دراسات إسلامية
بقلم : الأستاذ أشرف شعبان أبو أحمد / جمهورية مصر العربية (*)
من أكبر المصائب والأخطار التي ابْتُلِيَت بها الأمة الإسلامية بيدها وإرادتها هو إيداع أموالها واستثمارها في دول غير إسلامية، مما كان له أكبر الأثر السيء على الشعوب الإسلامية، بينما استفاد غير المسلمين؛ حيث راج اقتصادهم وقويت شوكتهم وزادت عدتهم وعتادهم وعاشوا في رغد وترف بينما من المسلمين من يعيش أشد أنواع الفقر والجوع، حيث جردوا من أدوات النشاط الاقتصادي ومن القوة القاهرة في المبادلات، وليعلم المسلم الغيور على دينه أن أول الإثم وأكبره هو مجرد إيداع المال بين يدي خصوم الإسلام، والمشتغلين بالربا، وحرمان المسلمين منها وهم في حاجة ماسة إليها، ولو علم المسلم الغيور ما يتعين عليه أن يعلمه من فداحة وزر الإيداع هذا، ما أغمض له جفن وأموال المسلمين بين أيدي اليهود والذين أشركوا يستعينون بها على حرب الإسلام والمسلمين(1). كما تتعرض هذه الأموال لعدة أخطار من أهمها، تناقص القيمة الحقيقية لهذه الأموال بسبب معدلات التضخم التي تجتاح العالم، كما أصبحت هذه الأموال خاصة تلك التي في البنوك الأجنبية وسيلة ضغط على الدول الإسلامية وليس العكس، والدليل على ذلك ما حدث من تجميد للودائع الإيرانية والعراقية والليبية في أمريكا، كما تتعرض البلاد التي تمتلك هذه الودائع لضغط عنيف لتوافق على استخدام هذه الودائع في إنقاذ بلاد غير إسلامية من الإفلاس كما هو الحال في المكسيك وزائير(2).
في الولايات المتحدة أصدرت مؤسسة «راند» الأمريكية تقريرا قدرت فيه الودائع العربية في المصارف الأمريكية وحدها بحوالي 700 مليار دولار، وقدرت الاستثمارات العربية في الولايات المتحدة بحوالي 680 مليار دولار، ويشير التقرير أن نسبة الأموال العربية المستثمرة في أمريكا تشكل حوالي 12٫8٪ من إجمالي الأموال العربية المستثمرة في العالم، بينما تستحوذ أوربا على 34٫6٪ من إجمالي الأموال العربية المستثمرة في الخارج عام 1988م. وإذا صدقت تقديرات مؤسسة راند الاقتصادية فإن الأموال العربية في أوربا ستصل إلى 1844 مليار دولار، أما الأموال العربية المستثمرة في دول الشرق الأقصى 822 مليار دولار. ووفقا لإحصائيات اتحاد المصارف العربية يوجد حاليا 4550 مصرفا وفرعا عربيا في مختلف أنحاء العالم، ويبلغ إجمالي ما تتعامل به هذه المصارف العربية حوالي 350 مليار دولار(3). وفي تقرير آخر قدرت قيمة الودائع والاستثمارات العربية في أوربا وأمريكا في أوائل عام 1988م بنحو 350 مليار دولار منها حوالي 200 مليار دولار ودائع واستثمارات عربية حكومية، وحوالي 150 مليار دولار ودائع واستثمارات عربية للأفراد والشركات العربية(4). وفي تقرير ثالث يشير الخبراء إلى أن الموجودات العربية المالية في الخارج تتجاوز 670 مليار دولار منها 200 مليار دولار لمواطني الدول العربية ذات العجز المالي، كما تبلغ الديون العربية 200 ملياور دولار، فهذا يعنى أن العالم العربي دائن للنظام المصرفي العالمي بحوالي 470 مليار دولار(5). وعن الاستثمارات العربية في الدول الأجنبية بمقارنتها بالدول العربية، أذاعت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار في تقريرها السنوي أن المشروعات الاستثمارية بالدول العربية بلغ عددها 2170 مشروعا حتى نهاية 1988م جملة رأسمالها المدفوع 19٫7 مليار دولار ساهمت الدول العربية فيها بمبلغ 9٫9 مليار دولار أي بنسبة 50٫2٪ من رأسمالها والباقي دول أجنبية، ويقول التقرير أن هذه الاستثمارات لا يمكن مقارنتها بحجم الاستثمارات العربية في الدول الرأسمالية بل يصل ما تخصصه الدول العربية لمشروع واحد بالدول الغربية إلى نصف الاستثمارات العربية بالأقطار العربية كلها جميعا، ويكشف التقرير عن وجود 50٫9٪ من الأموال العربية المستثمرة بالدول العربية موظفة في مشروعات صغيرة عددها 2135 مشروعا تقل رؤوس أموالها عن 50 مليون دولار و 15٫9٪ منها موظفة في 22 مشروعا يتراوح رؤوس أموالها بين 50 إلى 100 مليون دولار و 23٫2٪ في 13 مشروعا تزيد رؤوس أموالها على 100 مليون دولار(6). أكدت دراسة أعدها د. مصطفى أحمد مصطفى الخبير بمعهد التخطيط القومي أن جملة فوائض العائدات النفطية العربية المستثمرة في أوربا الغربية والولايات المتحدة بلغت حتى أواخر عام 1985م حوالي 600 مليار دولار تقريبا في حين أن حجم الاستثمارات العربية داخل الوطن العربي لا تزيد عن 12 مليار دولار أي نسبة واحد إلى خمسين(7). يبلغ عدد المشروعات الصناعية وغير الصناعية المشتركة بين السعودية ودول عربية و أجنبية حتى نهاية شهر يناير 1990م 1462 مشروعا بلغ إجمالي المبالغ المستثمرة فيها 59٫7 مليار ريال سعودي، وأوضح إحصاء أصدرته وزارة الصناعة والكهرباء السعودية ونشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية أن عدد المشروعات مع الدول العربية بلغ 430 مشروعا تبلغ جملة استثمارتها 11٫8 مليار ريال سعودي ومع الولايات المتحدة الأمريكية بلغ 186 مشروعا باستثمارات قدرها 12٫3 مليار ريال سعودي، وهذا الرقم يزيد عن جملة قيمة المشاريع المشتركة بين السعودية والدول العربية. وفي دراسة أعدها الاقتصادي العربي د. هدى توفيق عزام أن 13٪ من الاستثمارات الخليجية الخارجية في السوق الأمريكية و 4٪ في السوق البريطانية و 20٪ في بلدان أوربية أخرى و 18٪ في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخاصة اليابان والمراكز المالية في جنوب شرق آسيا والباقي موزع بين مراكز الأوفشور بنسبة 11٪ والدول النامية 13٪ وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتبلغ جملة الاستثمارات الخارجية للقطاعين العام والخاص بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي 432 مليار دولار(8). ذكرت الدراسة التي أعدتها غرفة تجارة دبي أن حجم التعاون التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والمجموعة الأوربية قد بلغ 25٫8 مليار دولار عام 1988م(9). وهناك بحوثا اقتصادية عربية تقدم أرقاما تقريبية تقول أن حجم الأموال العربيةالمستثمرة في أمريكا يتجاوز تريليون دولار، فيما تقدر هيئات أخرى حجم الأموال الخليجية المهاجرة في الخارج فقط بنحو 1٫4 تريليون دولار، منها 750 ملياور دولار سعودي، حوالي 450 مليار دولار منها تستثمر في الولايات المتحدة الأمريكية و 255 مليار دولار في أوربا. وسبق أن ذكرت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار في الكويت في تقرير لها أواخر عام 2004م أي قبل تضاعف أموال النفط في العامين الماضيين يفعل ارتفاع أسعار البترول أن حجم الثروات العربية في الخارج بلغ نحو 1٫4 تريليون دولار(10). ومما لا شك فيه أن هذه المليارات من الدولارات التي تودع وتستثمر في دول إسلامية لو أعيد توظيفها واستثمارها في دول إسلامية فسوف تعود عليهم بمثل ما تعود به الآن على الدول الغير إسلامية من قوة ورغد في العيش وتقدم.
* * *
المراجع
تصحيح المفاهيم في ضوء الكتاب والسنة نور الجندي ص 392.
التكامل الاقتصادي الإسلامي مقوماته ونتائج إعماله في الدعوة الإسلامية ص 54-55.
مجلة الشاهد السنة 6 العدد 63 نوفمبر عام 1990م.
مجلة الموقف العدد 77 ويونيو عام 1991م ذو القعدة عام 1411هـ.
مجلة الحوادث 20 أبريل عام 1990م.
جريدة الأهالي العدد 464 السنة 13 الأربعاء 29 أغسطس عام 1990م 8 صفر عام 1411هـ.
مجلة صوت العرب العدد 5 السنة 17 مايو 1990م.
مجلة الأهرام الاقتصادي العدد 41116 يونيو عام 1990م.
جريدة الأهرام العدد 37794 يوم 30 مايو عام 1990م.
مجلة التوحيد العدد 444 ذو الحجة عام 1429هـ ص9.
* * *
(*) 6 شارع محمد مسعود متفرع من شارع أحمد إسماعيل، وابور المياه – باب شرق – الإسكندرية ، جمهورية مصر العربية.
الهاتف : 4204166 ، فاكس : 4291451
الجوّال : 0101284614
Email: ashmon59@yahoo.com
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ذوالحجة 1434 هـ = أكتوبر – نوفمبر 2013م ، العدد : 12 ، السنة : 37