محليات

إعداد : الأخ محمد أجمل القاسمي

طالب بقسم الإفتاء بالجامعة

       (نقلاً إلى العربية عن جريدة «نئي دنيا» الأردية الأسبوعية الصادرة بدهلي الجديدة ، السنة 35، العدد 51: 11-17/ يونيو 2007م)

       هل هناك أيدٍ يهودية تعمل من وراء الانفجارات التي تحصل في الهند بين آونة وأخرى ؟ فنظرًا إلى الشواهد الواقعية يأتي الجواب عن هذا السؤال الخطير بـ«نعم»؛ والنتجية التي توصّلت إليها لجنةُ التحقيق لجريدة «نئي دنيا» الأردية الأسبوعية تكشف أن «موساد» المنظمة الإسرائيلية السرّية السيئة الصيت تنسج مؤامرات لإثارة الصدام الكبير بين الهندوس والمسلمين ، وإنها قد تسلّلت إلى عدد من المنظّمات الإسلامية الهندية ، كما ازداد نفوذُها في المنظمات السرية الهندوسية هي الأخرى .

       إن تصح هذه الأنباء فالموقف يشكل خطرًا كبيرًا بالنسبة لكل من سلامة البلاد وسيادتها . ولصيانة الوطن الحبيب لن نتحمل هذا الوضع في صمت ، نحن لاننظر إلى النفوذ المتزايد لموساد الإسرائيلية في الهند ومنظماتها السرّية نظرة المسلم أو الهندوسيّ ؛ ولكن الواقع أن المنظمة الإسرائيلية هذه تحاول تغيير اتجاه الهند من خلال تحريش الهندوس على المسلمين .

       وإثر حصول الانفجارات في مسجد بمدينة «حيدر آباد» معروف بـ «مكه مسجد» أشار بعض المراقبين شيئًا فشيئًا إلى أن منظمة سرية أجنبية تعمل من وراء الانفجارات ، وأكّد آخرون أنها غير المنظمات الجهادية الإرهابية العادية التي ظلت ألسنةُ العامة والخاصة تُردِّد أسماءَها . ومن خلال إجراء النظر في هذه النزعة الخطِرة والبحث في كل ما يتصل بها حاولت جريدة «نئي دنيا» التوصل إلى أنه أيُّ منظمة هذه التي بسطت نفوذها على الهند بحيث تذهب أرواح الأبرياء ضحيةً ولا يعرف لها أثر، وعلى عكس ذلك تُعزى الحوادثُ إلى المنظمات العادية المعروفة ويُدلى الستار على الأيدي الحقيقية التي تكون قد لعبت الدور ، كما يُلقى القبضُ على كثير من الأبرياء الذين يزج بهم إلى السجن لتذهب حياتهم سدى .

(موساد) في الهند

       قد وفّر فرع لوكالة (ريدف دات كام) الكائن بدهلي في هذا الصدد معلومات هامة تؤكِّد وجودَ موساد في الهند . ففي سبتمبر عام 1968م إذ تم تأسيس وكالة الاستخبارات الهندية السرية المسماة بـ«را» كانت السيدة «إنديرا غاندي» رئيسة الوزراء الهندية آنذاك أكّدتْ للسيد «راميشور ناث» المدير الأول لشؤون الوكالة: أن يعمَل على إعداد أرضية لوكالة الإسرائيلية السرّية «موساد» في الهند. وكتب المراقبون أن السيدة إنديرا غاندي كانت تعتقد أن قيام العلاقات على أسس متينة بين «موساد» و «را» أمر لا معدى عنه لمعالجة العوامل التي من شأنها أن تشكل خطرًا للبلدين : الهند وإسرائيل. الأمر الذي يعني طبيعيًا أن السيدة كانت تهمُّها قضيةُ إسرائيل أكثرَ من الفلسطينيين المنكوبين، والسياسة الموالية لفلسطين لم يكن – فيما يبدو – إلا مسرحية سياسية، وكما يقول المراقبون: إن السيدة إنديرا غاندي كانت ترغب في إنشاء العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل عام 1968م؛ ولكنها كانت تخاف أن هذا سوف يُعرّي سياستها هذه «الموالية» لفلسطين. والحقيقة أن الهند سمحت لـ«تل أبيب» عام 1950م بإنشاء القنصلية الإسرائيلية في مدينة ممباي؛ ولكن نظرًا لسخط العرب لم تتمكن الهند من إنشاء العلاقات الدبلوماسية التامة مع إسرائيل، وهكذا لم يتم في دهلي الجديدة إنشاء السفارة الإسرائيلية. وهذا يعني أن المسؤولين الهنود الذين كانوا يمرّون عندئذ بمرحلة ابتدائية بالنسبة إلى كيانهم الحر، كانوا على علاقة مع القوى الصهيونية عندما كانت «إسرائيل» لم تبرز إلى حيز الوجود، وإنما كانت بريطانيا تُبّيت مشاريع ومؤامرات لقيامها . وعلى الكل فقد أنشأت منظمة «را» الهندية الوليدة، العلاقاتِ الوطيدة مع «موساد» الإسرائيلية المحنكة وذات التجرة الواسعة .

       وحتى عام 1977م تعزّزت هذه العلاقات للغاية ؛ ولكنها لم تر النور بعد ؛ ولكن السيد «مورارجي ديسائي» لما انتُخِب رئيسَ الوزراء للهند كشف الغطاء عن هذا السر في اضطرار لكي يؤكّد تفوّقه على الجنرال ضياء الحق؛ فقد علم السيد مورارجي ديسائي عن وكالة «را» التي أخبرتْها موساد أن الجنرال ضياء الحق يسعى للحصول على القدرات النووية ، فأكّد ديسائي للجنرال ضياء الحق عن طريق الاتصال الهاتفي قائلاً: «أيها الجنرال! إني على علم بما تقدم على القيام به في «كتهوعة» فإن «را» أخبرتني عن كل ذلك». يقول المراقبون أن بعد وقوع هذه الحادثة واجهت «را» مشكلاتٍ في شأن مواصلة العمل مع «موساد»؛ ولكن سرعان ما تمكنت من ذلك . وذلك لأن القصة السالفة الذكر جاءت تزامن اللقاء الذي عقده الجنرال «موشي دايان» بطل الحرب العربية الصهيونية لعام 1968م مع الممثلين الهنود سريًّا بمدينة «كاتهمندو» عاصمة «نيبال» . وبعد هذا الاجتماع السري قامت إسرائيل بشن هجومات على المفاعِلات النووية العراقية ، ودمّرتْها تدميرًا . ومن الطريف أن السيد «راجارمنا» العالم الهندي المعروف قام بزيارة إلى العراق في الثمانينات الماضية، فنظرًا إلى العلاقات الودية مع السيدة «إنديرا غاندي» رئيسة الوزراء الهندية طلب الرئيس العراقي الأسبق السيد صدام حسين من السيد «رمنا» بمساعدة العراق في شأن كسب القدرات النووية؛ ولكنه رفض طلب صدام وعاد إلى الهند، مع أن صدام قد سبق له أن قام بمساعدة السيدة إنديرا غاندي في الساعات الحرجة .

موالاة (را) لـ(موساد)

       ونهائيًا توصلت «موساد» إلى نتيجتها المنطقية عام 1992م . وإذ كانت الاستعدادت جارية لتجريح عواطف المسلمين والتلاعب بعلمانية البلاد أقام السيد «نرسمها راؤ» رئيسُ الوزراء الهندي الراحل في العام نفسه العلاقاتِ الدبلوماسية مع إسرائيل، وبالتالي تأسّست السفارة الإسرائيلية بـدهلي الجديدة . وفي الواقع كان السيد «موشي إيكار» نائب المدير في وزارة الخارجية الإسرائيلية قام بزيارة للهند عام 1992م ، وبعد ذلك أعطى السيد «نرسمها راؤ» النورَ الأخضر لإنشاء السفارة الإسرائيلية . وحسب ما تقول الأنباء: إن السيد إيكار كان يعمل لصالح موساد أيضًا. وعلى الكل فإن إسرائيل وقّعت مع الهند في هذه الزيارة على شتى المعاهدات في المجالات الاقتصادية والعلمية والزراعية والثقافية . وبعد ذلك زار الرئيس الإسرائيلي السيد «وايزمين» الهندَ في شهر ديسمبر عام 1996م ، وذلك بصحبة وفد إسرائيلي مكوّن من 24 عضوًا، وتكاثفت إثر ذلك زيارات عملاء «موساد» للهند. وفي عهد حكم «الاتحاد التقدمي المشترك» (NDA) قام نائب رئيس الوزراء الهندي السيد «لال كرشن إيدفاني» بزيارة «لتل أبيب» بصحبةِ مسؤولي وكالة «را» ذوي المستوى الرفيع، حيث تعلّموا فنون التعامل مع الإرهابيين من موساد، التي قامت بعد بإيجاد الأواصر مع منظمة «آرإيس إيس». يقال: إن هناك هندوسيّين دينيين وسياسيين لعبا دورًا بارزًا في شأن تمهيد السبيل لإقامة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وكلاهما يُعرفان بعدائهما للإسلام والمسلمين؛ وإن منظمة (LTTE) التي قامت بعملية اغتيال السيد «راجيف غاندي» رئيس الوزراء الهندي الراحل تلقّت التدريب من موساد، وأضاف بعض المراقبين أيضًا إن موساد ساهمت في هدم المسجد البابري الأثري بجانب إخوانهم الهندوس المنتمين إلى «أسرة سانغ» الهندوسية ، ولعل الاقتراح الذي قدّمه «جورج فرنانديز» في عهد حكم «الاتحاد التقدمي المشترك» بشأن شراء الأسلحة الفتاكة من إسرائيل كان كجائزة لهذا الانتصار. ومن الطريف أن الاقتراح تمت الموافقة عليه وبالتالي تطبيقه في العهد نفسه . واليوم تأتي إسرائيل بالنسبة لشحن الإسلحة والمعَدَّات إلى الهند بعد روسيا مباشرة . ونسبة 50٪ من الاقتصاد الإسرائيلي تعتمد على الروبيات الهندية .

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . رجب المرجب 1428هـ = يوليو – أغسطس  2007م ، العـدد : 7 ، السنـة : 31.

Related Posts