دراسات إسلامية

أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم وألقابه وكناه

محمد – الاسم الأكثر شيوعا في العالم

بقلم: الأستاذ صلاح عبد الستار محمد الشهاوي (*)

       تمضي القرون و الدهور وشخصية محمد -صلى الله عليه وسلم-  موضع لاهتمام الكتاب والدارسين على اختلاف نحلهم وشتى مذاهبهم يجدون فيها المادة الخصبة للدراسة الجديدة أو يلتمسون لديها ما يجلو أسرار العظمة الإنسانية كما تمثلت في بشر رسول – بهر الدنيا وصنع التاريخ وأنه ليأكل الطعام ويمشي في الأسواق واسمه -صلى الله عليه وسلم- أحد سمات هذه الشخصية الثرية. فبهذا الاسم الكريم تنطق ملايين الشفاه، وله تهتز ملايين القلوب كل يوم مرات، وهذه الشفاه والقلوب به تنطق وله تهتز منذ أكثر من ألف وأربع مئة سنة. وبهذا الاسم الكريم تنطق ملايين الشفاه وتهتز ملايين القلوب إلى يوم الدين، فإذا كان الفجر من كل يوم وتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود أهاب المؤذن بالناس أن الصلاة خير من النوم ودعاهم إلى السجود لله والصلاة على رسوله فاستجابت له ألوف الملايين في أنحاء المعمورة يبغون بالصلاة رحمة الله وفضله وإذا انتصف النهار أهاب المؤذن بالناس لصلاة الظهر ثم لصلاة العصر فالمغرب فالعشاء وفي كل واحدة من هذه الصلوات يذكر المسلمون محمدًا عبد الله ونبيه ورسوله في ضراعة وخشية وإنابة وهم فيما بين الصلوات الخمس ما يكادون يسمعون اسمه حتى تحن قلوبهم بذكر الله وبذكر مصطفاه. كذلك كانوا وكذلك سيكونون حتى يظهر الله الدين القيم ويتم نعمته على الناس أجمعين(1).

       ورد في القرآن الكريم كما ورد في التوراة والإنجيل تحديد عجيب عن أهمية الأسماء منذ التكوين إذ أن الله سبحانه عندما خلق آدم بدأ أولًا بتعليمه الأسماء كلها: أسماء الحيوانات وأسماء الشجر وغير ذلك علمًا بأن هذه الكائنات قد خلقها رب العالمين قبل خلق آدم نفسه والله سبحانه وتعالى بحكمته يلهم النفوس أن تصنع الأسماء على حسب مسمياتها لتناسب حكمته تعالى بين اللفظ ومعناه كما تتناسب بين الأسباب ومسبباتها. يقول ابن جني:

وقلما أبصرت عيناك ذا لقب

إلا ومعناه إن فكرت في لقبه

       لذا قل أن لا نرى اسما إلا على مسماه.

       جاء في «عمدة الحفّاظ» للسمين الحلبي، أنّ لفظ (الاسم) مشتق من السُّمو، وهذا قول البصريين. وقيل: من الوسم، وهو قول الكوفيين. وعليه فالأصل في الاسم أنّه رفعة وعلامة. وتستخدم الأسماء لتمييز الذوات عن غيرها، ويغلب أن تشير الأسماء إلى صفات، ومن هنا يميل الناس إلى اختيار الأسماء ذات الدلالات الإيجابية، وهم يأملون أن يكون للمرء من اسمه نصيب.

       ومحمد – الاسم الأكثر شيوعًا في العالم حيث يصل عدد من يطلق عليهم هذا الاسم إلى أكثر من مئة وثلاثين مليون نسمة، وإذا أخذنا في الاعتبار اسم الأب والجد؛ فإن العدد يصل إلى مئة وثمانين مليون نسمة.

* معنى اسم محمد:

       محمد – مفُعَّل – مبالغة في كثرة الحمد فهو -صلى الله عليه وسلم- أجل من حَمد وأفضل من حُمد وأكثر الناس حمدًا(2).

       ومحمد اسم علم وهو منقول من صفة من قولهم: رجل محمد وهو الكثير الخصال المحمودة و المحمد في لغة العرب هو الذي يحمد حمدًا بعد حمد مرة بعد مرة(3).

       وما سمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محمدًا وأحمد إلا لكثرة خصال الحمد فيه؛ ولهذا كان لواء الحمد بيده وأمته الحمادون وهو أعظم الخلق حمدًا لربه – سبحانه – ولهذا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتحسين الأسماء. يذكر السيوطي في كتابه «الرياض الأنيقة في شرح أسماء الخليقة» – أن قريشًا لم تنس أن تسأل شيخها – عبد المطلب – لم عدل عن أسماء آبائه وسمى حفيده محمدًا؟ فقال: أردت أن يحمده الله في السماء ويحمده الناس في الأرض. ويعلق المستشرق – بودلي – على إجابة عبد المطلب وسبب تسميته حفيده محمدًا بقوله «وأيا كان السبب فقد أصبح اسم الطفل محمدًا وتسمى به ملايين الأطفال الذين ولدوا بعد الدين الجديد الذي قدر لابن آمنة من عبد الله – أن ينشره على العالمين»(4).

       ومن أسماء الرسول -صلى الله عليه وسلم – أحمد – وهو صيغة التفضيل من مادة – الحمد – وهو الثناء والمدح – أي أنه أكثر من غيره ثناءً على ربه وشكرًا لخالقه ومدحًا لبارئه – جل جلاله- فرسول الله هو أحمد أي أحمد الحامدين لله – سبحانه وتعالى- وقال السهيلي في كتابه «الروض الأنف»: «لم يكن محمد حتى كان أحمد حمد ربه فنبأه وشرفه فلذلك تقدم اسم أحمد على الاسم الذي هو محمد فذكره عيسى عليه السلام باسمه أحمد»(5).

       ويقول القاضي عياض: ذكر القرآن الكريم اسم أحمد إشارة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- باسمه وفعله فكما يكون النبي باسمه أحمد يكون محمودًا في أخلاقه وأحواله قال تعالى في سورة الإسراء:

       ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسٰى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾(الإسراء:79).

       والمقام المحمود وهو مقام الشفاعة العظمى التي تكون يومئذ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-(6).

* اسم محمد في الأمم السابقة:

       أخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال: «إن الله أنزل على آدم عصيًا بعدد الأنبياء والمرسلين فأقبل آدم على ابنه – شيث – فقال أي بني، أنت خليفتي من بعدي فخذها بعمارة التقوى والعروة الوثقى فكلما ذكرت الله فاذكر إلى جنبه اسم محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ فإني رأيت اسمه مكتوبًا على ساق العرش وأنا بين الروح والطين ثم إني طفت السماوات فلم أر في السماوات موضعًا إلا اسم محمد مكتوب عليه، وإن ربي أسكنني الجنة فلم أر في الجنة قصرًا ولا غرفةً إلا اسم محمد مكتوب عليه،  ولقد رأيت اسم محمد مكتوبًا على ورق قصب آجام الجنة وعلى ورق شجرة طوبى وعلى ورق سدرة المنتهى وعلى أطراف الحجب وبين أعين الملائكة فأكثر ذكره؛ فإن الملائكة تذكره في كل ساعاتها(7).

       وأخرج الشعبي عن أبن كعب القرظي قال: «أوحى الله إلى يعقوب أني أبعث من ذريتك ملوكًا وأنبياء حتى أبعث النبي الحرمي الذي تبنى أمته هيكل بيت المقدس وهو خاتم الأنبياء واسمه أحمد»(8).

        وأخرج البيهقي عن وهب بن منبه قال: «إن الله أوحى إلى داود في الزبور يا داود، إنه سيأتي من بعدك نبي اسمه أحمد أو محمد صادقًا نبيًا لا أغضب عليه أبدًا، ولا يعصيني أبدًا، وقد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأمته أمة مرحومة أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء وافترضت عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء»(9).

       وجاء في «إنجيل برنابا» أن محمد هو البشرى المنتظرة ولقد كان هذا الإنجيل – إنجيل برنابا – صريحا غاية الصراحة في ذكر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وتكرر هذا الاسم في عدة مواضع منها ما جاء في الفصل التاسع والثلاثين. «فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس نصها: لا إله إلا الله محمد رسول الله – ففتح حينئذ آدم فاه وقال: أشكرك أيها الرب إلهي؛ لأنك تفضلت وخلقتني، ولكن أضرع إليك أن تنبئني ما معنى هذه الكلمات – محمد رسول الله – فأجاب الله – مرحبًا بك يا آدم وأنا أقول لك: إنك أول إنسان خلقته وهذا الذي رأيته إنما هو ابنك الذي سيأتي إلى العالم بعد الآن بسنين عديدة، الذي متى جاء سيعطى نور للعالم(10).

       وجاء في إنجيل يوحنا – إصحاح 14– «إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد» وتفسير المعزي كما جاء في ترجمتهم هو الفارقليط وهذا اللفظ يعني أحمد – أي الذي له حمد كثير «وقد سأل المرحوم الأستاذ عبد الوهاب النجار الدكتور – كارونيلنو – المستشرق الإيطالي عن معنى كلمة – فارقليط – وهي تكتب أحيانًا – بارقليط- وأحيانا- باركليت- فقال: إنها تعني الذي له حمد كثير»(11).

* ومن أسمائه -صلى الله عليه وسلم- في الكتب المنزلة:

       العظيم – وقع في سفر من التوراة عن إسماعيل: وسيلد عظيمًا لأمة عظيمة.

       الجبار – سمي بذلك في الزبور – كتاب داود -عليه السلام- حيث جاء: تقلد أيها الجبار سيفك؛ فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك – قالوا: ومعناه في حق النبي -صلى الله عليه وسلم-: إما لإصلاحه الأمة بالهداية والتعليم أو لقهره أعدائه أو لعلو منزلته على البشر ونفى الله -عز وجل- عنه التكبر في القرآن فقال «وما أنت عليهم بجبار».

       ومن أسمائه -صلى الله عليه وسلم- في التوراة – المتوكل – المختار – و (مقيم السنة) و (المقدس) و (روح الحق) وفي الإنجيل – البارقليط – أي الذي يفرق بين الحق والباطل، وماذماذ – أي الطيب الطيب وحمطايا – أي حامي الحرم  و (الخاتم الخاتم). أي الخاتم الذي ختم به الأنبياء والخاتم أحسن الأنبياء خلقًا وخُلقًا(12).

* اسمه -صلى الله عليه وسلم- في القرآن الكريم:

       ورد اسمه -صلى الله عليه وسلم- كاسم علم – محمد – أربع مرات.

       ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ (آل عمران آية 144).

       ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئٰتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ (محمد آية2).

       ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآء بَيْنَهُمْ﴾(الفتح آية 29)

       ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ (الأحزاب 40)؛ وورد كاسم علم – أحمد – مرة واحدة في قوله تعالى:

       ﴿وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ (الصف آية 6)

* أسماؤه -صلى الله عليه وسلم- وكناه:

       أما أسماؤه -صلى الله عليه وسلم- فهي كثيرة منها ما جاء بنص القرآن، ومنها ما جاء في الأحاديث الصحيحة، ومنها ما اشتهر على ألسنة الأئمة. روي عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لي خمسة أسماء أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحوا الله بي الكفر. وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي وأنا العاقب». قيل: لأنه عقب غيره من الأنبياء، وروي عنه عليه السلام: «لي عشرة أسماء» فذكر الخمسة هذه وقال: «وأنا رسول الرحمة ورسول الراحة ورسول الملاحم وأنا المقفى قفيت النبيين وأنا قيم». قال القاضي عياض: والقيم الجامع الكامل. وروى النقاش عنه عليه الصلاة والسلام: «لي في القرآن سبعة أسماء: محمد وأحمد و يس وطه والمدثر  والمزمل و عبد الله»(13).

ومن ألقابه -صلى الله عليه وسلم- في القرآن الكريم:

       النور لقوله تعالى: ﴿قَدْ جَآءَكُمْ مِنَ الله نُوْرٌ وَكِتٰبٌ مُبِيْنٌ﴾ والسراج المنير والشاهد والمبشر والنذير وداعي الله لقوله تعالى: ﴿يأيها النبي إنا أَرْسَلْنٰكَ شَاهِدًا ومُبَشِّرًا ونَذِيْرًا ودَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيْرًا﴾، والبشير لقوله تعالى: ﴿وَبَشِّر الْـمُؤْمِنِيْنَ﴾، والمنذر لقوله: ﴿إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشٰهَا﴾، والمذكر لقوله تعالى: ﴿إنَّمَا أَنْتَ مُذكِّرٌ﴾، والشهيد لقوله: ﴿ويَكُوْنَ الرَّسُوْلُ عَلَيْكُمْ شَهِيْدًا﴾، والخبير لقوله تعالى: ﴿الرَّحْمٰنُ فَاسْأَلْ بِه خَبِيْرًا﴾. قال القاضي بكر بن العلاء المأمور بالسؤال غير النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسؤول الخبير هو النبي -صلى الله عليه وسلم-. والحق المبين لقوله تعالى: ﴿حَتّٰى جَآءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُوْلٌ مُبِيْنٌ﴾، والرؤوف الرحيم لقوله تعالى: ﴿بِالْـمُؤْمِنِيْنَ رَؤُفٌ رَّحِيْم﴾، والكريم والمكين والأمين لقوله تعالى: ﴿إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُوْلٍ كَرِيْمٍ ذِيْ قُوَّةٍ عِنْدَ ذِيْ الْعَرْشِ مَكِيْنٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِيْنٍ﴾، والرسول والنبي الأمي لقوله تعالى: ﴿الَّذِيْنَ يَتَّبِعُوْنَ الرَّسُوْلَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾. والولي لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُوْلُه﴾، والهادي لقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِيْ إِلىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ﴾.

* ومن أسمائه ونعوته -صلى الله عليه وسلم- التي جرت على ألسنة أئمة الأمة:

       المصطفى والمجتبى والحبيب ورسول رب العالمين والشفيع المشفع والمتقى والمصلح والطاهر والصادق والضحوك و سيد ولد آدم  وسيد المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وحبيب الله وخليل الرحمن وصاحب الحوض المورود واللواء المعقود والشفاعة والمقام المحمود وصاحب الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة. وصاحب التاج والمعراج راكب البراق والناقة والنجيب وصاحب الحجة والسلطان والخاتم والعلامة والبرهان. وكنيته المشهورة أبوالقاسم و أبو إبراهيم؛ عن أنس أنه لما ولد له إبراهيم جاءه جبريل فقال السلام عليك يا أبا إبراهيم، -صلى الله عليه وسلم-.(14).

* الذين سماهم النبي -صلى الله عليه وسلم- محمدًا:

       – محمد مولى رسول الله – كان اسمه «ماناهيه» وكان مجوسيًا فأتى النبي وأسلم فغير اسمه وسماه محمدًا.

       – محمد بن يفدويه الهروسي – كان اسمه يفودان فسماه النبي -صلى الله عليه وسلم- محمدًا.

       – محمد بن طلحة – أبوه أحد العشرة المبشرين بالجنة ولد بالمدينة فحمله أبوه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمسح رأسه وسماه محمدًا وكان يلقب بالسجاد لكثرة سجوده وهو سيد أولاد طلحة.

       – محمد بن عمرو بن حزم. وكان أبوه عاملا على أهل نجران سماه أبوه محمدًا وكناه أبا سليمان. وكتب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك فكتب -صلى الله عليه وسلم- إليه «سمه محمدًا. وكنيه أبا عبد الملك».

       – محمد بن أنس  حمله أبوه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمسح رأسه ودعا له بالبركة وقال: «سموه باسمي ولا تكنوه بكنيتي.

       – محمد بن الحنيفة. وهو محمد بن علي بن أبي طالب سماه النبي قبل مولده حيث قال الإمام علي -رضي الله عنه- للرسول -صلى الله عليه وسلم-: إن ولد ولد بعدك أسميه باسمك؟ قال -صلى الله عليه وسلم- نعم – .

* أول من تسمى محمدًا في الجاهلية:

       تذكر لنا كتب السيرة أن اسم محمد لم يكن شائعًا عند العرب ولم يُسمَّ به أحد من قبل؛ لكن هذا لا يعني أن العرب لم يألفوا اسم محمد؛ فقد عرف العرب هذا الاسم من اليهود والنصارى وكانت نبوءاتهم بداية معرفة العرب باسم محمد. يقول النويرى: «وأما محمد، فإن الله حمى أن يسمى به أحد من العرب ولا من غيرهم إلى أن شاع قبل وجوده وميلاده -صلى الله عليه وسلم- أن نبيا يبعث اسمه محمد قد قرب إبان مولده فسمى قوم من العرب أبناءهم محمدًا»(15).

       وروى البيهقي والطبراني وأبو نعيم والخرائطي في الهواتف عن خليفة بن عبده قال سألت محمد بن عدي بن ربيعة كيف سماك أبوك في الجاهلية محمدًا؟ قال أما أني سألت أبي عما سألتني عنه فقال: خرجت رابع أربعة من بني تميم أنا أحدهم وسفيان بن مجاشع ويزيد بن عمر بن ربيعة وأسامة بن مالك بن خندق فلما دنا الشام نزلنا على غدير عليه شجيرات فأشرف علينا ديراني – صاحب الدير وهو متعبد النصارى – فقال من أنتم؟ فقلنا: قوم من مضر، قال: أم أنه سوف يبعث منكم وشيكا نبي فسارعوا إليه وخذوا بحظكم منه ترشدوا؛ فإنه خاتم النبيين. فقلنا ما اسمه قال: محمد: فلما صرنا إلى أهلنا ولد لكل منا غلام فسماه محمدًا(16).

       وأما اسم أحمد فلم يتسم به أحد قبله -صلى الله عليه وسلم-… جاء في سورة الصف:

       «ومُبَشِّرًا بِرَسُوْلٍ يَأتِيْ مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ»: أي أنّ صفاته – عليه السلام- تستجلب الحمد في أقوى صوره، وأجلاها، وأفضلها. فهو إذن يُحمدُ أكثر من غيره، لأن صفاته تجعله يُحمد من الناس أكثر. أمّا (محمّد) فدال على كثرة حمد الحامدين إيّاه. وعليه فإذا قصدنا بالاسم الصفة الذاتيّة، التي تدفع الناس إلى حمده – عليه السلام- فهو (أحمد)، أمّا إذا نظرنا إلى ردّة فعل الناس عندما يصفونه – عليه السلام- بما يليق بصفاته؛ فإنّه يكون عندها محمدًا. فهو – عليه السلام- أحمد في ذاته، ومحمّد ومحمودٌ من قبل الناس.

       والمعنى: المقدّمات الموجودة في ذاته – عليه السلام- يلخصها اسم أحمد، أمّا النتيجة الموجودة خارج الذات فيعبر عنها اسم محمد.

       لقد اشتهر النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الإسلام بأنّه الصادق الأمين، وكانت هذه الشهرة نتيجة لما لمسته قريش من صِدقه وأمانته – عليه السلام- أمّا اليوم، وبعد أكثر من ألفٍ وأربع مئةِ سنة، فإننا نجد أنّ الشخصية التي تُمتدح أكثر، وذلك لما يتجلى فيها من صفات حميدة، هي شخصية الرسول – عليه السلام- فهو أحمد من غيره على مدى التاريخ البشري وإلى يومنا هذا. فتبشير عيسى – عليه السلام- كان برسول يأتي من بعده، صفته أنّه أحمد من غيره.

       والحقيقة أن القرآن الكريم ذكر بعض الأنبياء عليهم السلام بأكثر من اسم فيعقوب – عليه السلام- هو أيضًا في القرآن الكريم إسرائيل، كما أنّ يونس – عليه السلام- هو أيضًا ذو النون، وإدريس – عليه السلام- فيما يرجحه بعض المفسرين هو إلياس، ومحمد – عليه السلام- هو أحمد.

والله ولي التوفيق

المراجع:

(1)        د/ محمد حسين هيكل-  حياة محمد– الهيئة المصرية العامة للكتاب – الطبعة الثالثة ص 19.

(2)        السيوطي الخصائص النبوية الكبرى تحقيق حمزة النشرتي ص 34.

(3)        بودلي – الرسول- الترجمة العربية لعبد الحميد جودة السحار ص95.

(4)        النويري- نهاية الأرب، دار الكتب المصرية 1955م الجزء السادس عشر ص 75.

(5)        السهيلي – الروض الأنف – مطبعة الخانجي 1976م الجزء الأول ص 106.

(6)        القاضي عياض – الشفا بتعريف حقوق المصطفى مكتبة الجمالية 1939م الجزء الأول ص 312.

(7)        السيوطي -الخصائص النبوية الكبرى – مطبعة بولاق 1955م ص 28.

(8)        المصدر السابق ص 46.

(9)        السيوطي -الرياض الأنيقة في شرح أسماء الخليقة-  دار الكتاب المصرية 1961م ص 47.

(10)      صلاح عبد الستار الشهاوي إنجيل برنابا ومسألة صلب المسيح  مجلة الفيصل العدد 313، رجب 1423هـ ص 96 نقلا عن إنجيل برنابا الإصحاح 94 من 1-2.

(11)      المستشار محمد عزت الطهطاوي – أمثلة لما ورد في الأناجيل من أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- ص 33.

(12)      النويرى مصدر سابق ص 79.

(13)      المصدر السابق ص 73.

(14)      المصدر السابق ص 80.

(15)      المصدر السابق ص 75.

(16)      ابن الأثير- أسد الغابة-  مطبعة بولاق 1280 هـ ص 104.

*  *  *


(*)             قاص وباحث في التراث العربي والإسلامي.

                دمشيت – طنطا – مصر.

                هاتف محمول : 0109356970(002)

                salahalsheehawy@yahoo.com

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، جمادى الآخرة 1437 هـ = مارس – أبريل 2016م ، العدد : 6 ، السنة : 40

Related Posts