كلمة العدد
يوم الأحد: 11/مارس 2012م = 17/ربيع الثاني 1433هـ عاد من سوريا المنكوبة مندوب الأمم المتحدة إليها السيد «كوفي عنان» – الأمين العام للأمم المتحدة سابقاً – عاد منها خائباً دون أن يُحَقِّق مكسباً بشأن إيقاف إراقة دماء الشعب السوري البريء التي تريقها ليلَ نهارَ جيوشُ بشار الأسد البعثي الشيعي العلوي النصيري وشبيحته – الذين يقولون بألوهيّة عليّ رضي الله عنه – فضلاً عن أن ينجح في إيجاد آليّة ناجعة لحلّ الأزمة كاملاً. كان «عنان» و«ناصر القدوة» وصلا سوريا يوم السبت 10/مارس = 16/ربيع الثاني، وبقيا يحادثان الأسد بشأن الأزمة يوماً كاملاً دون أن يتوصّلا إلى حصيلة لزيارتهما، وخلال بقائهما في سوريا أباد الأسد من شعبه أكثر من 77 نسمة من بينهم أطفال ونساء، وكَرَّسَ عمليته الإباديّة خصيصاً في مدينة «حمص» التي تعد مقرًّا ومنطلقاً للثورة وحركة التحرير التي شنّها الشعب ضدّ هذا السفّاح.
وقال «كوفي عنان» يومَ مغادرته دمشق: يوم الأحد: إنّه وضع بين يدي الأسد مقترحات صارمة لو عَمِلَ بها لأتت بنتائج إيجابية بشأن حلّ الموقف المتأزم في سوريا، ستعين على وجود مزيد من الإمكانيّات نحو تقدم العمليّة السياسيّة هناك. وقال: إن محادثاتنا تناولت موضوعات الإنهاء العاجل للعنف والإبادة الجماعية، وإعادة العمليّات الإغاثية في المناطق المنكوبة بالحروب والاشتباكات، وتوصيل الموادّ الإغاثية بشكل سريع إلى المتضررين، ومواصلة المحادثات من أجل حلّ الأزمة، وما إلى ذلك من الموضوعات اللصيقة بالموضوع الأساسيّ. وقال: إنا طالبنا الأسدَ الإجابةَ الحقيقيَّةَ في صورة التطبيق العمليّ لما جاء في مقترحاتنا بما فيها تأمين إعادة الحقوق الإنسانية والحريّة المدنيّة. وعندما سئل كوفي عنان عن أمله في الردّ الإيجابيّ من قبل الأسد، قال: إن مُهِمَّتِي مُحْرِجَــة للغايــة؛ ولكِنّي مُتَفائِل، وإن كنت لا أعقد آمالاً كبيرة شافيةً؛ ولكني متفائل إلى حدّما.
إنّ التصريح الصحفي الذي أدلى به «كوفي عنان» لدى مغادرته دمشق يشفّ جليًّا عن تشاؤمه الكبير بنجاح أي مهمّة مُحَادَثِيّة دبلوماسيّة أمميّة مع الرجل السفّاح الذي صمَّم على إبادةِ كلِّ شعبه وتشريدِه من بلاده من أجل بقائه في حكمه وسلطته؛ لأنّه خلال محادثاته مع «عنان» أيضاً صَرَّح دونما لبس بأنّ المتحركين من أجل الحريّة والعدل والحقوق الإنسانية، كلهم إرهابيون، وماداموا نُشَطَاءَ في بلادنا ومُتَصَدِّين لنا بالأسلحة والعتاد، لن تنفع أيةُ محادثات دبلوماسيّة.
وكلُّ ما أعلنه الأسد تجاه مقترحات «عنان» هو أنه أعلن أنه سيُجْري الانتخابات العامّة في سوريا في 7/مايو القادم، في ضوء التعديلات التي أدخلها على الدستور لصالح تكريس حكومته والحصول على مزيد من الصلاحيّات الرئاسيّة، التي تعينه على ممارسة مزيد من الدكتاتوريّة والوحشيّة مع شعبه في قابل الأيام.
إنّ منظمة حقوق الإنسان العالمية «منظمة العفو الدوليّة» أكدت في تصريحاتها الأخيرةِ أن المذبحة الأخيرة التي نَفَّذَها الأسدُ على أهالي سوريا كانت أشدَّ ضراوةً من كلّ التي سبقتها، حيث داهمت الجنود الحكوميّة بيوتَ الأهالي وأطلقت عليهم الرصاصَ عن كثب، وكان بين القتلى 45 طفلاً وسيِّدة، وعددٌ منهم أُحْرِقوا بعد القتل بالرصاص بصبّ الزيت عليهم، وعددٌ من الأطفال قُتِلُوا ثم أُطْلِق عليهم الرصاصُ إمعاناً في التشفّي والانتقام.
كما اتهمت المنظمات الإنسانية الأخرى أن الأسد لَغَّمَ الحدودَ السوريّةَ مع كل من لبنان وتركيا، حتى لايهرب إليهما المواطنون الذين دُمِّرَتْ بيوتهم ولم يعد لهم ملجأٌ في وطنهم سوريا. إن الأسد السفّاح يرتكب مع شعبه أشنع الجرائم الحربيّة جهارًا ونهارًا، يبدو أمامها العربُ كلُّهم مكتوفي الأيدي عاجزين عن أتخاذ أبسط إجراء رادع يمنعه من تقتيل شعبه وإبادتهم الجماعيّة، الأمر الذي يشاهد العالم كلُّه بعضَ هذه المظاهر الدموية فيبكي منه كلُّ إنسان حيّ الضمير دماءً لادموعاً. إن الأسد اليوم يصنع مع الإنسان السوري ما صنع ويصنعه الصهاينة مع الإنسان الفلسطيني. والعالم العربي كله والعالم الإسلامي جميعه يبدوان مُتَفَرِّجَيْن تجاه هذا الموقف الدَّامي، اللهم إلاّ بعض المواقف النبيلة التي وقفتها تجاه المجازر الوحشية الأسدية ضدّ الشعب السوري بعضُ البلاد العربية، كالمملكة العربيّة السعودية، ودولة قطر اللتين أبدتا موقفاً صارماً متمثلاً في استنكار ما يصنعه الأسد إلى جانب تحريض المجتمع الدولي وعقد مؤتمرات للدول الصديقة لسوريا، لاتخاذ خطوات سريعة فعّاله لحقن دماء الشعب السوري وصيانة أرواحه وممتلكاته وإعادة حقوقه وحريته نحو العيش الكريم في بلاده. كما أبدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية انزعاجه الشديد تجاه الأمم المتحدة التي لم تصنع لحد كتابة هذه السطور يوم الخميس: 15/مارس 2012م (21/ربيع الثاني 1433هـ) شيئاً يذكر، رغم أنَّ عددًا من المصادر الموثوق بها أَكَّدَتْ أن قتلى الثورة الشعبية في سوريا بأيدي جنود الأسد وشبيحية، بلغ عددها 9 ألف على الأقل، وتشرّد عن بيوتهم على الأقل نحو (230000) مواطن، بينما صَرَّح مُنَسِّق الأمم المتحدة للإغاثة واللاجئين أن العدد يفوق ذلك بكثير. ولاشك أن هذه الأرقام والإحصائيات مبنية على المعلومات التي توصّلت إليها المنظمات الإغاثية، والحقُّ أنّ التوصّل إلى المعلومات الصحيحة في مثل الظروف الحرجة المتأزمة التي يمرّ بها الشعب السوريّ صعبٌ جدًّا.
إن ما يذوقه الشعبُ السوريُّ من الويلات التي لايعلم شدَّتَها إلاّ الله وحدَه، يرجع فيه الذنب الأكبر والجريمة الشنعى – إلى جانب «إيران» الشيعية التي تُمِدُّ بشار الأسد الشيعي النصيري العلوي بكل دعم ماديّ ومعنوي وعسكريّ انطلاقاً من عاطفتها المذهبية – إلى كلّ من روسيا والصين الشيوعيتين اللتين إنما تقفان وقوفاً صارخاً بجانب الأسد البعثي النصيري؛ لأنه هو الآخر شيوعيٌّ؛ حيث إن «حزب البعث العربي الإشتراكي» التي ينتمي إليه هو، هو الحزب الشيوعي الذي تَسَمَّى بهذا الاسم عندما أريد زرعُه في العالم العربي بيد «ميشل عفلق» المسيحي الذي عندما مات دَفَنَه أنصارُه المسلمون المنتمون إلى «حزب البعث» مسلماً، مشهرين بأنه كان قد «أسلم» قبل موته.
إن روسيا والصين لم تستخدما «الفيتو» في مجلس الأمن عند ما حاولت أمريكا الهجوم على أفغانستان وبعد ذلك على العراق، لأنهما لم تكونا على مستوى تحقيق مصالحهما؛ من ثم انتقد خادم الحرمين هاتين الدولتين المساهمتين مباشرةً في تقتيل الشعب السوري، حيث وقفت حاجزتين دون صدور قرار إدانة سوريا في مجلس الأمن، ووصف /حفظه الله موقهما بأنه مبادرةٌ غيرُ محمودة، وقال في كلمته أمام ضيوف مهرجان الجنادرية للثقافة والتراث: نحن في أيام مخيفة مخيفة، ومع الأسف الذي صار في الأمم المتحدة في اعتقادي مبادرة ليست محمودةً أبداً. وأضاف كنا نعتز بالأمم المتحدة التي تجمع ولا تُفَرِّق وتُنْصِف، وما كان يؤمل منها إلاّ كلُّ خير؛ لكن الحادثة التي حدثت لاتُبَشِّر بخير؛ لأن ثقة العالم كلِّه في الأمم المتحدة ما من شك أنّها اهتزت، وطالبت المملكة العربية السعودية بتقديم المتسببين بجرائم القتل والمجازر في سوريا ضد المدنيين إلى المحكمة الجنائية الدوليّة. وقد أفادت الأنباء أخيراً أن المملكة قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا يوم الأربعاء 14/مارس= 20/ربيع الثاني، واستدعت جميع مسؤوليها في السفارة والعاملين فيها من السعوديين إدانةً صارخةً منها للجرائم الوحشية التي يمارسها الأسد مع شعبه، و وقوفاً منها بجانب الشعب السوري المسحوق بالآليات الحكومية الحربيّة.
ومن جانبه قال وزير الخارجيّة السعودي سمو الأمير سعود الفيصل في بيان له نشرته وسائل الإعلام العربية والدوليّة: إن النظام السوري تَمَادَىٰ في قمع وقتل شعبه، والحاجةُ ماسّةٌ بنحو عاجل سريع جدًّا إلى تنفيذ الإصلاح السياسي ليعيد إلى سوريا الأمن والاستقرار. وطالب خلال اجتماع وزراء خارجية العرب حول سوريا، باتخاذ إجراءات حاسمة فورية وصارمة بعد فشل جميع الحلول لوقف المجزرة التي يتعرض لها الشعب السوري، داعياً إلى عدم تهاون مجلس الجامعة العربية، في ظلّ فشل مجلس الأمن، وفتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية وتقديم أشكال الدعم كافّة لها، وأكّد الأمير عدمَ رغبة العرب في التدخل العسكري أو أي انزلاق إلى الفوضى والخراب والدمار؛ لكن عدم التزام الحكومة السورية بالمبادرات يدعو إلى اتّخاذ إجراءات فوريّة وصارمة ضد النظام السوري من قبل مجلس الجامعة العربية. وقال: لايزال بيننا راغبون في إعطاء فرص أخرى للنظام السوري، وإن كان الأمر كذلك، فذلك عارٌ علينا نحن المسلمين والعرب، أن نقبل بإراقة الدماء للشعب السوري، وإن الدموع التي تذرف كل يوم للأطفال والشيوخ في سوريا لن تذهب سدى. وتساءل الأمير: إلى متى سيظل العالم متفرجاً على ما يجري في سوريا؟ ينبغي الاستجابة للظروف الإنسانية الصعبة التي يعيش الشعب السوري في ظلّها.
وفي جانب آخر قد صَرَّح الأمين العام للجامعة العربية «نبيل العربي» المصريّ الذي نشرت الصحف الهندية بيانه الصحفي يوم 14/مارس = 20/ربيع الثاني أن الجامعة العربية ليس لديها جيشُ ردع يستخدمه للسيطرة على ما يجري في سوريا من جرائم حكومية وحشية سافرة، كما أن الجامعة ليس يمكنها أن ترغم أيًّا من دول العالم لتوجيه جنودها إلى سوريا والقيام بعمليات عسكريّة، وكذلك هي لاتقدر على فرض حصارات من أي نوع، نعم لديها خيارُ مقاطعة، وقد استخدمته فعلاً، وقال في ردّ على سؤال وُجِّه إليه بشأن موقف روسيا في الأمم المتحدة من سوريا: إنه يأمل أن روسيا لن تستخدم حقَّ النقض في المستقبل ضدّ قرار يُطْرَح في مجلس الأمن في خصوص إيقاف إراقة الدماء في سوريا. وقال: إن المصيبة أن المعارضة في سوريا ليست متحدة، وقد حاولت الجامعةُ خلال الستة شهور الماضية جاهدةً أن تُوَحِّدَها، حتى تكسب المعركةَ التي تخوضها ضدَّ النظام في سوريا؛ ولكنها ما أفلحت في ذلك. والجامعةُ لن تشحن إلى المعارضة الأسلحةَ والمُعَدَّات، ولكنَّ دولةً من الدول الأعضاء لها الخيارُ والحريَّةُ في ذلك.
في ظلّ هذه المواقف والتصريحات التي أُسْلِفَت، يبدو أنّه ليس هناك خطّةٌ عربيّةٌ أو خطوةٌ دوليّة صارمة لإيقاف ما يجري على أرض سوريا من إراقة دماء الشعب، ودوس حرماتهم، وتشريدهم، وتعذيبهم في المعتقلات وفي أمكنة الإيقاف؛ حيث صرّحت منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان أن الحكومة السورية ترتكب جرائم حربية صريحة، وأنها تستحق أن تُحَاكَم في المحكمة الدوليّة، واتهمت أنها تمارس أشدَّ العنف ضدَّ المواطنين عن خطة مدروسة، ولا سيّما الذين يتم إيقافهم ولاتجري محاكمتهم وإدانتهم؛ فهم يُعَلَّقُون على الأعواد والجدران ويُضْرَبُون بمجامع الكف ومقابض البنادق، والمُعْتَقَلُون تجري معهم عمليّات العنف مع مجرد وصولهم إلى مراكز الإيقاف، فهم يُعَرَّضُون لصدمات كهربائية، ويُضْرَبُون بالأرجل والوكزات، وتُسَلَّط عليهم أضواءٌ شديدةٌ، وما إلى ذلك من أنواع التعذيب التي قد تعمى أبناؤها، ولا تطلع عليها المصادر الإعلاميّة. وذلك لاستخراج الاعتراف منهم بأنهم شاركوا في عمليات الثورة صادرين عن دواعي الإرهاب والتطروف والبغي ضدّ الحكومة.
وارتاح المسلمون في العالم جدّا إلى ما اطّلعوا عليه من خلال وسائل الإعلام العالمية يوم الجمعة: 17/مارس 2012م (23/ربيع الثاني 1433هـ لدى وضع اللمسة الأخيرة على هذا المقال) أن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي كلّها قد أعلنت إغلاق سفاراتها في دمشق استنكاراً للإبادة الجماعية الحكوميّة في سوريا لشعبها المطالب بالحقوق والحريّة؛ ولكن المقلق جدًّا أن بشار الأسد يستند الآن إلى إثارة الطائفية في سوريا بين الطوائف الشعبية، ويستخدم أنصاره العلويين النصيريين الذين يُؤَلِّهون عليًّا رضي الله عنه، لكي ينظموا مسيرات كبيرة احتجاجيّة موالية له، إيهاماً بأن عددًا وجيهاً من الشعب السوري لايزال يقف بجانبه ويحبه بل يفديه!.
تصريحات الزعماء العرب والقادة الدوليين كلُّها لاتشفّ عن أمل في أن النظام السوري البعثي النصيري الشيعي العلوي يرتدع عن غيّه، ويمتنع عن تقتيل الشعب، وممارسة الجرائم الوحشية المتصلة التي يرتكبها ضده، ولاسيّما لأن المجتمع الدولي الذي تقوده الصهيونيّةُ التي لاتقود الصليبيةَ اليوم فحسبُ، وإنما تقود إلى ذلك العالمَ كلَّه، لايرى المصلحةَ في القيام بالعمليّة العسكريّة ضدّ النظام البعثيّ في سوريا، وإلاّ فإنه متمثلاً في أمريكا قام بها – العملية العسكرية – ضدّ العراق رغم منع الأمم المتحدة منها، وضد أفغانستان رغم اختلاف كثير من أعضاء مجلس الأمن، وفعل فيهما الأفاعيل التي أفسدت ودمّرت كلاً من الإنسان والأرض ومقومات الحياة والجوّ والبنية التحتية وتركتهما – العراق وأفغانستان – لتظلاَّ خراباً يباباً لمدى طويل لايعلم نهايته إلاّ الله تعالى.
ولكن هذا المجتمع يرى المصلحة في أن لاتقوم بأيّ نوع من العملية العسكريّة ضدَّ النظام البعثي في سوريا؛ لأنه يعلم أنه مُمَدٌّ بشكل مكشوف من قبل إيران الدولة الشيعيّة التي أنتجت أو تكاد تنتج الأسلحة النووية، ففي حالة الهجوم الدولي على سوريا قد تقذف هي وحكومة سوريا بعض الصواريخ وبعضَ القنابل -ولو للتظاهر – إلى الدولة الصهيونية التي هي حبيبةُ جميع بلاد الغرب التي شاركت في زرعها في قلب العالم العربي: أرض فلسطين الإسلاميّة العربيّة.
كما أنه – المجتمع الدوليّ – يرى أنه يتورّط في الحرب ضدّ النظام السوري دونما ثروة بتروليّة في سوريا. ولنهبها أولاً وتحقيق أهداف متنوعة أخرى كثيرة ثانياً، كان قد هَجَمَ على العراق وعلى ليبيا كما هجم على أفغانستان لتحقيق مصالح استراتيجية وماديّة عديدة بعيدة المدى؛ ولكنه لايرى في الوقت الحاضر مصلحةً ما في الهجوم العسكري على سوريا، سوى تحقيق العدل والانتصار من النظام لصالح المظلومين الذين هم عربٌ فقط وليس فيهم صليبيون وصهاينة أو عددٌ وجيه من العملاء الذين يعملون لصالح الصليبيّة والصهيونيّة والغرب.
إننا – نحن المسلمين الغياري على ديننا وعقيدتنا – لا نحب أن يتدخل في أي من بلادنا الغربُ الصليبي الصهيوني. وكان من الأفضل الأصلح أن تكون لدى العرب قواتُ ردع عربيّة تردع أيَّ دولة عربية عن غيّها لدى الحاجة، أو تكون هناك دولةٌ عربيّةٌ قويّةٌ بالجيش والمُعَدَّات، وتكون إلى ذلك ذاتُ ثقل سياسيّ ومعنويّ تخافه الدول العربية كلّها؛ وتمتنع عن ارتكاب أي جريمة ضدّ شعبها، فتحكم بالعدل والسلم، وتُرْضِي الشعبَ كلَّه، وتمنح الحريّة وكامل الحقوق الإنسانيّة.
ولا نودّ أن يتدخل عسكريًّا أو اقتصاديًّا أو سياسيًّا أو ثقافيًّا في دولة من دولنا أيُّ دولة أجنبية غربية أو شرقية صهيونية أو صليبية أو وثنية أو ملحدة أو ليبراليّة، والأفضل أن نحكّ جلودنا بأظفارنا، ونحلّ قضايانا بأنفسنا، وأن نُرَتِّب بيوتَنا بأيدينا، وأن نعالج جروحَنا عن طريق «أطبائنا»؛ ولكن ماذا تفعل وليس لدينا شيءٌ مما ينبغي أن يكون من الاكتفاء الذاتي، والغيرة الإسلامية المطلوبة، والنخوة العربية المنشودة، والإباء القومي المقصود، والوعي التاريخي التراثي اللغوي الفكري الوطني السليم العامّ للحد المطلوب، الذي لايزال يجمعنا رغم تفرقنا، ويتيح لنا فرصةَ الجلوس على منصة واحدة رغم كوننا مَحْنِيِّي الضلوع على التحاسد والتباغض وتناقض الأفكار.
ولكني إنما تعرضتُ لهذا الخيار: خيار التدخل العسكري الأجنبي، لأن العرب قد عملوا به من ذي قبل في ليبيا، ورضي بعضٌ منهم به في العراق، ورضي كثير منهم به في أفغانستان لغرض أو مرض؛ ولكن الغرب الصليبي الصهيوني لايرى الآن مصلحةً ما في التدخل العسكري في سوريا ضدَّ نظامها البعثي النصيري الشيعي العلوي. فصبرًا يا أهل سوريا، إن الله يمهل ولا يهمل الظالمين، فهو ناصركم عما قريب. «وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ» (يوسف/21).
نور عالم خليل الأميني
(تحريراً في الساعة 5 من مساء الخميس: 21/ربيع الثاني 1433هـ الموافق 15/ مارس 2012م)
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، جمادى الأولى – جمادى الثانية 1433 هـ = أبريل – مايو 2012م ، العدد : 5 – 6 ، السنة : 36