دراسات إسلامية

بقلم:  الأستاذ أسامة  نور/ القاسمي (*)

       ربّما يُبْتَلَى الإنسانُ في حياته فتَكْدُرُ لَحَظَاتُها في نظره، ويَتَأَذَّىٰ من الابتلاء، ويَتَأَلَّم من قَوَارِصِه، ويَتَمَنَّىٰ أن يَتَخَلَّص منه، ويعود إلى ما كان عليه من حالة الصفاء والسعادة والسلامة.

       والناسُ في الابتلاء قسمانِ، فهناك من يؤمن بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد –صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولاً، فيؤمن بأن الدنيا دار ابتلاء، وأن كل إنسان فيها – مؤمنًا كان أو كافرًا – مُعَرَّضٌ للابتلاء، فإن ابْتُلِيَ بالخير شَكَرَ، وإن ابْتُلِيَ بالشَّرِّ صَبَرَ، فاسْتَحَقَّ جزاء ربّه الكريم في كلتا الحالتين: حالتي الشكر والصبر معًا. قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كُلّه خيرٌ، وليس ذلك لأحد إلّا للمؤمن، إن أَصَابَتْه سَرَّاءُ شَكَرَ، فكان خيرًا له، وإن أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فكان خيرًا له»(1).

       وهناك من لا يؤمن بالله ورسوله، فلا يؤمن بالحقيقةِ المذكورة أعلاه؛ فيَشْقَىٰ في الحالتين، ويُحْرَمُ أن يصنع صنيعَ المؤمن؛ ولذلك قال النَّبِيُّ –صلى الله عليه وسلم-: «وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» أي الصبر والشكر سلوكٌ لا يَقْدِر أن يَسْلُكَه إلّا المؤمنُ، أمّا غيرُه وهو الكافر أو المشركُ فهو يَعْجِزُ عنه؛ لأنه لا يعرف له معنىً فلا يَتَحَرَّك لتنفيذه عملاً.

       فالمؤمنُ يَنْظُرُ إلى الابتلاء النظرةَ الصحيحةَ التي يرضاها اللهُ تعالى ورسولُه –صلى الله عليه وسلم- فيسعد سعادة دائمة، والكافر ينظر إليه النظرةَ المُعْوَجَّة الطائشةَ فيَشْقَىٰ شَقَاءً لا يزول.

       ولذلك قال اللهُ تعالى يُخَاطِب المؤمنين الصَّادقين:

       «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» (البقرة:155-157).

       وقال تعالى:

       «لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ » (آل عمران: 186).

       فالمؤمنُ يجب عليه أن ينظر إلى دارالدنيا أنها دار ابتلاء واختبار باللين مرةً وبالشدة أخرى، وبالصحة حينًا وبالمرض حينًا آخر، وبالبؤس والفقر مرةً والرخاء والغنى أخرى، وبالأمن في وقت وبالخوف في وقت آخر، فكل شيء فيها للاختبار والامتحان ليَمِيزَ الله الطيِّبَ من الخبيث، والصابر من الزاجر، والشاكر من الكافر – الذي يُنْكِر النعمةَ ويَكْفُرُها – حتى يمتحن الله بالمال والأولاد والزوجة. قال تعالى:

       « وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ» (الأنفال:28).

       وقال:

       « إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ» (التغابن:15).

       فكلُّ إنسان مُمْتَحَنٌ – مُعَرَّضٌ لِلْاِمْتِحَانِ والابتلاء – في كل ما لديه الذي يبدو نعمةً؛ ولكن اللهَ إذا أراد حَوَّلَهُ نِقْمَةً، وفي كل الأوضاع والأحوال التي تَعْتَرِيه في حياته حتى آخر لحظة من حياته الفانية. قال تعالى:

       « كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ» (الأنبياء:35).

       وكُلُّ ذلك ليعلم اللهُ الصادقَ من الكاذب، والضعيف الإيمان من القوي الإيمان، والصابر من الجازع.

       قال جَلَّ ثناؤُه:

       «الم (١)أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢)وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ» (العنكبوت: 1-3).

       ومهما كان الإنسانُ عظيمًا لا يَكُنْ في نَجْوَة من الابتلاء حتّى الأنبياء وهم أشرف خلق الله تعالى يُبْتَلَوْنَ بلاءً أشدّ من البلاء الذي ينزل بغيرهم من بني آدم. قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إن أشدّ الناس بلاءً الأنبياءُ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ، ثم سائر الناس على قدر دينهم؛ فمن ثَخُنَ دينُه اشتدّ بلاؤُه، ومن ضَعُفَ دينُه ضَعُفَ بلاؤُه»(1).

       ومن ثم أَكَّدَ النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- أن البلايا من علامات حبّ الله تعالى لعبده، فقال:

       «إنّ عِظَمَ الجزاء من عِظَم البلاء، وإن الله – عَزَّ وجَلَّ – إذا أَحَبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رَضِيَ فله الرِّضَىٰ، ومن سَخِطَ فله السَّخَطُ»(2).

       وفي حديث آخر أَكَّدَ –صلى الله عليه وسلم- أن إصابة البلاء للمؤمن خيرٌ له من أن يُؤَخَّرَ عنه ليوم الحساب فينال العقاب، فقال:

       «إذا أَرَادَ اللهُ بعبده الخيرَ عَجَّلَ له العقوبةَ في الدنيا، وإذا أَرَادَ بعبده الشرَّ أَمْسَكَ عنه بذنبه، حتى يُوَافِيَه به يوم القيامة»(3).

       وجاء في حديث:

       «وما من مسلم يُصِيبُه أَذًى من مرض فما سواه، إلّا حَطَّ اللهُ تعالى به سيئاته كما تَحُطُّ الشجرةُ ورقَها»(4).

       و وَرَدَ في حديث آخر:

       «ما يُصِيب المسلمَ من نَصَب ولا وَصَب، ولا همّ ولا حزن، ولا غمّ ولا أذى، حتى الشوكة يُشَاكُها، إلا كَفَّرَ اللهُ بها من خطاياه»(5).

       ثم ينبغي أن يُلاَحِظ المؤمنُ دائمًا أنه ليس كل ما تَكْرَهُه نفسُه من المرض والمصيبة والفقر وحرمان النعمةِ التي يُحِبُّها، شرًّا له في الحقيقة التي لا يعرفها إلا الله -عَزَّ وجَلَّ- وكذلك ليس كلُّ ما يُحِبُّه من الغنى والصحة، والنجاة من المصيبة، والمال والأولاد، وجميع النِّعم التي ترغب فيها النفس البشريّة، خيرًا له في الواقع الذي لا يُدْرِكه إلّا اللهُ العليمُ الخبيرُ. قال الله تعالى:

       «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» (البقرة:216).

       وقال:

       «فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» (النساء:19).

       حيث قد يرى الإنسانُ أمرًا ما أنه شرٌّ فيما يبدو له، ولكنه يكون خيرًا محضًا بنتائجه. وما جاء في القرآن الكريم من قصة موسى والخضر – عليهما السلامُ – يُبَيِّن هذه الحقيقة خيرَ بيان؛ حيث إن الخضر – عليه السلام – خرق السفينة التي كان قد ركبها هو وسيّدُنا موسى – عليه السلام – وكان ذلك شرًّا كبيرًا في ظاهره لم ير نبيُّ اللهِ من الجائز السكوت عليه، فانتقده انتقادًا شديدًا، وكذلك قتل الغلام دون ذنب يرتكبه فيما بدا لسيدنا موسى خَطَأٌ كبيرٌ، فاستنكره أشدَّ الاستنكار.

       قال تعالى:

       « فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١)قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢)قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (٧٣)فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا» (الكهف: 71-74).

       وعندما بَيَّنَ الخضر – عليه السلام – حقيقةَ الأمر، علم سيّدُنا موسى أن خَرْقَ السفينة كان في الواقع حمايتها من غصب ملك ظالم وكان أهل السفينة مساكين يعملون في البحر لكسب لقمة العيش. أما قتل الغلام الذي كان في الظاهر بريئًا، كان حمايةً لوالديه من الكفر الذي كان ليَجُرَّهُما إليه لو بَقِيَ حَيًّا وأَبْدَ لَهُما رَبُّهُما خيرًا منه زكاةً وأقربَ رُحْمًا.

       قال تعالى:

       «أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (٧٩)وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (٨٠)فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ» (الكهف: 79-81).

       وكذلك كان سيِّدُنا موسى – عليه السلام – اسْتَنْكَرَ على الخضر – عليه السلام – إقامتَه لجدار في القرية التي أَبَىٰ أهلُها أن يُضَيِّفُوهما رغمَ استطعامهما إيّاهم وطلبهما منهم تضييفَهما؛ لأنهما كانا قد شعرا بالجوع، قائلاً له – الخضر – لو شِئْتَ لااتَّخَذْتَ عليه أجرًا كان لنا أن نُّهِيِّئَ به الطعام الذي كان من شأنه أن يُغْنِيَنَا من الجوع؛ لأنه – سيِّدنا موسى – عليه السلام – رأى موقفَه – الخضر – غير لائق بهذه المناسبة التي أَحْوَجَتْهُمَا شديدًا إلى دفع الجوع، وبما أن أهل القرية لم يَتَبَرَّعُوا بإطعامهم كان واجبًا عليه – الخضر – فيما ارتأى سيدنا موسى أن يشترط عليهم دفعَ الأجر إليه لقاءَ قيامه بإقامة الجدار الذي كاد ينقضّ في قريتهم.

       ولكن الخضر – عليه السلام – أوضح فيما بعد لسيِّدنا موسى – عليه السلام – أنه كان مأمورًا بإقامة الجدار من ربّه، فكان موقفه موقفًا لابدّ له منه؛ لأنّه أَدَّى المسؤوليّةَ المُكَلَّفَ أداءَها من الله – عز وجلّ-، ولو لم يُؤَدِّها لكان عاصيًا له تعالى؛ لأن الجدار كان يحتوي تحتَه كنزًا لغلامين يتيمين كان أبوهما صالحًا وقدمات، فأراد الله أن يحفظ لهما كنزهما لحين بلوغهما رُشْدَهما.

       قال تعالى:

       «وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ» (الكهف:82).

       ثم إنّ البلية لا تصيب أحدًا إلّا بقدر الله وقسمته. قال الله – عزَّ وجلَّ-:

       « قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» (التوبة:51).

       وإنّما قَيَّدَ اللهُ التوكلَ بالمؤمنين لأنهم هم الذين يتوكّلون على الله ويثقون برحمته ويعلمون أن في كل من السلامة والابتلاء حكمةً لله، ورحمةً بالمؤمنين، وخيرًا لهم قدره الله لهم عن طريق الابتلاء والاختبار، فتسكن نفوسُهم وتَطْمَئِنُّ قلوبهم ويطيبون نفسًا بما ادَّخَرَ الله لهم من الأجر الجزيل، ويُؤْمِنُون بأنّه ما أَصَابَهم لم يكن ليُخْطِئَهُم، وما أَخْطَأَهم لَمْ يكن ليُصِيبَهم، فقد روى أبوداود في سننه أن عُبَادَةَ بنَ الصامت – رضي الله عنه – قال لابنه:

       «يا بُنَيَّ! إِنّك لن تجدَ طعمَ حقيقة الإيمان حتى تعلمَ أنّ ما أَصَابَك لم يكن ليُخْطِئَك، وما أَخْطَأَك لم يكن لُصِيبَك، سمعتُ رسولَ الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن أوّلَ ما خلق اللهُ القلمُ، فقال له: اُكْتُبْ، قال: يارَبِّ! وما ذا اكتُبُ؟. قال: اُكْتُبْ مقاديرَ كل شيء حتى تقوم الساعةُ». يا بُنَيَّ! إني سمعتُ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: «من مات على غير هذا فليس منّي»(1).

       وفي رواية الترمذي:

       عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: كنتُ خلفَ النبي –صلى الله عليه وسلم- يومًا فقال: «يا غلامُ! إني أُعُلِّمك كلمات: اِحْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، اِحْفَظِ اللهَ تَجِدْه تُجَاهَك، إذا سألتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وإذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله. واعْلَمْ أن الأمة لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلّا بشيء قد كَتَبَه اللهُ لك. وإن اجتمعوا عَلَىٰ أن يَضُرُّوك بشيء، لم يَضُرُّوك إلّا بشيء قد كَتَبَه اللهُ عليك. رُفِعَتِ الأقلامُ، وجَفَّتِ الصُحُفُ»(2).

       وفي رواية غير الترمذي:

       اِحْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أمامك، تَعَرَّفْ إلى الله في الرَّخَاء، يَعْرفْك في الشِّدَّة. واعْلَمْ أنّ ما أَخْطَأَك لن يكن ليُصِيبَك، وما أَصابَك، لم يكن ليُخْطِئَك. واعْلَمْ أنّ النصرَ مع الصبر، وأنّ الفَرَجَ مع الكَرْب، وأنّ مع العُسْر يسرًا»(3).

       وإذا كان الأمر كذلك، فإن المؤمن يظلّ مُطْمئِنًّا في السَّرَّاء والضَّرَّاء والمَنْشَط والْـمَكْرَه والسلامة والبلاء على السواء، يرجو الفَرَجَ، ويثق بلطف الله ورحمته، ويجزم بأن الله أَرْحَمُ بعباده من الأمّ الحَنُون الرَّؤُوم برضيعها، ويَرْضَىٰ بما قسمه الله له من الصحة والمرض، والعافية والبلاء، والرخاء والضيق، والغنى والفقر، والسعادة والشقاء، والخير والشرّ، والاختبار في أي من نفسه أو ماله، أو أولاده وأحبائه، أو إخوانه ومعارفه. فلا يَطْغَىٰ عند الابتلاء بالخير الذي لا تُعَدُّ أنواعُه، ولا يَجْزَع عند الابتلاء بالشرّ الذي لا تُحْصَىٰ أشكالُه.

*  *  *


(*)     المتخرج من الجامعة الإسلامية: دارالعلوم/ ديوبند، الهند، والحامل لشهادة الماجستير في الفلسفة في اللغة العربية وآدابها من جامعة دهلي.

(1)      مسلم: 2999.

(1)      صحيح ابن حبان: 7/184.

(2)      الترمذي: 2396.

(3)      الترمذي: 2396.

(4)      البخاري: 5660؛ ومسلم: 2571.

(5)      البخاري: 5641؛ ومسلم: 2573.

(1)      أبوداود: 4700.          (3)   مسند الإمام أحمد: 2803.

(2)      الترمذي: 2516.

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، جمادى الآخرة  1438 هـ = مارس 2017م ، العدد : 6 ، السنة : 41

Related Posts