دراسات إسلامية
بقلم: الأستاذ/ سيد محبوب الرضوي الديوبندي -رحمه الله-
(المتوفى 1399هـ / 1979م)
ترجمة وتعليق: محمد عارف جميل القاسمي المباركفوري(*)
عام 86- 1387هـ ، وحادث مؤسف:
شهدت دارالعلوم في هذا العام حادثا مؤسفا بمناسبة احتفال عقده المجلس التشاوري، وانعقد احتفال المجلس هذا في المدينة، وشهده طلاب دارالعلوم، ونشأ الصراع بين الطلبة ومنظمي الاحتفال أثناءه، وسرعان ما تحول الصراع إلى ضجة وتضارب ورشق بالأحجار، و وصل الأمر إلى تفرق الاحتفال. وانتشرالاجتماع، وعاد الطلبة إلى دارالعلوم وأثاروا ضجة كبيرة ضد الذين كانوا على صلة بالاحتفال، وتفاقم الأمر أكثر؛ لأن بعض قيادات المجلس التشاوري كانوا من أعضاء المجلس الاستشاري بدارالعلوم. ولم تتغلب دارالعلوم على الفتنة العارمة إلا بشق النفس وبمساعدة من حضرات الأساتذة. ونظرًا إلى هذه الأوضاع المتفاقمة استدعوا اجتماعا للمجلس الاستشاري. ودرس المجلس الأوضاع وتوصل إلى أن دارالعلوم مؤسسة تعليمية وتربوية، تهدف إلى تعليم الطلاب وتربيتهم على طريقة السلف الصالح بعيدا عن الصراع الحزبي. وأول واجبات طلبة دارالعلوم وأهمها يتمثل في أن يجعلوا أهداف دارالعلوم نصب أعينهم بصورة مستمرة، ويحاولوا صوغ حياتهم وفق هذا الهدف، ويجتنبوا اتخاذ أي خطوة يعارض أهداف دارالعلوم.
وتستر بعض العناصر بالطلبة في محاولة للتدخل في نظام دارالعلوم، ووقفت بعض الصحف بجانبهم، إلا أن معظم الصحف أيدت موقف دارالعلوم، وقامت دارالعلوم بشرح موقفها للبلاد فذهب مانسجه العناصر المفسدة أدراج الرياح.
صالة جديدة للمكتبة:
أضيفت إلى مكتبة دارالعلوم إبان توسعة عمائرها- دارالعلوم- صالة وغرفتان، واختصت الصالة بالكتب العربية، وبجوار الصالة غرفة تجمع بين جنباتها مؤلفات مشايخ دارالعلوم وعلمائها مرتبة على أسماء أصحابها.
تصانيف علماء ديوبند:
فاتحة هذه التصانيف مؤلفاتُ المحدث الشاه ولي الله الدهلوي(1114-6 117هـ = 1702- 1762م)، والمؤلفون الذين تجمع هذه الغرفة مؤلفاتهم أسماء بعضهم مايلي:
المحدث الشاه ولي الله الدهلوي، والشاه عبد العزيز (1159-1239هـ/1746-1823م) و الشاه رفيع الدين (1163-1233هـ/1749- 1817م) والشاه عبد القادر (1167-1230هـ = 1753-1814م)، والشاه محمد إسحاق (نحو 1197-1262هـ/1783-1846م)، والشيخ محمد إسماعيل الشهيد (1193-1246هـ / 1779-1830م)، والشيخ أحمد علي السهارن فوري (1225-1297هـ/1810-1880م)، والحاج إمداد الله المهاجر المكي (1233-1317هـ /1817-1899م)، والشيخ محمد قاسم النانوتوي (1248-1297هـ/1832-1880م)، والشيخ رشيد أحمد الكنكوهي (1244-1323هـ/1829 -1905م) والشيخ محمد يعقوب النانوتوي (1249-1302هـ/1833-1884م)، والشيخ ذو الفقار الديوبندي (1237-1322هـ/1822-1904هـ)، و الشيخ خليل أحمد الأنبيتهوي (1269-1346هـ/1853-1920)، وشيخ الهند محمود حسن الديوبندي (1268-1339هـ/ 1851-1920م)، والشيخ أحمد حسن الأمروهوي (1267-1330هـ/1850-1912م) والشيخ أشرف علي التهانوي (1280-1362م/1863-1943م)، والشيخ الحافظ محمد أحمد (1279-1347هـ/1862-1928م) – المدير الخامس لدارالعلوم- والشيخ محمد أنورشاه الكشميري (1292-1352هـ/1875-1933م)، والشيخ المفتي كفاية الله الدهلوي (1292-1372هـ/ 18751952، والشيخ المفتي عزيزالرحمن (1275-1347هـ/1858-1928م) و الشيخ رحيم الله البجنوري (…-1347هـ/…-1929م)، والشيخ عبيد الله السندي (1289-1363هـ/1872- 1944م)، والشيخ منصور الأنصاري (المتوفى 1365هـ/1946م) والشيخ حبيب الرحمن العثماني (…- 1348هـ/…-1929م)، والشيخ شبير أحمد العثماني (1305-1369هـ/1887-1949م)، والشيخ ميان أصغر حسين الديوبندي (1294-1364هـ/1877-1944م)، والشيخ المفتي محمد سهول البهاري (1287-1367هـ/1870-1948م)، والشيخ مرتضى حسن (نحو 1285-1370هـ/ نحو 1868-1951م) والشيخ حسين أحمد المدني (1296-1377هـ/1879-1957م) والشيخ مناظر أحسن الكيلاني (1310-1375هـ/ 1892-1956م) والشيخ عبد السميع الديوبندي (1295- 1366هـ/1878-1947م) و الشيخ إعزاز علي الأمروهوي (1300-1374هـ/ 1882-1955م)، والشيخ فخر الدين أحمد (1307-1392هـ/1889-1972م) والشيخ بدر عالم الميروتي (1316-1385هـ/1898-1965م) والشيخ محمد إبراهيم البلياوي(1304-1381هـ/1886-1967م) والشيخ حفظ الرحمن (1318-1382هـ/1901-1962م) والشيخ المفتي محمد شفيع (1314-1396هـ/1897-1976م) والشيخ محمد إدريس الكاندهلوي (1318-1394هـ/1900-1974م) والشيخ السيد محمد ميان الديوبندي (1321-1395هـ/ 1903-1975م)، والشيخ محمد طاهر القاسمي رحمهم الله، والشيخ محمد طيب (1315- 1403هـ /1897-1983م) – مدير دارالعلوم- و الشيخ سعيد أحمد الأكبر آبادي (1325- 1405هـ/ 1908-1985م )، والشيخ منت الله الرحماني (1332-1411هـ/1914-1991م) و الدكتور مصطفى حسن العلوي (1315-1401هـ/ 1897-1890م)، والشيخ منظور أحمد النعماني (1323-1417هـ/1905-1997م)، و الشيخ القاضي زين العابدين سجاد (1328-1411هـ/ 1910-1991م) والشيخ حامد الأنصاري (1327-1413هـ/ 1909-1992م) والشيخ حبيب الرحمن الأعظمي (1319-1412هـ/ 1901-1992م) والشيخ أنوار الحسن الشيركوتي (1324-1396هـ/1906-1976) وغيرهم زيدت معاليهم في الدارين.
مساعدات لكل من مصر والشام والأردن:
لم يشهد العالم الإسلامي فاجعة إلا أعربت دارالعلوم عن مواساتها لها، وسبق بعض تفاصيلها في الصفحات الماضية، وكان الاحتلال الإسرائيلي على بيت المقدس عام1387هـ حادثا مفجعا انعكس سلبا على العالم الإسلامي. وقدم معظم العالم الإسلامي مساعدات إلى العرب المضطهدين، وأدلت دارالعلوم دلوها كجاري عادتها ووقفت بجانب العرب بهذه المناسبة، وأهابت بالبلاد وجمعت مبلغا عظيما من الأموال وقدمته إلى حكومات مصر والشام و الأردن، وأنشأت دارالعلوم مركزا لجمع التبرعات، و تقدم العاملون في دارالعلوم برغبة وشوق في تقديم خدماتهم لهذا المركز دون مقابل يتقاضونه، وولي كاتب هذه السطور مسؤولية هذا المركز.
وتعرض المسجد الأقصى لحريق مؤلم فعقدت دارالعلوم حفلة بهذه المناسبة وأرسلت ما توصل إليه الحفلة من القرارات نددت فيها دارالعلوم بالحكومة الإسرائيلة وأكدت للعرب تعاونها ومسانـدتها. وتلقت دارالعلـوم الردعلى ذلك بما يلي:
«تلقينا القرار الذي أرسلته جماعة دارالعلوم المتحمسة في الوقوف بجانب العرب والمسجد الأقصى في بيت المقدس، ونحن بدورنا نتقدم بالشكر من صميم القلوب على هذه العواطف التي تعكس المواساة والوقوف بجانبنا(1).
وفاة العلامة البلياوي:
شكلت وفاة العلامة إبراهيم البلياوي-رئيس هيئة التدريس بدارالعلوم(2)- في رمضان عام 1387هـ كارثة أليمة على دارالعلوم، فقد كان العلامة البلياوي على صلة بتاريخ دارالعلوم الممتد على أكثر من نصف قرن من الزمان،وكان العلامة تذكرة لما كان عليه السلف، حاملا للتقاليد والمثل القديمة وأمينا على سلوك السلف الديني، كما كان عالما جيدا ومعلِّما منقطع النظير، قام بخدمة التدريس في دارالعلوم مدة نصف قرن أوتزيد. وجمع بين التدريس ورئاسته وإدارة الشؤون التعليمية لمدة من الزمان وقام به أحسن قيام. تمكن من علم التفسير والحديث بالإضافة إلى العقائد والكلام والمنطق والفلسفة تمكنا يضرب به المثل في الأوساط العلمية، وكانت حياته علما على رأسه نار لا للطلاب فقط؛ بل للعلماء عامة، وانتشرتلاميذه – الذين يصعب إحصاء عددهم- في كل مكان في الهند وخارجها، وكانت دروسه ثروة قيمة للآخذين منه، لبى نداء ربه في رمضان المبارك بعد مرض طويل، وثوي جثمانه في المقبرة القاسمية.
عام 88، 1389هـ عاما الحزن لدارالعلوم:
كأن وفاة العلامة إبراهيم البلياوي (1304-1381هـ/1886-1967م) فتحت باب الوفيات في دارالعلوم، فلم تكد تسلُ عقب وفاته حتى لفظ الشيخ /محمد جليل – أحد أساتذها القدماء(3) – نفسه الأخير، ثم لم تكد تنقشع عنها سحابة الحزن والغم حتى توفي الشيخ سيد محمد مبارك علي- الذي كان يتصف بخصائل العظماء و السلف- خلال شهر واحد في 4/جمادى الآخرة عام 1388هـ. وكان الشيخان من جلة تلامذة شيخ الهند محمود حسن الديوبندي وخدامه، قاما بخدمة دارالعلوم مدة تنيف عن أربعين عاما، وظلا متمسكين بما كان عليه السلف الصالح من السلوك القويم حتى لفظا أنفاسهما الأخيرة.
ولم تخف وطأة الحزن على هذين الشيخين حتى ذهب الشيخ حميد الدين(4)– عضو المجلس الاستشاري بدارالعلوم ضحية حادث سيارة قرب مظفر نغر وهو في طريقه إلى دارالعلوم لحضور دورة مجلسها الاستشاري وذلك في 24/شعبان عام 1388هـ . وكان الشيخ يحتل مكانة عالية في الفهم والفراسة والحفاظ على تقاليد دارالعلوم ومُثلها، وكان على شغف عظيم بها و بنشاطاتها.
ومما زاد الطين بلة أن الشيخ محمود أحمد النانوتـوي(5) – مفتي «أجين»- لحـق بالرفيـق الأعـلى في 14/شوال عام 1388هـ.كان الشيخ على مكانة عظيمة بالنظر إلى سذاجتــه وبساطتــه ونقاء سريرته وكفاءته العلمية الراسخة، وكان أمة وحده في العلم والهدى في ولاية «مدهيه براديش»، من خريجي دارالعلوم، ومن الأمناء على آثارها وتقاليدها.
ولم يمض على هذه الحادثة الفاجعة عشرة أيام حتى توفي الشيخ المقرئ حفظ الرحمن– رئيس القراء بدارالعلوم- في 24/شوال عام1388هـ في أعقاب مرض امتد طويلا، قام بخدمة فن القراءة في دارالعلوم ما يقارب أربعين عاما، وخرج الآلاف من التلاميذ والمجوِّدين انتشروا في الهند وباكستان. وزينوا مراكز التجويد والقراءات.
* * *
الهوامش:
(1) لم أطلع على النص العربي لهذه القطعة فنقلت النص الأردي المترجَم إلى العربية.(المترجم)
(2) محمد إبراهيم بن عبد الرحيم البلياوي (1304-1381هـ /1886-1967م) من العلماء النابهين الراسخين المعروفين، من مواليد «قاضي فوره» من أعمال «بليا» بولاية أترابراديش، قرأ الفارسية ومبادئ العربية على الشيخ جميل الدين النغينوي- عضو المجلس الاستشاري بدارالعلوم/ديوبند-، وأخذ المعقولات عن الشيخ فاروق أحمد الجرياكوتي، و قرأ جزءا من مشكاة المصابيح على الشيخ هداية الله. والتحق بدارالعلوم/ديوبند عام 1324 أو 1325هـ، فقرأ كتب الحديث أمثال شرح معاني الآثار للطحاوي والموطأ للإمام مالك وغيرهما على الشيخ عزيز الرحمن وصحيح مسلم وابن ماجه على الشيخ محمد حسن و تخرج في الحديث على شيخ الهند محمود حسن الديوبندي عام 1328هـ. ولي التدريس في المدرسة الفتحبورية بدهلي لمدة ثم تحول منها إلى مدرسة عمري من أعمال مرادآباد، وولي رئاسة التدريس بدارالعلوم/مئو، أعظم كره زمنا، ثم ولي رئاسة التدريس في دارالعلوم/ديوبند ومكث بها نحو أربعين سنة. ومن آثاره: «المصافحة»، و«التراويح» و «أنوارالحكمة»، و«ضياء النجوم» -كلهامطبوع-. وله تعليقات قيمة باللغة العربية على كل من «سنن الترمذي» و«الخيالي» و «الميبذي».
(3) محمد جليل الكيرانوي (1318- هـ/1900-م): ولد في كيرانه من مديرية مظفر نغر بولاية أترابراديش الهند، وبدأ دراسته في دارالعلوم /ديوبند برعاية شيخ الهند محمود حسن الديوبندي عام 1331هـ وتخرج فيها عام 1339هـ.ممن اعتقلته الحكومة الإنجليزية عقب سجن شيخ الهند محمود حسن رحمه الله، و مارست عليه حكومة الاحلال الضغوط وعرضته للاعتداءات رجاء أن يبوح ببعض الاسرار إلا أنه ثبت واستقام. ولي التدريس في مدرسة مظهر العلوم /كراتشي، وتعين أستاذا بدارالعلوم /ديوبند عام 1350هـ/1932م، ولي وكالة شؤون التعليم بدارالعلوم عقب وفاة شيخ الأدب العلامة إعزاز علي رحمه الله، وتوفي عقب معاناة مرض طويل ودفن في المقبرة القاسمية. للاستزادة من ترجمته راجع: مشاهير علماء دارالعلوم ديوبند ص 94؛ كاروان رفته ص69؛ مشاهير علماء دارالعلوم/ديوبند ص 116؛ دارالعلوم ديوبند كي جامع ومختصر تاريخ ص 657-658.
(4) الشيخ سيد حميد الدين (1328- 1388هـ/1910-1968م): ولد في قرية هنسور من مديرية فيض آباد بولاية أترابراديش، الهند، تلقى مبادئ العلوم في قريته، وأكمل دراسته العليا في دارالعلوم/ديوبند، صحب شيخه العلامة أنور شاه الكشمير حين غادر إلى الجامعة الإسلامية دابيل، فتخرج بها عام 1347هـ، تطوع بالتدريس في قريته مدة من زالزمان ثم ولي مشيخة الحديث في بعض المدارس في السند ثم في دارالعلوم ندوة العلماء/لكناؤ، وولي مشيخة الحديث في المدرسة العالية بكالكوتا عام 1949م و اشتغل بتدريس صحيح مسلم و شغل منصب شيخ التفسير بدارالعلوم ديوبند، وتعين عضوا في المجلس الاستشاري بدارالعلوم/ديوبند 1382هـ-1388هـ، تعرض لحادث مرور وهو في طريقه إلى دارالعلوم/ديوبند من دهلي قرب مدينة مظفر نغر وتوفي بها ودفن في المقبرة القاسمية. للاشتزادة من أخباره راجع: دارالعلوم ديوبند كي صد ساله زندكي ص 107-115؛ وموسوعة علماء ديوبند؛ مشاهدات وتاثرات ترتيب محمد سلمان المنصور فوري .
(5) محمود أحمد النانوتوي (1310-هـ/1893-م) من مواليد نانوته، تخرج في دارالعلوم عام 1337هـ/1919م قضى معظم حياته في ولاية «مالويه»، وأنشأ بها دارالإفتاء وقام بخدمة المسلمين الدينية طوال حياته، كانت له نظرة واسعة على التفسير والفقه والإفتاء، له شغف بالسياسة والقضايا القومية، كان ذو طبيعة مبسوطة، انتفع به الناس في المدينة. كان يطلق عليه «مفتي مالويه». تعين عضوا في المجلس الاستشاري بدارالعلوم حتى آخر لحظة من حياته. من أعماله كتاب في السيرة النبوية. للاستزادة من ترجمته راجع: تاريخ دارالعلوم/ديوبند 2/139، والخير الكثير شرح الفوزالكبير في ثنايا ترجمة الشيخ المفتي سعيد أحمد البالنبوري حفظه الله؛ موسوعة علماء ديوبند .
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، رمضان – شوال 1438 هـ = يونيو – يوليو 2017م ، العدد : 9-10 ، السنة : 41
(*) أستاذ التفسير واللغة العربية وآدابها بالجامعة.