دراسات إسلامية

بقلم:  أ. د/ محمد السيد علي بلاسي (*)

لقد قدس الله – تعالى- قرآنه المجيد، ومن مظاهر هذا التقديس:الرسم المصحفي، ويراد به الوضع الذي ارتضاه سيدنا عثمان- رضي الله عنه – في كتابة كلمات القرآن وحروفه؛ حيث إن الأصل في المكتوب أن يكون موافقًا تمام الموافقة للمنطوق، من غير زيادة ولا نقص ولا تبديل ولا تغيير؛ لكن المصاحف العثمانية قد أهمل فيها هذا الأصل، فوجدت بها حروف كثيرة جاء رسمها مخالفًا لأداء النطق، وذلك لأغراض شريفة ظهرت، ومنها ما هو مكنون على أسرار كتاب الله، وَالتي تفسر يوما بعد آخر.(*)

كتابة القرآن الكريم

       اتخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كتّابًا للوحي، كلما نزل شيء من القرآن أمرهم بكتابته؛ مبالغة في تسجيله وتقييده، وزيادة في التوثق والضبط والاحتياط في كتاب الله – تعالى-؛ حتى تظاهر الكتابة الحفظ ويعاضد النقش اللفظ.

       وكان هؤلاء الكتاب من خيرة الصحابة، فيهم أبوبكر، وعمر، وعثمان، وعلي ، ومعاوية، وأبان بن سعيد، وخالد بن الوليد، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وثابت بن قيس، وغيرهم.

       وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يدلهم على موضع المكتوب من سورته، ويكتبونه فيما يسهل عليهم من العُسُب(1) و اللخاف(2)، والرقاع(3)، وقطع الأديم(4)، وعظام الأكتاف والأضلاع. ثم يوضع المكتوب في بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم-.

       وهكذا انقضى العهد النبوي الشريف والقرآن مجموع على هذا النمط، بيد أنه لم يكتب في صحف ولا في مصاحف؛ بل كتب منثورًا بين الرقاع والعظام ونحوها مما ذكرناه(5).

       ولـمّـا توفي النبي – صلى الله عليه وسلم – وقام بالأمر بعده أحق الناس به أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – وقاتل الصحابة – رضوان الله عليهم – أهل الردة وأصحاب مسيلمة وقتل من الصحابـة نحو الخمس مئة أشير على أبي بكر بكتابة القرآن في مصحف واحد(6)؛ خشية أن يذهب بذهاب الصحابة، فتوقف في ذلك من حيث إن النبيّ – صلى الله عليه وسلم – لم يأمــر في ذلك بشيء. ثم اجتمـع رأيه ورأي الصحابة – رضي الله عنهم– على ذلك، فأمر زيد بن ثابت بتتبع القرآن  وجمعه فجمعه في صحف كانت عند أبي بكر –رضي الله عنه– حتى توفي، ثم عند عمر – رضي الله عنه- حتى توفي، ثم عند حفصة – رضي الله عنها-(7).

       ولما كان في نحو ثلاثين من الهجرة في خلافة عثمان – رضي الله عنه – حضر حذيفة بن اليمان فتح أرمينية وآذربيجان فرأى الناس يختلفون في القرآن ويقول أحدهم للآخر: قراءتي أصح من قراءتك، فأفزعه ذلك! وقدم على عثمان وقال: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها ثم نردها إليك. فأرسلتها إليه، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هاشم أن ينسخوها في المصاحف وقال: إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنما نزل بلسانهم.

       فكتب عنها عدة مصاحف، فوجه بمصحف إلى البصرة ومصحف إلى الشام، وترك مصحفًا بالمدينة، وأمسك لنفسه مصحفًا يقال له «الإمام»، ووجه بمصحف إلى مكة وبمصحف إلى اليمن وبمصحف إلى البحرين.

       وأجمعت الأمة المعصومة من الخطأ على ما تضمنته هذه المصاحف وترك ما خالفها من زيادة ونقص وإبدال كلمة بأخرى مما كان مأذونًا فيه؛ توسعة عليهم ولم يثبت عندهم ثبوتًا مستفيضًا أنه من القرآن، فكتبت المصاحف على اللفظ الذي استقر عليه في العرضة الأخيرة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كما صرح به غير واحد من أئمة السلف كمحمد بن سيرين وعبيدة السلماني وعامر الشعبي. قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه-: «لو وليت في المصاحف ما وليّ عثمان لفعلت كما فعل»(8).

       وقرأ أهل كل مصر بما في مصحفهم وتلقوا ما فيه عن الصحابة الذي تلقوه من في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم قاموا بذلك مقام الصحابة الذين تلقوه عن النبي- صلى الله عليه وسلم-.

       فممن كان بالمدينة: ابن المسيب، وعروة، وسلم، وعمر بن عبد العزيز،وزيد بن أسلم.

       وبمكة: عبيد بن عمير، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، وعكرمة، وابن أبى مليكة.

     وبالكوفة: علقمة، والأسود، والحارث بن قيس، وعمرو بن ميمون، وأبو زرعة.

     وبالبصرة: عامر بن عبد قيس، وأبو العالية، ونصر ابن عاصم، ويحيى بن يعمر.

       وبالشام: المغيرة بن أبي شهاب المخزومي صاحب عثمان بن عفان في القراءة وغيره.

       ثم تجرد قوم للقراءة والأخذ ، واعتنوا بضبط القراءة أتم عناية؛ حتى صاروا في ذلك أئمة يقتدى بهم ويرحل إليهم ويؤخذ عنهم، أجمع أهل بلدهم على تلقي قراءتهم بالقبول ولم يختلف عليهم فيها اثنان، ولتصديقهم للقراءة نسبت إليهم.

       فكان بالمدينة: أبو جعفر القعقاع ثم شيبة بن نصاح ثم نافع بن أبي نعيم.

       وكان بمكة: عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن محيصن.

       وكان بالكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصم بن أبي النجود، وسليمان الأعمش ثم حمزة ثم الكسائي.

       وكان بالبصرة: عبد الله بن أبي إسحاق، وعيسى ابن عمر، وأبو عمرو بن العلاء ثم عاصم ثم يعقوب الحضرمي.

       وكان بالشام: عبد الله بن عامر، وعطية بن قيس الكلابى، وإسماعيل بن عبد الله ابن المهاجر ثم يحيى بن الحارث الذماري ثم شريح بن يزيد الحضرمي.

       ثم إنّ القرّاء بعد هؤلاء المذكورين كثروا وتفرقوا في البلاد وانتشروا وخلفهم أمم بعد أمم، عرفت طبقاتهم ، واختلفت صفاتهم، فكان منهم المتقن للتلاوة المشهور بالرواية والدراية، ومنهم المقتصر على وصف من هذه الأوصاف، وكثر بينهم لذلك الاختلاف، وقلّ الضبط، واتسع الخرق، وكاد الباطل يلتبس بالحق، فقام جهابذة علماء الأمة، وصناديد الأئمة، فبالغوا في الاجتهاد، وبينوا الحق المراد، وجمعوا الحروف والقراءات، وعزوا الوجوه والروايات، وميزوا بين المشهور والشاذ، والصحيح والفاذ، بأصول أصلوها، وأركان فصلوها(9).

وخلاصة القول:

       إنك تستطيع أن تفـرق بين مرّات كتابة القرآن في عهودها الثلاثة: عهد النبيّ – صلى الله عليه وسلم – وعهد أبي بكر، وعهد عثمان – رضي الله عنهما-:

       أ- فجمع القرآن في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – كان عبارة عن كتابة الآيات وترتيبها ووضعها في مكانها الخاص من سورها، ولكن مع بعثرة الكتابة وتفرقها بين عُسُب، وعظام، وحجارة، ورقاع، ونحو ذلك حسبما تتيسر أدوات الكتابة، وكان الغرض من هذا الجمع زيادة التوثق للقرآن، وإن كان التعويل أيامئذ كان على الحفظ والاستظهار(10).

وإنما لم يجمع القرآن أيامئذ في صحف ولا مصحف لاعتبارات كثيرة:

       أولها: أنه لم يوجد من دواعي كتابته في صحف أو مصاحف مثل ما وجد على عهد أبي بكر حتى كتبه في صحف، ولا مثل ما وجد على عهد عثمان حتى نسخه في مصاحف.

       فالتعويل لا يزال على الحفظ أكثر من الكتابة، وأدوات الكتابة غير ميسورة، وعناية الرسول – صلى الله عليه وسلم- كان بصدد أن ينزل عليه الوحي بنسخ ما شاء الله من آية أو آيات.

       ثانيها: أن النبىّ – صلى الله عليه وسلم – كان بصدد أن ينزل عليه الوحي بنسخ ما شاء الله من آية أو آيات.

       ثالثها: أنّ القرآن لم ينزل مرة واحدة، بل نزل منجمًا في مدى عشرين سنة أو أكثر.

       رابعها: أنّ ترتيب آياته وسوره ليس على ترتيب نزوله، فمن المعلوم أن نزوله كان على حسب الأسباب، أما ترتيبه فكان لغير ذلك من الاعتبارات.

       وأنت خبير بأن القرآن لو جمع في مصحف أو مصاحف، والحال على ما شرحنا لكان عرضة لتغيير المصحف أو المصاحف كلما وقع نسخ، أو حدث سبب(11).

       ب- أما كتابة القرآن الكريم في عهد أبي بكر – رضي الله عنه – فقد كان عبارة عن نقل القرآن وكتابته في مصحف مرتب الآيات أيضا، مقتصرًا فيه على ما لم تنسخ تلاوته مستوثقًا له بالتواتر والإجماع، وكان الغرض منه تسجيل القرآن وتقييده بالكتابة مجموعًا ومرتبًا، خشية ذهاب شيء منه بموت حملته وحفّاظه.

       ج- وأما كتابة القرآن الكريم في عهد عثمان – رضي الله عنه – فقد كان عبارة عن نقل ما في تلك الصحف في مصحف واحد إمام، واستنساخ مصاحف منه ترسل إلى الآفاق الإسلامية ملاحظًا فيها تلك المزايا السالف ذكرها مع ترتيب سوره وآياته جميعا. وكان الغرض منه إطفاء الفتنة التي اشتعلت بين المسلمين حين اختلفوا في قراءة القرآن، وجمع شملهم وتوحيد كلمتهم، والمحافظة على كتاب الله من التغيير والتبديل(12). ﴿لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمٰتِ الله ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾(13).

*  *  *

الرسم المصحفي

مزايا الرسم المصحفي:

للرسم العثماني مزايا وأغراض عديدة، منها:(14)

       1- أنّ الرسم العثماني يدل على القراءات المتنوعة في الكلمة الواحدة، ولتوضيح ذلك، رسمت: «تَكَادُ السَّمٰوٰت»(15) هكذا ﴿تَكَادُ السَّمٰوٰتُ يَتَفَطَّرْنَ﴾ من غير ضبط ولا نقط، فهي  برسمها هكذا تحتمل قراءة نافع والكسائي بالياء: «يكاد السموات» كما تحتمل قراءة الباقين من السبعة بالتاء «تكاد» وقراءة حفص والكسائي «يتفطَّرن» – بالتاء وفتح الطاء مشددة – وقراءة الباقين بالنون وكسر الطاء مخفّفة.

       2- إفادة المعاني المختلفة بطريقة تكاد تكون ظاهرة، وذلك نحو قطع كلمة «أمْ» في قوله تعالى: ﴿أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾(16)، ووصلها في قوله تعالى ﴿أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾(17)، إذ كتبت هكذا «أمّن» بإدغام الميم الأولى في الثانية وكتابتها ميمًا واحدة مشدّدة، فقطع «أمْ» في الآية الأولى في الكتابة للدلالة على أنَّها «أمْ» المنقطعة التي هي بمعنى «بلْ»، ووصل «أمْ» الثانية للدلالة على أنها ليست كذلك!

       3- الدّلالة على معنى خفي دقيق، كزيادة الياء في كتابة كلمة «أيْد» من قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَآء بَنَيْنٰهَا بِأَيْدٍ﴾(18)- بياءين – وذلك للإيماء إلى تعظيم قوة الله التي بني بها السماء وأنها لا تشبهها قوة على حد القاعدة المشهورة: «زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى».

       ومن هذا القبيل: حذف الواو من قوله: ﴿وَيَدْعُ الإِنسَانُ﴾(19) ﴿وَيَمْحُ اللهُ الْبَاطِلَ﴾(20)، للدلالة على سرعة وقوع الفعل وسهولته على الفاعل، وشدة قبول المنفعل، للتأثر به في الوجود.

       4- إفادة بعض اللغات الفصيحة، مثل قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾(21) كتب بحذف الياء هكــذا «يَأْتِ» للدلالة على لغة هذيل.

       5- حمل الناس على أن يتلقوا القرآن من صدور ثقات الرجال، ولا يتكلوا على هذا الرسم العثماني الذي جاء غير مطابق للنطق الصحيح في الجملة.

وينضوى تحت هذه الفائدة مزيتان:

       أ- التوثق من ألفاظ القرآن وطريقة أدائه وحسن ترتيله وتجويده، فإنّ ذلك لا يمكن أنْ يعرف على وجه اليقين من المصحف، مهما تكن قاعدة رسمه واصطلاح كتابته، فقد تخطئ المطبعة في الطبع، وقد يخفى على القارئ بعض أحكام تجويده، كالقلقة والإظهار والإخفاء والإدغام والإشمام ونحوها، فضلًا عن خفاء تطبيقها.

       ولهذا قرّر العلماء: أنه لا يجوز التعويل على المصاحف وحدها، بل لابدّ من التثبت في الأداء والقراءة، بالأخذ عن حافظ ثقة. وإن كنت في شك فقل لي بربّك: هل يستطيع المصحف وحده بأيّ رسم يكون، أن يدل قارئًا أيًا كان على النطق الصحيح بفواتح السور الكريمة، مثل: كهيعص، حم، عسق، طسم؟ ومن هذا الباب الرّوم والإشمام في قوله سبحانه: ﴿أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ﴾(22).

       ب- اتصال السند برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلك خاصيّة من خواصِّ هذه الأمة الإسلاميّة التي امتازت بها على سائر الأمم.

هل الرسم المصحفي توقيفي؟:

لقد انقسم علماؤنا الأجلاء عند الإجابة عن هذا التساؤل إلى فرق ثلاثة:

الفريق الأول:

       ويرى أن الرسم المصحفي توقيفي لا تجوز مخالفته، وذلك مذهب الجمهور، واستدلوا بأن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان له كتّاب يكتبون الوحي ، وقد كتبوا القرآن فعلًا بهذا الرسم وأقرّهم الرسول على كتابتهم، ومضى عهده صلى الله عليه وسلم والقرآن على هذه الكتبة لم يحدث فيه تغيير ولا تبديل، بل ورد أنّه –صلى الله عليه وسلم- كان يضع الدستور لكُتَّاب الوحي في رسم القرآن وكتابته. ومن ذلك قوله لمعاوية – وهو من كتبة الوحي –«ألق الدّواة وحرِّف القلم، وانصب الباء، ومرِّق السين، ولا تعوِّر الميم، حسِّن الله ، ومدّ الرحمن، الرحيم، وضَعْ قلمك على أذنك اليسرى، فإنه أذكر لك».

       ثم جاء أبو بكر فكتب القرآن بهذا الرسم في المصحف،ثم حذا حذوه عثمان في خلافته، فاستنسخ تلك الصحـف في مصـاحف على تلك الكتبة وأقرّ أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- عمل أبي  بكر وعثمان – رضي الله عنهم أجمعين -، وانتهى الأمر بعد ذلك إلى التابعين وتابعي التابعين، فلم يخالف أحد منهم في هذا الرسم، ولم ينقل أنّ أحدًا منهم فكَّر أن يستبدل به رسمًا اٰخر من الرسوم التي حدثت في عهد ازدهار التأليف، ونشاط التدوين، وتقدم العلوم؛ بل بقي الرسم العثماني محترمًا متبعًا في كتابة المصاحف لا يمسُّ استقلاله، ولا يباحُ حِمَاه!(23).

       كما احتج هذا الفريق بأنّ للرسم العثماني أسرارًا – كالتي سقناها آنفًا-؛ لذا يجب الالتزام بهذا الرسم، ويستشهدون على ذلك بقول إمامين جليلين من أئمة المذاهب.

       فقد سئل الإمام مالك: هل يكتب المصحف على ما أحدث الناس من الهجاء؟ فقال: لا؛ إلا على الكتبة الأولى والإمام أحمد بن حنبل يقول: «تحرم مخالفة خط عثماني في ياء أو ألف أو واو أو غيره»(24).

       وجاء في حواشي المنهج في فقه الشافعيّة ما نصّه: «كلمة (الرّبا) تكتب بالواو والألف كما جاء في الرسم العثماني، ولا تكتب في القرآن بالياء أو الألف؛ لأن رسمه سنّة متبعة»(25).

       وجاء في المحيط البرهاني في فقه الحنفيّة ما نصّه: «إنّه ينبغي ألا يكتب المصحف بغير الرسم العثماني»(26).

       هذا، وقد أثيرت هذه المسألة في زماننا، وكان للجنة الفتوى بالأزهر الشريف إسهام فيها؛ إذ رأت الوقوف عند المأثور من كتابة المصحف وهجائه، واحتجت لما رأته: «بأنّ القرآن كتب في عهد النبيّ –صلى الله عليه وسلم- برسم كتب به مصاحف عثمان. واستمر المصحف مكتوبًا بهذا الرسم في عهد الصحابة والتابعين وتابعي التابعين والأئمة المجتهدين في عصورهم المختلفة، ولم ينقل عن أحد من هؤلاء جميعًا أنه رأى تغيير هجاء المصحف عما رسم به أولًا إلى تلك القواعد التي حدثت في عهد ازدهار التأليف في البصرة والكوفة….»(27).

       ورأى حفني ناصف – عليه رحمة الله-: «وجوب المحافظة على الرسم العثماني؛ لمعرفة القراءة المقبولة والمردودة، وفي المحافظة احتياط شديد لبقاء القرآن على أصله لفظًا وكتابة، فلا يفتح فيه باب الاستحسان(28).

الفريق الثاني:

       ويرى أنّ رسم المصاحف اصطلاحي لا توقيفي، وعليه فتجوز مخالفته.

       وممن جنح إلى هذا الرأي ابن خلدون في مقدّمته، وتحمس له القاضي أبو بكر الباقلاني في «الانتصار».

       ويرى هذا الفريق: أنّ ما في الرسم العثماني من زيادات أو حذوف لم يكن توقيضًا أوحي به من عند الله على رسوله. ولو كان ذلك لآمنّا به وحرصنا عليه، بل إنّ هذا الفريق ليذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فيرى أنّ هذا الرسم بما فيه من زيادات أو حذوف أو غيرها هو خطأ من الكتّاب(29).

       يقول ابن خلدون: «فقد كان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة، ولا إلى التوسط؛ لمكان العرب من البداوة والوحش وبعدهم عن الصنائع، وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم وكانت غير مستحكمة في الإجادة فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها»!(30).

هذا؛ ولقد ردّ على هذا الفريق بما يلي:(31)

       1- بالأدلة التي ساقها جمهور العلماء لتأييد مذهبهم، والتي بعضها من السنّة وبعضها الآخر من إجماع الصحابة والتابعين وتابعيهم.

       2- أن ما ادعـاه بعضهم – من أنه ليس في نصـوص السنّة ما يوجب ذلك ويدل عليه – مردود بما سبق من إقرار الرسول كتّاب الوحي على هذا الرسم، ومنهم زيد بن ثابت الذي كتب المصحف لأبي بكر، وكتب المصاحف لعثمان .. والحديث الآنف، وفيه يقول الرسول لمعاوية: «ألق الدّواة وحرّف القلم .. إلخ»؛ فإنّه حجة على أنه –صلى الله عليه وسلم- كان واضع دستور الرسم لهم.

الفريق الثالث:

       ويتزعمه سلطان العلماء العزّ بن عبد السّلام، وتبعه صاحب «التبيان» ومن قبله صاحب «البرهان».

       وذهبوا إلى أنه يجوز؛ بل تجب كتابة المصحف الآن لعامة الناس على الاصطلاحات المعروفة الشائعة عندهم، ولا تجوز كتابته لهم بالرسم العثماني الأول؛ لئلا يوقع في تغيير الجهّال. ولكن في الوقت نفسه المحافظة على الرسم العثماني، كأثر من الآثار النفيسة الموروثة عن سلفنا الصالح، فلا يهمل مراعاة لجهل الجاهلين؛ بل يبقى في أيدي العارفين الذين لا تخلو منهم الأرض(32).

       يقول الشيخ عزّ الدين بن عبد السّلام: «لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسم الأول باصطلاح الأئمة، لئلا يوقع في تغيير من الجهّال، ولكن لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه، لئلا يؤدّي إلى دروس العلم، وشيء قد أحكمته القدماء لا يترك مراعاةً لجهل الجاهلين «ولن تخلو الأرض من قائم لله بحجّة»(33).

       ولقد مال إلى هذا الرأي من المحدثين الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي؛ إذْ يقول: «إن كل دعوة لإضافة أيّ جديد للرسم العثماني كانت تتلقى بالتحرّج أولًا، ولكنها – على الرغم من ذلك – أخذت طريقها إلى الرسم؛ إيمانًا من القائمين بها بأنّ فيها بيانًا وتوضيحًا…

       لقد كان المصحف خاليًا من النقط، ولما اتجه بعضهم إلى نقطه رأينا من يقف دون ذلك ويقول: جرّدوا القرآن ولا تخلطوه بشيء، ثم كان أن ترخص العلماء فيه، وقالوا: العجم نور الكتاب، وأنه لا بأس به ما لم تبغوا.

       وبدأ أبو الأسود الدؤلي بالنقط في الحركات والتنوين لا غير، وجعل الخليل بن أحمد الهمز والتشديد والروم والإشمام، وقَفَا الناس في ذلك أثرهما ، واتبعوا فيه سنتهما»(34).

*  *  *

وجوب كتابة المصحف بالرسم العثماني

مما سبق يتضح: أنّ ابن خلدون يتزعم الفريق القائل:

       بأن رسم المصاحف اصطلاحي لا توقيفي؛ وعليه فتجوز مخالفته. ويرى هذا الفريق: أن ما في الرسم العثماني من زيادات أو حذوف لم يكن توقيفًا أوحي به من الله على رسوله، ولو كان كذلك لآمنا به وحرصنا عليه. بل إن هذا الفريق ليذهب إلى ما هو أبعد من ذلك فيرى أن هذا الرسم بما فيه من زيادات أو حذوف أو غيرها إنما هو خطأ من الكتّاب!(35).

       يقرر ذلك ابن خلدون بقوله: كان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة، ولا إلى التوسط؛ لمكان العرب من البداوة والتوحش وبعدهم عن الصنائع.

       ويضيف قائلًا: وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم، وكانت غير مستحكمة في الإجادة، فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته أقيسة رسوم صناعة الخط عند أهلها. ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها تبركًا بما رسمه أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، وخير الخلق من بعده المتلقون لوحيه من كتاب الله وكلامه، كما يقتضي لهذا العهد خط ولي أو عالم تبركًا، ويتتبع رسمه خطأً وصوابًا. وأين نسبه ذلك من الصحابة فيما كتبوه، فاتبع ذلك وأثبت رسمًا، ونبه العلماء بالرسم على مواضعه.

       ويتحمس ابن خلدون لما جنح إليه قائلًا: ولا تلتفتن في ذلك إلى ما يزعمه بعض المغفلين من أنهم كانوا محكمين لصناعة الخط، وأن ما يتخيل من مخالفة خطوطهم لأصول الرسم ليس ما يتخيل؛ بل لكلها وجه. ويقولون في زيـادة الألف في (لا أذبحنّه): أنه تنبيه على أن الذبح لم يقع، وفي زيادة الياء في (بأيد) إنه تنبيه على كمال القدرة الربانية، وأمثال ذلك مما لا أصل له إلا التحكم المحض. وما حملهم على ذلك إلا اعتقادهم أن في ذلك تنزيهًا للصحابة عن توهم النقص في قلة إجادة الخط. وحسبوا أن الخط كمال، فنزهوهم عن نقصه، ونسبوا إليهم الكمال بإجادته، وطلبوا تعليل ما خالف الإجادة من رسمه، وذلك ليس بصحيح. واعلم أن الخط ليس بكمال في حقهم، إذ لا يعود نقصه على الذات في الدين ولا في الخلال، وإنما يعود على أسباب المعاش وبحسب العمران والتعاون عليه؛ لأجل دلالته على ما في النفوس. وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم- أميا، وكان ذلك كمالاً في حقه، وبالنسبة إلى مقامه؛ لشرفه وتنزهه عن الصنائع العملية التي هي أسباب المعاش والعمران كلها. وليست الأمية كمالاً في حقنا نحن؛ إذ هو منقطع إلى ربه، ونحن متعاونون على الحياة الدنيا، شأن الصنائع كلها، حتى العلوم الاصطلاحية؛ فإن الكمال في حقه هو تنزهه عنها جملة بخلافنا(36).

الردّ على ما جنح إليه ابن خلدون:

       يمكن الرد على ابن خلدون فيما جنح إليه هو  ومن  تابعه بما يلي:(37)

       أولا: بالأدلة التي ساقها جمهور العلماء لتأييد مذهبهم، والتي بعضها من الكتاب والسنة وبعضها الآخر من إجماع الصحابة والتابعين وتابعيهم.

       ويرى هذا الفريق: أن الرسم المصحفي توقيفي لا تجوز مخالفته.

       ثانيا: أن ما ادعاه بعضهم من أنه ليس في نصوص السنة ما يوجب ذلك ويدل عليه مردود بما سبق من إقرار الرسول – صلى الله عليه وسلم- كتَّاب الوحي على هذا الرسم، ومنهم زيد بن ثابت الذي كتب المصحف لأبي بكر وكتب المصاحف لعثمان.. والحديث الآنف، وفيه يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – لمعاويــة: «ألق الدواة ، وحرّف القلم.. الخ»؛ فإنه حجة على أنه – صلى الله عليه وسلم – كان واضع دستور الرسم لهم.

       ثالثا: ما احتج به جمهور العلماء بأن للرسم العثماني أسرارًا، ومزايا وأغراضًا عديدة، على النحو الذي وضحناه(38):

       مما سبق يتضح: أنه لا صحة لما جنح إليه ابن خلدون في مقدمته من أن الرسم المصحفي اصطلاحي، وأن ما ورد فيه من زيادات أو حذوف أو غيرها إنما هو خطأ من الكتّاب!

       فالأمر – كما وضحنا بالأدلة والبراهين – لا يتعلق بإحكام الخط من عدمه، كما جنح إلى ذلك ابن خلدون وتحمس- إن الأمر متعلق بتوقيفية الرسم المصحفي – كما سبق و وضحنا.

       من هنا يجب الالتزام بالرسم العثماني، وذلك مذهب جمهور العلماء على النحو الذي وضحناه آنفًا.

       أقول: إنّ رسم القرآن سرّ من أسرار الله المشاهدة، خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية! وحيث إنّ الإعجام والضبط ظاهرة لغوية عامة طرأت على العربيّة، فلا حرج أن يلحق ذلك بالرسم المصحفي – فيما أرى – ما دام هذا لا يغيّر شكل الرسم العام، والذي هو مكمن السرّ. أما كتابة القرآن بالطريقة الإملائية ففيه من الخطر ما فيه؛ حيث يكتب هؤلاء بطريقة وأولئك بأخرى، وتتطوّر الطرق مما يحدث اللبس.

       (فليتعلم كل مسلم أصول الرسم المصحفيّ كما يتعلم أصول العبادات)، والله أعلم..

*  *  *

المصادر والمراجع

بعد القرآن الكريم

1-         الإتقان في علوم القرآن: للعلامة السيوطي ( ت 911 هـ). الطبعة الرابعة – مصطفى البابي الحلبي، سنة 1978م.

2-        بحوث ومقالات في فقه العربية: د. محمد السيد علي بلاسي، الطبعة الأولى – دار الولاء للتراث، سنة 1994م.

3-        تاريخ القرآن الكريم: د. محمد سالم محيسن، ط. رابطة العالم الإسلامي، سنة 1402هـ.

4-         رسم المصحف والاحتجاج به في القراءات: د. عبد الفتاح إسماعيل شلبي، ط. دار نهضة مصر، سنة 1380هـ.

5-        قطوف من فقه اللغة: د. محمد السيد علي بلاسي، الطبعة الأولى- دار ظافر، سنة 2000م.

6-        مقدمة ابن خلدون، ط. مصطفى محمد.

7-        مقدمة لدراسة القراءات القرآنية: د. محمد السيد علي بلاسي، الطبعة الأولى – مركز آيات للطباعة، سنة 1429هـ.

8-        مناهل العرفان في علوم القرآن: للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني، ط. عيسى البابي الحلبي.

9-        النشر في القراءات العشر: لابن الجزري (ت 833ه،)، تحقيق على محمد الضباع، ط. مصطفى محمد بمصر.

*  *  *

الهوامش:

(*)         مناهل العرفان في علوم القرآن: للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني،1/369 – بتصرف-، ط: عيسى البابي الحلبي، د.ت.

(1)        العُسُب – بضم العين والسين جمع عسيب، وهو جريد النخل كانوا يكشفون الخوص ويكتبون في الطرف العريض.

(2)        اللخاف – بكسر اللام- جمع لخْفَة بفتح اللام وسكون الخاء: وهي الحجارة الرقيقة.

(3)        الرقاع: جمع رقعة. وقد تكون من جلد أو ورق أو كاغد.

(4)        الأديم: الجلد.

(5)        مناهل العرفان في علوم القرآن: للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني، 1/246، 247 وهامشها، ط. عيسى البابي الحلبي، د. ت ..

(6)        اعتاد الكثيرون من العلماء – قديما وحديثا – أن يقولوا في مثل هذا الموطن: (جمع القرآن)، ونسوا أنّ الجمع يراد به أحد أمرين:

            أ- جمعه بمعنى حفظه.

            ب- جمع القرآن بمعنى الكتابة.

            وقد تحقق كلا الامرين في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – .

(7)        النشر في القراءات العشر: لابن الجزري ( ت 833 هـ)، تحقيق علي محمد الضباع، 1/7 / ط. مصطفى محمد بمصر، د. ت.

(8)        المصدر السابق: 1/7، 8- بتصرف يسير-.

(9)        نفس المصدر: 1/8/ 9 – باختصار – . وقارن بمناهل العرفان 1/ 246 وما بعدها . والإتقان في علوم القرآن: للعلامة السيوطي (ت 911 هـ)، 1/ 76 وما بعدها، الطبعة الرابعة – مصطفى البابي الحلبي، سنة 1978م. وتاريخ القرآن الكريم: د. محمد سالم محيسن، ص 128 وما بعدها. ط. رابطة العالم الإسلامي، سنة 1402 هـ ، تجد مزيدا من التفصيل.

(10)      مناهل العرفان: 1/ 262.

(11)      المرجع السابق: 1/ 248.

(12)      نفس المرجع: 1/ 262، 263.

(13)      سورة يونس:من الآية 64.

(14)      انظر المرجع السابق: 1/ 373 وما بعدها. وراجع رسم المصحف والاحتجاج به في القراءات:د. عبد الفتاح إسماعيل شلبي، ص 114 وما بعدها، ط. دار نهضة مصر سنة 1380هـ ، تجد مزيداَ من التفصيل.

(15)      سورة الشورى: من الآية 5.

(16)      سورة النساء: من الآية 109.

(17)      سورة الملك: من الآية 22.

(18)      سورة الذاريات: من الآية 47.

(19)      سورة الإسراء: من الآية 11.

(20)      سورة الشورى: من الآية 24.

(21)      سورة هود: من الآية 105.

(22)      سورة يوسف: من الآية 11.                            

(23)      مناهل العرفان في علوم القرآن: ص 377 – بتصرف – .

(24)      رسم المصحف والاحتجاج به في القراءات: ص 116، 117، نقلا عن المحكم: ص 15.

(25)      مناهل العرفان في علوم القرآن: ص 379.

(26)      نفس المرجع والصفحة.

(27)      رسم المصحف والاحتجاج به في القراءات: ص 118، نقلًا عن مجلة الرسالة : العدد 216 سنة 1937م.

(28)      المرجع السابق:ص 118، نقلا بتلخيص عن مجلة المقتطف: عدد يوليو سنة 1933م.

(29)      نفس المرجع : ص 119 – بتصرف يسير -.

(30)      مقدمة ابن خٌلدون: ص 41، ط «مصطفى محمد».

(31)      مناهل العرفان في علوم القرآن: ص 381، 382 – بتصرف يسير – وراجع ما بعدهما من صفحات تجد مزيدا من التفصيل.

(32)      مناهل العرفان في علوم القرآن: ص 382، 385 – بتصرف– وراجع رسم المصحف والاحتجاج به في القراءات: ص 121 وما بعدها، تجد مزيدا من الإيضاح.

(33)      مناهل العرفان في علوم القرآن: ص 385.

(34)      رسم المصحف والاحتجاج به في القراءات: ص 121.

(35)      رسم المصحف والاحتجاج به في القراءات: د. ت. عبد الفتاح إسماعيل شلبي، ص 119- بتصرف يسير -، ط. دار نهضة مصر،سنة 1380هـ. وراجع بحوث ومقالات في فقه العربية: د. محمد السيد علي بلاسي، ص88 وما بعدها، الطبعة الأولى – دارالولاء للتراث، سنة 1994م، تجد مزيدًا من التفصيل حول هذه القضية.

            هذا؛ ولعل ما تحمس له ابن خلدون في قضية الرسم المصحفي وعدم توقيضه ما قد يفتح المجال للمستشرقين المغرضين ومن تابعهم من أمثال جولد تسيهر وآرثر جفري: من أن الرسم المصحفي أصل لاختلاف القراءات؟!! لمزيد من التفصيل، ينظر: قطوف من فقه اللغة: د. محمد السيد بلاسي، ص 64 وما بعدها، الطبعة الأولى  دار ظافر، سنة 2000م.

(36)      مقدمة ابن خلدون: ص 330، 331.

(37)      مناهل العرفان في علوم القرآن: 1/ 381، 382 – بتصرف يسير- وراجع ما بعدها من صفحات، تجد مزيدا من التفصيل.

(38)      نفس المرجع: 1/ 277 – وما بعدها.

*  *  *


(*)       عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف، وعضو اتحاد المؤرخين العرب، و عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، و عضو المجلس العالمي للغة العربية.

           3 شارع الشهيد محمد عبده – قسم النحال – الزقازيق – جمهورية مصر العربية.

           البريد الإلكتروني: drmohammadplasy@gmail.com

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، المحرم – صفر  1438 هـ = أكتوبر – نو فمبر 2016م ، العدد : 1-2 ، السنة : 41

Related Posts