أنباء الجامعة
بقلم: رئيس التحرير
لقد كان يوم الإثنين: 6/من محرم (بالتقويم الهندي) 1435هـ الموافق 11/نوفمبر 2013م يومًا من الأيام الغرّ في الجامعة؛ حيث استقبلت في رحابها سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الهند الأستاذ الدكتور سعود محمد الساطي المحترم الذي قدم من «دهلي» يزورها ويطلّع على نشاطاتها وإنجازاتها عن كثب؛ فقد كان قد سمع عنها عن بعد كثيرًا، فكان يتطلع إلى زيارتها ومعرفتها المباشرة.
توجه سعادته من مقره بدهلي الجديدة في الصباح الباكر بصحبة وفد موقر مكون من المسؤلين رفيعي المستوى عن شتى الأقسام بالسفارة، بمن فيهم فضيلة الشيخ أحمد علي الرومي/ المستشار بالسفارة، والأستاذ صقر سليمان القرشي/ السكرتير الأول، والأستاذ خالد عبد الرحمن مكي/ السكرتير الثاني، والأستاذ عادل سعد عبيد/ الملحق، والدكتور ضيف الله إبراهيم المطرودي/ الملحق، والأستاذ مسفر محمد القحطاني/ موظف إداري، والأستاذ فاهم فايض العنزي/ موظف إداري، والأستاذ بدر الزمان كيرانوي القاسمي/ سكرتير سعادة السفير.
واستقبل سعادةَ السفير والوفد المرافق له على الطريق الدائري السريع في مدينة «مظفرنجر» فضيلةُ الشيخ السيد أرشد المدني أستاذ الحديث بالجامعة ورئيس جمعية علماء الهند الذي كان قد توجّه من «ديوبند» إلى «مظفرنجر» في الصباح الباكر لاستقبال سعادته. وعندما دخل سعادته بسيارته مدينة «ديوبند» استقبله على مدخلها وفدٌ وجيهٌ من أساتذة الجامعة وَجَّهَه لاستقبال سعادته رئيسُ الجامعة فضيلة الشيخ المفتي أبوالقاسم النعماني، كما استقبله على بوّابه الجامعة بجنب شارع ديوبند – سهارنبور وفدٌ آخر كبير مُكَوَّن من أساتذة الجامعة وطلاّبها، على توجيه من فضيلة رئيس الجامعة. وقد وصل الضيف المبجل دارَالضيافة الجامعية في الساعة العاشرة والنصف تقريبًا؛ حيث كان في استقباله فضيلة رئيس الجامعة الشيخ المفتي أبوالقاسم النعماني ونائباه: فضيلة الشيخ عبد الخالق المدراسي وفضيلة الشيخ عبد الخالق السنبهلي وعدد من كبار أساتذة الجامعة بمن فيهم فضيلة الشيخ عبد الحق الأعظمي القاسمي أستاذ الحديث بالجامعة، وفضيلة الشيخ قمرالدين الغوركهبوري القاسمي أستاذ الحديث بالجامعة، وفضيلة الشيخ السيد المقرئ محمد عثمان المنصوربوري القاسمي أستاذ الحديث بالجامعة، والشيخ محمد جميل السهارنبوري القاسمي أستاذ بالجامعة، والشيخ شوكت علي البستوي القاسمي أستاذ بالجامعة، والشيخ سلمان البجنوري القاسمي أستاذ بالجامعة، والشيخ محمد ساجد القاسمي أستاذ بالجامعة، والشيخ محمد عارف جميل القاسمي أستاذ بالجامعة، وكاتب هذه السطور: نور عالم خليل الأميني أستاذ الأدب العربي بالجامعة ورئيس تحرير مجلتها العربية الشهرية «الداعي» وغيرهم من الأساتذة والمسؤولين الذين كانوا موجودين بدار الضيافة قبل وصول الضيف المحترم والوفد المرافق له.
بقاعة الاستقبال بدارالضيافة انتظم المجلس الذي تم فيه التعارف بين سعادة السفير وأعضاء الوفد المرافق له وبين الأساتذة والمسؤولين بالجامعة، وقدمت إلى الضيوف مواد الفطور الخفيفة والشأي، ودار الحديث الودّي الذي تناول شتى الموضوعات التي تهم الإسلام والمسلمين، ولاسيّما موضوع التعريف بالجامعة: تأسيسها وخلفياته وظروفه وإنجازاتها في مجال العلم ونشر الدين والدعوة والحفاظ على العقيدة الإسلامية، والدور القيادي الذي لعبته في تحرير الهند من الاستعمار الإنجليزي وفي مكافحة البدع والحركات الهدامة وعلى رأسها القاديانية. وقد كان لفضيلة الشيخ السيد أرشد المدني القدح المعلى في الحديث الذي خصّ موضوع التعريف بالجامعة.
وقد سُرَّ سعادة السفير المحترم بما سمع من خلفيات التأسيس التي دعت إلى إقامة مثل هذه القلعة الحصينة التي تخرج داخلها جنودٌ أوفياء مؤهلون حافظوا على الكيان الإسلامي في هذه البلاد التي حاول الإنجليز تنصيرها بقوة الجنود والبنود وبوسيلة البعثات التبشيرية الـمُمَدَّةِ بالوسائل الحكومية.
ثم قام الضيف المحترم والوفد المرافق له بجولة في داخل الحرم الجامعي، زار خلالها عددًا من الأقسام والمباني بما فيها المكتبة المركزية الحاليّة التي تضمّ مئات آلاف من كتب شتى العلوم إلى جانب المخطوطات الأثرية القيمة، ومبنى السكن الطلابي المعروف بـ«رواق خالد»الذي كان قد أنشئ منذ سنوات طويلة بمساعدة جلالة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله تعالى عن طريق السفارة السعودية بدهلي الجديدة، كما شاهد السكن الطلابي الأكبر المعروف بـ«الدارالجديدة» الذي هو الآن قيد إعادة البناء، وقد تم إنجاز مشروع إعادة بنائه ببعض أجزائه بجنبي البوابة الضخمة الأثرية «بوابة الظاهر» التي كانت قد بنيت على مساعدة الملك الأفغاني «ظاهر شاه» رحمه الله، كما اطّلع سعادته على مسيرة بناء مبنى المكتبة المركزية ذي الأدوار السبعة الذي هو الآن قيد الإنشاء، كما شاهد سعادته من ذي قبل المبانيَ السكنية والدراسية الحديثة البناء التي تلي شارع ديوبند – سهارنبور في محيط المدرسة الثانوية حاليًّا ومحيط «الجامعة الطبية» سابقًا. وقد أبدى سعادته سروره البالغ باطلاعه على هذه الإنجازات البنائية الكثيرة؛ حيث علم بسعة المدينة الجامعة وحدودها الأرضية الواسعة، كما اطلع من خلال الحديث العفوي مع المسؤولين والأساتذة في دارالضيافة الجامعية على الحدود الزمانية الواسعة الممتدة على أكثر من قرن ونصف قرن من الزمان، التي قطعتها الجامعة في خدمة علوم الشريعة ونشرها وتخريج علماء أكفاء تحتاج إليها الأمة لتعيش بدينها وصحة عقيدتها.
وفي نحو الساعة الثانية عشرة والنصف تناول سعادة الضيف المحترم والوفد المرافق له الغداءَ في قاعة الطعام بدارالضيافة بصحبة فضيلة رئيس الجامعة وفضيلة الشيخ السيد أرشد المدني وأصحاب الفضيلة أساتذة الجامعة الكبار، ثم توجه سعادته إلى جامع «رشيد» الكبير؛ حيث كان قد أُذِّنَ لصلاة الظهر، فصلاّها في الجامع، وإثر الصلاة مباشرة، أقيمت حفلة الترحيب بالضيف المحترم بالجامع، رعاها فضيلة رئيس الجامعة الشيخ المفتي أبوالقاسم النعماني، وحضرها أساتذة الجامعة وعلى رأسهم فضيلة الشيخ السيد أرشد المدني وغيره، وأدار الحفل الشيخ محمد عارف جميل القاسمي، وكان الحفل مشهودًا؛ حيث حضره جميع طلاب الجامعة، وعدد من المسؤولين، وبعد استهلاله بآي من القرآن الكريم، قدّم فضيلة رئيس الجامعة كلمة التحية والترحيب بسعادة الضيف المكتوبة المطبوعة، التي شكر فيها سعادة الضيف المحترم على تحمله المشاق وقيامه بالرحلة من «دهلي» إلى «ديوبند» بالسيّارة لزيارة هذه الجامعة العريقة. وصَرَّح بأن مثله من الضيوف القادمين من بلاد مطلع الإسلام ومولد ومدفن النبي عليه الصلاة والسلام، يحتلّ لدينا من الاحترام والحب ما لايحتلّه أي ضيف قادم من أي من الأمكنة في العالم مهما كان كبيرًا بعلمه وفضله؛ ولذلك فمهما بالغ في الحفاوة به فلن يقدر على الوفاء به والارتقاء إلى المستوى الذي يليق به.
ثم تحدث حفظه الله في كلمته الترحيبية عن الظروف القاسية التي أحوجت إلى تأسيس الجامعة، وكيف أنها تطورت من مدرسة إلى جامعة إسلامية أهلية كبرى في شبه القارة الهندية، وعن السرّ الكامن وراء الشعبية الغريبة العجيبة التي تتمتع بها بين جميع معاهد التعليم الإسلامية في شبه القارة الهندية، وهو التقوى والإخلاص لله، اللذان ظلاّ يحالفانها طَوَالَ مسيرتها الزمانية الطويلة.
كما أشار فضيلته إلى دور الجامعة في نشر شبكة المدارس والكتاتيب الإسلامية في شبه القارةالهندية وخارجها، حتى في بلاد الحرمين، ولاسيّما بالمدينة المنورة؛ حيث أسس فيها أحد أبنائها العالم الصالح فضيلة الشيخ السيد أحمد الفيض آبادي رحمه الله (1293-1358هـ = 1876-1939م) مدرسة ملاصقة لباب جبرئيل باسم «مدرسة العلوم الشرعية» لأيتام المدينة المنورة. وقد خرّجت علماء ودعاة وقضاة وأدباء وشعراء، وعلى رأسهم أديب العربية الشهير ومحققها الكبير البحاثة المؤرخ الشيخ عبد القدوس الأنصاري المتوفى 1403هـ/1983م مؤسس مجلة «المنهل» الأدبية الفكرية الثقافية السعودية التي لاتزال تصدر بمدينة «جدة» بالمملكة الكريمة.
وقد ذكر رحمه الله أن الجامعة تخضع في إدارتها لمجلس شورى مكون من خيرة كبار علماء البلاد يعقد دورتين في السنة التعليمية، ويتفرع منه مجلس تنفيذي يعقد دورتين كذلك في السنة، والمجلسُ الاستشاري هو الذي ينتخب رئيسًا للجامعة يباشر إدارة شؤون الجامعة بتوجيهات وخريطة طريق يرسهما هو له، ويتبعه – رئيسَ الجامعة – نائبان، يوزع عليهما مسؤوليات حتى تسير الأمور في انسيابية كاملة.
وقد حَمَّلَ حفظه الله سعادة الضيف المحترم مسؤولية إبلاغ شكره وتقديره خادمَ الحرمين الشريفين على ما يقوم به من خدمة الحرمين الشريفين وتوفير جميع نوع من التسهيلات لحجاج ومعتمري وعمار بيت الله الحرام والاهتمام بأمر الإسلام والمسلمين حسب ما يستطيع.
كما قدم حفظه الله معذرة نحو الضيف الكبير عن التقصير الذي يكون قد صدر منه في الحفاوة اللائقة به بصفته سفير بلاد الحرمين الشريفين.
ومن جانبه أبدى سعادة السفير السعودي المحترم بالغ سعادته وسروره بزيارته للجامعة، وصَرَّح أنه سمع وقرأ عنها كثيرًا، وأنه كان يتطلع لزيارتها منذ وصوله للهند منذ نحو عشرين شهرًا كسفير لبلاده لدى الهند؛ فهو يحمد الله تعالى على أنه حقّق أمنيته، وأتاح له زيارة الجامعة ومقابلة مشايخها، وشاهد ولقي هذا الجمع الغفير من الطلاب العاكفين على الدراسة فيها.
وفيما يلي نصّ خطاب سعادته الذي ألقاه في الحفل:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
فضيلة رئيس الجامعة الشيخ أبو القاسم النعماني
أصحاب الفضيلة المشايخ من المسؤولين بالجامعة وأساتذتها أيها الإخوة في الله!
أحييكم أولاً بتحية الإسلام الخالدة، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
ويطيب لي أن أعبر عن بالغ سعادتي وسروري بزيارة هذه الجامعة الإسلامية العريقة والمعروفة بـ«دارالعلوم بديوبند» والتي سمعتُ وقرأتُ كثيرًا عن خدماتها البارزة في مجالي الدعوة والتعليم والدور الأساسي الذي لعبته في خدمة الإسلام والمسلمين في شبه القارة الهندية، وكنتُ أتطلع منذ وصولي للهند قبل حوالي عشرين شهرًا دائمًا لزيارة هذه الجامعة العريقة التي تعد صرحًاعظيمًا من صروح العلم وعلمًا شامخًا من أعلام الدعوة ومنارة مضيئة في سماء القارة الهندية في مجال التعليم الإسلامي والتربية الإسلامية.
فأشكر الله وأحمده على أنه حقق أمنيتي اليوم وتشرفتُ بزيارة الجامعة وقابلتُ المشايخ فيها من المسؤولين والأساتذة وشاهدتُ هذا الجم الغفير من الطلبة الدارسين بالجامعة والعاكفين على الدراسة والعلم والعمل.
فأهنئكم أيها الإخوة والمشايخ! بانتسابكم إلى هذه الجامعة العريقة وأسال الله أن يبارك لكم في الأعمال الجليلة التي تقومون بها في مجالات الدعوة والتعليم وخدمة الإسلام والمسلمين ونشر المنهج الإسلامي في ضوء كتاب الله وهدي نبيه – صلى الله عليه وسلم – وأسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن ينفعكم وينفع بكم وأن يجزي القائمين على هذه الجامعة من المؤسسين والمشايخ الحاضرين ومن الأجيال القادمة الصالحة باذن الله أحسن الجزاء.
أيها الإخوة! لقد رفع الله تعالى شأن العلم والعلماء وأعلى قدرَهم وحثّ على الازدياد من العلم، والحرص على طلبه وتحصيله، لما للعلم من أثر في حياة البشر، أفرادًا ومجتمعات، قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِين يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
ولقد جاءت نصوص في الكتاب والسنة مُنَوِّهَةً بفضل العلم وأهله والحث على تعلمه وكسبه؛ بل إن من الخصائص المميزة لأمة الإسلام عبر العصور أنها أمة العلم والمعرفة. وكانت أول آية نزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تحثّ على العلم قال تعالى: ﴿اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ). وبالعلم النافع أيها الإخوة! تبني الأمم أمجادَها وتشيد حضارتَها، وبه ترقى وتسود. ولا يستطيع المسلم تحقيق العبودية الخالصة لله تعالى وفق شرعه فضلاً عن أن يبنى نفسه كما أراد الله سبحانه وتعالى، أو يقدم لمجتمعه خيرًا أو لأمته عزًا ومجدًا إلا بالعلم. وما تفشّى الجهلُ في أمة من الأمم إلاّ قوّض أركانَها وصدع بنيانها، وأوقعها في الرذائل والمتاهات المهلكة، فالإسلام يدعو الإنسان إلى العلم ويدعوه إلى اكتساب المعرفة والاستفادة من تطبيقاتها، مستخدمًا ما منحه الله من أدوات وملكات؛ لكي يتمكن من خدمة المجتمع وعمران الحياة على الأرض كما أرادها الله سبحانه وتعالى.
فأيها الإخوة! احمدوا الله عز وجل أنه يسّر لكم الالتحاقَ بهذه الجامعة و وفّقكم لطلب العلم، وافرحوا بما خصكم الله به وهيأ لكم من أسبابه وشرح صدوركم له، وعضّوا عليه بالنواجذ وافهموا هذا العلم كما فهمه السلف الصالح وعلموه الناس، وأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في السر والعلن وأن تبتغوا بطلبكم العلم وجه الله سبحانه وتعالى وأن تعبدوه على بصيرة وأن تكونوا دعاة إلى الخير والوسطية والاعتدال.
أيها الإخوة الأفاضل! إن المدارس و دور العلم هي أثمن ما تملكه الأمة من رجال الغد وجيل المستقبل. وهي ثروة تتضاءل أمامها كنوز الأرض جميعًا؛ فيجب أن نولي كل الاهتمام والرعاية لهذه المؤسسات التعليمية والتربوية وأن يهتمّ رجال التربية والتعليم في المجتمع الإسلامي بحفظ العقول والأخلاق في ضوء تعاليم ديننا الحنيف. كما يجب أن يقوم منهج التربية والتعليم لدى المسلمين على نهج قويم وخلق متين يجمع أهله ويشدّ بعضهم إلى بعض، ويمنع عناصر الفساد وأسباب الفرقة والخلاف من أن يتسرّب إلى الصفوف؛ ففلاحُ الأمة يكمن في صلاح أعمالها، وصلاح أعمالها يتحقق بصحة علومها. والتربية الصحيحة هي التي تنتج رجالاً أمناء أوفياء ذوي نصح وإخاء. وهنا تاتي أهمية المنهج التعلمي لجامعة «ديوبند» وأمثالها من الجامعات الأخرى التي تهتم بالتربية الإسلامية الصحيحة.
أيها الإخوة! يجب علينا جميعًا أن نبرز الوجه المشرق للإسلام أمام العالم وأنه دين سلام وأمان يحارب الإرهاب والتطرف. وقد سعت المملكة العربية السعودية دائمًا للدفاع عن الإسلام وخدمته وإبراز محاسنه ونشر ثقافة الأمن والسلام والتسامح في العالم من خلال تنظيم مؤتمرات الحوار واتخاذ المبادرات الخيرة الهادفة لتحقيق هذه المعاني السامية.
كما قامت حكومة خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله – بالتوسعات الكبيرة للحرمين الشريفين، وتطوير الخدمات في الاماكن المقدسة للتسهيل على الحجاج والمعتمرين وزوار الحرمين الشريفين وبيت الله الحرام الذي تتشرف المملكة بخدمته.
وأنتم أيها الإخوة كنخبة من أبناء المسلمين في الهند يجب أن تتميزوا بالتوسط والاعتدال في أقوالكم وأفعالكم وسائر تصرفاتكم، وهو ما عرفناه عنكم، وتقوموا بدوركم البناء كأعضاء فاعلين في بناء بلادكم وازدهار مجتمعاتكم، وبالالتزام بما يأمر به الإسلام في المعاملات من حسن الخلق وصدق القول ومحبة الخير للوطن وأهله.
وبهذه الكلمات أنهي كلمتي وأشكركم والقائمين على الجامعة على إتاحة هذه الفرصة السعيدة لزيارة الجامعة وما حظينا به من حفاوة واستقبال وترحيب، سائلاً الله أن يجمعنا على الخير دائمًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد انتهاء الحفل تناول سعادته الشأي في منزل فضيلة الشيخ السيد أرشد المدني الذي احتفى بالضيف المحترم احتفاءً كبيرًا منذ نزوله بالجامعة؛ بل منذ توجهه من دهلي لـ«ديوبند» حتى مغادرته إيّاها، واستمرّ المجلس نحو نصف ساعة أو أكثر. وقد سُرَّ سعادته كثيرًا بهذا المجلس العفوي للشأي الذي حضره كذلك فضلة رئيس الجامعة وعدد من أساتذتها، وساده جوّ لطيف من الهدوء والحبّ والعاطفة الجياشة من الاحترام المتبادل.
وفي نحو الساعة الثالثة والنصف مساءً توجّه سعادته والوفد المرافق له إلى دهلي في رحلة العودة وهو يتأبّط الرصيد الغالي من عواطف الحبّ والتقدير التي لمسها خلال إقامته الخاطفة بالجامعة وعبر جميع السلوك الذي لقيه من قبل فضيلة رئيس الجامعة وأساتذتها ومسؤوليها وفضيلة الشيخ السيد أرشد المدني الذي كان له سابقُ معرفة تلقائيه به. وقد شعرنا من جميع تعامل سعادته أنه يلمس في الجامعة ما يلمسه المرأ في بيته وبين أهله من أنس وإلف و وئام وتجانس وانجذاب. ولم يكن ذلك إلاّ لأن بيئة الجامعة معمورة بإخلاص مشايخها الصالحين المُطَّرحِين على عتبة الرحمن، وبأنها – الجامعة – لا تزال تَعملَ في صمت وهدؤء دونما دعاية وإعلان بما تعمل لله.
وقد سَجَّلَ سعادته انطباعاته في سجل الانطباعات بما يلي:
بم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله. وبعد: فلقد تشرفت اليوم 8/1/1435هـ بزيارة هذه الجامعة العريقة: جامعة «ديوبند» والتقيت برئيسها وأساتذتها وطلابها. وأحمد الله عز وجل أن يسَّر لي هذه الزيارة للوقوف على هذا الصرح العلمي العريق، وأن أسمع من علمائها تاريخ الجامعة في خدمة الإسلام والمسلمين في الهند وخارجها. لقد سعدتُ كثيرًا بما رأيت، وأتمنى للجامعة التقدم المستمر بإذن الله.
سعود محمد الساطي
سفير خادم الحرمين الشريفين
لدى جمهورية الهند
7/1/1435هـ (بالتقويم السعودي)
6/1/1435هـ (بالتقويم الهندي)
الاثنين: 11/11/2013م
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ربيع الأول 1435 هـ = يناير 2013م ، العدد : 3 ، السنة : 38