كلمة العدد
القارئ الـمُتَابِع لمجريات الأحداث في العالم العربي ولاسيّما دول الخليج العربية يعلم جيِّدًا وعن بصيرة أن أمريكا – الـمُدَارَة بأيدي الموساد والصهيونية العالمية – هي التي أَغْرَتْ الرئيس العراقي صدام حسين بغزو الكويت واحتلالها والإصرار على البقاء فيها وإعلانه بأنها ولاية من ولايات العراق الأخرى؛ وهي التي أَكَّدَت له بأنها لن تُسَاهِم بنحوما في اتّخاذ خطوة لإرغامها على التخلّي عن الكويت.
ويعلم أنها كيف اتخذت هذا الحدثَ – الذي تَعَمَّدَتْه – ذريعةً مباشرةً إلى تجمّعها العسكري الهائل الطويل الأجل في داخل الدول الخليجيّة العربية واتخاذ مَقَارَّ عسكريّة فيها، ثم شنّ حرب مدمرة ضد العراق من خلال تحالف عسكري مزعوم، وبالتالي إرغام العراق على الفرار من الكويت مَنْهُوكَ القوى، مُحَطَّم القدرات العسكرية، ثم فرض الحصار الاقتصادي الشامل عليه سنوات طويلة الذي دَمَّرَ الاقتصاد العراقي تدميرًا شاملاً، وجَعَلَ العراقَ يُعَانِي نقصًا غذائيًا خطيرًا حتى نقص الأدوية ووسائل العلاج ونقص الحليب الذي أَدَّىٰ إلى موت مئات آلاف من الأطفال والمرضى في المستشفيات الذين لم يجدوا علاجًا يُبْقِي على حياتهم.
إنّنا لا نريد أن نُصَحِّح الأخطاء والجرائم الخطيرة التي ارتكبها صدام حسن – العاقل المجنون – من وراء غزوه واحتلاله للكويت مهما كانت قد حَرَّضَتْه على ذلك أمريكا على تخطيط من الموساد وإيعاز من الصهيونية العالميّة، وإنما نودّ أن نشير إلى التخطيط الصهيوني الصليبي البعيد المدى لاستعباد العالم العربي، و استنزاف خيراته، وإذلال شعبه، وإذهاب ريح قادته الذين ربما بَدَوْا فارعي القامات. إن صدام حسين هو الذي أتاح لأمريكا أن تتدخّل مُبَاشَرَةً في العالم العربي، وتتخذ في الدول الخليجيّة مقارّها العسكرية، وتستخدمها في شنّ حربها على العراق باسم الحرب من أجل تحرير الكويت أولاً، والحرب على الإرهاب ثانيًا، والحرب على العراق من أجل إقامة الديموقراطية وإزالة الدكتاتورية المتمثلة في صدام حسين ثالثًا.
* * *
وعندما رأت وكالة الاستخبارات الصهيونية «الموساد» أن المؤامرة التي نَسَجَتْها لتدمير العالم العربي واستعباده وتسخير شعوبه لاتتم بتلك السرعة التي افترضتها، قامت بتنفيذ خطة أخرى أمكر من الأولى، وهي خطة تدمير مبنى التجارة العالمية بمدينة «نيويورك» الأمريكية.
فقد صَرَّحَ الموقع Press Pakalert – وهو مركز دراسات أمريكي يُعْنَىٰ بالمِلَفَّات الساخنة التي يعيشها العالم، والقضايا الكبرى على المستويات الأمنية والسياسيّة، وأبرزُ دراساته تَرَكَّزَتْ على أفغانستان، والقاعدة، والـ«سي آي إيه» والهند، والعراق، والشرق الأوسط، وحلف شمال الأطلسي، وباكستان، والإرهاب، وأمريكا، والصهيونية – صَرَّحَ في ديسمبر 2009م في دراسة له بعنوان «إسرائيل هي التي نَفَّذَتْ هجمات 11/9/2001م» استنادًا إلى أدلة لم تُنْشَرْ من قبل.. صَرَّحَ أن الصهيونية المتمثلة في «الموساد» هي التي قامت بتنفيذ هجمات 11/9/2001م في الـمَبْنَيَيْنِ الـمُزْدَوِجَيْن الـمُؤَلَّفَيْنِ من 110 طوابق وناطحة سحاب ذات هيكلية فولاذية مُكَوَّنَة من 47 طابقًا، تلك التي أَدَّتْ إلى أن تنهار بشكل كامل وبسرعة هائلة.
وهنا أعلن «جورج بوش» George Bush أنه سيخوض حربًا صليبية ضد العالمين العربي والإسلامي، وقال ضابط عسكري في «البنتاجون» بعد هجمات 11/9/2001م بوقت قصير: إن هناك خطة للهجوم على سبع دول شرق أوسطية بما فيها العراق وسوريا ولبنان وليبيا وإيران والصومال والسودان.
لكنها – أمريكا – عَنَّ لها أن تغزو أولاً أفغانستان في الفترة ما بين 7/أكتوبر 2001م و 2014هـ بحجة أن القاعدة هي التي نَفَّذَتِ الهجمات في المبنيين وأن مؤسسها أسامة بن لادن مستقر فيها وأن الطالبان الذي يُضَيِّفُونَه هم يؤيدون الإرهاب، فدَمَّرَتْها عن آخرها، وخَلَّتْها عن الطالبان، وأقامت فيها حكومةً عميلةً لها لا تزال تُؤَدِّي دورها لصالحها – أمريكا – .
ثم شَنَّتِ الحرب على العراق من خلال تحالف عسكري عالمي مزعوم كانت هي قائدته الأولى وكانت بريطانيا قائدته الثانية. وذلك في الفترة ما بين 19/مارس و1/مايو 2003م التي خاضت فيها حربًا شعواء على هذا البلد العربي الغني بالرجال والمال معًا.
ولكنها بقيت فيها بنحو مستقل تخوض الحرب بشكل أو آخر إلى 18/ديسمبر 2011م الذي غادر فيه آخر عسكري أمريكي العراق، ولكنها عادت إلى العراق من جديد بحجة الحرب على «داعش» ولايزال تواجدها العسكري في العراق قائمًا، ولا يزال العراق يحترق على أبنائها، وتتخرب بالحرب الأهلية المدمرة التي أشعلتها أمريكا بتغليب الشيعة على السنة في الحكم والسلطة.
شَنَّتْ أمريكا وبريطانيا الحرب على العراق رغم الاحتجاجات الصارخة في بلاد العالم وبريطانيا وأمريكا بالذات ضدّ هذه الحرب الظالمة بما فيها حشد من ثلاثة ملايين شخص في «روما» قد ذُكِرَ في كتاب «غينيس» للأرقام الأكاديمية باعتباره أكبر مسيرة مناهضة للحرب. وقد أَكِّدتِ الإحصائيات والأرقام أنه في الفترة ما بين 3/يناير و 12/أبريل 2003م شارك 36 مليون شخص فيما يقارب 3000 (ثلاثة آلاف) احتجاج ضد الحرب على العراق.
وشنتا الحرب على العراق رغم عدم الموافقة عليها من قبل الأمم المتحدة، بحجة أن صدام حسين لم يتناهَ عن غيّه، وأنه يعكف اليوم على إنتاج أسلحة الدمار الشامل، وأنه لابد من وضع حدّ للدعم الذي يُقَدِّمه إلى الإرهاب وبحجّة تحرير الشعب العراقي من الاستعباد الذي فرضه عليه.
وخلال استمرار الحرب أيامًا بدأ يرتفع النداء العالميّ: أين أسلحة الدمار الشامل التي زعمت أمريكا وبريطانيا أن صدام حسين عاكف على إنتاجها وتطويرها، ورغم البحث الحثيث الشامل عنها لم يوجد أثر لها في أي ناحية من نواحي العراق رغم أن لجنة البحث والتقصي بذلت كلَّ ما في وسعها ومَشَّطَتْ كلَّ شبر من أشبار العراق. وعندما رأت أمريكا وبريطانيا أن أكاذيبها قد افتضحت في قارعة الطريق وأن المبررات التي كانتا قد اختلقتاها من أجل فرض الحرب على البلد العربي القوي: العراق لتجريده من القدرات العسكرية قد افتقدت مصداقيتها، بدأتا تقولان في وقاحة منقطعة النظير: إن الغرض من وراء الحرب على العراق إنما هو بسط الديموقراطيّة في الربوع العراقية بعد إقصاء صدام حسين الدكتاتور المستبد بالحكم.
* * *
وبعد ما تم تدمير العراق كليًّا، وقتل مئات آلاف من الشعب العراقي ما بين المدنيين والعسكريين، وإعدام صدام حسين شنقًا، مارس مجرمو الحرب الظالمة وقاحة أخرى لاتعدلها وقاحة؛ حيث صارحوا أن التقارير التي كانت وكالة الـ«سي أئي إيه» وغيرها من وكالات الاستخبارات قد أَعَدَّتْها كانت مبنية على غير أساس.
فقد قَدَّمَ رئيس التحقيق الرسمي بشأن الحرب على العراق «سرجان تشلكوت» Sir John Chilcot يوم الأربعاء: 6/يوليو 2016م (30/رمضان 1437هـ) إلى البرلمان البريطاني تقريرًا ضافيًا مُؤَسَّسًا على الدراسة الشاملة العميقة يقع في 12 جزءًا وفي أكثر من ست مائة ألف صفحة وقوامه مليونان وست مائة ألف كلمة، استغرق إعداده وصياغته سبع سنوات وعُنْوِنَ بـ«دي عراق إنكوائري» The Iraq Enquiry أي «التحقيق العراقي» وأُعِدَّ التقرير بعد الاستماع إلى آراء مئات من الناس ودراسة 150 ألف من الوثائق، واتهم جدول المحلفين Panel في شان قيام القوات البريطانية بالعملية العسكرية في العراق كُلّا من الساسة وسلطات الاستخبارات والدبلوماسيين والجنرالات البريطانيين.
كان «تشلكوت» كُلِّفَ أن يدرس السياسات البريطانية بشأن العراق في الفترة ما بين 2001-2009م ليخلص إلى أنه هل كان الهجوم الأمريكي البريطاني على العراق عام 2003م صحيحًا أم خاطئًا. وكان هذا السؤال إنما فرض نفسه لأن بريطانيا أقدمت على الهجوم على دولة مستقلة لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية.
قال «تشلكوت» في تقريره: إن رئيس الوزراء البريطاني لدى الحرب على العراق «توني بليئر» Tony Blair بالغ جدًّا في طرح خطر صدام حسين، ولم يُوَظِّف قبل شن الهجوم جميع الأساليب الآمنة».
«وكان لايواجه بريطانيا أيُّ خطر حقيقي عاجل من صدام حسين».
«كما أن التخطيط لما سيحدث فيما بعد استبدال القيادة، كان غير واف من جميع النواحي».
«وما قيل عن خطر أسلحة الدمار الشامل في العراق بقوة وتأكيد، لم يتم إثباته بمثل تلك القوة والتأكيد».
«إن العملية العسكرية لم تكن حلًّا نهائيًّا في ذلك الوقت».
«وتم تجاهل مُعْطَيَات الهجوم العسكري على العراق رغم أن المخاوف كانت بادية في الأفق».
«كانت لجنة الاستخبارات المشتركة Joint intelligence committee مُطَالَبَةً بأن تُؤَكِّد لـ«توني بليئر» Tony Blair بأن المعلومات الاستخباراتية الحاصلة لاتؤكد أن العراق عاكف على إنتاج أسلحة نووية أو كيمياوية أو بيولوجيّة.
«وفي جانب آخر أوجدت بريطانيا على إيعاز من أمريكا جَوًّا يتهم كل من يعارض الحرب ويتحدث ضدّها بأنه يناصر الإرهاب».
في حين كان جورج بوش George Bush يُعْتَبَر البطل المحارب والقائد المقدام ضد الإرهاب.
وقد اشتد النقاش حول التقرير يوم الأربعاء: 6/يوليو 2016م (30/رمضان 1437هـ) في مجلس العموم House of Commons البريطاني ووصفت أسر القوات البريطانية التي قُتِلَت خلال الحرب في العراق بأنه إرهابي، وقادة القوات البريطانية طالبوه بتقديم اعتذار واقعي عن إقدامه على الحرب على العراق.
كان «بليئر» قال في مجلس العموم البريطاني يوم 18/مارس 2003م وهو يشرح المبررات «الـمُلِحَّة» التي دفعته إلى الحرب على العراق تحت القيادة الأمريكية:
«لماذا صارت القضيةُ مُلِحَّةً؛ لأن الحرب على العراق ستقرر مصير الحكومة العراقية وأكثر من ذلك مصير الشعب العراقي الذي قد انزعج كثيرًا من صدام حسين، إنهاستقرر كيف ستتعامل بريطانيا والعالم مع التحدي بشأن الأمن العالمي، إنها ستقرر الطريق للأمام للأمم المتحدة، إنها ستقرر العلاقة بين الغرب وأمريكا، والعلاقات بين أعضاء الاتحاد الأوربي، وإنها ستقرر كيف ستتعامل أمريكا في مع باقي العالم؟ إنها ستُقَرِّرُ منهج السياسة العالمية لصالح الجيل القادم».
ولكنه اليوم عندما حُوصِرَ من قبل الشعب البريطاني ورجالات القانون الرسميين لم يسعه إلّا أن يقول:
«إن التقرير الاستخباراتي عن العراق كان خاطئًا غير صحيح، وإني مُتأَسِّف على ذلك للحد الذي يفوق حسبان أي من الناس. ولم نتصور قَطُّ أن التقرير الاستخباراتي عن أسلحة الدمار الشامل قد تكون نتائجه بعيدة المدى، ومخزية، ودموية لهذا الحدّ.
«إني أتحمل كامل المسؤولية عن العملية العسكرية ضد الرئيس العراقي السابق صدام حسين».
لكنه لم يَنْسَ أن يُؤَكِّد:
«لكن هذا القرار كنا قد اتخذناه عن حسن النية؛ لأننا لم يكن لنا بُدٌّ من ذلك في ذلك الوقت. إن الإطاحة بحكومة صدام حسين كان القرار بذلك أعصب القرارات خلال فترة حكومتي الممتدة على عشر سنوات».
ومن جانبه صَرَّح تقرير «تشلكوت» بأن «توني بليئر» قد ضَلَّلَ في مارس 2003م كُلًّا من مجلس العموم البريطاني، والشعب البريطاني، وقادة الجيش البريطاني؛ لأنه مارس في مارس 2003م الكذب الصراح أمام الجميع؛ حيث إنه كان قد كتب قبل خطابه في مجلس العموم بثمانية شهور أي في يوليو 2002م إلى الرئيس الأمريكي «بوش»:
I will be with you whatever «أي إني سأقف بجانبكم مهما يكن من أمر».
إن «بليئر» لم يُقَدِّم اعتذارًا صريحًا إلى الشعب البريطاني أو أسر القتلى من الجيش البريطاني في هذه الحرب الظالمة على العراق، فضلاً عن الاعتذار إلى الشعب العراقي الذي قُتِلَ منه في الفترة مابين مارس 2003م وإلى الأيام الحالية مليون وست مائة ألف من المدنيين علاوة على من ذهبوا ضحايا لهذه الحرب الخاسرة من العسكريين العراقيين والقوات البريطانية حسب الموقع المخصص لإحصاء عدد القتلى العراقيين خلال الحرب وبعدها في الانفجارات التي لا تزال مستمرة.
* * *
ومن الداعي للعجب أنه قَدَّمَ اعتذارًا من قبله زعيم حزب العمال البريطاني «جيري كورباين» Jeremy Corbyn الذي قال: إنه يعتذر إلى الشعب العراقي، الذي ذهب منه مئاتٌ ضحايا الحرب، ولا تزال دولة العراق تحترق بمُعْطَيَات الحرب المدمرة. كما قَدَّمَ «كورباين» اعتذارًا إلى أسر القوات البريطانية التي قتلت في الحرب أو عادت إلى بلادها فاقدة أعضاءها الجسمية. قال «كورباين»: إن الجيش البريطاني أَدَّىٰ مسؤوليتَه؛ ولكنه أَدَّاهَا في حرب كان لايجوز أَنْ يُوَجَّهَ إليها.
وقَدَّمَ «كورباين» اعتذارًا كذلك إلى الشعب البريطاني الذي كان يخاف – وقد صدقت مخاوفه – أن قرار الحرب على العراق قد قَصَّرَ قامة الديموقراطية البريطانية.
وكذلك اعترف «جون بريس كوت» John Prescot الذي كان نائب رئيس الوزراء البريطاني في عهد رئيس الوزراء البريطاني «توني بليئر» في 2003م عندما شنت بريطانيا الحرب على العراق متكاتفةً مع أمريكا.. اعترف بعد ما مضى على شن الحرب على العراق 13 عامًا أن قرار بريطانيا بشأن الهجوم على العراق كان يفقد الشرعية بكل ما في الكلمة من معنى، إنه صَرَّح في مقال له نشرته الصحف الريطانية أنه غَيَّرَ رأيَه في شأن شرعيّة الهجوم الريطاني على العراق، وقال مضيفًا في المقال: إن الأمين العام للأمم المتحدة «كوفي عنان» Kofi Annan قال في تصريحه عن الحرب عام 2004م: إن الهدف الأساسي من الحرب على العراق هو تغيير السلطة،وهو أمر غير شرعي. وإني أعترف بغاية الأسف والسخط أنه – كوفي عنان – كان صادقًا في رأيه، ولم يمض يوم لم أفكر فيه في شأن مساهمة بلادنا بريطانيا في الحرب على العراق.. لم يمض يوم لم يخطر فيه ببالي خاطرٌ عن القوات البريطانية التي ضَحَّتْ بنفسها في هذه الحرب وعن الذين ذهبوا ضحايا للحرب من أجل إقصاء صدام حسين.. إني سأظل أعيش حياتي مع الأسف. وقد صَرَّح «كوت» أن بليئر كان قد كتب إلى بوش قبل الهجوم على العراق بثمانية شهور أنه سيكون معه مهما يكن من أمر.
* * *
إن الحرب على العراق شُنَّتْ باشتراك مع بريطانيا ومع دول أوربية أخرى بحجة أن صدام حسين لديه ركام هائل من أسلحة الدمار الشامل، ولكن أمريكا وبريطانيا والدول التي تكاتفت معهما عجزت لحد اليوم عن أن تجد لها أثرًا في العراق؛ ولكنها نجحت في نصب حكومة عميلة لها في العراق من خلال هذه الحرب التي دمرت العراق والإنسان العراقي والتي لا تزال تُبَيِّضُ وتُفَرِّخُ؛ حيث لا تزال الحرب الأهلية الشديدة مستمرة بالإضافة إلى جماعات إرهابية أوجدتها الصليبية والصهيونية وزرعتها في العراق وغيره من الدول العربية.
إن العراق رغم جميع العلات التي كان يعانيها على عهد صدام حسين، كان آمنًا مطمئنًا؛ وكان رغم دكتاتوريته مُزَوَّدًا بتسهيلات الصحة والتعليم والسكنى والأمن، وكان المواطنون يَنْعَمُون بالاقتصاد المُوَجَّه Controlled economy مكان الاقتصاد الحُرِّ.
ولكن أمريكا وبريطانيا الرأسماليتين لم يُعْجِبْهما أن يظل العراق متمتعًا بالرخاء والأمن والقوة العسكرية والاستقرار السياسي في غنى عنهما.
ولكن اليوم قد انكشف الغبار عن سَفَّاحي مئات آلاف من المــواطنين العراقيين، واعترف عدد منهم بذنوبهم، فهل يقوم كرسيُّ قضاء Tribunal عالمي ليحقق في هذه الجريمة العالمية التاريخية الهائلة ويحكم بعقاب واقعي رادع على المجرمين الذين يعرفهم الجميع، ويقوم بتنفيذ العقاب فيهم؟.
* * *
إن التحقيق الرسمي البريطاني، إنما أجرِيَ بهدف دراسة ما لحق بريطانيا من الخسائر المادية والمعنوية من أجل هذه الحرب الظالمة، ولا سيما خسائر أرواح الجيش البريطاني؛ لأن أوربّا وأمريكا تَحْسَبُ بل تَتَأَكَّد أن أرواحها ثمينة لا تُقَدَّرُ بثمن، أما أرواح العرب والمسلمين فلا قيمة لها – للأرواح – عندها – كل من أمريكا وبريطانيا – وكذلك الخسائر الماديّة التي تلحقهما أو تلحق الدول الأوربية تحسبان لها كُلَّ حساب ولا يليق لديهما بالحساب أَلْبَتَّةَ أَيُّ خسارة مادية تلحق العربَ والمسلمين؛ لأنهم مباحٌ استلابُ أموالهم وممتلكاتهم وخيراتهم بكل شكل من الأشكال؛ لذلك ظلت ولا تزال أمريكا والدول الغربية تعمل بشكل مدروس مستمرّ على امتصاص خيرات العالم العربي وإفقاره بل تحويله مفلسًا.
(تحريرًا في الساعة 9 من صباح يوم الأربعاء: 4/ذوالحجة 1437هـ الموافق 4/سبتمبر 2016م)
نور عالم خليل الأميني
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، المحرم – صفر 1438 هـ = أكتوبر – نو فمبر 2016م ، العدد : 1-2 ، السنة : 41