وزير الشؤون الإسلامية بجمهورية «مالديف» على رأس وفد رفيع المستوى يزور الجامعة ويعرب عن إعجابه بما اطلع عليه من خدمات الجامعة الجبارة في مختلف المجالات الدينية والتربوية

أنباء الجامعة

بقلم: أبو فايز القاسمي المبارك فوري

لقد كان يوما السبت والأحد:11-12/جمادى الثانية (بالتقويم الهندي) 1435هـ الموافق12-13/أبريل2014م من الأيام المشهودة التي عمَّ فيها الفرح والبهجة الجامعةَ وأكنافَها؛ فقد استقبلت في رحابها صاحب المعالي الدكتور/محمد شهيم علي سعيد – وزير الشؤون الإسلامية بجمهورية مالديف – و الدكتور محمد علي – وزير الدولة للشؤون الإسلامية- والسيد عمران عادل -سكريتر مساعد لمعالي وزير الشؤون الإسلامية – والسيد موسى شفيع – موظف في وزارة الشؤون الإسلامية- ليطلع عن كثبٍ على ما سمعه عن بعدٍ؛ حيث كان يتطلع إلى زيارتها ومعرفتها.

       توجه معاليه من دار الضيافة الحكومية بدهلي الجديدة؛ حيث نزل ضيفاً على الدولة هو والوفد المرافق له في زيارةٍ رسميةٍ للهند تستغرق أكثر من أسبوع رغبةً في زيارة الجامعات الهندية العصرية والإسلامية  الأهلية، في الصباح الباكر بصحبة الوفد الموقر المكون من مسؤولين رفيعي المستوى ينتمون إلى شتى المصالح بجمهورية «مالديف» كما صحبه في زيارته للجامعة موظف رفيع المستوى في الوزارة الخارجية الهندية.

       وكان في استقباله لدى وصول سيارات المراسم الحكومية إلى دارالضيافة الجامعية في تمام الساعة الثانية و النصف ظهراً كبارُ المسؤولين عن الجامعة وعلى رأسهم: صاحب الفضيلة الشيخ عبد الخالق القاسمي السنبهلي – نائب رئيس الجامعة –وكبار الأستاتذة ومن بينهم فضيلة الشيخ نورعالم خليل الأميني – أستاذ اللغة العربية وآدابها، ورئيس تحرير مجلة «الداعي» الصادرة عن الجامعة – والشيخ محمد سلمان القاسمي، أستاذ بالجامعة-حفظهم الله جميعاً – وكاتب هذه السطور-محمدعارف جميل القاسمي المباركفوري، أستاذ بالجامعة.

       وانتظم المجلس الذي تم فيه تبادل التسليم والتحية مع الضيف المبجل والوفد المرافق له والتعارف بينهم وبين مسؤولي الجامعة وأساتذتها، وقُدّمت فيه وجبة فطور خفيفة والشأي. ثم تجاذب الحضور أطراف الحديث عن الجامعة وخلفية تأسيسها وأهدافها ونشاطاتها في مجال العلم ونشرالدين والدعوة والحفاظ على العقيدة الإسلامية، والدور القيادي الذي لعبته في تحرير الهند من الاستعمار الإنجليزي، وفي مكافحة البدع والحركات الهدامة. وكان لفضيلة الشيخ نور عالم خليل الأميني – حفظه الله – الحظ الأوفر في الحديث الذي خصّ موضوع التعريف بالجامعة.

       وقد أعجب الضيف المبجل كل الإعجاب وازداد معرفةً على معرفةٍ بما سمع من الأوضاع  التي دعت إلى إقامة مثل هذه القلعة الحصينة التي لاتشكل جامعةً إسلاميةً  تُعَلم الدينَ فقط، بل مركزاً تأهيلياً خرَّج جنوداً أوفياء لعبوا دوراً ملموساً في الحفاظ على الكيان الإسلامي في هذه البلاد التي استمات الاستعمارُ الغاشم الجاثم على صدرها في تحويله إلى بلدٍ نصراني بالترغيب قليلاً وبالترهيب وبقوة الجنود والبنود كثيراً عن طريق البعثات التبشيرية الـمدعومة بالوسائل الحكومية الهائلة.

       وطبقاً للبرنامج المعد مسبقاً خرج الضيف المحترم والوفد المرافق له في جولةٍ داخل الحرم الجامعي، فزار خلالها عددًا من الأقسام والمباني بما فيها المكتبة المركزية التي تضمّ مئات آلاف من كتب العلوم المختلفة إلى جانب المخطوطات الأثرية القيمة، كما شاهد السكن الطلابي الأكبر المعروف بـ«الدارالجديدة» الذي أعيد بناء جانبين منها على طرازٍ حديثٍ خلابٍ. ولقد أُعجِبَ الضيف المبجل بالبوابة الضخمة الأثرية: «بوابة الظاهر» التي تضم مالا يقلُ عن أربعين غرفةً صغيرةً وكبيرةً. وكان إعجابه أكبر أشدّ بـ«جامع رشيد» العملاق – الذي يعدُّ نموجاً هندسياً بنائياً رائعاً فريداً من نوعه في الهندسة المعمارية الإسلامية المُطَعَّمَةِ بالطراز المعماري المغولي الهندي، والذي أنشئ قبل خمسة وعشرين عاماً تقريباً بإشرافٍ مباشرٍ من صاحب الفضيلة الشيخ عبد الخالق المدراسي حفظه الله – نائب رئيس الجامعة وأستاذ الحديث الشريف بها – وقد بلغ الضيف المبجل من الإعجاب بالجامع مبلغاً جعله يقول: لا أقرُّ عيناً حتى أبني جامعاً عملاقاً على طرازه في بلدي إذا ما وفقني الله تعالى لذلك، ويا حبذا لو زوَّدتموني بتصميم الجامع التفصيلي. كما دخل معاليه مبنى المكتبة المركزية ذي الأدوار السبعة – قيد الإنشاء – وأطلَعَه صاحبُ الفضيلة الشيخ عبد الخالق المدراسي – نائب رئيس الجامعة – على سير بنائها، كما شاهد معاليه من ذي قبل المبانيَ السكنية والدراسية الحديثة البناء التي تلي شارع ديوبند – سهارن فور في محيط المدرسة الثانوية حاليًّا.

       نظراً لأهمية زيارة معالي الوزير – بصفته أول زيارة لمسؤول مالديفي رفيع المستوى لهذه الجامعة قامت الصحف الأردية الكثيرة بتغطية ما شهدته الزيارة من النشاطات والفعاليات تغطيةً شاملةً، فتقول صحيفة «صحافة» اليومية الصادرة في دهلي بتاريخ الأحد 12/6/1435هـ الموافق 13/4/ 2014هـ: «اطلع معاليه خلال الزيارة على مختلف المناشط التعليمية وأقسامها وشعبها المتنوعة عن كثبٍ، وتجاذب أطراف الحديث حول الخدمات والإنجازات التي قامت به الجامعة عبر قرن ونصف من الزمان».

       وأضاف معاليه: «توخينا من وراء هذه الجولة زيارة هذا المعلم الإسلامي العريق، والجامعة الإسلامية العريقة، والاجتماع بأساتذتها وطلابها، والاستفادة من مكتبتها الثرية الغنية بالمصادر الإسلامية المختلفة والمخطوطات القيمة التي تحفتظ بها. وإن هذه الجامعة لاتقتصر خدماتها على ربوع الهند، وإنما تجاوزتها إلى دول العالم، ويستحيل أن يتغاضى العالم عما قامت وتقوم به الدار من الخدمات الجبارة».

       واستطرد معاليه قائلاً: «إن هذه الجامعة خرجت فحولاً وعظماء في مختلف العلوم الدينية، تركوا بصماتٍ واضحةً المعالم في كل المجالات العلمية والعملية والتوجيهية، وتشكل مركز إشعاع ديني أشرقت الأرض كلها بنورها، ولقد قرأت كثيراً عن الجامعة ونشاطاتها و إنجازاتها، ووجدت في زيارتي هذه أجل وأعظم مما سمعت:

ومازلتُ حتى قادني الشوقُ نحوه

يسايــرني في كلّ ركبٍ لــه ذكـرُ

وَ أَسْتَكْــبِرُ الأَخْـبَارَ قَبْـلَ لِقَائِـه

فَلَمَّا الْتَقَيْنَا صَغَّـرَ الْخَـبَرَ الْخُبـْـرُ»

       و أبدى معاليه فرحه المتناهي باطلاعه على الإنجازات البنائية الكثيرة؛ حيث علم بسعة المدينة الجامعة وحدودها الأرضية الواسعة، كما اطلع من خلال الحديث العفوي مع المسؤولين والأساتذة في دارالضيافة الجامعية على الحدود الزمانية الواسعة الممتدة على أكثر من قرنٍ ونصف قرنٍ من الزمان، التي قطعتها الجامعة في خدمة علوم الشريعة ونشرها وتخريج علماء أكفاء تحتاج إليهم الأمة لتعيش بدينها وصحة عقيدتها.

       ثم توجه معاليه إلى جامع «رشيد» الكبير؛ حيث كان قد أُذِّنَ لصلاة العصر، فصلاّها في الجامع، وإثر الصلاة مباشرةً، عُقدَت حفلة الترحيب بالضيف المحترم، رعاها فضيلة الشيخ عبد الخالق السنبهلي – نائب رئيس الجامعة – وأدار الحفل كاتب هذه السطور- محمد عارف جميل القاسمي المباركفوري – وكان الحفل مشهودًا؛ حيث حضره جميع طلاب الجامعة، وعددٌ وجيه من المسؤولين، وبدئت الحفلة بتلاوة آي من القرآن الكريم تشرف بها الشيخ المقرئ آفتاب عالم – أحد أساتذة القراءات بالجامعة – وتقدم مدير الحفل بكلمة التحية والترحيب بمعالي الضيف المبجل وتعريفٍ موجزٍ بنشأة الجامعة ونشاطاتها وإنجازاتها، وشكرفيها معالي الضيف المحترم على تحمله المشاق.

       ثم أُعطِيَت الكلمةُ لمعالي الوزير فاستهل كلمته – بعد الحمد لله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم – بقوله: «لاأدري بأي كلمات أعبر عما في نفسي من فرحٍ وسرورٍ حينما أجلس بين إخواني الذين أتذكر بهم أيامي التي قضيتها طالباً مثلكم في مثل هذه المساجد وفي مثل هذه المدارس في هذه البلاد وما جاورها… أنا بدأت الدراسة في باكستان في الجامعة الإسلامية الأشرفية في «لاهور»، ومنهج تلك الجامعة امتداد لهذه الجامعة التي أنتم طلابها».

       وأبدى معاليه بالغ سعادته وسروره بزيارته للجامعة، وصَرَّح أنه كان يتطلع لزيارتها منذ زمنٍ غير قليلٍ؛ فهو يحمد الله تعالى على أنه حقّق أمنيته، وأتاح له زيارة الجامعة ومقابلة مشايخها، ولقاء هذا الجمع الغفير من الطلاب العاكفين على الدراسة فيها. وكان حديثه يحَرَّك المشاعر، و يُنعش القلوبَ بإشاراته الإيمانية، ولفتاته الحانية واستمرنحو نصف ساعةٍ، وجَعَلَ الحضورَ – مُعْظَمُهمْ الطلاب والعلماء- ينتصبون في مكانهم ويتسوّرون ويستمعون في إنصاتٍ بالغٍ كأنّ على رؤوسهم الطيرَ. وكان يحدوه في الخطاب الإعجاب والحب البالغ للجامعة وعلمائها خصيصًا، والعلماء الهنود ومآثرهم العلمية عمومًا.

       وأضاف معاليه قائلا: «كما علمت مما تكوَّن لدي من المعلومات أن هذه الجامعة بدأت – لما بدأت – بأستاذٍ واحدٍ وتلميذٍ واحدٍ، واليوم منذ تأسيس هذه الجامعة خرَّجت – حسب معلوماتي – أكثر من مئة ألف عالمٍ في شبه القارة الهندية».

       واستطرد معاليه قائلاً: «هذه أول زيارة لي لهذه الجامعة العريقة، وهذه – إن شاء الله – لن تكون آخرها…. رأيت فيها الخير، رأيتها قلعةً من قلاع الإسلام والمسلمين، رأيتها حصناً حصيناً لسنة محمد – صلى الله عليه وسلم-… إن الجامعات الإسلامية أصبحت كثيرةً في العالم الإسلامي اليوم؛ ولكن لاتكاد تجد جامعةً تهتم بالكتب الأصيلة وتدريسها؛ بل معظمها تختار بعض الأبواب من الأحاديث، وتختار بعض الكتب، وحتى كتب الحديث الستة لاتهتم بها مثل ما تهتم بها هذه الجامعة، أنتم في قلعةٍ حقاً، أنتم في حصنٍ حصينٍ».

       و سَجَّلَ معاليه انطباعاته في سجل الانطباعات بما يلي:

       بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه ومن  تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد: فيسرني أن أزور جامعة دار العلوم – تلك الجامعة التي خدمت الإسلام والمسلمين في بلاد الهند – رأيتها قلعةً من قلاع المسلمين وحصناًحصيناً لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأسأل الله تعالى أن يبارك فيها، وأن يوفق القائمين عليها وهو تعالى على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير.

                                         د. محمد شهيم على سعيد

                            وزير الشؤون الإسلامية، مالديف

                           يوم الأحد: 12/6/1435هـ

                                  13/4/2014م

       وقضى معاليه في دارالضيافة الجامعية يوماً وليلةً في مدارساتٍ علميةٍ وحوارٍ نافعٍ مفيدٍ وجلساتٍ أخويةٍ. ولمسنا في معاليه حباً للعلم وأهله واحتراماً لهما، وبساطةً فلم يتقيد بنظام التشريفات الحكومي (PROTOCOL)، وفي الصباح الباكر من يوم الأحد – بعد ما تناول الفطور – انتظم لقاءٌ مع مسؤولي الجامعة – في طليعتهم فضيلة الشيخ عبدالخالق المدارسي – نائب رئيس الجامعة – وفضيلة الشيخ عبد الخالق السنبهلي – نائب رئيس الجامعة – وفضيلة الشيخ نورعالم خليل الأميني – أستاذ الأدب العربي بالجامعة ورئيس تحرير مجلة «الداعي» العربية الصادرعن الجامعة – وآخرون بجانب كاتب هذه السطور – في دار الضيافة الجامعية، وناقش اللقاءُ عدةَ قضايا ذات الاهتمام المشترك، وشرح المسؤولون منهج الجامعة التعليمي والتربوي بتفصيل وفي جوٍّ يسوده الهدوء والحبّ والعاطفة الجياشة من الاحترام المتبادل.

       وفي نحو الساعة الثانية والنصف ظهراً تناول معاليه والوفد المرافق له الغداء في دارالضيافة الجامعية مع مسؤوليها وأساتذتها ليتوجّه معاليه إلى «دهلي» وهو يحمل الرصيد الغالي من عواطف الحبّ والتقدير التي لمسها خلال إقامته الخاطفة بالجامعة وما لقيه من قِبَل مسؤوليها وأساتذتها.

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، رمضان – شوال 1435 هـ = يونيو – أغسطس 2014م ، العدد : 9-10 ، السنة : 38

Related Posts