دراسات إسلامية

بقلم:  الدكتور نعمان عبد الرزاق السامرائي

1 – الحق التاريخي

       1- يدّعي الصهاينة – وما أكثرَ ما يدَّعون – بأن لهم حقوقًا.. تاريخيةً.. في فلسطين؛ لأن أجدادهم سكنوها فترة، إلا أنهم لا يقولون إن كانت فلسطين في ذلك الوقت خاليةً أم مسكونةً من قبل شعوب عدة، أعتقد أنه لولا خشية الفضيحة لقالوا ذلك، ولسوء حظهم فالتوراة تذكر تلك الشعوب بأسمائها، كما تذكر المعارك التي خاضوها مع اليهود، ومازال أبناء أولئك لم يغادروا أرضهم، ولا هجروا وطنهم، أما اليهود فأقاموا مدةً ثم هاجروا وتفرقوا في الأرض، وهم كاذبون في دعواهم أن الأجانب أجلوهم بالقوة عنها، فهم قبل سقوط ملكهم كان ثلاثة أرباعهم خارج فلسطين، يوم أن سقطت القدس، فمن أجدادهم؟؟.

       وإذا كان كل شعب أقام في مكان تثبت له مثلُ هذه الحقوق، فعلى هيئة الأمم أن تعيد توزيع الشعوب من جديد على الكرة الأرضية، وعندها قد لا تجد شعبًا يبقى في مكانه الحالي.

2 – الحق الديني

       يدعي اليهود بأن نصوصًا في توراتهم – التي قال عنها أبا إيبان يومًا وهو (خرفان): إنها كتبت في السبي – ووعودًا تقول: بأن الله وعد إبراهيم عليه السلام بأن يعطيه أرض كنعان، ووعودًا أخرى – يفوح منها رائحة الكذب اليهودي – بأن الله قال لليهود كل شبر أرض تطأه بطون أقدامكم أعطيه لكم.

       هذه الوعود في كتابهم الذي أصابه التحريف والتبديل، باعتراف من(3) آلاف من القسس، كلفوا بدراسته، فقالوا بأن كلام الرب قد اختلط بكلام البشر. وقد نسخ بعد قيام السيد المسيح عليه السلام، ونزول القرآن وعلى فرض صحة النصوص، فهل هي مشروطة أم لا؟؟ فاللهُ تعالى حين وصف الأمة الإِسلامية بالخيرية جعلها مشروطة ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعْرُوْفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُوْنَ بِالله﴾ (سورة آل عمران:110) فهذه الخيرية مشروطة بشروط متى فقدت، زالت صفة الخيرية، وهذا مقتضى العدل الإِلهي.

       لكن اليهود يرفضون كل شرط، بل تعلل توراتهم الأمر تعليلاً غريبًا جدًا، جاء في سفر التثنية – وهو من الأسفار التي أطلق عليها جارودي صفة: أسفار العنصرية – (ليس لأجل برك وعدالة قلبك تدخل لتمتلك أرضهم، بل لأجل إثم أولئك الشعوب يطردهم الرب إلهك من أمامك، ولكي يفي بالكلام الذي أقسم الرب عليه لآبائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فاعلم أنه ليس لأجل برك يعطيك الرب إلهك هذه الأرض الجيدة لتمتلكها، لأنك شعب صلب الرقبة) التثنية الإصحاح 9/5-6.

       فإذا كان الشعب المدلل.. صلب الرقبة.. فلم هذه الوعود؟ وبماذا يستحقها؟ إن هذا مخالف للعدل الإِلهي.

       والأعجب من كل ذلك دعواهم بأن هذه الوعود أزلية، علمًا بأنها لم تتحقق إلا لعشرات السنين، على عهد داؤد وسليمان عليهما السلام، ومن بعدهما انتهت السيطرة الإسرائيلية، وتشرد اليهود، بينما بقيت تلك الشعوب في مكانها تزرع أرضها، وتعيش على خيراتها.

       والأمر الملفت للنظر أن هذه الشعوب لم تتعرض للسبي والتشريد كما تعرض اليهود، فلماذا؟؟.

       ولنفرض أن اليهود تركوا دينهم، وتحولوا حتى لعبادة الأصنام كماتذكر التوراة، فهل تبقى هذه الوعود بعد الكفر؟ وإذا بقيت فأين وجه العدالة في ذلك؟؟ أمن أجل سواد عيون اليهود فقط؟؟!! وهذا سفر التثنية يضع النقاط على الحروف فيقول: (قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير والموت والشر، بما أني أوصيتك اليوم أن تحب الرب إلهك وتسلك في طريقه، وتحفظ وصاياه، وفراضه وأحكامه، لكي تحيى وتنمو، ويباركك الرب إلهك في الأرض، التي أنت داخل إليها لكي تمتلكها، فإن انصرف قلبك ولم تسمع، بل غويت وسجدت لآلهة أخرى وعبدتها، فإني أنبئكم أنكم لا محالة تهلكون) التثنية الإِصحاح 20/15-18.

       وقد تكرر هذا في أسفار أخرى كالخروج 19/5 والملوك الثاني 9/2 وكيف يتصور رضى الرب يقول كتابهم: (وعمل بنو إسرائيل سرًا ضد الرب إلههم، أمورًا ليست بمستقيمة… وأقاموا لأنفسهم أنصابًا وسواري.. وأوقدوا هناك على جميع المرتفعات، وعملوا أمورًا قبيحة لإِغاظة الرب… وعبدوا الأصنام ورفضوا فرائضه وعهده الذي قطعه مع آبائهم، وشهاداته التي شهد بها عليهم، وساروا وراء الباطل، وتركوا جميع وصايا الرب، وعملوا لأنفسهم مسبوكات عجلين(1)، وعملوا سواري وسجدوا لجميع جند السماء، وعبدوا البعل، وباعوا أنفسهم لعمل الشر في عين الرب لإِغاظته) الملوك الثاني الإِصحاح 17/9-17.

       فماذا بقي من الجرائم والآثام لم يرتكب؟ وهل بعد الكفر ذنب؟؟ كيف يعهد الله لأمة تغيظه وتصنع عجلاً وتعبده، وعتبد صنمًا أو أصنامًا؟! فهل لمثل هذه الأمة حق، وحق ديني؟!! وهي الكافرة بدينها؟؟ لنستمع (لأرميا) يصرخ (ها أنذا أطعم هذا الشعب أفسنتينًا وأسقيهم ماء العلقم، وأبددهم في أمم لم يعرفوها ولا أباؤهم، وأطلق وراءهم السيف حتى أفنيهم) أرميا الأصحاح 9/15-16.

       وما دمنا في الحديث عن أرميا فلنقرأ قوله (هكذا قال الرب، وإن نقضتهم عهدي مع النهار وعهدي مع الليل، حتى لا يكون نهار ولا ليل في وقتهما، فإن عهدي مع داود عبدي ينقض… إن كنت لم أجعل عهدي مع النهار والليل، فرائض السماوات والأرض، فإني أرفض نسل يعقوب وداود عبدي، فلا آخذ من نسله حكامًا لنسل إبراهيم، وإسحاق ويعقوب…) أرميا الأصحاح 33/20-26.

       هذا هو المنطق السليم: متى نقض اليهود عهدالله، فإنه تعالى لا ينفذ وعده وعهده لهم، لأنهم إنما يستحقون الوعد والعهد بالاستقامة، فإن عزفوا وكفروا فلا عهد لهم..

       هذه الأمة هل يعقل أن تكون لها حقوق دينية؟؟

       لو فتح باب «الحق» الديني ألا يكون من حق النصارى المطالبة بفلسطين، ففيها ولد السيد المسيح عليه السلام وعاش، ومارس الدعوة، ثم صُلب ودُفن، ثم رُفع إلى السماء حسب اعتقاد النصارى. أما موسى عليه السلام فقد وُلد بمصر وماتقبل أن يدخل فلسطين، ودُفن عند التلة، الحمراء كما تقول التوراة، فمن أحق فلسطين من هذا الوجه؟؟

3 – الحق القومي

       مماأخذه الصهاينة عن مواطنهم في أوروبا «القومية»، فادعوا أنهم شعب واحد، حتى قال هرتزل (إن اليهود بقوا شعبًا واحدًا وعرقًا متميزًا، إن قوميتهم المتميزة لا يمكن ولن، ويجب أن لا تتقوض، لذلك لا يوجد غير حل واحد فقط للمسألة اليهودية، هي الدولة اليهودية) الصهيونية والعنصرية 1/24.

       وما أظن أن في العالم – خارج اليهود – من يصدق أن اليهودي العربي والكردي والتركي والفارسي والهندي والصيني والياباني والأوروبي والفلاشة، كل هؤلاء ينتمون لقومية واحدة، وينحدرون من تلك القبائل العبرانية البدوية، التي غزت فلسطين واستوطنتها حينًا من الدهر. خصوصًا إذاأخذنابتعريف اليهودي بأنه (من كانت أمه يهودية) في ضوء هذاالتعريف المعتمد أدعو لقراءة هذا النص من التوراة (.. فسكن بنو إسرائيل في وسط الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين، واتخذوا بناتهم لأنفسهم نساء، وأعطوا بناتهم لبنيهم، وعبدواآلهتهم) القضاة الإِصحاح 3/5-6 فإذاتزوج اليهود من كل هذه الشعوب، فأبناؤهم ليسوا يهودًا، لأن الأمهات غير يهوديات، وأبناء غير اليهود ليسوا يهودًا بالطبع، ومن ولد لتلك الشعوب هو اليهودي، فهل هناك مفارقة أغرب من هذه، سوى ادعاء الشعب الواحد؟!!.

       بل التوراة تذكر أنبياء بني إسرائيل، وبمن تزوجوا من النساء، فكلهم تزوج أجنبية.. والتوراة تقول بصراحة.. واختلط الزرع المقدس.. فهذا الاختلاط يقضى على.. نقاء.. العرق، ذلك الشيء الذي أخذه اليهود عن رجال العنصرية، أو علّمه اليهود لهم، يقول «أحمد نسيم سوسه» وهو مهندس عراقي يهودي الأصل أسلم ومات مسلمًا(2) (انتشر الدين اليهودي بين مختلف الأمم والأجناس، وهذه الأمم اعتنقت الدين اليهودي، وهي تعيش في ديارها وأوطانها، وتتكلم بلغاتها، وتمارس عاداتها وتقاليدها، فقد بدأ التبشير بالدين اليهودي، منذ تكوين الديانة اليهودية، بعد كتابة التوراة، واستمر حتى العصور الوسطى، وعندما أغلق باب التبشير في أواسط القرن الثالث عشر الميلادي، فقد قضى اليهود أكثر من عشرين قرنًا، يعملون بجد ونشاط لنشر ديانتهم، بين شعوب وأمم لا تمت إلى قوم موسى بأدنى صلة، وليست لهم علاقة بفلسطين أو سكان فلسطين، لا من بعيد ولا من قريب، وهؤلاء الدعاة إلى الدين، لم يكونوا دائمًا من فلسطين، بل ممن اعتنقوا الدين اليهودي وتحمسوا له). هذه شهادة خبير لا يجادل فيها أحد. وقد رأيت بنفسي، خلال رحلة في أفريقيا، جماعة من اليهود السود، ينفخون بالبوق، ويعلمون الشباب الأفريقي، الديانة اليهودية، ولهم أكثر من مركز للتبشير باليهودية.

       وأختم هذا بما قاله عالم الانثربولوجي (أوجين بتار) أستاذ علم الأجناس بجامعة (جنيف)(3) (إن اليهود عبارة عن طائفة دينية، اجتماعية، انضم إليهم في جميع العصور أشخاص من أجناس شتى، جاؤوا من جميع الآفاق، فمنهم الفلاشة سكان الحبشة، ومنهم الألمان ذو السحنة الجرمانية، ومنهم التامل السود في الهند، والخزر، والمفروض أنهم من الجنس التركي، ومن المستحيل أن نتصور أن اليهود ذوي الشعر الأشقر الكستنائي والعيون الصافية اللون، الذين نلقاهم في أوروبا الوسطى، يمتّون بصلة القرابة – قرابة الدم – إلى أولئك الإِسرائيليين القدماء، الذين كانوا يعيشون بجانب نهر الأردن).

       ويذهب الكاتب اليهودي «إبراهام ليون» لأبعد مما ذهب غيره فيقول(4): (إن اليهود يشكلون في حقيقة الأمر خليطاً عرقياً متنافرًا، والسبب الرئيس في ذلك هو طابع التشتت، الملازم لليهودية، وحتى في فلسطين كان اليهود بعيدين عن تشكيل عرق صاف).

       والخلاصة: من كل ما تقدم يمكن القول بأن اليهود طائفة دينية وليست شعبًاولا قومية، فلا عرق يجمعهم، ولا لغة واحدة، ولا ثقافة موحدة، فادعاء الحق القومي أيضًا لا قيمة له ولا سند.

4 – الحق الإنساني

       يقول اليهود: لكل شعب دولة ترعاه، وقيام دولة لهم هو الحل الأمثل لمشاكلهم، حيث الاضطهاد يلاحقهم، والمصائب تنهال عليهم، ابتداءً من هدم دولتهم وانتهاءً بالنازية التي قتلتهم وهجرتهم، وإن كافة الشعوب تختزن قدرًا من العداء لهم، لذا لا حل سوى جمع هذا الشتات وتخليصه من الاضطهاد، وتلك حاجة إنسانية ملحة، وحق إنساني لا يجادل فيه أحد.

       والسؤال: كان على الدوام في فلسطين أكثر من شعب فلماذا أنصب الاضطهاد على اليهود دون غيرهم؟.

       يجيب هرتزل(5) (إن المشكلة اليهودية قائمة، ومن السخف أن ينكر ذلك، فهذه المشكلة تقوم وتوجد حيث يعيش اليهود، مهما قل عددهم، وهي إذا خلا منها مكان استوردها اليهود المهاجرون إليه، إننا معشر اليهود نتجه – بطبيعة الحال – إلى البلاد التي لا نلقى فيها، اضطهادًا، غير أن مجرد وجودنا في بلد يثير ضدنا الاضطهاد حتمًا).

       فهل الإِجابة كافية؟؟ لا أعتقد..

       إن نظرة اليهود لأنفسهم ولغيرهم، وتجمعهم المريب، وطقوسهم المتزمتة ومحاولة السيطرة على اقتصاديات البلاد التي يحلون فيها، واحتكارهم وتعاونهم، واشتغالهم بالربا، كل هذا وغيره سبب لهم الاضطهاد، ليس لهم فقط، بل لكل من يفعل مثلهم، وتقدم أن الهنود في شرق أفريقيا واللبنانيين في غربها يعانون من مثل ما يعاني اليهود معفارق، أن هؤلاء يشكلون فقط كتلة اقتصادية ينظر لهابعين الحسد.

       ونظرًا لغرابة الظاهرة واستمرارها، سوف استعرض بعض الأفكار على أمل إلقاء الضوء عليها وعلى الحق المدعي:

       أ – توينبي: يرى أن ليس من العدالة أن يدفع عرب فلسطين ثمن الجرائم التي قام بها الغرب ضد اليهود، والغرب صاحب إمكانات كبيرة، قياسًا على الإِمكانات الفلسطينية(6) (أما بالنسبة لادعائهم بأنهم أصحاب حق في المطالبة بتعويضات عن الجرائم التي اقترفها الألمان بحقهم، فإن لهذا الادعاء ما يبرره تبريرًا تامًا، ولكن ادعاءهم بأن ما اقترفته النازية بحقهم من جرائم تقضي بإعطائهم وطنًا خاصًا بهم، فهو ادعاء مردود من أساسه، فإذا وجد لهذا ما يبرره، فإن هذا الوطن الخاص يجب أن يمنح لهم في الأرض الألمانية، لا في الأراضي العربية، التي يمتلكها أهلهامنذ أكثر من ثلاثة عشر قرنًا) اهـ.

       ويبدو أن الصهاينة استهدفوا إصابة عصفورين بحجر واحد، وهم خير من يحسن ذلك، فحصلوا في فلسطين على الوطن، وحصلوا من الألمان على الملايين التي استثمروها في تعمير هذا الوطن، وهناك في العالم من يشجعهم ويعاونهم، ومن يسمي عدوانهم «حقاً» ويصفق لضربهم الفلسطينيين بالقنابل الفراغية والعنقودية وسواها.

       ب: رسل: يلاحظ الفيلسوف البريطاني «رسل» أن الصهاينة وهم يشكون العدوان، قد اتخذوه مبررًا للعدوان على أهل فلسطين وغيره(7) (كثيرًا مايقال لنا: إن علينا أن نتعاطف مع إسرائيل بسبب ماعاناه اليهود في أوروبا على يد النازيين، ولكني لا أرى في هذا القول مايبرر إبقاء أية معاناة أخرى، فما تفعله إسرائيل اليوم أمر لا يمكن أن يغتفره، فاتخاذ فضائح الماضي مبررًا لارتكاب فضائح الحاضر هو نفاق ورياء. فإسرائيل لا تقف عند حد إخضاع عدد ضخم من اللاجئين للبؤس والشقاء، ولا تكتفي بإخضاع عدد كبير من العرب للاحتلال العسكري، بل هي تحكم أيضًا على الدول العربية، التي لم يكد يمضي وقت يذكر على خلاصها من الاستعمار، بالتعرض لحالة من الإِفقار المستمر، لأنهامضطرة إلى إعطاء الأولوية للمطالب العسكرية وتقويمها على مقتضيات التنمية الاقتصادية الوطنية).

       ج: يقول اسحاق دويتشر(8): (إن المسؤولية بشأن مأساة يهود أوروبا والمذابح التي مورست في مراكز تجمعهم تقع كليًا على عاتق «حضارتنا» الغربية، التي تشكل النازية ابنًا شرعيًا وإن كان فاسدًا لها، ومع ذلك فإن العرب قد دفعوا ثمن الجرائم، التي ارتكبها الغرب تجاه اليهود، وهم لا يزالون مرغمين على دفع الثمن كل يوم، ذلك الضمير الغربي المذنب الذي يحس، هو بالطبع مؤيد لإسرائيل ومعاد للعرب). وبفضل تأييد الغرب لإسرائيل كثر عدوانها وعظم استهتارها، ولو وقف الغرب موقفاً محايدًا أو لائمًا، لخففت إسرائيل الكثير من عدوانها.

       د – يقول الفيلسوف الصهيوني مارتن بوبر(9) (إن أغلبية الشعب اليهودي قد فضلت أن تتعلم من «هتلر» أكثر مما تعلمت من «موسى» ذلك أن هتلر أثبت أن التاريخ ليس من نصيب من يملك الإِيمان، ولكنه من نصيب من يملك القوة، وإذا ملك القوة، فإنه يستطيع أن يقتل دون حياء) وهذا ما دأبت عليه إسرائيل، فالطفل الذي يلقي حجارة يقتل، والمسكن يهدم، والأشجار تقلع، والأرض تصادر، والكبار يصفقون لهذا الوليد المدلل، فهو يصنع المعجزات.

       هـ – وأخيرًا يقول الكاتب اليهودي الأمريكي «موشى مينوهين»(10) (إن النماذج الجديدة من اليهود التي ظهرت في إسرائيل أخيرًا، لا تنتمي إلى اليهود الذين انتمي إليهم، هؤلاء نازيون فقدوا كل شعور إنساني).

       فما هو إذن هذا الحق الإِنساني؟؟

       إن كان لكم حقوق فاطلبوها عند من اعتدى عليكم أو ظلمكم؛ أما أن تساوموا فتقبضوا من الألمان الملايين من الماركات، وتستولوا على الأراضي الفلسطينية وتصادروا المزارع، ثم تقوموا بإرهاب مدروس، تشردون به العرب ثم تلاحقونهم بالطائرات وبكل ما زودكم به الغرب، فهذه نازية جديدة أقبح وأصلف من نازية هتلر، واليوم ما يزال حاخامات ينادون بوجوب طرد الشعب الفلسطيني كله خارج فلسطين، ليفسح المجال أمام يهود قد استقروا في وطن، ويطلب إليهم الهجرة، حتى إذا هاجروا دخل ربعهم فلسطين وثلاثة أرباعهم، راحت تتعبد الله في بورصة لندن أو نيويورك، ثم تدّعون الحقوق الإِنسانية، فالأجدر أن يطلق عليكم، وعلى من يشجعكم أعداء الإنسانية.

*  *  *

الهوامش:

المعروف عجل واحد، تقول التوراة بأن صانعه هو (هارون) فمن أين جاء الثاني؟ هل ولده الأول؟؟

العرب واليهود في التاريخ/ سوسة ص 551.

الاستعمار والمذاهب الاستعمارية/ د. محمد عوض ص 154.

الماركسية والدولة الصهيونية أديب ديمتري ص 32.

الصهونية بين الدين والسياسة/ الهراوي ص 271.

توينبي: مؤرخ إنكليزي من مواليد لندن، تخرج في أكسفورد ومارس التدريس فيها حتى عام 1915 ثم التحق بقسم الاستخبارات السياسية في الخارجية البريطانية، ثم عين أستاذًا للتاريخ واللغة الاغريقية بجامعة لندن ثم أستاذًا وباحثًا ومديرًا للدراسات بالمعهد الملكي للشؤون الدولية عرف بمواقفه الشديدة تجاه اليهود والصهاينة وشنوا عليه أكبر الحملات. اشهر كتبه «دراسة في التاريخ» طرح خلاله نظريته في التحدي والاستجابة.

الموسوعة العربية الميسرة ص 566.

عقدة النزاع العربي الإسرائيلي/ د. مجيد خدوري ص 49.

رسل: ولد عام 1872م وتعلم بجامعة كامبرج ثم اشتغل بالتعليم، وكان من المعارضين للحرب العالمية الأولى فسجن بسبب ذلك وبعد الحرب راح يكتب في الإِصلاح الاجتماعي. وهو يجمع بين الفلسفة والمنطق الرياضي، ويعتبر مرجعًا في المنطق الرمزي الحديث، ومن كبار الفلاسفة.

(الموسوعة العربية الميسرة ص 1867).

الصهيونية، حركة عنصرية ص 20.

إسحاق دويتشر: مفكر ومؤرخ ماركسي العقيدة من مواليد بولندا زار روسيا عام 1931م ففرضوا عليه تدريس الاشتراكية في جامعة موسكو فرفض، طرد من الحزب الشيوعي عام 1932، وكان من معارضي «ستالين» والحزب الشيوعي البولندي. وفي عام 1939 تحول إلى لندن وراح ينشر مقالات ودراسات عن ستالين وسياسته وتروتسكي، ثم راح يدرس في الجامعات البريطانية والأمريكية، وقد عرف بإدانته للصهيونية ومن آرائه أن الحروب لا تحل مشاكل إسرائيل… (موسوعة السياسة 2/735).

الصهيونية والعنصرية 1/212.

مجتمع الكراهية/ سعد جمعه ص 157.

الصهيونية والنازية / عصام شريح ص 112.

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، جمادى الثانية – رجب 1435 هـ = أبريل – مايو 2014م ، العدد : 6-7 ، السنة : 38

Related Posts