دراسات إسلامية

بقلم:  مساعد التحرير

       اليتيم مشتق من الانفراد، ومنه الدرة اليتيمة أي المنفردة بالحسن، وأطلقه العرب على من فُقِدَ أبوه في حال صغره كأنه بقي منفردًا لايجد من يدفع عنه. واليتيم فرد من أفراد المجتمع الإنساني، لايعقل من أمر دينه ودنياه، ولايهتدي إلى أسباب الصلاح والنجاح، وفي حاجة شديدة إلى من يكفله ويحوطه ويربيه ويرعى مصالحه ويدبر شؤونه في غاية من النصح والإخلاص والأمانة. فكفالة اليتيم مطلب شرعي وحاجة إنسانية؛ ولذا اعتنى به النبي-صلى الله عليه وسلم- أيما عنايــة؛ فقد بعث رحمة للناس، وشملت رحمته -بجانب الحيوان و الحجر- الأيتامَ الذين لايجدون من يكفلهم ويقوم عليهم، وحثّ النبي-صلى الله عليه وسلم- على كفالة اليتيم، ورغَّب في القيام بأمره. وأيّ جزاء أجزل، وأيّ تكريم أعظم من أن يَعِدَ النبي-صلى الله عليه وسلم- صاحبَه الجنة؛ فقد جاء في أصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل- من حديث سهل بن سعد-رضي الله عنه- عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» وأشار بالسبابة و الوسطى، وفرج بينهما شيئًا(1).

       قال ابن حجر في فتح الباري: «قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي-صلى الله عليه وسلم- في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.

       قلت: قد تقدم الحديث في كتاب اللعان، وفيه: «وفرج بينهما» أي بين السبابة والوسطى. وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي-صلى الله عليه وسلم- وكافل اليتيم قدرتفاوت ما بين السبابة والوسطى، وهو نظير الحديث الآخر: «بعثت أنا والساعة كهاتين» الحديث(2). وزعم بعضهم أنه –صلى الله عليه وسلم- لما قال ذلك استوت إصبعاه في تلك الساعة ثم عادتا إلى حالهما الطبيعية الأصلية تأكيدًا لأمر كفالة اليتيم. قلت: ومثل هذا لا يثبت بالاحتمال ويكفي في إثبات قرب المنزلة من المنزلة أنه ليس بين الوسطى والسبابة إصبع أخرى.

       وقد وقع في رواية لأم سعيد المذكورة عند الطبراني: «معي في الجنة كهاتين – يعني المسبحة و الوسطى- إذ اتقى».

       ويحتمل أن يكون المراد قرب المنزلة حالة دخول الجنة؛ لما أخرجه أبويعلى من حديث أبي هريرة رفعه: «أنا أول من يفتح باب الجنة فإذا امرأة تبادرني فأقول: من أنت؟ فتقول: أنا امرأة تأيمت على أيتام لي»(3). ورواته لا بأس بهم. وقوله: «تبادرني» أي لتدخل معي أو تدخل في إثري.

       ويحتمـل أن يكون المراد مجمـوع الأمرين سرعة الدخـول وعلو المنزلة، وقد أخرج أبوداود من حديث عوف بن مالك رفعـه: «أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة امرأة ذات منصب وجمال حبست نفسها على يتاماها حتى ماتوا أو بانوا»(4). فهذا فيه قيد زائد وتقييده في الرواية التي أشرت إليها بقوله: «اتقى الله» أي فيما يتعلق باليتيم المذكور.

       وقد أخرج الطبراني في المعجم الصغير من حديث جابر قلت: «يا رسول الله، ممّ أضرب منه يتيمي؟ قال: ممّ كنت ضاربا منه ولدك غير واقٍ مالك بماله، ولا متأثل من ماله مالًا»(5).

       وقد زاد في رواية مالك المذكور: «حتى يستغني عنه» فيستفاد منه أن للكفالة المذكورة أمدًا.

الحكمة في كونه كافل اليتيم مع النبي صلى الله عليه وسلم(6)

       قال القرطبي: معنى قوله: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين» أنه معه فيها وبحضرته غير أن كل واحد منهما على درجته فيها؛ إذ لا يبلغ درجة الأنبياء غيرهم ولا يبلغ درجة نبينا أحد من الأنبياء، وإلى هذا المعنى الإشارة بقرانه بين أصبعيه فيفهم من الجمع بين المعية والحضور ومن تفاوت ما بينهما اختصاص كل منهما بدرجة ومنزلة اهـ(7).

       قال الحافظ العراقي: لعل الحكمة في تشبيه كافل اليتيم بالنبي في دخول الجنة أو في علوّ المنزلة أو في القرب منه كونه من شأنه أن يبعث إلى قوم لايعقلون أمر دينهم فيكون كافلاً لهم ومعلمًا ومرشدًا و كذا كافل اليتيم يقوم بكفالة من لايعقل أمر دينه؛ بل ولا دنياه فيرشده ويعلمه ويحسن أدبه فظهرت مناسبة ذلك اهـ(8).

       وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة» وأشار مالك بالسبابة والوسطى(9).

       وقال النووي في شرحه على مسلم: «كافل اليتيم القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك، وهذه الفضيلة تحصل لمن كفله من مال نفسه أو من مال اليتيم بولاية شرعية، وأما قوله: له أو لغيره، فالذي له أن يكون قريبًا له كجده وأمه وجدته وأخيه وأخته وعمه وخاله وعمته وخالته وغيرهم من أقاربه، و الذي لغيره أن يكون أجنبيًّا»(10).

       ويشير الإمام المناوي في فيض القدير– حكاية عن الحكيم الترمذي- إلى علة فضل كفالة اليتيم على غيره من الأعمال حيث يقول: «قال الحكيم: إنما فضل هذا على غيره من الأعمال؛ لأن اليتيم قد فَقَدَ تربية أبيه، وهي أعظم الأغذية لتعهده لمصالحه، فإذا قبض الله أباه فهو الولي لذلك اليتيم في جميع أموره؛ ليبتلي به عبيده لينظر أيهم يتولى ذلك فيكافئه. والذي يكفل اليتيم يؤدي عن الله ما تكفل به؛ فلذلك صار بالقرب منه في الجنة، وليس في الجنة بقعة أشرف من بقعة بها سيدنا محمد وسائر الرسل -صلى الله عليه وعليهم وسلم-، فإذا نال كافل اليتيم القرب من تلك البقعة فقد سعد جَدّه وسما سعدُه، قال الحرالي: في ضمنه تهديد في ترك الإحسان له فمن أضاع يتيمًا ناله من عند الله عقوبات في ذات نفسه وزوجه وذريته من بعده، ويجري مأخذ ما تقتضيه العزة على وجه الحكمة جزاء وفاقًا وحكمًا قصاصًا»؟(11).

       قال الباجي: «كافل اليتيم هو الذي يكفله ويقوم بأمره وينظر له، وقوله –صلى الله عليه وسلم-: «له أو لغيره»، يحتمل –  والله أعلم – أن يكون الكافل امرأة فتكفل اليتيم وهو ابنها، ويحتمل أن يريد الرجل يكفل يتيمًا من أقاربه؛ لأن اليتيم في بني آدم بموت الأب دون موت الأم، وقوله –صلى الله عليه وسلم -: «أو لغيره» يريد أن لايكون من عشيرته، والله أعلم وأحكم. وقوله –صلى الله عليه وسلم-: «كهاتين» وأشار بأصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام يريد السبابة. قال: عيسى بن دينار: يقول لا أفضله في الجنة إلا بقدر فضل الوسطى على التي تلي الإبهام»(12).

       وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: «أن رجلًا شكا إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قسوة قلبه، فقال له: «امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين»(13).

       وروى أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه، أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين» يشير بأصبعيه(14).

       وروى ابن عباس-رضي الله عنهما- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «من قبض يتيمًا من بين المسلمين إلى طعامه وشرابه أدخله الله الجنة البتة، إلا أن يعمل ذنبًا لايغفر»(15).

       وعن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة»(16).

       ومعنى «أحرج»: ألحق الحرج وهو الإثم بمن ضيع حقهما، وأحذر من ذلك تحذيرًا بليغًا، وأزجر عنه زجرًا أكيدًا. وإنما حرج النبي –صلى الله عليه وسلم- حق اليتيم والمرأة، لأنهما لا قوة لهما ولا ملجأ إلا إلى الله تعالى(17).

       وأعلن النبي الكريم –صلى الله عليه وسلم- وصيتَه على اليتامى والفقراء: «من ترك مالًا فلورثته، ومن ترك كَلًّا فإلينا»(18).

       قال العيني في شرحه: «قوله: «كَلًّا»- بفتح الكاف وتشديـد اللام- قال ابن الأثـير: الكَلّ: الثقل من كل ما يتكلف، و الكَلُّ العيال. قلت: الذين من كل ما يتكلف. قوله: «إلينا»، معناه يرجع أمر الكَلّ إلينا، فإن كان على الميت دين فعليه وفاؤه كما نص عليه. بقوله: «من ترك دينًا فعليّ» وإن لم يكن عليه دين وترك شيئًا فلورثته إن كانوا؛ وإلا فالأمر إليه –صلى الله عليه وسلم-، وكذلك إذا ترك عيالًا ولم يترك شيئًا؛ لأن أمور المسلمين كلها يرجع إليه في كل حال(19).

       فقد اليتم حنان أبيه فعوّضه  الإسلام حنان أمة ودولة.

       وذكر الحسن البصري -رحمه الله- أن يتيمًا كان يحضر طعام ابن عمر-رضي الله عنه- فدعا بطعام ذات يوم فطلب يتيمه فلم يجده، فجاء بعد ما فرغ ابن عمر فدعا له ابن عمر بطعام، فلم يكن عندهم، فجاءه بسويق وعسل، فقال: دونك هذا، فوالله ما غبنت. يقول الحسن: وابن عمر والله ما غبن(20).

       أي أن اليتيم لما فاته الطعام قدم له عوضًا عنه سويقًا وعسلاً وهومن خير الطعام، فأخبره بأنهم ما غبنوه بأكلهم الطعام، فقد حصل على خير منه، وابن عمر ما غبن؛ لحصوله على أجر إطعام اليتامى، وكان ابن عمر -رضي الله عنه- لا يأكل طعامًا إلا وعلى خوانه يتيم(21).

       وروى عبد الرحمن بن أبزى قال: قال داود -عليه السلام-: «كن لليتيم كالأب الرحيم، واعلم أنك كما تزرع كذلك تحصد»(22).

       وقد حض الله تعالى على منح اليتامى من الصدقات بأنواعها الخاصة والعامة، كقوله تعالى: ﴿وَاٰتَى الْـمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبٰى وَالْيَتٰمٰى وَالْـمَسٰكِينَ﴾ [البقرة/177]، وقال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان/8]، وجعل لهم حقًا في الفيء وخمس الغنيمة بقوله: ﴿مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلّٰهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبٰى وَالْيَتٰمٰى﴾ [الحشر/6] وقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتٰمٰى﴾ [الأنفال/41].

       والآيات في ذكر اليتامى كثيرة تحض على كفالة اليتيم، والإنفاق عليه، واحتضانه، والحرص على إنقـاذه من براثن الجوع والفقر والهوان، وحمايتــه من أن يقع فريسـة سائغـة لأعداء الإسلام من اليهود والنصارى والمشركين الذين ينشرون دعاتهم في أكناف العالم الإسـلامي ويمدونهم بمال، ويلقِّونَهُم مبادئَ الكفر والفسق واليهودية والنصرانية، و يربّونهم تربيةً تتفق وأهواءَهم وميولهم، ويستغلونهم لتحقيق أهدافهم الخبيثة، والواقع يشهد بذلك.

       من صور كفالة اليتيم أن يضم الكفيل اليتيم إلى أسرته، فينفق عليه ويقوم على تربيته وتأديبه، ويعامله معاملة أولاده في الإحسان إليه، وهذه الصورة من الكفالة هي الغالبة في عصر الصحابة، كما تشير إليه الأحاديث المروية في هذا الباب، ومن الأمثلة على ذلك حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: كنت في المسجد فرآني النبي –صلى الله عليه وسلم- في المسجد فقال: «تصدقن ولو من حليكن»، وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها، فقالت لعبد الله: سل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أيجزئ عني إن أنفقت عليك، وعلى أيتام في حجري من الصدقة؟ قال: سلي أنت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. فانطلقت إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فوجدت امرأة من الأنصار على الباب، حاجتها مثل حاجتي، فمرّ علينا بلال، فقلت: سل لنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: هل يجزئ عني أن أتصدق على زوجي وأيتام في حجري من الصدقة؟ وقلنا: لاتخبر بنا، قالت: فدخل فسأله، فقال من هما؟ قال: زينب ، قال أي الزيانب هي؟ قال: امرأة عبد الله؟ فقال نعم يكون لها أجر القرابة وأجر الصدقة(23).

من فوائد كفالة اليتيم

       (1) صحبة الرّسول صلى الله عليه وسلم في الجنّة، وكفى بذلك شرفًا وفخرًا.

       (2) كفالة اليتيم صدقة يضاعف لها الأجر إن كانت على الأقرباء (أجر الصّدقة وأجر القرابة).

       (3) كفالة اليتيم والإنفاق عليه دليل طبع سليم وفطرة نقيّة.

       (4) كفالة اليتيم والمسح على رأسه وتطييب خاطره يرقّق القلب ويزيل عنه القسوة.

       (5) كفالة اليتيم تعود على الكافل بالخير العميم في الدّنيا فضلًا عن الآخرة.

       (6) كفالة اليتيم تساهم في بناء مجتمع سليم خال من الحقد والكراهيّة، وتسوده روح المحبّة والودّ.

       (7) في إكرام اليتيم والقيام بأمره إكرام لمن شارك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في صفة اليتم، وفي هذا دليل على محبّته صلى الله عليه وسلم.

       (8) كفالة اليتيم تزكي المال وتطهّره وتجعله نعم الصّاحب للمسلم.

       (9) كفالة اليتيم من الأخلاق الحميدة الّتي أقرّها الإسلام وامتدح أهلها.

       (10) كفالة اليتيم دليل على صلاح المرأة إذا مات زوجها فعالت أولادها وخيريّتها في الدّنيا وفوزها بالجنّة ومصاحبة الرّسول –صلى الله عليه وسلم- في الآخرة.

       (11) في كفالة اليتيم بركة تحلّ على الكافل وتزيد من رزقه(24).

*  *  *

الهوامش:

(1)       رواه البخاري في الطلاق، باب اللعان[5304]

(2)       رواه البخاري في تفسير القرآن، باب يوم ينفخ في الصور[4936]

(3)       رواه أبويعلى في مسنده [6651]

(4)       رواه  أبوداود في الأدب، باب فضل من عال يتيما[5149]

(5)       رواه  الطبراني في المعجم الصغير [244].

(6)       فتح الباري 10/437.

(7)       دليل الفالحين3/80.

(8)       المصدر نفسه.

(9)       رواه مسلم في الزهد باب الإحسان إلى الأرملة..[ 2983]من حديث أبي هريرة.

(10)     النووي، شرحه على صحيح مسلم 18/113.

(11)     الحكيم الترمذي، نوادر الأصول2/55؛ المناوي، فيض القدير6/37

(12)     الباجي، المنتقى7/268.

(13)     رواه أحمد في المسند[9018]

(14)     رواه ابن ماجه في الأدب باب في حق اليتيم[3679].

(15)     رواه الترمذي في أبواب البروالصلة باب ما جاء في رحمة اليتيم وكفالته[1917].

(16)     رواه ابن ماجه في الأدب باب في حق اليتيم[3678].

(17)     الحريملي، تطريز رياض الصالحين1/200.

(18)     رواه البخاري في الاستقراض باب الصلاة على من ترك دينا [2398] .

(19)     عمدة القاري على صحيح البخاري12/235.

(20)     رواه البخاري ، الأدب المفرد[134].

(21)     رواه البخاري في الأدب المفرد[136].

(22)     رواه البخاري في الأدب المفرد[138].

(23)     رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار[3033].

(24)     نضرة النعيم 8/ 3264.

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ربيع الأول  1438 هـ = ديسمبر 2016م ، العدد : 3 ، السنة : 41

Related Posts