إشراقة 

       إذا ضغطتَّ على شيء وقد غَطَّيْتَه وما تركتَ فيه منفذًا ، فإنّه يتفجّر يومًا ما لا مَحَالَةَ . وذلك كالقدر تغلي غليانًا وضغطتَ على غطائها بقوّة ، فإنّها تفور فوَرَانًا ، ويطير البخار القوي الدافع الثأئر من داخلها بغطائها بعيدًا ، ويَتَدَفَّق ما فيها . وقد ينبثق انبثاقًا خطيرًا يَجُرُّ ويلاتٍ على ما حولَه من الأشياء .

       وكذلك إذا حَصَلَتْ أزمةٌ شديدة ، وحَدَثَتْ مشكلةٌ مُلِحَّة على الحلّ؛ ولكن المعنيين تَجَاهَلُوها وأَهْمَلُوها ولم يُقَدِّروا خطرَها، أو حاولوا إقناعَ المُبْتَلَيْنَ بأنصاف الحلول أو أرباعها، أو حاولوا التعاملَ معها بما يُضَادُّها من «الحلول» فإنّها تَتَعَقّد وتَتَأَزَّم بشكل أكثر ، وتتحوّل خطرًا رهيبًا، لا يعلم مدى أضراره وعواقبه الوخيمة، إلاّ الله عزّ وجلّ .

       ذلك هو الموقف الذي يُعَامَلُ به المسلمون في العالم كله . ففي فلسطين وُطِّنَتِ اليهود الشاذّة الأفّاقة التي حُشِرَتْ من أقطار الأرض، وكُدِّست فيها بالقوة والظلم، وبكل معنى من معاني اللاشرعيّة، بعدما اسْتُلِبَتْ أراضي أصحاب الدار : المسلمين العرب الذين شُرِّدوا من الوطن وأُرْغِموا على العيش في العراء في بلدان مجاورة وفي مخيّمات متشابكة مجردة من تسهيلات الحياة البدائية الأساسيّة . ثم لم يُودَعُوا يعيشون فيها هادئي البال، وإنما لاحقتهم اليهودُ المجبولة على الظلم والاعتداء والفتك حتى قتل الأنبياء في كل مكان وُجِدُوا فيه؛ فأصبح نصيبُهم التشريد والتجويع، والتعطيش والتعذيب، وإلى جانب ذلك القتل والتدمير، والتطويق والحصار الاقتصادي، والمقاطعة السياسيّة، والمنع من العلاج، وتدمير البيوت وهم فيها، ثم وصفهم بالعنف والتطرف، وأخيرًا بالإرهاب؛ لأنهم يطلبون حقَّهم في العيش والعودة إلى وطنهم ورفع الظلم الصهيوني عنهم . ومضى نحو ستين عامًا والمأساةُ مُتَحَوِّلَةٌ باستمرار إلى أشدّها، فضلاً عن أن يحدث تغيُّرٌ إيجابيّ في الموقف يدلّ على أن الإنسانَ قد استعاد البقيةَ الباقية من إنسانيته التي فقدها!.

       وكذلك ففي العالم كله تُقَامُ عوائقُ دون المسلمين ودون العمل بالإسلام، في داخل ما يُسَمَّى بـ«العالم الإسلامي» وخارجه على السواء؛ ففي مكان تُمْنَع المحجباتُ عن الحجاب؛ وفي مكان لاتقر الحكومة بإجازة يوم الجمعة، وإنما تقر بإجازة يوم الأحد، وفي مكان يجري المنع عن أداء الصلاة خلال الدوام، وفي مكان يتم يوم الجمعة، وإنما تقر بإجازة يوم الأحد؛ وفي مكان يجري المنع عن أداء الصلاة خلال الدوام؛ وفي مكان يتم توجيه الانتقاد إلى أحكام الزواج والميراث والطلاق والخلع؛ وفي مكان يكثر الهجوم على قانون الأحوال الشخصية الإسلامي؛ وفي مكان يجرى التحامل على الحدود الإسلامية و وصفها بأنها قوانين همجية وحشية لا إنسانيّة؛ وفي مكان تُمَارَسُ الإساءةُ إلى نبي الإسلام سيدنا محمد ﷺ؛ وفي مكان يوصف القرآنُ بأنّه يدعو للإرهاب والتفرقة والتطرف؛ وفي كثير من أجزاء العالم يجري العمل على تحويل الشعب المسلم من بين المواطنين المنتمين إلى ديانات أخرى «مواطنًا من الدرجة الثانية». وغيرُ ذلك من الاعتداءات الصارخة التي تُصَبُّ على الإسلام وأهله مرارًا وتكرارًا ودونما توقّف وبشكل استفزازيّ مثير للسخط لدى الشارع الإسلامي دونما استثناء . ولايجري ذلك كلُّه داخل الدول غير الإسلامية التي كثيرٌ منها معروفة بعدائها التقليدي للإسلام، كدول الغرب عمومًا وأمريكا وإسرائيل خصوصًا. وإنما يجري في داخل معظم أو كل الدول التي تُصَنَّفُ «إسلاميّة» والحكام فيها يحملون أسماءً إسلاميّة عربية واللغاتُ فيها إسلامية عربية، فارسية، أردية، أو … ومناطق البلاد كلُّها لاتزال تحمل سمات إسلاميّة رغم كل محاولة وقحة للتغيير والمسخ والتشويه، بُذِلَتْ من قبل القادة ذوي الجلود الإسلامية العربية الأردية الفارسية الـ … وذوي العقول والقلوب المُتَغَرِّبة المُتَمَسْيـِحَة المتصهينة المتنكرة لكل ما عندها من التراث والتقاليد والحضارة ومناهج الحكم وأنماط الحياة.

       وتَطَوَّر الوضعُ فأصبح المتقيد اليوم بالإسلام «إرهابيًّا» ولم يعد فقط «متشددًا» أو «متطرفًا» وأصبح حاملُ الشارة الإسلامية من اللحية وزي الصلحاء وسيما الصلاة والتسرّع إلى أداء الصلاة والحرص على تبني أحكام دينه عضوًا من أعضاء «القاعدة» وخطرًا على أمريكا وموتًا على إسرائيل وخوفًا على حكومته هو – كما أكّد للعالم «بوش الابن» – وصار يُعْتَقَلُ كلُّ شابّ مسلم يحمل هذه المواصفات، ولاسيّما إذا كان مفتول الأعضاء قوي البنية، ويُتَصَوَّر أنه قد يحمل «عودًا» للدفاع عنه إذا اعتقلته السلطات المحلية في دولته الإسلامية أو السلطات الأمريكية لتزج به إلى أمكنة مخصصة لتعذيب كل مسلم وعربي؛ لأنّه لايزال قائمًا علىعهدته من الحرص على الإسلام وشعاراته.

       عندما تَطَوّر الوضعُ لهذا الحدّ الذي جاء وصفُه في العربية الأصيلة بأنه «بلغ السيل الزّبي وطمّ الوادي على القرى» بدأ الشباب المسلم ومعه الجمهور المسلم ينادي ضدّه، ويهتف بتغييره. أي بدأ البخار القوي يقلب الغطاءَ، وبدأ يندفع من داخل القدر، رغم كل قوة بذلتها السلطاتُ للضغط عليه، والإبقاء على الغطاء على حاله. فوُجِدَ «المُبَرِّرُ» الذي كان الأعداء ينتظرونه، وكان عملاؤهم في داخل الدول الإسلامية يترقّبونه، فشُنَّت الحربُ ضدّ «الإرهاب» ذلك العدوّ المجهول الهوية الذي لايزال غائبًا عن أنظار بوش الابن وزمرته وجميع الصليبيين والصهاينة، فتضيع السهام التي تُطْلَق في الظلام، وتخيب الحرب التي تُحَارَب في داخل الدول الإسلامية وخارجها كذلك؛ ولكن يضيع القدرُ الهائل من الأنفس والأرواح البريئة، والأموال والحرث، ووسائل الحياة، إلى جانب الثروات الطائلة . والأعداءُ من الأمريكان والغرب والصهاينة يُسَرُّون رغم خيبتهم في هدفهم الذي يعلنون عنه؛ وإنما يُسَرُّون لأن الأنفس المُهْلَكة مسلمة، والأموال المُهَدَّرة إسلامية، والثروات المُبَدَّدَة إسلاميّة، والأرض المُدَمَّرَة إسلامية، والتأريخ المُضَاعُ إسلاميّ، والتراث المُهَانُ إسلاميّ، والقلاقل المزروعة في كل شبر من أشبار البلاد مزروعة في التراب الإسلاميّ، والدماء المهراقة بشياطين الأمريكان أومن خلال الحرب الأهليّة كلّها إسلاميّة؛ فَلْتَضِعْ هذه المقومات المنتمية إلى الإسلام، لأنها مبعثُ سرور ومجلبُ بهجة لقلوب الأعداء !.

       هذه من ناحية، ومن ناحية أخرى أَنْتَجَت وطَوَّرت أمريكا ودولُ الغرب والدولُ القويةُ غيرُ الإسلامية كلَّ نوع من الأسلحة الفتاكة بما فيها الأسلحة النووية، وبفضلها استعبدت العالمَ ولاسيّما العالمَ الإسلامي – وهو الملطب الأسمى لدى الدول المحاربة للإسلام – وعندما نوت دولٌ إسلاميةٌ الحصولَ على شيء منها، سحقتْها بقوة، ومنعتْها من ذلك بقوة، وهدّدتْها بالحرب والضرب وبفرض كلّ نوع من العقابات. ولاحاجة إلى الإشارة إليها بالاسم والهويّة، فالقضايا ساخنة، والأوضاع تحت تطور متسارع، وقد لاكتها – ولاتزال –  وسائلُ الإعلام صباحَ مساءَ .

       ومقابل ذلك لاتزال كوريا الشمالية تتحدى أمريكا «المتعالية القوية الجريئة» وتصارح بأنّها أنتجت أسلحة نووية، وقد جرّبت بعضَ الصواريخ النووية منذ أمام – وأكتب هذه السطور يوم الأحد: 12/جمادى الثانية 1427هـ = 9/يوليو 2006م – ولكن أمريكا المتكبرة لاتجرأ بشكل أو بآخر – رغم زمجرتها الصارخة وإبداء غضبتها العارمة والتواصل مع دول العالم صاحبة الحل والعقد في الشؤون الدولية – على أن تلجمها، فضلاً عن أن تتخذ عملية عسكرية ضدها بالسرعة التي اتخدتها بها ضدّ كل من العراق وأفغانستان، وعن أن تُطَوِّر الوضع ضدها بالسرعة التي طوَّرَتُه بها ضدّ كل من إيران ومن قبل ليبيا، ومن قبل باكستان التي لم يتخلص ذَنَبُها من ورطة أمريكا بهذا الشأن أيضًا.

       إني لا أطالب أمريكا بأن لاتؤدب كوريا الشماليّة بشأن عكوفها على إنتاج الأسلحة الخطيرة، ولكن الذي أطالبها به ويطالبها به معي كل منصف على وجه الأرض، هو أن تتنازل هي وأمثالُها من الدول التي تملك الأسلحةَ النوويةَ الفتاكةَ عن كل مالديها من رصيد هذه الأسلحة وتكنولوجيا إنتاجها وتطويرها؛ لأن الدنيا ليست مُهَدَّدة بالفناء والتدمير بغيرها من الدول، وإنما هي مهددة بهما من قبلها أولاً؛ لأن عددًا غير قليل من المفكرين والكتاب الأمريكان بدورهم اعترفوا أن أمريكا الآن أكبر دولة إرهابيّة على وجه الأرض وأن بوش أكبر إرهابي ضارٍ بدماء المسلمين تحت السماء اليوم .

       وإني – وغيري من المنصفين – لا أطالب أمريكا إلاّ بالتعامل بالإنصاف والامتناع عن التعامل بالمكيالين: الدولُ الإسلامية ذنبُها اليسير غيرُ مُغْتَفَر لدى أمريكا؛ فهي تقيم ضدها الدنيا ولاتقعدها. والدولُ غيرُ الإسلامية تَرْضَى بشأنها بالحوار الدبلوماسيّ والتفاهم النقاشي و بالتنازل عن بعض الأشياء في أوقات متباعدة، ولاتهددها بشن الحرب وشن الهجوم العسكري، وفعلاً لاتشنه ضدها رغم مضي كثير من الوقت وضياع كثير من الفرصة؛ ولكنها تستطيل في شأن الدول الإسلامية «المذنبة» سويعاتٍ، وتخال الأيامَ أسابيعَ، وتفرض عليها أن تجيب بـ«لا» أو «نعم» خلالَ أربع ساعات!.

       لنسائل أمريكا: أيُّ ضرّ يلحقها من قبل كل دولة مسلمة، وأيُّ نفع ينالها من قبل كل دولة غيرمسلمة. إنّ هذه الثنوية في المعاملة لاتدل إلاّ على أنها تُضْمِر حقدًا ضد الإسلام والمسلمين. مهما أنكرت، ولبّست، وغلّفت، وقالت: إنّها تريد الخيرَ لها وللعالم وللعالم الإسلامي. إنّ مئات الآلاف من الدلائل أكدت أن أمريكا اليوم تحارب الإسلام والمسلمين لصالحها هي ولصالح دولة إسرائيل؛ وأنّ عدوّها معلومٌ لديها وهو كل شابّ إسلامي تراه قد يُشَكِّلُ خطرًا على مصلحة من مصالحها أو مصالح إسرائيل. وهي تنطلق اليوم في حربها على الإرهاب من هذا المنطلق، مهما مَوَّه علينا عملاؤها في ديارنا، ومهما غلّفت هي هذه الحربَ بأسماء مضلّلة، ومهما أعلنت عن الأهداف التي تتظاهر بها، فإن هدفَها غيرَ المعلن واحد، وهو تحصين مصالحها ومصالح الدولة الصهيونية بأوسع معانيها، وتدمير كل شيء يتّصل بالإسلام، من تراب وطين، ونفس وحرث، وحضارة وتقليد، وتراث وتأريخ؛ لأن ذلك كله يُشَكِّل عناصرَ للهويّة الإسلاميّة التي تكرهها أمريكا الكراهيةَ كلَّها .

       فهذا كلُّه يحدث بشأن الإسلام داخليًّا وخارجيًّا ومِنْ قبل مَنْ قد يجوز أن نُصَنِّفهم ضمن «الأصدقاء» ومن قبل الأعداء على السواء؛ فإذا تضجّر الشباب من هذا الموقف، ونهضوا وقد عِيْلَ صبرهم مدفوعين بالشعور البالغ بأن الإسلام – دين الله الحق – مغموط مرزوء وأن أبناءه مظلومون مُعْتَدىً عليهم؛ لأنهم يؤمنون به ويطبقونه ويودّون أن يعملوا به في حريّة ودونما حظر وشرط؛ فلا يُسْمَحُ لهم بالعمل به إلاّ منقوصًا ومُجَزَّءًا ومُعَدَّلاً ومُوَجَّهًا من قبل القادة والحكام المنتمين إليه أو قبل السادة  وأصحاب الوصاية من الأعداء الذين تحكّموا في وسائل الدنيا فيودّون أن يتحكّموا في الكون وأن لايسيرَ  هو إلاّ مُسَيَّرًا من قبلهم؛ فلا يرضيهم دينُ الله الإسلام كاملاً؛ لأنه يحول دونهم ودون ما يريدون من الإفساد في الأرض واستعباد أهله – الإسلام – واستعمار ديارهم، وإنما يرضيهم الإسلام المغلول المشلول المُقَيَّد الذي لايتحرّك بإرادته ولايعمل بخياره، وإنما يتحرّك في الإطار الذي يحدّدونه له. وهذا هو الإسلام الذي يُمْلُونه اليوم على عملائهم في الدول الإسلاميّة: الإسلام الذي يتكيّف مع كل فصل، ويتلاءم مع كل بيئة، ويتناغم مع كل صوت، ويتماشى مع كلّ تيّار، ويتصالح مع كل عدوّ على أساس تبادل «المنافع والأرباح» .

       أقول: فإذا نهضوا – الشباب الإسلاميّ –ليطالبوا بهذا الحق المشروع وبالطريق المشروع؛ فإنهم يُقَابَلون بتهمة شنيعة وانتقاد لاذع وانتقام شرس وتعذيب يكون نكالاً لغيرهم وتقتيل عشوائي وإهانة غيرعاديّة وملاحقة لآخر الحدود.. ويؤدّي ذلك إلى ردّ فعل أعنف يُقَابَل بردّ فعل أقسى فيُوَلِّد ردَّ فعلٍ أعنف منه فيُقَابَلُ بردّ فعل أعنف منه ، فيتسلسل أداء هذا الدور المبكي دمًا؛ فلا يرتاح الأصدقاء؛ ولكن يرقص الأعداء ويتفرّج «المحايدون» . والوضعُ لايزداد إلاّ سوءًا، ولاينتهي الموقف إلاّ إلى فوهه بركان ثائر.

       إنّ الأعداء لن يغيِّروا موقفَهم من الإسلام وأهله حتى نتَّبِع ملتهم . ومن أصدق من الله قيلاً : «وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنْكَ الْيَهُوْدُ وَلاَ النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ» (البقرة/120) ودراسةُ عقليتهم اليوم تؤكد أنهم لن يرضوا عنّا ولواتّبعنا ملَّتَهم؛ لأنهم سيظلون يروننا يهودًا ونصارى «صِناعيين» غيرَ أصلاء وسيعاملوننا صادرين عن هذه الرؤية «الظالمة» .

       إنّهم لن يغيّروا موقفَهم، أفلم يأنِ للذين يدّعون أنهم قد آمنوا ممن بأيديهم رقابُ الشعب ومصيرُ العباد في بلادنا أن يغيروا موقفَهم، فيؤمنوا بالله من جديد، ويصرّوا على الإيمان، ويثبتوا على مقتضيات العقيدة، ويكونوا يدًا واحدة ضدّ الأعداء، ويحوّلوا بلادَ الإسلام واحةَ أمنٍ للإسلام ومهدًا حانيًا لأبنائه، ويقرروا أنهم لن يحيدوا قيدَ شعرة عن ثوابت الدين وضرورات الإسلام، مهما كان ثمن الثبات غاليًا – ودائمًا تكون سلعةُ الله غاليةً وهي الجنة – وليتلقَّوا الدرس من الأعداء الذين يثبتون على باطلهم ويستميتون في سبيل الإصرار على خرافاتهم، ولايكادون يتنازلون عنه، مهما اشتدت الحال، وقست الظروف.

       إنّ الهيود والنصارى يتخطَّون كلَّ حدّ للظلم والاعتداء، وقتل الأبرياء، واغتيال المخالفين، واغتصاب الأعراض، وتعذيب المعارضين؛ ولكنهم لايوصفون بـ«التطرف» و«العنف» و«الإرهاب» ولاتُشَنُّ ضدهم الحربُ العالمية التي يشترك فيها المسلمون مع اليهود والنصارى والوثنيين. لماذا لايصفهم أبناءُ جلدتهم اليهودُ والنصارى بكونهم متطرفين إرهابيين، ولايشنون ضدهم حربًا شعواء في داخل بلادهم وخارجها؟ إن «الإرهاب» الذي لم يُحَدَّدْ بعد معناه من قبل المحاربين ضده، لماذا وُصِفَ به الإسلامُ وحده ولم يُوْصَفْ به اليهوديةُ والنصرانيةُ والوثنيةُ؟!.. إن هذا الظلم والتفريق وغيرَه من الاعتداءات التي لا نهايةَ لها، هي التي وَلَّدَت كلّ شيء وصفوه بـ«الإرهاب» و «التطرف» و«العنف». ولن ينتهي ذلك إلاّ إذا طُبِّقَ العدل، أو إذا غيّر المحسوبون على الإسلام من عملاء الغرب والأمريكان موقفَهم نحو الإسلام وأبنائه، وتصلّبوا على الدين الذي يُحْسَبُون عليه. وإلاّ فإن «القدر» ستظلّ تغلي، والبخار يظلّ يندفع من داخلها، والغطاء يظلّ يترامى بعيدًا، والتفجير يظلّ يكون شديدًا، والنتائج ستظل مدمرة. ولايحسم القضيةَ أن نعتبر النتائج أسبابًا، فنتغاضى عن معالجتها !.

(تحريرًا في الساعة :309 من الليلة المتخللة بين الأحد – الاثنين:يوم السبتاللائقَ والتقديرَ الذي يستحقّه، وأن تدعو ربّك أن يديمه على ما هو عليه ما تطول به الحياة. ينتمي إليه؛ فلا بدّ أن تمنحه 12-13/جمادى الثانية 1427هـ = 9-10/يوليو2006م)

أبو أسامة نور

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . شعبان 1427هـ = سبتمبر 2006م ، العـدد : 8 ، السنـة : 30.

Related Posts