دراسات إسلامية

بقلم:   الأستاذ/ سيد محبوب الرضوي الديوبندي رحمه الله

(المتوفى 1399هـ / 1979م)

ترجمة وتعليق: الأستاذ محمد عارف جميل القاسمي المباركفوري(*)

          دخلت العلومُ العربيةُ الهندَ في القرن الثاني متزامنةً مع الفتوحات الإسلامية. وحظيت مدينة «ملتان» بأن تكون أول مدينة من مدن العلم والمعرفة. وتلألأ وجه هذه المدينة بنور العلم على يد العلماء. ثم أصبحت مدينة «لاهور» مركزاً للعلم والمعرفة في عهد السلاطين الغزنويين. ثم احتضنت «دهلي» العلومَ والمعارف في القرن السابع الهجري ،ثم تعدَّتْ بركات «دهلي» وخيراتها العلمية إلى مدينة «جونفور»، فنفقت فيها سوقُ العلم وراجت، ثم تنوَّرت «لكناؤ» بنور علم «جونفور»؛ حيث أشرقت شمس العلم والمعرفة إشراقةً أضاءت لها كلُّ قرية من قرى المنطقة الشرقية في البلاد. و هل يجهل أحد من الأوساط العلمية ما شهدته مدينة «بلغرام» و«سنديله»، و «غوبا مئو»، و«خيرآباد»، و ولاية «بيهار»، و«بنغال» من النشاطاتِ العلمية. وكان الملك شاه جهان (1000-1067هـ/1592-  1666م) يعتز، ولايملُّ قائلاً: (إن الشرق بمثابة «شيراز»عندنا).

       وكان عطاشى العلم والمعرفة يُهرعون من كل صوبٍ وحدبٍ في البلاد إلى «دهلي» التي أصبحت مركزاً للعلوم الإسلامية وفنونها، ليسقوا غلتهم.  ونَهض من أرض «دهلي» نفسها في العهد الأخير من الحكم المغولي: الشاه وليُّ الله أحمدُ بن عبد الرحيم الدهلوي – رحمه الله – (1114-1176هـ/1702- 1762م) – ذلك العلَم العبقري الفريد الذي لايزال يستقي من منهله العلمي الفياض معظمُ بلاد آسيا إلى يومنا هذا. ويُعتبر الشاه ولي الله الدهلوي – رحمه الله – مصدراً لجميع سلاسل العلوم الدينية وخاصةً التفسير والحديث النبوي الشريف، التي تشهدها البلاد في يومنا هذا. وما يعهده شبهُ القارة الهندية من مذاق العلم الديني يعود فضله إلى هذه العائلة للشاه ولي الله الدهلوي – رحمه الله -، فهونفحة من نفحاته. وحكى الشيخ عبيد الله السندي – رحمه الله – (1298-1333هـ /1880-1914م) عن أحد العلماء الأجانب قوله: إنه لم يجد – خلال زيارته للهند – عالماً من علماء البلاد إلا قد استقى من منهل الشاه ولي الله الدهلوي بواسطة  الشاه عبد العزيز – رحمه الله – (1159-1239هـ/1746-1823م)(1).

       وكانت العلوم الدينية قد بلغت – ليس في الهند فقط،وإنما في العالم الإسلامي كله – يومئذ – منتهى الضعف وأشرفت على الانهيار. يقول الباحث الإسلامي الشهير سيد رشيد رضا المصري – رحمه الله – (1282- 1354 هـ /1865 – 1935م): «لولاعناية إخواننا علماء الهند بعلوم الحديث في هذا العصر لقُضي عليها بالزوال من أمصار الشرق؛ فقد ضعفت في مصر والشام والعراق والحجاز منذ القرن العاشر للهجرة، حتى بلغت منتهى الضعف في أوائل هذا القرن الرابع عشر»(2).

       وهذه «أفغانستان»- المجاورة لبلاد الهند – كانت ولاتزال تشهد وضعاً يوضح معالمه كتابُ الشيخ منصور(3) – رحمه الله – الذي جاء فيه ما يلي: «إن العلوم الإسلامية وخاصةً علوم القرآن والحديث في أفغانستان تعيش وضعاً يرثى له، وتوشك على الزوال والانهيار. وما أقبح أن تشهد حكومةٌ إسلامية هذه اللامبالاة َ والإعراض عن العلوم الإسلامية»(4).

       وفي ثورة عام 1857م الدامية حين خربت «دهلي»، وطُوِي بساطها السياسي، وتلاشت مرجعيتها، واضطُرت قافلة العلم والمعرفة إلى أن تشد رحالها منها وتغادرها، أهمَّ ذلك عبادَ الله الصالحين – وخاصةً من عاش منهم تلك الثورةَ الدامية، وشاهد بأم عينيه مصارع المسلمين المضرجين بالدماء – أهَمَّهُم – كثيراً – البحثُ عن مكان يصيرون إليه بقافلة العلم والمعرفة هذه، التي كانت على وشك الرحيل من «دهلي»- مهدها ومأواها؟ وكيف يتأتى لهم الحفاظ على دين المسلمين البائسين المخذولين وإيمانهم؟ فكان من حسن الحظ، أو قدر من الله تعالى أن صار مسجد «تشته»(5) في «ديوبند» مركزاً وداراً للمشاورة حول التوصل إلى منهج وآلية تنجيهم من هذه المهلكة. وهو المسجد الذي أوى إليه الشيخ محمد قاسم النانوتوي (ت عام 1297هـ/1879م) حين ورد «ديوبند»، وأقام به. وكان بيت حموه في حي «ديوان» في ديوبند(6). فكان الشيخ النانوتوي يختلف إلى هذا المكان مسبقاً. وتربطه صلةٌ وطيدة و ودٌّ صميمٌ بكل من الشيخ ذوالفقار علي (ت 1322هـ/1904م)، والشيخ فضل الرحمن (ت1325هـ/1907م)، والحاج محمد عابد (ت1331هـ/1912م) – رحمهم الله – جميعاً. فكان معظم أوقاتهم يستنفده هذا الهمُّ و القلق. ويقول صاحب «سوانح – مخطوط -»: «وكان الشيخ محمد رفيع الدين (ت 1308هـ/1890م )، والحاج محمد عابد (ت1331هـ/1912م) – رحمهما الله تعالى – يقيمان في تلك الأيام في مسجد «تشته». فآثر الشيخ النانوتوي النزول في المسجد نفسه لأجلهما، فبلغت علاقة النانوتوي بالشيخين هذين منتهاها و ذروتها»(7).

       وتقررت لديهم – يومئذ – فكرةٌ أساسيةٌ تقول: إن الإبقاء على الوعي الديني في المسلمين، و توحيد كلمتهم ولم شعسهم يستلزم إقامةَ مدرسةٍ دينيةٍ علميةٍ. فتوصل الشيخ النانوتوي (ت 1297هـ/1879م)، وأخص زملائه الشيخ ذوالفقار علي (ت 1322هـ/1904م)، و الشيخ فضل الرحمن (ت1325هـ/1907م) والحاج محمد عابد (ت1331هـ/1912م) رحمهم الله تعالى – انطلاقاً من هذه الفكرة الأساسية – إلى ضرورة إقامة هذه المدرسة الدينية في «ديوبند» دون «دهلي».

       ونحن في غنىً عن الإشارة إلى أن الحكومات الإسلامية كانت تخصص الوقفيات للمدارس في عهدها وتُجري عليها الجرايات التي كانت تغطي حاجات هذه المدارس وتكفل نفقاتها. كما كان ولاة الولايات والأثرياء من العامة يشرفون عليها ويمدونها بالأموال بكل سخاء. والأيام التي شهدت قيامَ الجامعة الإسلامية دارالعلوم/ديوبند أفَلَتْ فيها شمسُ الحكومة الإسلامية التي ظلَّت تنير الهند بضيائها الباهر طوال ستة قرون. وكَفَتْ الحكومةُ الإسلامية الناسَ أن يتحملوا مسؤولية تعليم أبنائهم. فأصبح توفير فرص التعليم لأبناء المسلمين فى المستقبل يشكل أكبر هَمٍّ يقض مضجعهم.

       وصبَّ الإنجليزسوطَ العذاب وأشد الويلات على المسلمين بحكم ضلوعهم في المساعي الرامية إلى تحريرالبلاد عام 1857م/1274هـ كما لم يألوا جهداً في القضاء على العلوم الإسلامية،و استئصال ثقافة المسلمين وحضارتهم من جذورها، فصادروا الوقفيات، فلفظت المدارس القديمة نفسها الأخير أوكادت. فمست الحاجة إلى اختراع طريقٍ جديدٍ غير الطريق الذي عهدوه من الاعتماد على الأوقاف الإسلامية. وإن المبادئ الثمانية – التي وضعها الشيخ محمد قاسم النانوتوي (ت عام1297هـ 1879م) والتي سيأتي تفصيلها لاحقاً – تدل على أن هذا الطريق تمثل في جمع التبرعات الشعبية التي لاتشوبها المساعدات الحكومية أو تأثيرات الإقطاعيين، لتبقى هذه المدرسة بعيدةً عن تحكم الحكومة وتأثيرها فيها.

حركة جمع التبرعات:

       وكان الحاج محمد عابد (ت1331هـ/1912م) أول من اتخذ الخطوة لجمع التبرعات. ويشرح  الحاج فضل حق(8) – في ترجمة الشيخ النانوتوي – الطريقَ الذي اتبعوه في جمع التبرعات لصالح الجامعة الإسلامية: دارالعلوم/ديوبند، فقال: «ذات يوم، وقد أشرقت الشمس، اتخذ الحاج محمد عابد من منديلٍ أبيض كيساً، أودعه ثلاث روبيات هندية، وخرج لوحده من مسجد «تشته»، و دخل على الشيخ مهتاب علي – رحمه الله –(9) فسَخَت نفسُه بستِّ روبياتٍ وضعها في الكيس، ودعا له بالخير، كما قدم الشيخ فضل الرحمن (ت1325هـ الموافق1907م) اثنتي عشرة روبية، وقدَّم هذا العبد المسكين (يعني نفسه مؤلفَ كتاب «سوانح – مخطوط») ست روبيات. ثم قام منه إلى المولوي ذوالفقار – سلمه الله – وهو رجل يحب العلم – فما لبث أن قدم له اثنتى عشرة روبيةً. ومن حسن المصادفة أن الشيخ سيد ذوالفقارعلي الثاني الديوبندي(10) كان حاضراً هذه القصة، فجاد باثنتى عشرة روبيةً. ثم قام هذا الزاهد ذو الصفات الملوكية إلى حيِّ «أبي البركات»، وقد اجتمعت له مئتا روبية، وارتفعت حصيلة مساعيه إلى ثلاث مئة روبية هندية في المساء. ثم شاع الأمر وذاع يوماً بعد يوم، ولايخفى ثمرات هذه الجهود الطيبة على أحدٍ. وانتهى أمره إلى يوم الخميس من ذي الحجة عام 1282هـ»(11).

       ولقد كان أمراً غريباً فريداً من نوعه قبل مئة سنة أو يزيد أن تقام مدرسةٌ تغطي ميزانيتها التبرعاتُ الشعبية، بعيدةً عن تدخل الحكومات وسالمةً من تأثيراتها. وكان يمثل ذلك تنبأً عظيماً بالنظر إلى العهد الجمهوري القادم. و زار مولانا محمد علي جوهر(12) جامعة َدارالعلوم/ديوبند خلال جولته لصالح حركة الخلافة، واطلع على المبادئ الثمانية التي وضعها الشيخ النانوتوي – رحمه الله -، فاغرورقت عيناه بالدموع، و بكى وانطلق قائلاً: «إن هذه المبادئ ما كان لها أن تَصدُر عن مجرد العقل، وإنما صدرت عن محض الإلهام والمعرفة الإلهية. وإن هذا الشيخ العظيم قد توصل إلى ما توصلنا إليه بعد صراعٍ وعناءٍ داما مئة سنة».

       واليوم – وقد أصحبت الولايات العظيمة حلماً من الأحلام، وتلاشت الإقطاعيات – تشهد الهند – من «كشمير» إلى «آسام»- آلافَ المدارس، لاتخضع لشيء من الحكومات المتعاقبة. وذلك مما يدل على المفعول الطيب للتبرعات الشعبية، و رسوخ أسس المدارس الإسلامية.

       وإن الاعتماد على التبرعات الشعبية – بدلاً عن الطريق السائد في الاعتماد على الوقفيات – كان طريقاً موفقاً للغاية، ومثمراً في نفس الوقت. وهو طريق محكم، وسبيل ممهدة لإنشاء المدارس الدينية و نشر العلوم الدينية، كان من شأنه أن حوَّلَ تطويرَ التعليم الديني إلى حركة التبرعات الشعبية. و استقرأمرُ جامعة دار العلوم – منذ أول يومها، بالنسبة إلى التبرعات الشعبية – على عدم تحديد قدرٍ معينٍ من التبرعات يجب تقديمه، أو تخصيصها بدِين دون دِينٍ. وينص البند الخاص بالتبرعات هذه على أنه «ليس ثمة قدرمعين من التبرعات يجب تقديمه، ولاتخصيص بدين دون دين».

منهج وضعه مؤسس الجامعة :

       وإن الشيخ محمد قاسم النانوتوي قدس سره (1248- 1297هـ/1833- 1879م) – الذي قاد قافلة هذه الحركة التعليمية، ونفخ فيها من روحه – قام بخدمات عظيمة جليلة تخص الشؤون العلمية والتعليمية والدعوية والتأليفية والسياسية والاجتماعية لمسلمي شبه القارة الهندية. والمنهج الذي اخترعه الشيخ – رحمه الله – لإنشاء المدارس الإسلامية وخاصةً جامعة دارالعلوم/ديوبند والإبقاء عليها، يؤكد على ضرورة اتباع الطريق المتمثل في جمع التبرعات الشعبية،واختيار الأسلوب الجمهوري هذا كبديلٍ عن المنهج السائد في عهد الحكومات الإسلامية لتحقيق نفس الهدف. ونصَّ الشيخ النانوتوي – رحمه الله – في هذا المنهج على ضرورة اتباع المبادئ التالية لإنشاء المدارس الدينية كأساس لها:

       1 – أول هذه المبادئ أن يجعل القائمون على هذه المدرسة نصبَ أعينهم الإكثارَ من التبرعات الشعبية ما استطاعوا إلى  ذلك سبيلاً. فيقوموا بتقديمها لصالح الجامعة بأنفسهم، ويرغبوا غيرهم فيها، ولايغيبن ذلك عن بال الناصحين لهذه المدرسة.

       2 – أن يسعى المعنِيُّون بهذه الجامعة إلى مواصلة توفير الوجبات الغذائية للطلاب بل إلى توسعة نطاقها.

       3 – وعلى أعضاء المجلس الاستشاري لهذه المدرسة أن يعتنوا بما في صالح المدرسة، وما يُعينُها في سيرها على المنهج الصائب، وحذارِ أن يصرُّوا على آرائهم واقتراحاتهم. فإذا بلغ الأمر أن يسوءهم الرأيُ المعارض لهم والموافق لمن خالفهم – لا قدر الله تعالى – فإن المدرسة تتزعزع أركانها، ويَنْهَدُّ بنيانُها. فليشيروا من صميم قلوبهم حين الحاجة إلى المشورة بما في صالح المدرسة، مع مراعاة سوابقها والتبصر بعواقبها، دون التشدق والتفيهق. ولذلك فيجب على أعضاء الشورى ألا يُحجِموا عن إبداء رأيهم لسبب من الأسباب، وعلى الحضور أن يستمعوا له بنوايا صالحةٍ، أي رغبةً في قبول رأي غيره – إذا ظهر له وجهٌ سديدٌ – من أعماق القلب وإن خالف رأيه. ولذا يجب على المدير أن يأخذ نفسَه بالاستشارة مع أعضاء الشورى فيما يستدعي المشورة، سواء كان من أعضائه الثابتين، أو من أهل العلم الواردين والزائرين لهذه المدرسة الناصحين للمدارس الإسلامية. وكذلك يجب ألا يجد من لم يَستشِرهُ المديرُ في أمر من الأمور – حزازةً في نفسه إذا كان قد استشار عدداً لابأس به من أعضاء المجلس الاستشاري، ولم يتمكن من استشارة الجميع. نعم، إذا لم يستشر المديرُ واحداً منهم، فإن لأعضاء الشورى الحق في الطعن عليه.

       4 – ولابد من التوافق والانسجام بين المدرسين والأساتذة مشرباً ومسلكاً،دون أن يكونوا معجبين بأنفسهم و متصدين لأذى غيرهم كما هو دأب علماء العصر. فإذا بلغ الأمر – لا قدر الله تعالى – ذلك، فإنه لاخيرَ في هذه المدرسة.

       5 – يجب إتمام المقررات الدراسية حسب النظام الموافق عليه سابقاً أوحسبما يتفقون عليه بالتشاور فيما بينهم لاحقاً، وإلا فإن هذه المدرسة لن تعمر كثيراً، هذا أولاً، وثانياً أنه لاتؤتي ثمارها إذا ما عَمِرَت وبقيت.

       6 – وهذه المدرسة – بإذن الله تعالى – ستبقى ماضيةً في نشاطاتها مالم تعتمد على موردٍ مالي ثابتٍ قائمٍ إذا أقبل أهلها على الله تعالى وأنابوا إليه وتوكلوا عليه. فإذا تمَّ لها موردٌ مالي ثابتٌ من عقارٍ أو مصنعٍ أو أعمالٍ تجاريةٍ أوعهدٍ و وعدٍ من أميرٍ من الأمراء صادقِ الوعد محكمِ القول، فإن هذا الخوف والرجاء – مما يعتبر دافعاً إلى الإنابة إلى الله تعالى – سيتلاشى فيما يبدو، و يتوقف العون والمدد من الغيب، ويؤدي ذلك إلى الشقاق والنزاع بين القائمين عليها. والحاصل أنه لابد أن يستمر شيء من العوز والإفلاس البادي في الموارد المالية والأبنية وغيرها.

       7 – يبدو أن تدخل الحكومة والأمراء في شؤونها يَضرُّها كثيراً.

       8 – يبدو أن تبرعات الذين لايريدون من وراء تقديمها إلى المدرسة سمعةً – أجلب للخير والبركة إليها ما استطاعوا إليه سبيلاً. والحاصل أن حسن نوايا المتبرعين لصالحها له دورٌ أكبر في إضفاء الدوام والإحكام على المدرسة.

       فهذه المبادئ الثمانية قد شرحها الشيخ المقرئ محمد طيب – رحمه الله – شرحاً وافياً ضافياً في كتيب مفرد نشر باسم «آزادى ہند كا خاموش رہنما» (الدليل الصامت لتحرير الهند).

       فالبنود: الأول والثاني والسادس والسابع والثامن تنص على اعتبار التبرعات الشعبية بديلاً عن الوقفيات، كما تؤكد – أشد التأكيد – على ضرورة الحذرِ من الموارد المالية الثابتة، وإلافسوف يلاشي ويُفلت التراث المتمثل في الرجوع والإنابة إلى الله تعالى من أيديهم(13).

*  *  *

الهوامش:

(1)        راجع: شاه ولی الله كی سياسی تحريك (حركة الشاه ولي الله السياسية) للشيخ عبيدالله السندهي  ص82.

(2)        راجع: مقدمة مفتاح كنوز السنة لسيد رشيد رضا ص «ق»، ط: مصر عام 1353هـ/1924م .

(3)        الشيخ منصوربن الشيخ عبد الله الأنصاري (ت1365هـ/ 1945م): تلقى دراسته الأولى في مدرسة «غلاوتهي» بمديرية «بلند شهر»، ثم التحق بالجامعة الإسلامية دار العلوم/ديوبند، وتخرج فيها عام 1321هـ؛ من أجلِّ أصحاب شيخ الهند محمود حسن الديوبندي رحمه الله تعالى، استدعاه شيخ الهند لمساعدته في نقل معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأردية؛ شارك في حركة شيخ الهند وكان محل ثقته، نهض بأعباء الحركة بأمانة وسرية للغاية، ورافقه في رحلته الأخيرة للحج. وصدر أمر الضبط والإحضار ضده، فاختفى وتنقل بين «ياغستان» و«كابل». وهاجر من كابل إلى ياغستان في نهاية عهد الأمير الأفغاني حبيب الله خان، ثم عاد إليها في عهد الأمير أمان الله خان، وتولى المناصب السياسية المرموقة كما شغل منصب المستشار السياسي للبعثة إلى «ماسكو». (راجع: «نقش حيات» لشيخ الإسلام حسين أحمد المدني 2/239وما بعدها، ط: مكتبة شيخ الإسلام، ديوبند، الهند؛ ومشاهيرعلماء دارالعلوم للشيخ ظفيرالدين ص 63؛ وشيخ الهند حياته وخدماته للأستاذ أسير الأدوري ص 181، ط: أكاديمية شيخ الهند، دار العلوم/ديوبند ) .

(4)        كتاب الشيخ منصورالأنصاري المهاجر الأفغاني إلى الشيخ  المقرئ محمد طيب – رئيس الجامعة الإسلامية دراالعلوم/ديوبند، [سابقاً]  بتاريخ 11/صفر عام 1353هـ ، رقم الملف الإداري 44، رحلة إلى «كابل».

(5)        مسجد «تشته»: يقع في الجانب الغربي من المدينة، وفي الناحية الجنوبية الشرقية من الجامعة الإسلامية: دارالعلوم/ديوبند. وهذا المسجد نموذج خلاب لما كان يكون عليه البناء الإسلامي الهندي في أول أمره، بالغٌ منتهى السذاجة والبساطة. وهو عبارة عن بناء مكون من الآجر الصغير دون  الجص والشيد. وظل هذا المسجد مسكناً لمعظم مشائخ وعباد الله الصالحين في مدينة «ديوبند»، ومصدراً لبركاتهم وخيراتهم الإصلاحية. وثمة شجرة  رمانٍ صغيرةٍ تاريخيةٍ قائمةٌ ليومنا هذا في الناحية الشرقية الجنوبية للمسجد، بدأت الجامعة نشاطها في ظل هذه الشجرة. وقد حلَّ بناء جديد محل الغرف القديمة التي كانت في شمالها وجنوبها، إلا أن المسجد ما زال على طرازه العتيق.

            قال المترجم: وأزيلت شجرة الرمان هذه في السنوات الأخيرة، وأدخلت تعديلات رائعة في المسجد وما حوله من الغرفات، مع الإبقاء على طرازه القديم .

(6)        وهذا الحي بالجانب الشرقي من مسجد «تشته»، وقد أصبح معظم أجزائه – في يومنا هذا – جزءاً من توسعة الجامعة، حيث أقيم مضيف الجامعة والوحدات السكنية للمدرسين.

(7)        راجع: سوانح قاسمي 2/231- 232.

(8)        هوالحاج سيد فضل حق الديوبندي: من أشراف «ديوبند»، بايع الشيخ محمد قاسم النانوتوي، واختير عضواً للمجلس الاستشاري لجامعة دارالعلوم/ديوبند من أول يومها، عمل مشرفاً على الشؤون الإدارية في عهد إدارة الحاج محمد عابد، واختير مديراً لها عام 1310هـ/1892م في أعقاب وفاة الحاج محمد عابد، و استمر على هذا المنصب سنة ثم استقال منه. وعمل كتيباً في ترجمة الشيخ النانوتوي لم يُنشر، يشير إليه الباحث الإسلامي مناظر أحسن الكيلاني في كتابه «سوانح قاسمي» ويسميه «سوانح مخطوط»، ويكثر من النقل منه. وكان الحاج فضل حق يتمتع بالكفاء الإدارية بجانب قدرته الكبيرة على الكتابة. واشتغل في مصلحة التعليم في «سهارن فور» قبل أن يصل حبله بحبال الجامعة. راجع: تاريخ ديوبند للرضوي ص 483 وما بعدها.

(9)        الشيخ مهتاب علي (ت 1293هـ/1876م): أكبر أشقاء ذي الفقار علي – رحمه الله – ومن أبرز مشائخ وأساتذة مدينة «ديوبند» في القرن التاسع عشر الهجري ،  كان يقوم بتدريس العربية في مدرسةٍ أقيمت في بيت الشيخ كرامت علي – أحد أمراء «ديوبند». وفي هذه المدرسة نفسها بدأ الشيخ محمد قاسم النانوتوي دراسته العربية. وكان أول من تبرع لصالح إقامة دارالعلوم /ديوبند، هو الحاج محمد عابد. وأعقبه الشيخ مهتاب علي هذا. اختير عضواً لمجلس الشورى للجامعة بعد أن أقيم بنيانها. وكان يُنتدَب ممتحناً في الاختبارات السنوية في الجامعة. (تاريخ ديوبند ص 231- 232، ط: الثانية).

(10)      الشيخ سيد ذوالفقار علي الديوبندي كان يتولى منصب المفوض المساعد الإضافي (EXTRA ASSISTANT COMMISSIONER)،  وتقوم – اليوم – مدرسة ثانوية عالية بنشاطاتها في جزء من قصره الرائع. ونجله البارع المولوي ممتازعلي أحدُ العلماء المشهورين، كان يقيم في «لاهور»، ويصدرمجلة نسائية شهرية سماها «تہذيب نسواں» (أي الثقافة النسائية). وللشيخ ممتاز علي كتب عديدة من أبرزها: «البيان في مقاصد القرآن»، يبوب مضامين ومحتويات القرآن الكريم، ويقع في أربعة مجلدات. ونجله السيد امتيازعلي تاج – أحد أدباء الأردية المشهورين. (تاريخ ديوبند ص 332- 333).

(11)      راجع: سوانح مخطوط نقلاً عن سوانح قاسمي للباحث الإسلامي مناظر أحسن الكيلاني المجلد الثاني. و«سوانح مخطوط» من عمل الحاج فضل حق رحمه الله تعالى. وكان ممن بايع الشيخ محمد قاسم النانوتوي. وكثيراً ما يشيرالكيلاني في كتابه «سوانح قاسمي» إلى كتاب «سوانح مخطوط» للحاج فضل حق. وللأسف ضاعت الأوراق من أوائل هذا الكتاب ونهايته. والمتبقي منه يوحي إلى أنه كان كتاباً جامعاً على مستوى كتب التراجم.(سيد محبوب الرضوي)

(12)      مولانا محمد على جوهر (1294- 1349هـ/18781931م): صحفي شاعر هندي، من بين الشخصيات الرائدة في حركة الخلافة التي قامت لمساعدة الخليفة العثماني في آخر أيامه، وقد بذل مسلمو الهند كل ما بوسعهم وهاجروا وتطوعوا وقدموا أموالهم لمساعدة الخلافة قبل أن تنهار. ولد في ولاية «رامبور» عام 1878م لعائلة يرجع نسبها إلى «يوسفزاي بوشتون». و رغم موت أبيه المبكر إلا أن العائلة ظلت باقية. ودرس محمد علي في بعض الجامعات خارج الهند. وبعد عودته إلى الهند عمل مديراً  للتعليم في ولاية «رامبور» ثم التحق بالخدمة المدنية في «بارودا». كان له براعة في الخطابة والكتابة، فبدأ يكتب للصحف الرئيسية سواء كانت إنجليزية أوهندية، باللغة الإنجليزية والأردية. وأنشأ بنفسه صحيفةً أسبوعية تصدرباللغة الأردية والإنجليزية عام 1911م. وعمل بجدٍ من أجل أن يوسع الكليَّة الإنجليزية الشرقية المحمّدية، وأصبح واحداً من المؤسسين المساعدين في جامعة الملية الإسلامية في عام 1920م . وحضرمحمد علي مؤتمر الطاولة المستديرة لكى يظهر أن الاتحاد الإسلامي فقط هومن ينطق بلسان مسلمي الهند. كما يعرف بقيادته ضمن حركة عدم التعاون (1919-1922م) وقيادته في التعيلم الإسلامي. مات ودفن في القدس بناء على وصيته.. راجع: http://en. wikipedia.org/wiki/Main_Page

(13)      وللاستزادة من تفاصيل بناء الجامعة راجع كتاب«بانی دارالعلوم/ ديوبند» (مؤسس جامعة دارالعلوم/ديوبند) للشيخ المقرئ محمد طيب، رئيس الجامعة سابقاً.

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، رمضان – شوال 1434 هـ = يوليو – سبتمبر 2013م ، العدد : 9-10 ، السنة : 37


(*)      الأستاذ بالجامعة   Email: almubarakpuri@gmail.com

Related Posts