دراسات إسلامية
بقلم: الأستاذ/ سيد محبوب الرضوي الديوبندي رحمه الله
(المتوفى 1399هـ / 1979م)
ترجمة وتعليق: الأستاذ محمد عارف جميل القاسمي المباركفوري(*)
لقد وقع حدث وفاة الإمام محمد قاسم النانوتوي – رحمه الله – على الجامعة صاعقةً أصابتها في الصميم. وتسوقُ التقاريرالدورية لهذا العام الكلمات التي تعكس المشاعر العميقة لأعضاء الجامعة والقائمين. ونشرتها مجلةُ «دارالعلوم» الأردية وهي فيما يلي: «إنَّ تجاوزَ المدرسة عامَها الخامسَ من عمرها، ودخولها في العام السادس يَهُونُ فرحُه ويضمحل بجانب ما فوجئت به من انتقال مؤسسها والمشرف عليها – وهو فخر العلماء الإمام النانوتوي – رحمه الله – من هذا العالم الفاني إلى دار البقاء. وما أكثر ما تشهد الأرض أمثال هذه الأحداث ،غير أن هذه الحادثة الفاجعة ليس من شأنها أن ينساها الناس عن قريب؛ فإن الخصال الحميدة والأخلاق المرضية التي كان يتصف بها الشيخ النانوتوي رحمه الله، والتي عَهِدَها منه أكنافُ العالم أظهر من الشمس في رائعة النهار، وفي غنىً عن ذكرها والتنويه بها. ويمكن أن نوجزها بأنه – رحمه الله – حرص طوال عمره على ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، ونَذَرَ حياتَه كلها لإعلاء كلمة الله تعالى. ولاريب أن وفاةَ رجل بلغ من علو شأنه وارتفاع ذكره، وعزيمته الصادقة وكمال حرصه على ما ينفع المسلمين ما بلغه الشيخ – رحمه الله – تشكل فاجعةً لأهل الإسلام كلهم جميعاً عامةً، ولهذه المدرسة خاصةً؛ إذ كان يشكل – رحمه الله – مجرىً لهذا الينبوع الفائض، ومصدراً لماء حياتها، ومظهراً لهذه الشمس التي أضاء العالمُ بنورها الساطع. فسبحان الله تعالى، ما أعظم الكفاءاتِ التي سخَّرها لرقي مصنع الخير هذا. ولانعدو الحق لوقلنا: إن المساعي المشكورة التي قام بها شمس الإسلام هذه انعكست على مانراه اليوم من انتشار الإسلام في الهند بقوةٍ يعز نظيرها رغم ما عليه الإسلام وأهله في هذه الديار من الضعف والهوان. أليس هذا من الكرامة التي منَّ الله تعالى بها على الشيخ؟ ولن تُوفي المدرسة ولاأهلها حقّ الحزن والتألم من هذه الحادثة المفجعة مهما بالغوا في ذلك. وإن هذه الحادثة الفاجعة بلغت من الفظاعة والهول ما يتطلب تسجيلها وبسطها وشرحها شرحاً وافياً، ولكن إلى متى؟ فلايسعنا إلا أن نجملها إجمالاً، فنقول: إن هذا العالم الرباني لقي ربه عقب زوال الشمس يوم الخميس من 4/جمادى الأولى عام 1297هـ عن عمر يناهز 49 عاماً في «ديوبند» بعد معاناته من مرض ضيق النفس(1). فإنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد كانت وفاة الإمام النانوتوي مصيبةً صُبَّت على المدرسة وأهلها، لم يسبق لها مثيل بالنسبة لهم. ولقد أكثر الناسُ من تاريخ وفاته بأشعار كثيرة، وإليكم ماعمله الشيخ فضل الرحمن(ت1325هـ/1907م) – المفتش النائب في مصلحة التعليم في مدينة «بجنور»، وهو أقربها إلى هذه الحادثة الفاجعة.
وہ غم ہے قاسم بزم ہدے كی رحلت كا
كہ جرعہ نوش الم جس سے ہر درونہ ہے
یہ ایسا غم ہے كہ جس غم سے بزم عرفاں كا
مثال خم فلك جام واز گونہ ہے
كچھ ایك زمیں ہی نہیں زردرنگ اس غم سے
لباس چرخ بھی ماتم میں نیل گونہ ہے
سن وفات لكھی فضل نے زروئے الم
وفات سرورِ عالم كا یہ نمونہ ہے
هذا القلق أثاره وفاة قاسم «نادى الهدى والرشاد»، إنه حزَّ في كل قلب، وأورثه الألم.
إنه غم، جعل كأس نادي المعرفة مجخياً، مثل الفلك المائل.
ليست الأرض قد اصفر لونها من هذا الغم فحسب، بل السماء أصبح لون ثيابها أزرق بكاءً عليه.
أرَّخ «فضلٌ» وفاتَه والقلبُ ملؤه الأسى، وإن وفاته من نماذج وفاة سيد الكون.
إشراف الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي:
وفي أعقاب وفاة الشيخ محمد قاسم النانوتوي توصل المجلس الاستشاري إلى اتخاذ الشيخ المحدث رشيد أحمد الكنكوهي (1244-1323هـ/1829- 1905م) مشرفاً على المدرسة من عام 1297هـ. ونحن في غنىً عن الإشارة إلى أن الشيخ الكنكوهي كان زميلاً للشيخ النانوتوي في الدراسة، واستقيا من منهلٍ واحدٍ، وقطعا مراحل الدراسة والتعليم في مكانٍ واحدٍ، وأسندا الحديث عن الشيخ الشاه عبد الغني المجددي الدهلوي رحمه الله (1235-1296هـ/1819- 1878م) جنباً إلى جنبٍ، وأخذا منه ما أخذا من العلم. وكان كل واحدٍ منهما في طليعة الذين أذن لهم شيخُ المشايخ الحاج إمداد الله المهاجر المكي – قدس سره – (1233-1317هـ/1817-1899م) بالبيعة والإرشاد، ويحتلان مكانةً مرموقةً بين أصحابه. كما كان الشيخ يعتز بصاحبيه هذين. وتقول التقارير الدورية: «لقد كان الشيخ الكنكوهي يشبه الإمام النانوتوي، يحرص على ما ينفع المدرسة ظاهرها وباطنها، فأعقب الله تعالى الجامعة من النانوتوي رحمه الله عقبى حسنةً، وكان خير خلف لخير سلف. وأمَّل الناسُ كثيراً أن تعيينه مشرفاً عليها مما يعين المدرسة على مواصلة مشوارها على ما كانت عليه دون أن يعتري شؤونها خلل، أو يقف في طريقها عقبات. ويشهد تاريخ المدرسة أن الظن قد صدق، وأن الأمل قد تحقق بأروع صورةٍ وأحسنها.
من توجيهات شيخ المشايخ:
وأصدر الحاج إمداد الله – رحمه الله – بعد وفاة النانوتوي – رحمه الله – توجيهاتٍ إلى أصحابه ومسترشديه، جاء فيها أنه لايحظى شيء عند الله تعالى بالقبول والمحبوبية في هذا العصر ما يحظى به مدرسة العلم. وفيما يلي نص توجيهاتـه القيمة: «يتقدم هذا العبد الفقير: إمداد الله – عفى الله عنه – إلى كل من يربطه به علاقة الحب والإرادة و القرابة من حسَبٍ أو نسبٍ بأن مدرسة «ديوبند» – التي أضفِيَ عليها الرونقُ والبهاء وكتِبَ لها لسان الصدق والصيت البعيد نظراً إلى عملها العبقري – على صلةٍ من نوعٍ خاصٍ. ويعتبرها مدرسته الخاصة به، ونظراً إلى ذلك يجب أن يعتبرها الناسُ مدرستهم أنفسهم، ولايعجز أحدٌ عن العمل على مد يد العون والمساعدة مباشرةً أو بالشفاعة لذلك، وترغيب الناس فيه ما أمكن. ويأخذ نفسَه برعايتها والنظر فيها؛ لأن مدرسة العلم قد حظيت عند الله تعالى في هذا العصر ما لم يحظ به شيء آخر. ويجب أن يكون الناس كلهم يداً واحدةً متكاتفين متناصرين بعضهم بعضاً، وعلى قلب رجلٍ واحدٍ فيما يخص هذه المدرسة وفي كل أمر يهمهم، فإن توحيد الكلمة أعظم ما يجلب رضى الله تعالى ومرضاته، ويؤدي إلى حسن العاقبة في كل أمر(2).
عاما 1298،1299هـ ،وحفلة توزيع الجوائز وإناطة العمائم:
ولم تشهد الجامعة – على خلاف عادتها المتبعة – الحفلاتِ السنويةَ في السنوات الأخيرة الثلاث أو السنتين، فعقدت حفلةً موسعةً في شهر شوال في هذا العام، حضرها عددٌ هائلٌ من أهل العلم والفضل والقيادات وعامةِ الناس من الأماكن البعيدة فضلاً عن ضواحي المدينة وأطرافها، ولا يقل عدد الوافدين من الأماكن البعيدة عن مئتين وألف نسمةٍ. وتولى أهل مدينة «ديوبند» توفير الطعام والوجبات الغذائية للضيوف. ومن أهم ما امتازت به هذه الحفلة أنها انعقدت – لا في جامع «ديوبند» حيث كانت حفلات الجوائز كلها تقام – بل في رحاب الجامعة وفي مبناها الخاص بها. وعدد الطلاب المستأهلين لإناطة العمائم بهم يبلغ أربعة عشر طالباً، لم يحضر الحفلة إلا سبعةٌ منهم. فقام الشيخ الكنكوهي – رحمه الله – بإناطة العمائم برؤوسهم، كما ألقى الشيخ المحدث محمد يعقوب النانوتوي – رحمه الله – خطبةً ضافيةً بمناسة حفلة توزيع الجوائز، وشرح – ببسطٍ وتفصيلٍ – الحاجةَ إلى العلوم الدينية، وما لقيته الجامعةُ من القبول والشعبية، فقال: «إن المراد بارتفاع العلم في هذا الزمان ارتفاع علم الدين، لا العلوم الأخرى، فقد تظافرت أسباب وعوامل غلَّبت على الظن أفولَ مصباح هذا العلم، ألا ترى كيف اندرست العلوم الدينية والعقائد والفقه والحديث والتفسير وما يساعدها من علوم الصرف والنحو والمعاني والبيان والأدب وأصول الفقه؟ وكيف صارت علوم الذكاء من الكلام والمنطق والهيئة؟ وغير خافٍ على المسلم مدى الحاجة إلى علم الدين. وأنى يتأتى إصلاح العقائد وممارسة الطهارة، وإقامة الصلاة، و أداء الزكاة، وصيام رمضان وتأدية مناسك الحج وتنفيذ أحكام النكاح والطلاق، وقسمة المواريث وحسن المعاملات وقبحهاو فسادها بدون العلم؟ ورغم توفر تراجم الكتب بأنواعها يستحيل استيعاب الأحكام الدينية وفهمها من غير رجوع إلى أستاذٍ وشيخٍ كما لايخفى. وفي مثل هذه الأوضاع فاض بحر الرحمة الإلهية، وتوجهت لفتةٌ إلهيةٌ حانيةٌ هيَّأت ما يقوم به الدين، وخَلَقَ أسبابه التي تعين هذا المصباح الآئل إلى الذبول على الاستمرار والديمومة، تداركته الرحمة الإلهية فاستمسك بها تمسكَ الغريق المستغيث الذي يبحث عن نجدةٍ تنقذه مما هو فيه. فألهم الله تعالى بعض أخص عباده الصالحين أن يُقدِموا على تأسيس مدرسةٍ، لِيتحقق ما لم يكن بحسبان بجهود هؤلاء المشكورة. كما أُسِّست في هذه الآونة «مدرسةُ سهارن فور»، ثم تتابعت المدارس والكتاتيب وسيستمر – بإذن الله تعالى – قيامُها مما ينفع العباد والبلاد كلها، إلا أن شرفَ السبق الذي قُدِّرَ لهذه المدرسة نعمةٌ إلهيةٌ عظيمةٌ يجب أن نتذكرها ولاننكرها، وحقَّ لسكان «ديوبند» أن يفتخروا بها، فما أبعدَ صيتَ هذه المدينة وأرفع ذكرها. ولم يلبث أن هرِع إليها طلبة العلم، وتدافعوا لها راغبين، وربما يتجاوز عددهم ألفاً أويزيد فيما إذا تمكنا من توفير حاجاتهم من الطعام والسكن والثياب وغيرها؛ ولكن إمكانيات المدرسة الضئيلة تأبى إلا أن نردهم قائلين: لانجد ما يسمح لنا بقبولكم وترشيحكم للدراسة فيها، فإن المدرسة لايسعها أن تقبل عدداً أكبر مما قَبِلَته. ويبلغ عددُ الطلاب حالياً حوالي مئتين وخمسين طالباً. وكم من طالبٍ يكتفي اثنان منهم بطعام الواحد، والثلاثةُ منهم يكتفون بطعام الاثنين، وكم من طالبٍ بعيد الهمة يؤثر أن يبيت ليله طاوي البطن – ثقةً بالله تعالى، ورغبةً في طلب العلم وحرصاً عليه – على أن يفارق المدرسةَ ويبغي عنها بديلاً. فجزاهم الله تعالى عن هممهم العالية البعيدة(3).
أعوان الجامعة الهندوس:
دأبت دارالعلوم منذ اليوم – فيما يخص بقبول التبرعات – على عدم الممانعة من قبول تبرعات الناس دون أن تفرق بين أصحاب الديانات. فتقول المادة الأولى من لائحة قبول التبرعات التي تخضع لها الجامعة: «ولايتقدر التبرع بقدر بعينه، ولايُشترط في قبوله دينٌ دون دون».
فتجد أسماء الهندوس وغيرهم من أصحاب الديانات – التي تموج بها الهند – متناثرةً في قائمة المتبرعين لصالح الجامعة، والأمر مستمر على ذلك ليومنا هذا. كما تجد الأطفال الهندوس جنباً إلى جنب الأطفال المسلمين في أقسام اللغة الفارسية والرياضي بالجامعة في السنوات الأولى. واستمرت المدرسة في تعليم الأطفال الهندوس إلى مدةٍ. ولم يتوجه الأطفال المسلمون ولا الهندوس إلى المدارس الرسمية إلا بعد أن اشترطت الحكومة الإنجليزية شهادات المدارس الرسمية لنيل الوظائف الحكومية.
ولقد كان لغير المسلمين وخاصةً الهندوس حظٌ كبيرٌ- لا في تقديم التبرعات المالية – بل في توفير الكتب الدراسية كذلك. ويحتل اسم الراحل/نول كشور- صاحب المطبعة الشهيرة في أرجاء الهند المسماة بـمطبعة «نول كشور» بـ«لكناؤ»- مكانةً مرموقةً في تاريخ دارالعلوم ديوبند. وواظب الراحل «نول كشور» على تزويد الجامعة بالكتب الصادرة من مطبعته ما عاش. وأسلفنا في أوضاع عام 1287هـ أنه «تلبيةً لنداء الجامعة إلى توفير الكتب الدراسية قام كثيرٌ من أولي العزم والهمة بالتبرع بالكتب القيمة النافعة وخاصةً المنشي «نول كشور» صاحب مطبعة «أعظم» بـ«لكناؤ»؛ فإن المدرسة مدينةٌ له أكثر؛ إذ لم يمنعه بعد الشقة أن يتبرع بالكتب النافعة».
وتشير التقاريرالدورية إليه شاكرةً و مقدِّرةً له: «إن أعضاء الشورى بالجامعة مدينون كثيراً للمنشي نول كشور- صاحب مطبعة «أعظم» بـ«لكناؤ»- الذي ساعد المدرسة ببعض الكتب النافعة كعادته السارية، ومرفقة فهارس الكتب المقدمة من قبله، وأهم هذه الكتب «القاموس» – ذلك المعجم العديم النظير، وقد قام المنشي بطبع هذا الكتاب طباعةً قشيبةً مع الاعتناء الزائد بتصحيح نصوصه في حين لم تملك الجامعة نسخةً من هذا السفر الغالي. وهو كتاب لايستغني عنه مدرس أو طالب».
ونافلة القول أن التقارير الدورية الصادرة عن الجامعة لم تُغفل ذكرهم، وأكثرت من الشكر لهم. واستمرت مطبعة «نول كشور» على تزويد الجامعة – مجاناً – بـ«أوده أخبار» تلك الصحيفة الشهيرة الصادرة عنها. فتقول التقارير الدورية لعام 1294هـ: «ونخص بالشكر كلاً من المنشي نول كشور – صاحب صحيفة أودهـ «لكناؤ» – والسيد راؤ أمرسنغ – صاحب صحيفة «سفير» بدهانه – فإنهما رغم كونهما من الهندوس – يتبرعان بصحفهما القيمة مجاناً لصالح الجامعة، فيا لَه من كرمٍ وسخاءٍ. فيتقدم أعضاء المجلس الاستشاري جميعاً بالشكر الجزيل لهما من أعماق قلوبهم، ويدعون الله تعالى أن يكتب لصحفهما ومطابعهم التقدم والرقي ليل نهار، ويُبقي على قوتهما وحريتهما».
كما لايفوتنا أن ننوه بالدكتور/جي دبليو لايتنر – Gottlieb-Wilhelm-Leitner))(4)- أمين التسجيل الإنجليزي بجامعة بنجاب(5)- الذي زود مكتبة الجامعة بأكثر من عشرين كتاباً يخص مختلف العلوم والفنون.
* * *
الهوامش
(1) وتنص التقارير الدورية لعام 1297هـ على أنه توفي يوم الخميس 4/من شهر جمادى الثانية. وهو يوافق ما صرح به الشيخ الطبيب منصور علي خان – وهو من أجلة أصحاب الإمام، وشهد جنازته في ديوبند – في كتابه «مذهب منصور» من أنه توفي في الرابع من جمادى الثانية. (راجع: مذهب منصور2/179-190) وهذا غير صحيح؛ فإن الشهر الذي توفي فيه الإمام هو شهر جمادى الأولى – ليس جمادى الثانية – حيث ينص الشيخ محمد يعقوب النانوتوي في «سوانح قاسمي» على أنه توفي في الرابع من شهر جمادى الأولى. وهذان المصدران يتفقان على أن يوم وفاته كان يوم الخميس. وأما الشيخ فضل الرحمن فقد نص في الشعر الذي أرخ به وفاته – وهو معلق بخط اليد في مكتب رئيس الجامعة – على أنه وافاه الأجل في يوم الخميس 4/من جمادى الأولى. فتحصلت لنا أربعة مصادر ترجع إلى عصرٍ واحدٍ، والناس كلهم عيال عليها: ينص اثنان منهما على شهر جمادى الثانية واثنان منها على شهر جمادى الأولى.
وهذا الاختلاف ينصب على شهرالوفاة وأما يوم الوفاة – وهو الرابع من الشهروأنه يوم الخميس – فلايختلف اثنان من هذه المصادرفي ذلك. ويفيد التقويم أن يوم الخميس يوافق الرابع من شهر جمادى الأولى، دون الرابع من جمادى الثانية. وينص كتاب «سوانح قاسمي» على أن وفاة الإمام النانوتوي سبقت وفاةَ الشيخ المحدث أحمد علي السهارن فوري بيومين. ولايخفى أن السهارن فوري توفي يوم السبت 6/من شهر جمادى الأولى. (راجع: تاريخ مظاهر علوم ص4)، وذلك يؤكد أن شهر وفاته يجب أن يصادف شهر جمادى الأولى لا جمادى الثانية.
هذا، وقدصرح السيد أحمد خان في مقالته – عزاءً على وفاة الإمام – التي نشرتها (Aligarh institute gazette) [يوم السبت] 24/أبريل عام 1880م على أنه توفي في 15/من أبريل عام 1880م. (راجع : ص247)، ذلك يدل على أن الرابع من شهر جمادى الأولى صادف يوم الخميس. وكل ذلك يوحي إلى أن الصواب في شهر وفاته هو جمادى الأولى، وهو ما أشار إليه في «سوانح قاسمي»، والشعر الذي أرخ به الشيخ فضل الرحمن وفاة الإمام النانوتوي. وأما ما يدل عليه التقارير الدورية لعام 1297هـ، وكتابُ «مذهب منصور» من أن وفاته كانت في شهر جمادى الثانية فسبقة قلم.(الرضوي)
(2) تحتفظ إدارة جامعة: دارالعلوم /ديوبند بخطاب الحاج إمداد الله المهاجر المكي رحمه الله.
(3) تقارير حفلة الجوائز لعام 1298هـ ص 11،12.
(4) ولد الدكتور «غوتليب فيلهلم لايتنر(1840-1892م) في هنغاريا لعائلةٍ يهوديةٍ. وظهرت له قوة غير عادية على تعلم اللغات وهو طفل فانتقل إلى القسطنطينية لتعلم العربية والتركية، وكان يجيد اللغة التركية والعربية ومعظم اللغات الأوروبية قبل سن العاشرة. وتم تعيينه مترجمَ (الدرجة الأولى) للمفوضية البريطانية في شبه جزيرة القرم، برتبة عقيد. وعين محاضرًا في العربية والتركية واليونانية الحديثة، وعين أستاذاً في القانون في كلية كينغز في لندن. وكان له دور فعال في تأسيس جامعة «بنجاب». كما أسس العديد من المدارس والجمعيات الأدبية والمكتبات العامة والمجلات الأكاديمية، وعمل كتاباً علمياً شاملاً باللغة الأردية، وتاريخ الإسلام (في مجلدين) بمساعدة بعض المسلمين باللغة الأردية، نشر في وقتٍ لاحقٍ في عام 1871م و 1876م. راجع:
http://en.wikipedia.org/wiki
(5) جامعة «بنجاب»: رابع جامعة أنشئت من قبل السلطات الاستعمارية على شبه القارة الهندية.
(*) الأستاذ بالجامعة Email: almubarakpuri@gmail.com
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، شعبان 1435 هـ = يونيو 2014م ، العدد : 8 ، السنة : 38