الملك فهد إلي رحمة الله
الشيخ : د. عبد الرحمن السديس
إمام و خطيب المسجد الحرام
شكلت المؤسسات الإسلامية والمساجد والمراكز الثقافية التي شيدتها المملكة في مختلف قارات العالم قلاعًا حصينة للفكر والإيمان ومنارات مضيئة لنشر الدعوة والثقافة العربية، ومنابر علم وهدى ومشاعل خير لإطلاع العالم على حقيقة الإسلام وسماحة هذا الدين وسمو مبادئه ونبل مقاصده في هداية وتكريم الإنسانية. وأسهمت تلك المؤسسات بدور فاعل في دحض الشبهات التي يروجها أعداء الإسلام وفي الرد على الحقائق المغلوطة التي بثها المستشرقون في كتاباتهم المتحاملة عن الإسلام والمسلمين. ولعبت دورًا مهمًا في تثبيت الأقليات المسلمة المنتشرة في أنحاء العالم، والتي تتعرض لسيل جارف من مغريات الحضارة المادية المعاصرة.
وجاءت المراكز الإسلامية والثقافية تعبيرًا صادقًا عن الجهود العظيمة التي تبذلها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين – يرحمه الله – المتعاقبة للتعريف بالإسلام تعريفًا صحيحًا، وإيمانًا منها بمسؤوليتها التاريخية والأخلاقية والإنسانية، ونهوضًا منها بخدمة ودعم ومساندة جميع المسلمين في مختلف أرجاء الأرض والوقوف إلى جوارهم وكترجمة صادقة لمبدأ التضامن الإسلامي الذي ترفعه بإخلاص.
فقد سعت المملكة بكل جهدها وسخرت كل إمكانياتها لتوفير الآليات الملائمة لتحقيق هذه الأهداف الإنسانية النبيلة وتلك الغايات الإسلامية، فبرزت تلك المؤسسات الإسلامية والمراكز الثقافية نماذج حية في خدمة الإسلام ونشر تعاليمه خاصة في ظل هذا العصر الذي يشهد صراعًا عنيفًا بين الأفكار والثقافات والأيديولوجيات في ساحات مفتوحة للاستقطاب والغزو الثقافي والفكري.
هذا في الوقت الذي تعاني فيه الأقليات المسلمة المنتشرة في أنحاء العالم من مشكلات اقتصادية عديدة تتمثل في الفقر والحرمان، كما تواجهها مشكلات اجتماعية خطيرة بانصهارها الاجتماعي في الأكثرية مما يؤدي إلى تأكل خصائصها وصفاتها.
وتأتي جهود المملكة في خدمة الإسلام من صلب رسالتها القائمة على نشر الدعوة الإسلامية والاهتمام بقضايا المسلمين والعناية بكل ما هو إسلامي حيث ذهبت المملكة إلى المسلمين في كافة مواقعهم وقاراتهم لتقيم لهم المساجد والمراكز الإسلامية، ودور العلم، والمؤسسات العلمية والدعوية، والصحية، والاجتماعية، تحقيقًا لقول الله تعالى ﴿وَتَعَاوَنُوْا عَلـٰـى الْبـِرِّ وَالتَّقْوٰى﴾ وتجسيدًا لمبدأ التكافل، ورفعة شأن المسلمين في كل مكان باعتبارها قبلة المسلمين ومنطلق رسالة الإسلام الخالدة.
وأنفقت المملكة بلايين الريالات في سبيل بناء جسور التعاون مع الدول الإسلامية والأقليات المسلمة في جميع أنحاء العالم، من خلال إقامة تلك المؤسسات الضخمة ودور العلم ونتيجة لتلك الجهود العظيمة فقد بلغت المراكز التي شيدتها المملكة أو ساهمت في بنائها حوالي 210 مراكز إسلامية وأكثر من 150 مسجد بالإضافة إلى 1000 مدرسة لتعليم أبناء المسلمين. وفيما تقدم أبرز تلك الصروح الإسلامية من المساجد والمراكز الإسلامية.
ففي قارة آسيا: مسجد الملك فيصل في إسلام آباد بالباكستان الذي بلغت تكلفته 130 مليون ريال. وبدأ تنفيذه في عام 1396هـ / 1976م.
- مركز الملك فيصل في جزر المالديف: ويشتمل على مسجد يتسع لـ(4000) مصل وفصول دراسية لتعليم القرآن الكريم، ومكتبة إسلامية، وقد بلغت تكاليفه سبعة ملايين ريال.
- المراكز الإسلامي في طوكيو باليابان وقد أسهمت المملكة في بنائه بمبلغ مليون وثمانمائة ألف ريال.
- المركز الإسلامي الإندونيسي: وقد بلغ إسهام المملكة في إنشائه حوالي سبعة ملايين ريال.
- مساجد الصين الشعبية: في كل من تايبيه وتايجون وكاوتسونج، وقد بلغت المساهمة في بناء المساجد الثلاثة حوالي أربعة ملايين ريال.
أما في أفريقيا فقد أسهمت المملكة في بناء وتشييد عشرات المراكز والمساجد والمدارس ومن ذلك :
- جامع ياوندي الكبير في الكاميرون : ويعد صرحًا إسلاميًا كبيرًا في قلب القارة السمراء، ومعلمًا بارزًا، ومركزًا مهمًا لنشر الدعوة الإسلامية في إفريقيا، ويتسع الجامع لحوالي 5000 مصل. ويحتوي على مدرسة ومكتبة وبلغت تكلفته 18,75 مليون ريال أي ما يعادل خمسة ملايين دولار أمريكي.
- جامع الملك عبد العزيز في تونس: ويعد واحدًا من أكبر وأجمل المساجد الحديثة المقامة بتونس. ويضم ثلاث قاعات كبرى للصلاة تبلغ مساحتها الإجمالية 1500 متر مربع، ويتسع لأكثر من 2000 مصل، وقد بلغت تكاليفه حوالي 610 آلاف دينار تونسي.
- مسجد الملك فيصل في نجامينا بتشاد: ويشتمل على مسجد جامع ومدرسين وقاعة محاضرات ومكتبة وبجانبه مجموعة كبيرة من المحلات التجارية وبلغت تكاليفه أكثر من 60 مليون ريال.
- مسجد ومركز الملك فيصل بغينيا كوناكري وهو يعد أحد المعالم الرئيسية في العاصمة ويتسع لحوالي 20,000 مصل بلغت تكاليفه نحو 60 مليون ريال. أما المركز الإسلامي الملحق به فيشتمل على مدرسة وقاعة محاضرات ضخمة وتكلف بناؤه حوالي 20 مليون ريال.
وشيدت المملكة 10 مساجد في جمهورية مصرالعربية لصالح متضرري الزلزال في عدد من المدن والمحافظات المصرية وبلغت تكلفتها أكثر من 6,727 مليون ريال .
- مسجد باماكو بمالي: ويتكون من مسجد جامع وسكن للإمام والمؤذن ومكتبة وقاعة محاضرات وبلغت تكاليفه حوالي 25 مليون ريال.
- المركز الإسلامي في أبوجا بنيجيريا. إنشأ هذا المركز في العاصمة الجديدة (أبوجا) وهو مركز ضخم مكون من مسجد جامع ومكتبة ومدرسة وفندق وقاعة محاضرات ومساكن وقد أسهمت المملكة في بنائه بمبلغ 100 مليون ريال.
وفي أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا أسهمت المملكة إسهامًا بارزًا في إنشاء العديد من المراكز والمساجد التي بلغت حوالي 18 مسجدًا ومركزًا.
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . شعبان – شوال 1426هـ = سبتمبر – نوفمبر 2005م ، العـدد : 8–10 ، السنـة : 29.