كلمــــة المحرر
صليبيةُ أمريكا المُطَعَّمة بالصهيونيّة لاتَتَبدَّىٰ بموقف واحد عارض يمرّ به المرأ ولايبالي به، وإنما تتأكد بمواقف كثيرة متتابعة تصدر عنها، فتُعَرِّيها بالكامل؛ ففي العام الماضي يوم الجمعة: 7/أكتوبر 2011م الموافق 8/ذوالقعدة 1432هـ طلعت علينا الصحف الهندية في الصباح الباكر بنبأين هامّين كلاهما يشفان عن غاية الحقد والضغينة التي تكمن في قرارة قلبها – أمريكا – ضدّ الإسلام والمسلمين. أحدهما: أن سيدة أمريكية مسلمة اسمها «إرم عباسي» من سكان مدينة «ساندياغو» الأمريكية رفعت دعوى ضدّ «الخطوط الجوية الجنوبية الغربية» South West Airlines الأمريكية؛ لأنها مارست معها التفرقة؛ حيث ركبت رحلة تابعة لها يوم 10/مارس 2011م من «ساندياغو» إلى «سانجوز» لكن طاقم الطائرة أرغمها على النزول منها رغم أنها كانت تحمل تذكرة شرعيّة لها؛ ولكنها كان ذنبها الوحيد أنها وضعت اللثامَ على وجهها عملاً بأحكام دينها. وحسبما أفادت الأنباء ان السيدة «إرم عباسي» اتصلت بجوالها ببعض ذوي قرباها، تخبرها قبيل إقلاع الطائرة بقليل باللغة الإنجليزية بأنّها – الطائرة – تكاد تقلع؛ ولكن فتاة من طاقمها أخطأت فهم فقرتهاهذه، وأحاطت أعضاءَ الطاقم علماً بأن السيدة تقول: إن الطائرة ستتحطّم، فما وسعهم إلاّ أن أنزلوها منها، واحتجت كثيرًا ضدّ هذا التعامل الذي مارسوه معها؛ ولكنهم لم يُلْقُوا السمع لاحتجاجها. إن السيدة باكستانية الأصل، وتسكن «ساندياغو»وكانت تسافر منها إلى «سانجوز» التي أنهت فيها دراستها. وعندما سجّلت احتجاجها كتابيًّا بعد النزول من الطائرة أركبتها الخطوط على طائرة أخرى إلى جانب نشر اعتذار من قبلها بعد ثلاثة أيام تجاه التعامل الذي صدر منها تجاهها قالت فيها إنها متأسفة من الأذى الذي لحقها.
غير أن منظمة المسلمين الأمريكيين «مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية» (Council of American islamic relations) ، اعتبرت موقف إدارة الخطوط من السيدة، موقف التفرقة الدينية، واتخذت معها ما وسعها من الإجراء؛ حيث رفعت ضدها دعوى قضائية، ورصَدت للمحاماة عنها محامياً أمريكيًّا معروفاً، اسمه «جيمس ميكالراي»؟
وثاني الخبرين يفيد أن أمريكا هدّدت الأمم المتحدة في شأن قضية فلسطين؛ حيث إن وزيرتها الخارجية «هيلاري كلنتون»وجهت ملاماً شديدًا إلى مؤسسة «يونيسكو» التابعة لها؛ إذ صَارَحَتْها دون لبس أو التواء أنها إذا صَوّتت لصالح اعتبار فلسطين دولةً حرةً فإن أمريكا ستضطر أن تخفض اعتمادها الماليّ (Fund) ولذا فإني أقول لها أن تعيد النظر في موقفها.
وقد حدث منذ شهور أن باكستان منعت تَوَجُّه شاحنات التموين الذاهبة من داخل باكستان إلى أفغانستان، لصالح القوات الأمريكية والاتحادية المحاربة في المنطقة ضد الطالبان منذ أن قتلت القوات الأمريكية نحو 25 من القوات الباكستانية عن تعمد وإرادة مقصودة لجسّ مدى الغيرة لدى هذه الدولة المسلمة. فهدّدتها أمريكا ولاتزال بأنها ستخفض الدعم المالي الذي تقدمه لها.
كما أن باكستان ترجو أمريكا منذ سنوات أخيرة أن توقف الهجوم العسكري على مناطق باكستانية متأخمة ملاصقة للحدود الأفغانية بالطائرات التي تعمل بدون طيّار؛ لأن هذا الهجوم يذهب ضحيته كثير من الأبرياء، وتواجه الحكومة الباكستانية غضبةً شعبيةً عارمةً تجاهه؛ لأن الشعب صار صوتاً واحدً ضدّ الهجمات الأمريكية التي تعني أن باكستان ليس لها سيادة على أراضيها، وليس لها قدرة على صيانة أرواح مواطنيها.
إنه من حين لآخر تقف أمريكا مواقف تؤكد أنها تصدر في حربها ضدّ الإرهاب المزعوم عن روحها الصليبية المُطَعَّمَة بالروح الصهيونية. وذلك شيء اتضح لكل رجل أبله وطفل غرّ، فضلاً عن العقلاء الذين يدركون كلَّ شيء على حقيقته، ولا تلتبس هي عليهم.
إن تجريد الركاب المسلمين على المطارات والمحطات والمواقف عن ملابسهم؛ لأنهم مسلمون، ونزع الحجاب عن السيدات المسلمات لأنها محتجبات، صار ظاهرة في أمريكا والدول الغربية؛ لأن حملة التكريه والتحقير والتقزيز التي شنتها أمريكا ضدّ الإسلام والمسلمين جعل الشعوب الغربية تكره المسلمين وتنظر إليهم نظرةَ الشك والخوف والاحتقار.
أمريكا شنت الحرب على الإسلام محتميةً بالحرب على الإرهاب، بأسلوب شامل تقليدي وغير تقليدي، وهي حرب صليبية تمدها الصهيونية العالمية. وكونُها صليبية صَرَّح به الرئيس الأمريكي السابق «بوش الابن» الذي يعتقد أن سحق الإسلام والمسلمين في العالم وإقامة دولة إسرائيل العظمى لابدّ منهما لاستعجال نزول عيسى عليه السلام أو ولادته الجديدة. [التحرير]
(تحريرًا في الساعة 10 من صباح يوم الإثنين : 6/رجب 1433هـ = 28/مايو 2012م)
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، رمضان – شوال 1433هـ = يوليو – سبتمبر 2012م ، العدد : 9-10 ، السنة : 36