الفكر الإسلامي

بقلم : الأستاذ هاشم عقيل عزوز

       إذا رأينا أمامنا .. شيئا ما؟ لابد لنا أن نتعرف على حقيقة مصدره وطبيعته ولقد رأينا في الفصل الأول من هذا الكتاب .. شبابًا من المسلمين جاؤوا إلى هذا البلد الآمن الحرام – في الشهر الحرام – محاولين التخريب فقتلوا وجرحوا ثم جرّتنا هذه الحادثة إلى أن نبحث في بطن التاريخ عن أمثالها ووقفنا على مشاعر غير المسلمين تجاه الإسلام وأهله فمن هم صنّاع هذه الأحداث اعتبارًا من بداية التاريخ الإسلامي حتى هذه الحادثة .

       سؤال لابد منه:

       لكي أجيب على هذا السؤال (من هم صنّاع هذه الأحداث)؟

       لابد أن نذهب إلى البداية ونبحث في جوفها عن الحقيقة أن هذا الكتاب ليس بحثاً في السياسة لكنها حين تفرضها الضرورة يصبح ختمًا امتداد الحديث إليها من غير أن أقصد. وهذا الكتاب ليس إعلامًا ولكن الضرورة جاءت به.

       ﴿وأمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾.

       وهذا الكتاب ليس تاريخًا – لكن التاريخ هو الشاهد على هذا البحث وكما قلت: إن هذا الكتاب مقدمة لبحث أقدّم به صورة الإسلام من خلال حقيقته لا من خلال أوضاع المسلمين لكن أوضاع المسلمين هي البوابة التي ندخل منها إلى صورة الإسلام من خلال حقيقته .

       كان من واجبي .. أن أجيب على أسئلة كثيرة تلح عليِّ في إبرازها:

       ماهو الإسلام؟

       ماهو الإيمان؟

       ماهي السماحة في الإسلام؟

       ماهو الإسلام كدين وسياسة ومعاملة؟

       لكن ذلك كله ليس موضع الإجابة عنه هنا.. لأني أعتقد أن الإجابة بدون أن أقدّم لها لا تأتي بالنتيجة المطلوبة من البحث .

       إن أعداء الإسلام جاؤوا بشبهاتٍ كثيرةٍ – أرادوا بها تغطية أسلوب السياسة والمعاملة في الإسلام وتشويه هذا الأسلوب جاؤوا بموضوع الرقّ في الإسلام ووضعوا عليه شبهات كثيرة أرادوا بها أن يظهروا الإسلام على أنه أقوال ليست للتطبيق فتنتفي حسب اعتقادهم قولة رسول الله صلى الله عليه وسلم :

       (لا فضلَ لعربيّ على أعجمي ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى).

       وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِيْ الْقُرْبـٰـى وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِيْنِ وَالْجَارِ ذِيْ الْقُرْبىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيْلِ وَمَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ﴾.

       ويدخلون عن طريق المرأة فيطعنون في واجبات الجنسين المفروضة في الإسلام والفرق في الإرث والقوامة المعطاة للرجل والطلاق الذي وضع في يده. ويتسللون عن طريق الحدود المفروضة في الشرع فيعيبون ويضعون الشبهات.

       كل هذه الشبهات وغيرها – تفرض وجود مقدمة حتمية للبحث.

       إن الخطوة الأولى في هذه المقدمة – تبدأ من أوضاع المسلمين منذ أن بدأت في التردي إلى الحجم الذي وصلت إليه اليوم.

       ومن المناسب أن أطرح سؤالاً يتطلب الإجابة عن الثغرة التي بدأ منها التردي في أوضاع المسلمين:

       من خلال قراءتنا للتاريخ نعرف أن أول ظهور دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام قوبل بإعلان الحرب عليه بالطعن فيه قولاً وبإشهار القوة عليه فعلاً .

       وعندما ظهرت قوة الإسلام في بدر وبدأ في الانتشار بدأت محاربة الإسلام تتجه إلى أسلوب الدس والمكر – بدؤوا يظهرون الإسلام ليكون ستارًا لهم في محاربتهم له.

       المنافقون الذين حدّثنا القرآن عنهم وعن مواقفهم من الإسلام كانوا هم البداية في زرع الشبهات حول الإسلام فلو وقفنا أمام قول الله سبحانه وتعالى:

       ﴿وَإِذْ يَقُوْلُ الْمُنَافِقُوْنَ وَالَّذِيْنَ فِيْ قُلُوْبِهِمْ مَرَضٌ مَاوَعَدَنَا اللهُ وَرَسُوْلُهُ إلاَّ غُرُوْرًا﴾.

       تبرز أمامنا على الفور قصة حفر الخندق وضرب الرسول صلى الله عليه وسلم الصخرة التي اعترضت سبيلهم ثلاث ضرباتٍ .

       أضاءت الضربة الأولى الحيرة وقصور كسرى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها).

       وأضاءت الضربة الثالثة قصور صنعاء فقال صلى الله عليه وسلم (إن أمتي ظاهرة عليها).

       قال المنافقون تعليقًا على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا تعجبون … يعدكم الباطل ويخبركم أنه ينظر من يثرب الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق ولا تستطيعون أن برزوا).

       ولو وقفنا أمام قول الله سبحانه وتعالى ﴿وَالَّذِيْنَ اِتَّخَذُوْا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَّكُفْرًا وَّتَفْرِيْقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِيْنَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُوْلَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إنْ إرَدْنَا إلاَّ الْحُسْنـٰـى وَاللهُ يَشْهَدُ إنَّهُمْ لَكَاذِبُوْنَ﴾ .

       تبرز أمامنا قصة مسجد الضرار الذي قام ببنائه وديعة بن ثابت وخزام بن خالد وثعلبة بن حاطب وجاريه بن عمرو وأبناء مجمع وزيد ومعتب بن قنتير وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف وأبو حبيبة بن الأزعر وبجاد بن عثمان.

       لقد بنى هؤلاء المسجد الذي سماه الله مسجد الضرار ليكون المكان الآمن لهم ليحاربوا منه الإسلام بالـــدس والكيد وإشعال الفتن ففضحهم الله وكشف أمرهم وكان ذلك في السنة السابعة للهجرة ثم إذا انتقلنا إلى الذين ادعوا النبوة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

       ففي السنة العاشرة للهجرة أرسل مسيلمة الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم مسيلمة الكذاب كتابًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه (أما بعد! فإني لقد اشتركت معك في الأمر وان لنا نصف الارض ولقريش نصفها ولكن قريشًا قوم يعتدون).

       وفي السنة الحادية عشر ظهر الأسود العنسي باليمن وادعى النبوة. إذاً من هنا نعرف أنه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بدأ أسلوب الحرب على الإسلام يأخذ أشكالاً متطورةً على غير الصورة الأولى.

       فلما توفى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثت الردّة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه – خرج من بين الناس من ادعى النبوة .

       منهم طليحة الأسدي الذي تبعه عوام طيء وأسد ومنهم سجاح بنت الحرب بن سويد بن عقفان التميمية وادعت النبوة وكانت راسخة في علم النصرانية ومنهم مسيلمة .

       ولو وقفنا قليلاً أمام سجاح ومسيلمة حين التقيا لوجدنا الباطل في ادعائهما مفضوحًا من غير قناع .

       قالت سجاح لمسيلمة ما أوحى إليك ربك؟ قال:

       (ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى أخرج منها نسمة تسعى بين صفاق وحثي). قالت له وماذا أيضًا قال إن الله خلق للنساء أفراجًا وجعل الرجال لهن أزواجًا فتولج فيهن إيلاجاً ثم تخرجها إذا تشاء إخراجًا فينتجن لنا سخالاً إنتاجًا).

       ولو وقفنا أمام طليحة وشريعته التي ادعاها أنه أمر بترك السجود في الصلاة وقال إن الله لا يصنع بتعفر وجوهكم وتقبح أدباركم شيئًا اذكروا الله واعبدوه قيامًا.

       لوجدنا أيضًا أن الباطل في دعوته مكشوف وظاهر ومع هذا كان له ولمسيلمة وسجاح أعوان وأتباع باعوا عقولهم للهوى والشيطان وقتل مسيلمة وانهزم طليحة ونزل بالشام على كليب وعاد إلى الإسلام حين بلغه أن أسدًا وقطفان قد أسلموا وخرج معتمرًا في خلافة أبي بكر فلما مرّ بجنبات المدينة قيل لأبي بكر هذا طليحة فقال ما أصنع به فقد اسلم، وفي خلافة عمر رضي الله عنه جاء ليبايعه فقال له عمر أنت قاتل عكاشة وثابت والله لا أحبك فقال يا أمير المؤمنين ما يهمك من رجلين أكرمهما الله بيدي ولم يهني بأيديهما فبايعه عمر.

       ولعلّنا بهذه الخطوة التي خطوناها في التاريخ تبين لنا:

       أولاً: أن الحرب على الإسلام والمسلمين كانت من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أقوى ماتكون لأنها كانت ملتصقة بالرسالة والوحي ثم استمرت قوتها على عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لأنها كانت قريبة الصلة بالرسالة والوحي وبدأ الإسلام في الانتشار ودخلت أمم شتى فيه..

       وكانت قبل أن تدخل إليه – لها معتقدات وأنظمة وسلوك واندس من بينهم نفر تظاهروا بالإسلام ليطعنوا بالفتنة في ظهور المسلمين هذا عبدالله بن سبأ كان يهوديًا ودخل إلى الإسلام زمن عثمان رضي الله عنه وتنقل في الحجاز والبصرة والكوفة والشام ثم استقر في مصر لم يدخل إلى الإسلام صادقًا .. ولكنه رأى أن يلبس ثياب الإسلام ويطلق سمومه – جمع حوله الجموع من ضعاف الضمائر وهيأهم للفتنة بأسلوب كسحاب نوءٍ ماؤه جحيم :

       (قال إنه كان لكل نبي وصي – وعلى وصي محمد فمن أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ووثب على وصيه – إن عثمان أخذها بغير حق فانهضوا في هذا الأمر وابدؤوا بالطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فتستميلوا الناس).

       لقد سبــق أن قلت أن هذا الكتاب ليس تاريخًا .. لكن ذلك لا يعفيني من أن أعرض جانبًا من صورة الوضع السياسي زمن عثمان رضي الله عنه .

       كان نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيبون على عثمان توليته الحكم لبعض أقاربه – وإغداقه المال على بعض آخر من اقاربه ولعل هذا الحوار بين عثمان وعلي رضي الله عنهما يوضح صورة الموقف (قال عثمان: أنشدك الله يا علي هل تعلم أن المغيرة بن شعبة ليس هناك – قال نعم – قال: فتعلم أن عمر ولاه؟ قال: نعم! قال فلم تلومني إن وليت ابن عامر في رحمه وقرابته؟.

       قال علي إن عمر كان يطأ على ضماخ من ولي أن بلغه عنه حرف جلبه ثم بلغ به أقصى العقوبة. وأنت لا تفعل. ضعفت ورفقت على أقربائك قال عثمان وهم أقرباؤك أيضًا قال أجل رحمهم مني لقريبة ولكن الفضل في غيرهم قال عثمان: هل تعلم أن عمر ولى معاوية فقد وليته فقال علي أنشدك الله هل تعلم أن معاوية كان أخوف لعمر من يرفأ غلام عمر له قال: نعم! قال علي فإن معاوية يقتطع الأمور دونك ويقول للناس هذا أمر عثمان وأنت تعلم ذلك فلا تغير عليه).

       وفي مجال العطايا التي كان يغدقها عثمان على قرابته كان يقول : (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي قرابته وأنا في رهط أهل عيلة وقلة معاش فبسطت يدي في شيء من ذلك المال لما أقوم به فيه فإن رأيتم ذلك خطأً فردوه فأمري لأمركم تبع فقال علي وطلحة والزبير قد أصبت وأحسنت قد أعطيت عبد الله بن خالد بن أسيد خمسين ألفاً وأعطيت مروان خمسة عشر ألفاً فأخذ عثمان منهما ذلك العطاء فرضوا وخرجوا راضيين).

       كان الجو من حول عثمان رضي الله عنه في جميع الأمصار ملبدًا بغيوم تنذر بالثورة عليه خرج المصريون وخرج الكوفيون وخرج البصريون.

       كانت الصورة التي هيئتها المكيدة على النحو التالي :

       تظاهر أهل البصرة الخارجون على عثمان بأن هواهم طلحة .

       وتظاهر الخارجون من أهل الكوفة بأن هواهم في الزبير وكان الخارجون من مصر يتظاهرون بأن هواهم في علي .

       كان كل ذلك له هدف واحد هو أن الخارجين على عثمان يريدون إلصاق التهم بالصحابة لتسيل دماء المسلمين فيما بينهم فتثلم قوة الإيمان وشوكته وتضعف.

       بعد أن دخل الخارجون إلى المدينة بعدتهم وعتادهم كانت الصورة على النحو التالي:

       (خرج عثمان يوم الجمعة فصلى بالناس ثم قام على المنبر فقال يا هؤلاء الله! الله! فوالله! إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعنون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فامحو الخطأ بالصواب فقام محمد بن مسلمة فقال أنا أشهد فأقعده حكم بن جبلة وقام زيد بن ثابت فأقعده محمد بن أبي قثيره وثار القوم بأجمعهم فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد وحصبوا عثمان حتى صرع عن المنبر مغشيًّا عليه فأدخل داره – واشتغل نفر من أهل المدينة مع عثمان منهم سعد بن ابي وقاص والحسين بن على وزيد بن ثابت وأبو هريرة فأرسل إليهم عثمان ليعزم عليهم بالانصراف فانصرفوا وأقبل علي وطلحة والزبير فدخلوا على عثمان يعودونه على صرعته ويشكون إليه مايجدون.

       كان عند عثمان رضي الله عنه نفر من بني أمية فيهم مروان بن الحكم فقالوا لعلي رضي الله عنه (أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع والله لئن بلغت الذي تريد لتمرن عليك الدنيا).

       فمن خلال ما قاله من كان عند عثمان رضي الله عنه من بني أمية لعلي رضي الله عنه ومن خلال سلوكهم في الفتنة نجد أن عثمان كلما طلب من علي أن يدفع عنه الذين خرجوا عليه يطلب منه على أن يغير سياسة حكمه فيعد عثمان بالتغيير فيأتيه مروان بن الحكم ونفر من بين أمية يجعلونه يعدل عن التغيير فتعود الفتنة وهكذا استمر الأمر حتى قُتل رضي الله عنه.

       وحين نقرأ من تاريخ قصة مقتل عثمان نجد أن إلصاق دم عثمان بعلي كان أمر دبر بليل – فهذا علي رضي الله عنه يقول قبل مقتل عثمان (أي عباد الله يا للمسلمين أني إن قعدت في بيتي قال لي تركتني وقرابتي وحقي وإني إن تكلمت فجاء مايريد يلعب به مروان فصار سيقةً له يسوقه حيث يشاء بعد كبر السن وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم).

       بل أن عليًا رضي الله عنه جاء بالماء إلى عثمان حين علم بأن المحاصرين له منعوا عنه الماء وجاءت أم حبيبة رضي الله عنها بالماء أيضًا.

       قال علي للذين حاصروا عثمان يا أيها الناس إن الذي تفعلونه لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين فلا تقطعوا عن هذا الرجل الماء ولا المادة فإن الروم وفارس تأسر فتطعم وتسقي فقالوا: لا والله! ولا نعمة عين .

       أما أم حبيبة فضربوا وجه بغلتها بالسيف وكادت تسقط عنها.

       إذاً فعلي رضي الله عنه حاول قدر استطاعته أن يحمل عثمان رضي الله عنه على تغيير سياسة الحكم فكان يعد ثم لا ينفذ فلما دخله اليأس اعتزل وترك عثمان وشأنه فلما قتل عثمان رضي الله عنه قال علي أكلت يوم أكل الثور الأبيض .

       وبعد قتل عثمان مرت شائعة أن لعلي وأبنائه صلة بمقتل عثمان فصدق أناس وكذب أناس.

       المصدقون بإلصاق دم عثمان في علي وجدوا أن أمامهم محـــاربــة علي ولعنه لأنه قتل أمام المسلمين . والمكذبون وجدوا أن عليا أصلح للبيعة والخلافة فبايعوه .

       إنني هنا لست أسرد التاريخ .. للتاريخ .. وإنما أتيت به لما بعده قامت من افتراق الناس إلى فئتي حرب وسالت دماء وجد فيها المعادون للإسلام فرصتهم .

       نسجو من اقتتال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قصصًا جعلت منهم من يحكم بالكفر على المقتتلين وارخوا ما استطاعوا من التعتيم على السبب في هذا الاقتتال فالذين قاتلوا علياً كانوا يعتبرونه خارجًا على خليفة المسلمين وقاتل الخليفة ملعون .

       والذين قاتلوا مع علي كانوا يرون براءة علي من دم عثمان وأنه الخليفة الذي خلف الخليفة المقتول وأن جمع المسلمين على خليفة واجب وأن من قاتل الخليفة يقاتل فكانوا يلعنون معاوية لأن من قاتل الخليفة ملعون .

       وحين وصل الحكم لبني أمية وقامت الدولة الأموية كان علي في نظر ولاتها يستحق اللعنة لأنه متّهم بدم عثمان الخليفة وظل اللعن على منابر بني أمية حتى عهد عمر بن عبد العزيز فألغاه .

       إذاً فاغتيال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومقتل عثمان واغتيال علي رضي الله عنهم أجمعين كان هدفها صياغة قالب جديد لمناهضة الإسلام بعد أن سقطت خطة الادعاء بالنبوة والرسالة .

*  *  *

 —————————–

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . محـرم – صفـر 1429هـ = ينايـر- فـبراير  2008م ، العـدد : 1-2  ، السنـة : 32.

Related Posts