كلمة المحرر
تستعد الهند الآن لإجراء المرحلة الأخيرة من الانتخابات البرلمانية العامة السادسة العشرة التي بدأت مراحلها المتعددة في الـ 7 من أبريل الماضي. وسيتم التصويت في هذه المرحلة الأخيرة في ثلاث ولاياتٍ لاختيار واحدٍ و أربعين عضواً في البرلمان – المؤلف من 543 عضواً – بمن فيهم سبعة عشر عضواً في «بنغال الغربية»، وستة أعضاء في ولاية «بيهار»، وثمانية عشر عضواً في ولاية «أترابراديش» التي يمر بها الطريق إلى منصب رئيس الوزراء. وجنَّدت الأحزاب السياسيةُ كلها كلَّ طاقاتها لاستمالة أكبر عدد من الناخبين والتصويت لصالحها. و سيخوض الانتخابات في هذه المرحلة قياداتٌ بارزةٌ للأحزاب الشهيرة. أمثال: «ناريندرا مودي» – المرشح لمنصب رئيس الوزراء عن حزب «بي جي بي» (B.J.P) – و«ملائم سينغ يادوف» – قائد حزب «سماج وادي» (s.p) – و «أرفيند كجريوال» زعيم حزب «عام آدمي».
ومن أبرز السمات التي شهدتها الانتخابات الحالية أن الأحزاب المختلفة – بدلاً من أن تركِّز في حملاتها الانتخابية على تراجع الاقتصاد وارتفاع معدلات التضخم وسلسلة من فضائح الفساد المالي والفقر المدقع والبطالة العارمة مما يعانيه شريحةٌ واسعةٌ من الهنود وتئن تحت وطأته – لجأت إلى التراشق بأفظع الاتهامات و المشادة الكلامية المتبادلة بعضها لبعض. و تَبادلَ الحزبان الرئيسان:حزب «المؤتمر» الحاكم، وحزب «بهاراتيا جاناتا» المعارض انتقاداتٍ شخصيةً شرسةً لم تعهدها الانتخابات الهندية السابقة. وأنحى كل حزبٌ باللوم على الحزب الآخر واللجوء إلى الهجمات الشخصية. وتأتي هذه الهجمات الكلامية رغم تأكيد مفوضية الانتخابات الهندية على منع الهجمات الشخصية ضد المرشحين.
كما تشهد هذه الانتخابات – التي توصف بالأضخم عالمياً – ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الناخبين؛ فمن المتوقع أن يدلي 815 مليون ناخبٍ بأصواتهم بزيادة 100 مليون ناخبٍ عن الانتخابات السابقة التي شهدتها البلاد عام 2009م؛ حيث كان يقدر عدد الناخبين بحوالي 173 مليون ناخبٍ في انتخابات العام 1951-1956م، ليرتفع الآن إلى 814 مليون تقريباً. كما كان إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع متزايداً؛ ففي انتخابات عام 1984م بلغ معدل الإقبال 64%، ومن المنتظر أن يتفوَّق معدل الإقبال في هذه الانتخابات على ذلك الرقم القياسي. وكان في طليعة الولايات التي شهدت تفوقاً ملموساً في الإقبال على صناديق الاقتراع ولايةُ «بنغال الغربية» التي بلغ الإقبال فيها في المرحلة قبل الأخيرة 81.28% ، وتليها ولاية «آندهرابراديش» التي شهدت 76.1% من مجموع الأصوات. وبلغ هذا الإقبال في ولاية «أترابراديش» – أكبر الولايات نظراً إلى مقاعد البرلمان -62% بينما كان انحصر هذا المعدل في 48% في انتخابات عام 2009م. وطبقاً لمفوضية الانتخابات بلغ معدل الإقبال لحد الآن 66.27% في 502 مقعداً تم إدلاء الأصوات له، من مجموع مقاعد البرلمان البالغ عددها 573 مقعداً وهو يضرب رقماً قياسياً لحد الآن.
ورغم تكهنات كثيرٍ من خبراء السياسة بحصول حزب «بهاراتيا جاناتا» على النصيب الأكبر من مقاعد الانتخابات، ومواجهة حزب المؤتمر المسيطر على الحكم منذ السنوات العشر الماضية هزيمةً نكراءَ، من المتوقع أن تلعب أحزاب إقليمية أصغر حجماً دوراً بارزاً في تشكيل الحكومة بعد فرز الأصوات وإعلان النتائج في 16/مايو، إذ يستوجب ذلك الحصولَ على أغلبية مقاعد تبلغ 272مقعدًا من مجموع 543 مقعدًا برلمانياً. وطبقاً لمفوضية الانتخابات الهندية يجب تشكيل البرلمان الجديد بحلول الثاني من يونيو القابل؛ إذ تنتهي ولاية الحكومة الحالية بداية الشهر المقبل. [التحرير]
(تحريراً في الساعة السابعة من مساءيوم الجمعة: 9/رجب 1435هـ /9 مايو 2014م)
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، رمضان – شوال 1435 هـ = يونيو – أغسطس 2014م ، العدد : 9-10 ، السنة : 38