دراسات إسلامية

بقلم:  د. عبد العزيز بن فوزان بن صالح الفوزان

       الظلم، ما الظلم؟ وما أدراك ما الظلم؟! إنه خلق ذميم، وذنب جسيم، وأذى عظيم، ووصف لئيم، يحلق الدين، ويأكل الحسنات، ويجلب الويلات والنكبات، ويورث العداوات والمشاحنات، ويثمر الأحقاد والضغائن، ويسبب القطيعة والعقوق، ويحيل حياة الناس إلى جحيم وشقاء، وكدر وبلاء.

أمــا والله إن الظلـم لــؤمٌ

وما زال المسيء هو الظلـومُ

إلى الديان يوم الدين نمضي

وعند الله تجتمع الخصــومُ

ستعلـم يا ظلـومُ إذا التقينا

غداً عند الإله مَنِ الملومُ(1)

       والظلم طبيعة بشرية، وجبلة متأصلة في النفوس كما قال تعالى: ﴿وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ (الأحزاب: 72)، فهذا هو الأصل في الناس: الظلم والجهل إلا من زكَّاه الله بالإيمان والتقوى، والعلم والهدى، والعدل والإنصاف. وقد صدق المتنبي(2) حين قال:

والظلم من شيم النفوس فإن تجد

ذا عفـــةٍ، فلعلـــة لا يظــــلمُ

       قال الماوردي(3): «وهذه العلة المانعة من الظلم لا تخلو من أحد أربعة أشياء: إما عقل زاجر، أو دين حاجز، أو سلطان رادع، أو عجز صاد، فإذا تأملتها لم تجد خامساً يقترن بها».

* تعريف الظلم وأنواعه:

       الظلم معناه: مجاوزة الحد، ووضع الشيء في غير موضعه(4). وهو أنواع شتى، وله صور كثيرة، ووجوه متنوعة عديدة، ولكن يمكن إجمالها في ثلاثة أقسام:

       الأول: ظلم العبد نفسه بالإشراك بالله (الظلم الذي لا يغفر الله منه شيئاً).

       الثاني: ظلم العبد نفسه بمعصية الله (الظلم الذي لا يعبأ به شيئاً).

       الثالث: ظلم العبد لغيره من العباد (الظلم الذي لا يترك الله منه شيئاً).

       أما القسم الأول: فإنه أقبح الظلم وأفحشه، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (لقمان:13)، و سئل النبي –صلى الله عليه وسلم-: «أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك»(5)، فالشرك أعظم أنواع الظلم، ولهذا كان جزاء صاحبه أن يخلد في النار يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَاْوٰﯨﻪُ النَّارُ وَمَا لِلظّٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ (المائدة:72).

       وكل ذنب قد يغفره الله تعالى إلا الشرك فإنه لا يُغفر لصاحبه، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِه وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ﴾ (النساء:48). ومن الشرك الأكبر المخرج من الملة: التقرب إلى الموتى وأصحاب القبور من الأولياء والصالحين وغيرهم، وذلك بدعائهم والاستغاثة بهم، والذبح والنذر لهم، والطواف بقبورهم، والحلف بهم تعظيماً لهم، واعتقاد النفع والضر فيهم، وأن لهم تصرفاً في هذا الكون، وقدرة على الدفع والرفع، والضر والنفع، والعطاء والمنع، كما هو الواقع في بعض بلاد الإسلام مع الأسف الشديد.

       وأما القسم الثاني: فهو ظلم العبد نفسه بمعصية الله والخروج عن طاعته؛ لأن حق الله تعالى على عباده أن يعبدوه ويوحدوه، ويطيعوه ولا يعصوه، ويشكروه ولا يكفروه، فإذا خالفوا ذلك كانوا من الظالمين. قال الله تعالى: ﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَأُولـٰٓئِكَ هُمُ الظّٰلِمُونَ﴾ (البقرة:229)، وقال: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ الله وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه﴾ (الطلاق:1)؛ أي: أساء إليها، وذلك بتعريضها لسخط الله تعالى ومقته، وأخذه وسطوته. قال ميمون بن مهران: «إن الرجل يقرأ القرآن، وهو يلعن نفسه، قيل له: وكيف يلعن نفسه؟ قال: يقرأ: ﴿أَلاَ لَعْنَةُ الله عَلَى الظّٰلِمِينَ﴾ (هود:18)، وهو ظالم»(6).

       والله تعالى غني عن عباده، لا تنفعه طاعة المطيعين، ولا تضره معصية العاصين، إنما ينفعون أنفسهم أو يضرونها، قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ (فصلت:46)، ﴿وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العٰلَمِينَ﴾ (العنكبوت:6).

       فمن أشرك بالله أو عصاه، فإنه لا يظلم إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً، كما قال ربنا – عز وجل-: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (البقرة:57). وفي الحديث القدسي: «يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم؛ ما زاد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم؛ ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته؛ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفّيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومنّ إلا نفسه»(7).

       وأما القسم الثالث: فهو ظلم العبد لغيره من العباد، وهو محل البحث هنا، وهو أشهر أنواع الظلم وأكثرها. وهذا القسم أغلظ من سابقه، وأعظم إثماً، وأسوأ عاقبة، ولا يمكن الخروج منه والتخلص من شؤمه وإثمه بمجرد الإقلاع والندم، بل لا بد من استحلال صاحبه، ورد حقه إليه. ومَن الذي يضمن لنفسه أن يحله المظلوم ويبيحه، إذا استحله واستباحه؟! فنسأل الله تعالى أن يعيذنا من ظلم العباد، وألا يجعلنا في القوم الظالمين. قال سفيان الثوري – رحمه الله -: «إن لقيت الله تعالى بسبعين ذنباً فيمابينك وبين الله –تعالى-؛ أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد»(8). وذُكر عن أبي بكر الوراق أنه قال: «أكثر ما ينزع الإيمان من القلب: ظلم العباد»(9). وقال ابن القيم – رحمه الله -: «والظلم عند الله -عز وجل- يوم القيامة له دواوين ثلاثة: ديوان لا يغفر الله منه شيئاً، وهو الشرك به؛ فإن الله لا يغفر أن يُشْرَك به. وديوان لا يترك الله –تعالى- منه شيئاً، وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً؛ فإن الله –تعالى- يستوفيه كله. وديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه -عز وجل-؛ فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محواً، فإنه يُمحى بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، ونحو ذلك. بخلاف ديوان الشرك؛ فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد. وديوان المظالم لا يُمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها»(10). وما ذكره ابن القيم – رحمه الله – هو معنى حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «الدواوين ثلاثة: فديوان لا يغفر الله منه شيئاً، وديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وديوان لا يترك الله منه شيئاً، فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئاً: فالإشراك بالله -عز وجل-، قال الله – عز وجل-: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِـمَن يَشَاءُ﴾ (النساء:48)، وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً قط: فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه، وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئاً: فمظالم العباد بينهم، القصاص لا محالة»(11). وقد حذَّر الله عباده من الظلم والتظالم، فقال في الحديث القدسي: «يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلم على نفسي وجعلتُه بينكم محرماً؛ فلا تظالموا»(12). فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يظلم عباد الله، ويؤذيهم ويضارهم، ويتجنى عليهم، ويعتدي على مصالحهم، وينتهك محارمهم. كما لا يجوز له أن يمنعهم حقوقهم، ويبخسهم أشياءهم، ويقصِّر فيما يجب عليه تجاههم، فإن الخلق خلق الله، وأحبهم إليه أنفعهم لهم، وخير الناس أقومهم بمصالح الناس.

       وقد أوجب الله على المؤمنين أن يكونوا إخوة متحابين، متراحمين متكاتفين، متواصلين متعاطفين، بل قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»(13). فإذا كان المؤمن لا يكمل إيمانه الكمال الواجب، ولا تبرأ ذمته حتى يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه(14)، ويعاملهم بمثل الذي يحب أن يعاملوه به، فكيف يجوز له ظلمهم، ومنعهم حقوقهم، وأذيتهم والبغي عليهم، والتعدي على أبدانهم أو أعراضهم أو أموالهم؟!

       خطب النبي –صلى الله عليه وسلم- يوم النحر في حجة الوداع في مجمع عظيم شهده أكثر من مئة ألف مسلم، فقال: «أتدرون أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسمّيه بغير اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى. قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسمّيه بغير اسمه، فقال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى. قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسمّيه بغير اسمه، قال: أليست بالبلدة الحرام؟ قلنا: بلى. قال: فإن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد! فليبلغ الشاهد الغائب، فرُبَّ مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»(15). وقال عليه الصلاة والسلام: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه»(16).

* من صور الظلم الشائعة:

       ظلم العباد بعضهم لبعض لا ينحصر في صور معدودة، بل كل تعد على مصالحهم، أو تقصير في حقوقهم؛ فإنه يعد ظلماً لهم، سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل. ولذلك قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»(17).

       فبيَّن في هذا الحديث علامة المسلم التي يُستدل بها على حسن إسلامه، وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده، كما ذكر مثله في علامة المنافق. وقيل: الألف واللام في قوله: « المسلم » للكمال، نحو: زيدٌ الرجل؛ أي: الكامل في الرجولية. وتُعقّب بأنه يستلزم أن مَنْ اتصف بهذا خاصة كان كاملاً.

       ويجاب بأن المراد بذلك مع مراعاة باقي الأركان، فأفضل المسلمين مَنْ جمع إلى أداء حقوق الله تعالى، أداء حقوق العباد. وذكر المسلمين هنا خرج مخرج الغالب؛ لأن محافظة المسلم على كفِّ الأذى عن أخيه المسلم أشد تأكيداً، وحقه عليه أعظم من حق الكافر غير المحارب الذي لايجوز الاعتداء عليه أيضاً.

       وخصّ اللسان بالذكر لأنه المعبِّر عما في النفس، وهكذا اليد؛ لأن أكثر الأفعال بها، وعبَّر باللسان دون القول؛ ليدخل فيه من أخرج لسانه على سبيل الاستهزاء(18)، فاشتمل الحديث على جميع أنواع الظلم بالقول والفعل.

       ومن صور الظلم باللسان: الغيبة والنميمة، والكذب والبهتان، والسب والشتم، والتنابز بالألقاب، والسخرية والاستهزاء، والإهانة والتحقير، والقذف والاتهام بغير حق، ونشر قالة السوء عن الناس، وفضح أسرارهم، إلى غير ذلك من أنواع الظلم بالقول واللسان.

       أما الظلم بالفعل والجوارح؛ فإنه يكون بالضرب والقتل بغير حق، وبالسرقة والغش والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل، ومنه كذلك الزنا واللواط، والتجسس والتنصت، وتتبع العورات، والتلصص على محارم الناس. وفي الحديث المتفق عليه: «مَنْ اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه»(19). وفي صحيح البخاري(20): «ومَنْ استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صُبّ في أُذنَيْه الآنك يوم القيامة»، والآنك: هو الرصاص المذاب(21).

       ومن الظلم الشديد، بل الكفر البواح: السحر الذي يستخدمه شياطين الإنس مستعينين بشياطين الجن، من أجل تحقيق أغراضهم الخبيثة، وأهدافهم الدنيئة، أو استجابة للحقد والحسد الذي أقسى قلوبهم، وأصمَّهم وأعمى أبصارهم، فباعوا دينهم، وظلموا إخوانهم. والسحر داء خطير، وشر مستطير، فمنه ما يُمرض، ومنه ما يقتل، ومنه ما يسبب الجنون والخبل، وما يجعل المسحور يهيم في الخلاء، و منه ما يفرّق بين المرء وزوجه، وما يبغِّض أحدهما إلى الآخر، أو يعطفه عليه ويعميه عن عيوبه،و منه ما يعقد المتزوج فلا يقدر على الوطء، ومنه ما يجعل المسحور ألعوبة في يد الساحر،وتابعاً ذليلاً(22).

       ومن صور الظلم الشائعة الذائعة بسبب الشح والبخل، وإيثار الدنيا على الآخرة: أكل أموال الناس بالباطل، وذلك عن طريق الجحود والمماطلة، أو الغش والمخادعة، أو عن طريق الرشوة، أو الربا، أو أكل مال اليتيم، أو عن طريق التدليس والتلبيس، كمن يأخذ أرض غيره أو بعضها بأدنى الحيل وبمستندات واهية، أو بينات مختلقة مزورة، أو أيمان كاذبة فاجرة. وكم حصل بسبب ذلك من الظلم والجور، وكم ترتب عليه من القطيعة بين الجيران والإخوان، وكيد بعضهم لبعض، وكم ذهبت أوقاتهم، وشغلت أذهانهم، وترافعوا إلى المحاكم سنين طويلة بسبب ظلم بعضهم لبعض، وتعدي بعضهم على بعض. وفي غمرة هذا الظلم والجشع، واللهاث وراء حطام الدنيا الفانية، ينسى هؤلاء عذاب الآخرة، فضلاً عن العقوبة المعجَّلة في هذه الدنيا. وقد حذَّر النبي –صلى الله عليه وسلم- من ذلك، فقال: «مَنْ ظلم قيد شبر من الأرض، طُوِّقه من سبع أرضين»(23).

       وعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «مَنِ اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة؛ لقي الله وهو عليه غضبان. قال عبد الله: ثم قرأ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مصداقه من كتاب الله – جل ذكره-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولئِكَ لاَ خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ﴾ (آل عمران:77)»(24).

       وحذَّر النبي –صلى الله عليه وسلم- من جحد الحقوق، والمماطلة في أداء الديون، فقال: «مطل الغني ظلم»(25)، وقال: «قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره»(26).

       فأين أولئك الذين يستضعفون عمَّا لهم وخدمهم، فيأكلون أجورهم، أو يماطلون في أدائها، أين هم عن هذا الوعيد الشديد، وأنى لهم أن يفلحوا والله تعالى خصمهم؟!

فخفِ القصاص غداً إذا وفِّيْتَ ما

كسبت يـداك اليــوم بالقسطاسِ

في مـوقف ما فيـــه إلا شاخصٌ

أو مهطع أو مقنـــع للــــراسِ

أعضاؤهم فيه الشهود وسجنهم

نار وحـاكمهم شــديــد البأسِ

أن تمطل اليوم الحقوق مع الغنى

فغداً تؤديها مــع الإفـلاسِ(27)

       جاء أعرابي إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- يتقاضاه ديناً كان عليه، فاشتد عليه، حتى قال: «أحرّج عليك إلا قضيتني. فانتهره أصحابه، فقالوا: ويحك !تدري مَنْ تكلم؟ فقال: إني أطلب حقي. فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: هلا مع صاحب الحق كنتم! ثم أرسل إلى خولة بنت قيس فقال لها: إن كان عندكِ تمر فأقرضينا حتى يأتينا تمر فنقضيك. فقالت: نعم! بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فاقترضه فقضى الأعرابي وأطعمه، فقال: أوفيت أوفى الله لك. فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: إنه لا قُدّست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير مُتَعْتَع(28)»(29).

       و عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – قال: «لما رجعتْ إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مهاجرة البحر قال: ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟ قال فتية منهم: بلى يا رسول الله! بينا نحن جلوس مرَّت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثم دفعها فخرَّت على ركبتيها، فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت: سوف تعلم يا غُدَرُ إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غداً. فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، كيف يقدّس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟!»(30).

       ومن أقبح صور الظلم: الجرأة على الله تعالى بشهادة الزور، يبذلها المرء لقاء أجر خسيس خبيث، أو محاباةً لقريب أو صديق، أو مجاملة لرئيس أو وجيه، أو للإضرار بخصم أو منافس، أو لغير ذلك من الأغراض الفاسدة، ليقتطع بها مال امرئ مسلم، أو ليُضيع بها حقاً من حقوقه، أو ليثبت عليه شيئاً هو بريء منه. وكالرجل المسؤول حين يكتب للجهة المختصة تقريراً بعدم صلاحية موظف،أو عدم كفاءته في عمله، والحقيقة على العكس من هذا، وقد يكون قصد مضارته، والإساءة إليه، والحط من قدره، وتشويه سمعته بهذه التقارير الكاذبة؛ لما يرى من نجاحه وتميُّزه عنه، وتفوقه عليه. كل أولئك ومن على شاكلتهم، ممن يقرر خلاف الواقع لغرض دنيوي، أو طمع مادي، أو منافسة غير شريفة، أو لمجرد التجنِّي على عباد الله والإضرار بهم، كل أولئك شهداء زور يلحقهم من الوعيد الوارد في حق شاهد الزور؛ بقدر ما احتملوا من هذه الشهادة الكاذبة الظالمة. يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت!»(31)، يعني إشفاقاً عليه، وكراهيةً لما يزعجه ويغضبه –صلى الله عليه وسلم-(32). وجلوسه عليه الصلاة والسلام بعد أن كان متكئاً، وتكراره التحذير من قول الزور وشهادة الزور؛ يدل على شناعة هذا الجُرم، وشدة قبحه، ووجوب الحذر الشديد منه.

       قال ابن حجر: «وسبب الاهتمام بذلك: كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعاً على الناس، والتهاون بها أكثر، فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم، والعقوق يصرف عنه الطبع، وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة كالعداوة والحسد وغيرهما، فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه، وليس ذلك لعظمها بالنسبة إلى ما ذكر معها من الإشراك قطعاً؛ بل لكون مفسدة الزور متعدية الشاهد، بخلاف الشرك فإن مفسدته قاصرة غالباً»(33).

* عاقبة الظالم:

       الظلم مرتعه وخيم، وشؤمه جسيم، وعاقبته أليمة، وقد توعّد الله أهله بالعذاب والنكال الشديد، فقال: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلظّٰلِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً﴾ (الفرقان:37) قال: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظّٰلِـمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ (إبراهيم:42-43)، وإنه والله! لوعيد تنخلع له القلوب الحية، وتقشعر له الجلود المؤمنة، وكفى به زاجرًا عن مقارفة الظلم أو الإعانة عليه. ويقول سبحانه: ﴿أَلاَ لَعْنَةُ الله عَلَى الظّٰلِمِينَ﴾ (هود:18)، ولكل ظالم حظ من هذه اللعنة بقدر مظلمته، فليستقل أو ليستكثر. ويقول تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ (الزخرف:65)، ويقول مهدداً بسوء العاقبة وشؤم المنقلب: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء:227). وبيَّن سبحانه وتعالى أن الظالم محروم من الفلاح في الدنيا والآخرة، ومصروف عن الهداية في أمور دينه ودنياه، فقال: ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّٰلِـمُونَ﴾ (الأنعام:21)، وقال: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظّٰلِمِينَ﴾ (المائدة:51). وروى مسلم في صحيحه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إن المُفلس من أمتي مَنْ يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار»(34). وعن جابر – رضي الله عنه – أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم»(35). وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات»(36). والموبقات: هي المهلكات(37)، وسميت بذلك؛ لأنها توبق صاحبها في الإثم، ثم في النار والعياذ بالله. وفي هذه الموبقات السبع من الظلم والأذى ما لا يخفى.

       ولشناعة الظلم، وكثرة أضراره، وعظم الأذية به؛ جعل الله تعالى عقوبته معجلة في الدنيا قبل الآخرة، يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ما من ذنب أجدر أن يُعجّل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يَدَّخِر له في الآخرة؛ من البغي وقطيعة الرحم»(38). وحذَّر النبي –صلى الله عليه وسلم- من دعوة المظلوم، فقال: «واتق دعوةالمظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب»(39). وتصور حال ذلك الظالم المخذول، وهو فرح بظلم الناس وغمطهم حقوقهم، حسداً وبغيًا، أو شحًا وبخلاً، أو صلفًا وكبرًا، أو سفهًا وجهلاً، ينام ملء عينيه، وأولئك المظلومون قائمون يدعون الله عليه، ويجأرون إليه بأن ينتقم منه، ويعجل عقوبته، ويُنزل به بأسه، ويحل عليه سخطه، ويأخذه أخذ عزيز مقتدر. فمَنْ ذا الذي يرضى لنفسه ذلك، ويعرِّضها لهذه السهام التي تزلزل الجبال؟!

لا تظلمن إذا ما كنت مقتـدراً

فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ

تنام عيناك والمظلوم منتبـــه

يدعو عليك، وعين الله لم تنمِ(40)

       لكن غلاظ الأكباد، وقساة القلوب، لا يحفلون بأمر الدعاء، ولا يتقون دعوة المظلوم، وذلك لما ران على قلوبهم من الذنوب، حتى صارت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة، فهم آمنون من مكر الله، مستهترون بالدعاء وآثاره.

أتهزأ بالـدعـاء وتـزدريــه

وما تدري بما صنع الدعـاء

سهام الليل لا تخطي ولكن

لها أمد، وللأمد انقضاء(41)

       يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي وجلالي! لأنصرنك ولو بعد حين»(42). وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه»(43).

       فإذا كان هذا شأن دعوة الفاجر، فما بالك بدعوة التقي الصالح، بل ما بالك بالعالم والداعية الناصح؟! فاحذر يا أخي أن تكون غرضاً لدعوات المظلومين، ومحلاً لسهامهم الصائبة.

واحذر من المظلوم سهماً صائباً

واعلم بأن دعـائــه لا يحجبُ

       وإذا دعتك نفسك إلى الظلم، فتذكر أنك إن غلبت الناس وأخذت حقوقهم بقوتك، أو سلطانك، أو جاهك، أو بلاغة حجتك وذلاقة لسانك؛ فإن الله –عزوجل- أقوى عليك منك عليهم، ولا يخفى عليه ظلمك، وهو القادر على أخذك وقهرك.

وما من يد إلا يد الله فوقها

ولا ظالمٌ إلا سيُبلى بأظلمِ(44)

       وفي الحديث: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ (هود: 102)»(45).

       وفي صحيح مسلم عن أبي مسعود البدري – رضي الله عنه – قال: «كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعت صوتاً من خلفي: اعلم أبا مسعود! فلم أفهم الصوت من الغضب. قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود! قال: فألقيت السوط من يدي. فقال: اعلم أبا مسعود! أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام. قال فقلت: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا»(46). وكان يزيد بن حكيم يقول: «ما هبتُ أحداً قط هيبتي رجلاً ظلمته، وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله، يقول: حسبي الله، الله بيني وبينك!». ولما حُبس خالد بن برمك وولده في نكبة البرامكة المعروفة، قال ولده: «يا أبتي! بعد العز صرنا في القيد والحبس»، فقال: «يا بني! دعوة المظلوم سرت بليل، غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها»(47). والقصص والشواهد الواقعية قديماً وحديثاً على إجابة دعوة المظلوم وتعجيل العقوبة للظالم كثيرة جدًا(48).

* عاقبة المظلوم:

       أما أنت أيها المظلوم، فأبشر بالذي يسرُّك، فأنت إن شاء الله خير الرجلين، وأفضل الطائفتين، فكن عبدَ الله المظلوم، ولا تكن عبدَ الله الظالم، واعلم أن الله –عزوجل- ظهيرك ونصيرك، وأنه لن يخذلك ويُسلمك لعدوك، وأن العاقبة لك في الدنيا والآخرة. يقول الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّٰلِمُونَ﴾ (الأنعام:21)، فلا فلاح لهم في الدنيا ولا في الآخرة؛ لأنهم ظالمون. وقال بعض السلف: «ثلاث مَنْ كن فيه كن عليه: البغي، والمكر السيئ، والنكث. قال الله –تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم﴾ (يونس:23)، وقال: ﴿وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِه﴾ (فاطر:43)، وقال: ﴿فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِه﴾ (الفتح:10)»(49). وتذكَّر أيها المظلوم أن الأمور كلها تُقضى في السماء، وما هؤلاء الخلق إلا أدوات يقضي الله بها من أمره ما يشاء، وإنك أن تصبح مظلوماً تنتظر النصر والمثوبة؛ خير من أن تكون ظالماً تنتظر الهزيمة والعقوبة. ولك أيها المظلوم أسوة بيوسف الصديق – عليه الصلاة والسلام -، حيث عزم إخوته على قتله ظلماً وعدواناً، وألقوه في غيابة الجب؛ ليهلك أو يلتقطه بعض السيارة، ثم باعوه بثمن بخس، وزعموا أنه عبد آبق، ثم قالوا عنه وعن شقيقه بعد حين: ﴿إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ (يوسف:77). وعندما بِيعَ لعزيز مصر، وصار في بيته راودته امرأة العزيز عن نفسه، فانتقل من بلاء الجب المخيف إلى بلاء الحب غير الشريف، ولما كُشف أمرها اتهمته زوراً وبهتاناً بأنه كان يراودها عن نفسها، ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الاٰيٰتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ (يوسف:35)، ﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ (يوسف:42). فاتُهم في عرضه وهو العفيف، وسُجن وهو البريء، وبِيعَ في سوق النخاسة وهو الحر الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم(50)، وبعد كل هذه الابتلاءات المتتالية، والمظالم المتنوعة، مكَّنه الله في الأرض، وجعل له العاقبة في الدنيا والآخرة، وآثره على كل من آذاه وظلمه. يقول الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الـمُحْسِنِينَ * وَلأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ (يوسف:56-57)، وقال عنه أيضاً: ﴿قَالُوا ءَاِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الـمُحْسِنِينَ قَالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخٰطِئِينَ﴾ (يوسف:90-91).

*  *  *

الهوامش:

(1)       الأبيات لأبي العتاهية، كما في ديوانه، ص 246، 247، وفي بهجة المجالس، 1/368.

(2)       ديوانه، ص 490.

(3)       أدب الدنيا والدين مع شرحه منهاج اليقين، ص 227.

(4)       انظر: بهجة المجالس 1/362، والمجموع شرح المهذب، 1/502، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 1/14، والذريعة إلى مكارم الشريعة، ص 357، وجامع العلوم والحكم 2/35.

(5)       رواه البخاري: 4207، ومسلم: 86.

(6)       تنبيه الغافلين، 1/407.

(7)       رواه مسلم: 2577.

(8)       تنبيه الغافلين: 1/409.

(9)       المصدر السابق: 1/409.

(10)     الوابل الصيب من الكلم الطيب، ص 23.

(11)    رواه أحمد: 26073، و الحاكم: 8717، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير: 4289.

(12)     رواه مسلم: 2577.

(13)     رواه البخاري: 13، ومسلم: 45.

(14)     قال ابن حجر في فتح الباري، 1/58: (فائدة: قال الكرماني: ومن الإيمان أيضاً أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر، ولم يذكره لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه، فترك التنصيص عليه اكتفاء، والله أعلم).

(15)     رواه البخاري: 1654، ومسلم: 1679 من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، وللحديث شواهد كثيرة في الصحيحين وغيرهما.

(16)     رواه البخاري: 2310، ومسلم: 2580.

(17)     رواه البخاري: 10، ومسلم: 41.

(18)     انظر فتح الباري، 1/54.

(19)     رواه البخاري: 6506، ومسلم: 2158.

(20)     حديث رقم: 6635.

(21)     الترغيب والترهيب 3/295.

(22)     انظر: غذاء الألباب، 1/250.

(23)     رواه البخاري: 3023، ومسلم: 1612.

(24)     رواه البخاري: 7007، ومسلم: 137.

(25)     رواه البخاري: 2166، ومسلم: 1564.

(26)     رواه البخاري: 2150.

(27)     كتاب الكبائر، ص 110.

(28)     تعتعه بتاءين وعينين: أقلقه وأتعبه بكثرة ترداده إليه ومطله إياه، الترغيب والترهيب، 2/ 280.

(29)     رواه البيهقي في السنن الكبرى: 19988، و أبو يعلى الموصلي: 1091، و الطبراني في المعجم الكبير: 591، 635، 745، 11230، وفي الأوسط: 5850، والحاكم: 5117، والحديث مروي من طريق جماعة من الصحابة، وقد أورد روايات بعضهم المنذري في الترغيب والترهيب، 2/380، وقال: رواه أحمد من حديث عائشة بإسناد جيد قوي، ورواه أبو يعلى من حديث أبي سعيد، ورواته رواة الصحيح، والطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد جيد، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 2417.

(30)     رواه ابن ماجه: 4010، و ابن حبان: 5058، وأبو يعلى: 2003، وصححه السيوطي في الجامع الصغير: 6443، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: 3239، وفي مختصر العلو، ص 106.

(31)     رواه البخاري: 2511، ومسلم: 87.

(32)     انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 2/88، وفتح الباري، 5/263.

(33)     فتح الباري، 5/263، وذكر نحوه في، 10/412.

(34)     رواه مسلم، رقم (4678).

(35)     رواه مسلم: 2578.

(36)     رواه البخاري، 2615، ومسلم، 89.

(37)     شرح النووي على صحيح مسلم، 2/84.

(38)     رواه أبو داود: 4902، و الترمذي: 2511، وابن ماجه: 4211، وأحمد: 20390، والبيهقي في السنن الكبرى: 20871، وصححه ابن حبان: 455، والحاكم: 3359، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: 2039.

(39)     رواه البخاري: 2316، ومسلم: 19.

(40)     كتاب الكبائر، ص 105.

(41)     البيتان للإمام الشافعي رحمه الله، كما في ديوانه، ص 27.

(42)     رواه الترمذي: 3598، وابن ماجه: 1752، وأحمد: 9741، والبيهقي في السنن الكبرى: 6186، و ابن خزيمة: 1901، وابن حبان: 874، 3428، وقال الترمذي: حديث حسن، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: 2050.

(43)     رواه أحمد: 8781، و ابن أبي شيبة: 29374، و الطيالسي: 2330، وقال المنذري في الترغيب والترهيب، 3/130، رواه أحمد بإسناد حسن، وكذا قال ابن حجر في الفتح، 3/ 360، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 3377.

(44)     ذكره ابن عبد البر في بهجة المجالس، 1/367، ولم ينسبه لأحد.

(45)     رواه البخاري: 4409، ومسلم: 2583.

(46)     حديث رقم: 1659.

(47)     كتاب الكبائر، ص 107.

(48)     انظر نماذج من هذه القصص في: كتاب «الكبائر» للذهبي، ص113، و (عدالة السماء) لمحمود شيت خطاب، وكتاب (نهاية الظالمين) لإبراهيم بن عبد الله الحازمي، وكتاب (اتق دعوة المظلوم) لسعد بن سعيد الحجري، وكتاب (مواقف ذات عبر) للدكتور: عمر الأشقر، ص 90.

(49)     بهجة المجالس وأنس المجالس، 1/407.

(50)     روى البخاري في صحيحه: 3210، عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، عليهم السلام).

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، محرم – صفر 1437 هـ = أكتوبر – ديسمبر 2015م ، العدد : 1- 2 ، السنة : 40

Related Posts