا منعوها نزعها منهم ثم حولها إلى غيرهم»(نهج البلاغة 2/126).

       نظم هذا المعنى شاعر في أبياته:

لم يعطك الله ما أعطاك من نعم

إلا لتوسع من يرجـوك إحسانا

فإن منعت الخلـق أن تصـادفها

تطير عنك زرافـات و وحـدانا

       18- ما قاله أمير المؤمنين من كلمات التعازي لأشعث موجود في نهج البلاغة (2/111) نظمها أبوتمام حبيب بن أوس (المتوفى سنة 228هـ) في بيتين:

وقال علي في التعازى لأشعث

وخاف عليه بعض تلك المآثم

وتصبر للبلوى عزاء و وحشة

فتؤجــر وتسلو سلو البهائم

       من خلال هذا العرض الموجز يمكن أن نقول: إن كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعتبر أدبا رائعا وكلاما بليغا بلغ مكانة سامية للأدب العربي، فمعظم الشعراء والأدباء العرب أخذوا منه واستفادوا به في شعرهم وأدبهم لينال كلامهم مكانة أدبية.

*  *  *

*  *


(*)             رئيسة قسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة العثمانية، حيدرآباد، الهند.

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، محرم – صفر 1436 هـ = نوفمبر – ديسمبر 2014م ، العدد : 1-2 ، السنة : 39

Related Posts