والآن بدأ العناصر الشريرة يستهدف عبايات البنات المسلمات

محليات

بقلم :  فضيلة الشيخ أسرار الحق القاسمي

عضو البرلمان الهندي

تعريب:  م. ر. القاسمي

قد حملت إلينا الصحف مؤخرًا نبأً مقلقًا كان مفاده: أن منظمة “أكهل بهارتيه وديارتهي بريشاد” (A.B.V.P.) الجناح الطلابيّ للحزب الشعبي الهندوسي الهنديّ (B.J.P.) الحاكم الحاليّ بولاية “كرناتكا” قد رفضت أن تسمح للطالبات المسلمات اللاتي يتعلّمن في كلية معروفة بـ(Government Composite pre University College) الكائنة بإحدى قرى ولاية “كرناتكا” أن يدخلنها مرتدياتٍ الحجابَ. إن المسؤولين المسيحييّن قاموا بدايةً بفرض الحظر على ارتداء الحجاب داخلَ الغرف الدراسية على ضغط من منظمة “حماية الهندوس”، ثم قاموا بمنع الفتيات المسلمات المحتجبات من دخول محيط الكلية بحذافيره مضطرّين بضغط الهندوس المتطرفين.

       حسب ما قالت التقارير: إن أسلوب استهداف الفتيات المسلمات بشأن الحجاب من قبل العناصر المشاغبة الهندوسية يجعل الخبيرَ يتوصل بسهولةٍ إلى أن هذه الأفاعيل كلَّها قد أتت نابعةً من قبل المنظمات الهندوسيّة المتطرفة وبشكلٍ مبيَّتٍ مخطَّطٍ، وإن لم تنهض الحكومة لاتّخاذ خطوةٍ في أوانها ضدّ هذه العناصر الشريرة فلا يُستبعد أن تمتدّ هذه الخطوة العدائية ضدّ الحجاب وتشكِّل خطرًا، وعندئذ لايُستهدف الحجاب داخلَ الكليّات والمدارس الرسمية وشبه الرسمية فحسب؛ بل ربما قد يمكن أن يتمّ إرغامُ المحجَّبات على السّفور وخلع الحجاب حتى في الأزقّة والسّكك والشوارع والأمكنة العامة هي الأخرى، كما بَلَغَنا مثلُ ذلك من قبل الفتيات المسلمات في بعض المناطق من أن المحاربين للحجاب باتوايزعجونهن في غضون الطرق أيضًا.

       إن عداء المنظمات الهندوسية المتطرفة مع الإسلام والمسلمين وإن كان واضحًا كوضوح الشمس في رائعة النهار، وممتدّاً على أكثر من منتصف القرن الماضي؛ إلا أن هذه المنظمات قد عادت تحاول التلاعب بحرمات المسلمين ومشاعرهم الدينيّة واعتبارهم الاجتماعيّ على نطاق موسَّع إلى جانب النيل من أرواحهم وممتلكاتهم مما جعل المسلمين في بلادنا: الهند يزدادون شعورًا بعدم السلام. والسبب الرئيس من وراء شعور الأقليات عمومًا والمسلمين خصوصًا بعدم الأمن والسلام إنما يرجع إلى أن كلاًّ من الحكومات المركزية والإقليمية في البلاد لاتتخذ إجراءات رادعةً ضدّ العناصر المشاغبة؛ فلا تكاد تنال جزاءَ ما كسبت وتكسب أيديها من الجرائم. الأمر الذي جعلها باتت تتشجّع يومًا فيومًا. والولايات التي يمتلك الحزبُ الشعبي الهندوسي الهندي (B.J.P.) مقاليدَ الحكم فيها اليوم، إنما تبدو فيها هذه العناصر المتطرفة أكثر عدوانًا، وتتسابق في الهجوم على الأقليات؛ فهناك ولاية وهي “كرناتكا” التي تديرها حكومة (B.J.P.)، إن المشاغبين المتطرفين يفعلون فيها الأفاعيل على الأقليّات على مرأىً ومسمعٍ من الناس.

       وكان القرّاء على علم بأن العناصر المتطرفة قد سبق لها أن قامت بهجوماتٍ عنيفةٍ على المسيحيّين منذ شهور عديدة في الولاية نفسها مما أدّى بالمسيحييّن على مستوى الولاية بكاملها إلى الشعور بالخوف والذّعر وعدم الأمن. ذلك أن أفراد المنظمات المتطرفة يزعمون أن حكومة (B.J.P.) إنما هي حكومتهم هم، ويخالون أنفسهم طُلَقَاء بشأن ارتكاب أيّ نوع من الجرائم. الأمر الذي أسفر عن اتساع دائرة هجوماتهم العدوانية يومًا بعد يوم ضدّ الأقليات.

       وبما أن حكومة (B.J.P.) قد طال حكمها في ولاية “غوجرات” لم تزل تضاعف العناصر الهندوسية المتطرفة ممارساتٍ عدوانيةً ضدّ الأقليات – والمسلمين بصفة خاصة – . وحكومة “نريندرامودي” وقفت بجانب هذه العناصر عبر سنواتٍ منصرمةٍ على نطاق واسع لم يسبق له نظير. والحق أن المسلمين في ولاية “غوجرات” تكون قد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت في عهد حكومة (B.J.P.) ، وعادوا يعيشون تحت ظلّ الخوف والذّعر في أعقاب كارثة “غودرا” التي حصلت بالتأكيد نابعةً من مؤامرة تمّ نسجُها مسبقًّا من قبل الهندوس المشاغبين، كما أن المسلمين الذين تحوّلت صناعتهم خرابًا لم يعودوا إلى ما كانوا عليه بعدُ، ومن فَقَدَ صغارَه وكبارَه لم يتمّ العثور عليهم لحدّ اليوم ولم تُدْفع المكافأة الشرعيّة اللائقة عمّن قُتل؛ بل لم يتمّ السماح للذين قد سبق لهم أن نزحوا من أماكنهم ومنازلهم خلال الاضطرابات الطائفيّة وتجرّؤوا على إعمارها مجدّدًا بدخول حدود قراهم أيضًا فضلاً عن المنازل، وأثناء ذلك زُجَّ بالكثير من المسلمين في السجون عن طريق اتهامهم الوهميّ بالإرهاب، بينما قُتل عددٌ غير قابل للحصر منهم في الاشتباكات الوهميّة، على أن رجال الشرطة الذين قاموا بتقتيل الشباب المسلم واصفين إياهم بكونهم إرهابيّين، قد تواطأ معهم أيضًا في ممارسة القتل الضُباط ذووالمستوى الرفيع، كما أن العديد من التقارير تشير إلى أن حكومة “نريندرامودي” هي الأخرى قد عضّدتهم وشدّت أزرَهم، على أنه كانت هناك علاقة وطيدة بين الضبّاط ورجال الشرطة وبين كبار المسؤولين عن الحكومة. والواقع أن العناصر المتشدّدة لاتزال تنفث السموم ضدّ الأقليات في ولاية “غوجرات” لحدّ اليوم بناءً على ثقتهم بوقوف حكومة (B.J.P.) بجانبهم.

       ففي الأوضاع المتفاقمة من هذا النوع قد مسّت الحاجة إلى أن تقوم الحكومة المركزية بدورها باتّخاذ إجراءاتٍ رادعةٍ ضدّ الشرائح المتطرفة الشّريرة إلى جانب تأنيب الحكومات الإقليمية التي تلازم الصمت بشأن الاعتداءات التي تمارَس ضدّ الأقليات أو تقف بجانب العناصر الشريرة بشكل مباشر أو غير مباشر؛ ولكن المؤسف أن الحكومة المركزية هي الأخرى إنما تَلُوْذُ بالصمت – في معظم الأحوال – بشأن القضايا من هذا النوع. ولو كانت نشيطةً ولو لحدّ ما ضدّ العناصر المتطرفة لتمكنّت من فرض الحظر على أمثال: “أسرة سانغ” الهندوسية ومنظّمة المجلس الهندوسي العالمي (V.H.P.) و “بجرانغ دال” الهندوسية في وقت مبكّر جدًا. وذلك لأن أذيال هؤلاء مصطبغةٌ – كما يشهد بذلك التاريخُ في البلاد – بدماءِ الآلاف المؤلفة من الناس، على أنها قد أثارت من الاضطرابات الطائفية في البلاد ما لايُعدّ ولايُحصىٰ مما أدّى إلى وقوع الخسارة الفادحة في أرواح المسلمين وممتلكاتهم على أوسع نطاقٍ. ولم يعد الأمر يقتصر على هذا الحد؛ بل قد أكدت التقارير: أن “أسرة سانغ” وأفراخَها من المنظّمات المتشدّدة المتطرفة إنما تسعىٰ جاهدةً إلى قلب النظام الديمقراطيّ الحرّ في البلاد. ومن هنا تثير القلاقلَ والإرهابَ على مستوى البلاد بصورة بشعة في جانبٍ ولا تتورّع عن تعزيز الصداقة مع الإرهابيّ الرقم الواحد على المستوى العالمي: دولةِ إسرائيل في جانبٍ آخر.

       والحق أن الخروج على الحكومة بهذا الشكل العنيف قد كان ممّا يقضي بأن تقوم الحكومة بفرض الحظر على هذه المنظّمات من غير تفويتِ لحظةٍ من الوقت وأن تقوم بمؤاخذة الأفراد المنتمين إليها مؤاخذةً حاسمةً؛ لكنه لما يتمّ فرضُ الحظر وصدورُ الحكم عليها بأي صنف من العقاب رغم أنه ثبت ضلُوعُها في الاعتداءات والأعمال الإرهابيّة. وهناك سؤال يفرض نفسه: وهو أنه أليس إذا أغمضت الحكومة عينها مرّاتٍ وكرّات عن هذه العناصر المتطرفة الضالعة في ممارسة نشاطاتٍ معارضةٍ للبلاد فستتفاقم أنشطتها ضدّ الأقليات والبلاد في وقتٍ لاحقٍ بشكل سيفوق الوصفَ والتقدير؟.

       على الحكومات المركزية والإقليمية أن تضع في الاعتبار أن العناصر التي عادت تتبارىٰ في العمل ضدّ الأقليات اليوم، سوف لاتقتصر اعتداءاتُها غدًا على الأقليّات فحسب؛ وإنما تمتدّ سلسلةُ عدوانها إلى الذين قد يشكّلون أغلبيةً أيضًا؛ بل ربما قد يمكن أن تضطرّ الحكومة هي الأخرى لمواجهة صنوفٍ من الصعوبات والمشكلات. وليس مما يُستبعد أن الشرائح والعناصر المتطرفة التي تمارس الأعمال السلبيّة ستعود نشيطةً ضدّ البلاد في المستقبل كما بدأت القرائن تشير إلى ذلك.

       وينبغي أن يُوضَع في الاعتبار أنه إن لم يتمّ فرض الحظر اليوم على الذين قد استخدموا العنف ضدّ الحجاب في ولاية “كرناتكا” فلسوف لاتمتنع القوى المعادية للإسلام والمسلمين عن ممارسة الأفاعيل من هذا النوع في الولايات الأخرى للبلاد. ولا يغيبنّ عن البال أن المسلمين لن يحتملوا ذلك كائناً ما كان؛ لأن ذلك لايتعارض مع متطلّباتهم الدينيّة فحسب؛ وإنما يتمّ التلاعب بحرماتهم وأعراضهم؛ فلن يتحمّل المسلمون أن تحاول العناصر الشريرة العبثَ بحرماتِ نسائهم بشكلٍ علنيٍّ سافرٍ. ومن هنا فيتحتم على الحكومة الهندية أن تُدرك مايتطلّب الوقت الراهن، وتلاحِظ خطورة القضية، وتتخذ إجراءاتٍ قاسيةً ضدّ العناصر المتطرفة المعادية للحجاب؛ لأن ذلك كلَّه مما يدعو إليه الدستورُ الهنديّ والنظام الديمقراطيّ. (صحيفة “همارا سماج” الأردية اليومية الصادرة بدهلي الجديدة، العدد: 166، السنة:2)

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، رجب 1430 هـ = يوليو 2009 م ، العدد : 7 ، السنة : 33

Related Posts