دراسات إسلامية
بقلم : الأستاذ طلال حميد البلوي
يوم السابع عشر من كل رمضان يعود بنا سريعاً إلى اليوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك قبل 1423سنة هجرية خلت أي في السنة الثانية للهجرة حيث وقعت غزوة بدر الكبرى التي كانت أول معركة فاصلة من معارك الإسلام سطرت أروع البطولات للمسلمين إنها معركة لا ولن تنسى على مر التاريخ، والآن سنحدثكم عن هذه الغزوة بإيجاز:
استعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج ومعه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً 313، أو 314، 317 رجلاً، 82 أو 83، 86 من المهاجرين و 61 من الأوس و 170 من الخزرج ولم يحتفلوا لهذا الخروج احتفالاً بليغًا، ولا اتخذوا أهبتهم كاملةً، فلم يكن معهم إلا فرسان، وكان معهم سبعون بعيراً ليعتقب الرجلان والثلاثة على بعير واحد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ومرثد بن ابي مرثد الغنوي يتعقبون بعيرًا واحدًا.
أما جيش المشركين فهو نحو ألف وثلاثمائة مقاتل في بداية سيره، وكان معه مائة فرس وستمائة درع، وجمال كثيرة لا يعرف عددها بالضبط وكان قائده العام أبا جهل بن هشام، والقائمون بتموينه تسعة رجال من أشراف قريش، فكانوا ينحرون يوماً تسعاً ويوماً عشرًا من الإبل. وقد خرجوا من ديارهم، كما قال الله: ﴿بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله﴾، واقبلوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بحدهم وحديدهم، يحادون رسوله، ﴿وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾، وعلى حمية وغضب وحنق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لاجتراء هؤلاء على قوافلها.
تحركوا بسرعة فائقة نحو الشمال في اتجاه بدر، وسلكوا في طريقهم وادي عسفان، ثم قديد، ثم الجحفة، وهناك تلقوارسالةً جديدةً من أبي سفيان يقول لهم فيها: إنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ورجالكم وأموالكم، وقد نجاها الله فارجعوا.
ولما تلقى هذه الرسالة جيش مكة هم بالرجوع، ولكن قام طاغية قريش أبو جهل في كبرياء وغطرسة قائلاً: والله لا نرجع حتى نرد بدرًا، فنقيم بها ثلاثاً فننحر الجزور، ونطعم الطعام ونسقي الخمر، وتعزف لنا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون بهابوننا أبدًا.
فواصل سيره حتى نزل قريباً من بدر، وراء كثيب يقع بالعدوة القصوى على حدود وادي بدر.
وأنزل الله عز وجل في تلك الليلة مطرًا واحدًا، فكان على المشركين وابلاً شديدًا منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طلاطهرهم به، وأذهب عنهم رجس الشيطان، ووطئ به الأرض، وصلب به الرمل، وثبت الأقدام، ومهد به المنزل، وربط به على قلوبهم.
وتحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه، ليسبق المشركين إلى ماء بدر، ويحول بينهم وبين الاستيلاء عليه، فنزل عشاء أدنى ماء من مياه بدر، وهنا قام الحباب بن المنذر كخبير عسكري وقال: يا رسول الله، أرايت هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله، ليس لنا ان نتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟: قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، قال: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من قوم قريش فننزله ونغور أي نخرب ما وراءه من القلب، ثم نبني عليه حوضاً، فنملأه ماءً، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش، حتى أتى أقرب ماء من العدو، فنزل عليه شطر الليل، ثم صنعوا الحياض، وغوروا ما عداها من القلب.
وبعد أن تم نزول المسلمين على الماء اقترح سعد بن معاذ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبني المسلمون مقراً لقيادته، استعدادًا للطوارئ، وتقدير اللهزيمة قبل النصر، فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا، ودعا له بخير، وبنى المسلمون عريشاً على تلك مرتفع يقع في الشمال الشرقي لميدان القتال، ويشرف على ساحة المعركة.
كما تم انتخاب فرقة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن معاذ، يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم حول مقر قيادته.
ثم عبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه، ومشى في موضع المعركة، وجعل يشير بيده: هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله، ثم بات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جذع شجرة هنالك، وبات المسلمون ليلهم هادئ الأنفاس منير الآفاق، غمرت الثقة قلوبهم، وأخـذوا من الراحـة قسطهم، يأملون أن يروا بشائر ربهم يعيــونهم صباحــاً: ﴿إِذْ يُغَشِّيْكُمُ النُّعَاسَ أمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاءِ مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِه وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ﴾.
كانت هذه الليلة ليلة الجمعة، السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة وكان خروجه في 18 و 12 من الشهر نفسه.
ولما طلع المشركون، وتراءى الجمعان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحنهم الغداة)، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا.
وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوف المسلمين، وبينما هو يعدلها وقع أمر عجيب، فقد كان في يده قدح يعدل به، وكان سواد بن غزية مستنصلاً من الصف، فطعن في بطنه بالقدح وقال: (استو يا سواد)، فقال سواد: يا رسول الله أو جعتني فأفدني: فكشف عن بطنه، وقال: (استفد) فاعتنقه سواد وقبَّل بطنه، فقال: (ما حملك على هذا يا سواد)؟ قال: يا رسول الله قد حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير.
ولما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه بألا يبدؤوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر الأخيرة، ثم أدلى إليهم بتوجيه خاص في أمر الحرب فقال: (إذا أكثبوكم يعني كثروكم فارموهم، واستبقوا نبلكم، ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم)، ثم رجع إلى العريش هو وأبوبكر خاصةً، وقام سعد بن معاذ بكتيبة الحراسة على باب العريش.
وطلب المشركون المبارزة ولكن كانت نهاية هذه المبارزة بداية سيئة بالنسبة إلى المشركين، فقدوا ثلاثة من خيرة فرسانهم وقادتهم دفعةً واحدةً، فاستناطوا غضبًا، وكروا على المسلمين كرة رجل واحد.
وأما المسلمون فبعد أن استنصروا ربهم، واستغاثوه، وأخلصوا له وتضرعوا له، وتضرعوا إليه، تلقوا هجمات المشركين المتوالية، وهم مرابطون في مواقعهم، واقفون موقف الدفاع، وقد ألحقوا بالمشركين خسائر فادحة، وهم يقولون: أحد أحد.
وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان منذ رجوعه بعد تعديل الصفوف يناشد ربه ما وعده من النصر، ويقول: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك)، حتى إذا حمى الوطيس، واستدرات رحى الحرب بشدة، واحتدم القتال، وبلغت المعركة قمتها، قال: (اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبداً)، وبالغ في الابتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فرده عليه الصديق، وقال: حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك:
وأوحى الله إلى ملائكته ﴿أنِّي مَعَكُمْ فَثَبَتُوْا الَّذِيْنَ آمَنُوْا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِيْنَ كَفَرُوا الرّعْبَ﴾، وأوحى إلى رسوله ﴿أَنِّي مُمِدُّكُم بأَلْفٍ مِنَ الْملاَئِكَةِ مُرْدِفِيْنَ﴾ أي أنهم ردف لكم، أو يردف بعضهم بعضاً إرسالاً يأتون دفعةً واحدةً.
وأغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أغفاءةً واحدةً، ثم رفع رأسه فقال: (أبشر يا أبابكر، هذا جبريل على ثناياه النقع) (أي الغبار)، وفي رواية محمد بن إسحاق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله، هذا جبريل أخذ بعنان فرسه يقوده، على ثناياه النقع).
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب العريش، وهو يثب في الدرع، ويقول: ﴿سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾، ثم أخذ حفنةً من الحصباء، فاستقبل بها قريشاً وقال: (شاهت الوجوه)، ورمى بها في وجوههم، فما من المشركين أحد إلا أصاب عينه ومنخريه وفمه من تلك القبضة، وفي ذلك أنزل الله: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلٰكِنَّ اللهَ رَمَى﴾.
وحينئذ أصدر إلى جيشه أوامره الأخيرة بالهجمة المضادة فقال: (شدوا)، وحرضهم على القتال قائلاً: (والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة) وقال وهو يحضهم على القتال: (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض)، (وحينئذ) قال العمير بن الحمام: بخ، بخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يحملك على قولك: بخ، بخ)؟ قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: (فإنك من أهلها)، فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى أكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل.
وكذلك سأله «عوف بن الحارث ابن عرفاء» فقال: يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده! قال غمسه يده في العدو حاسرًا، فنزع درعاً كانت عليه، فقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل.
وحين أصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بالهجوم المضاد كانت حدة هجمات العدو ذهبت، وفتر حماسه، فكان لهذه الخطة الحكيمة أثر كبير في تعزيز موقف المسلمين، فإنهم حينما تلقوا أمر الشد والهجوم وقد كان نشاطهم الحربي على شبابه قاموا بهجوم كاسح مرير، فجعلوا يقبلون الصفوف، ويقطعون الأعناق وزادهم نشاطاً وحدةً أن رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ويقول في جزم وصراحة ﴿سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾، فقاتل المسلمون أشد القتال، ونصرتهم الملائكة، ففي رواية ابن سعد عن عكرمة قال: كان يومئذ يندر رأس الرجل لايدري من ضربه، وتندر يد الرجل لايدري من ضربها، وقال ابن عباس: بينما رجل من المسلمين يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربةً بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: اقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة)، وقال أبوداود المازني: أني لأتبع رجلاً من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري، وجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا، فقال العباس: إن هذا والله ما أسرني، لقد اسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجهاً على فرس أبلق، وما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله فقال: (اسكت فقد أيدك الله بملك كريم). ولما رأى إبليس وكان قد جاء في صورة «سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي» كما ذكرنا، ولم يكن فارقهم منذ ذلك الوقت فلما رأى ما يفعل الملائكة بالمشركين فرونكص على عقبيه، وتشبث به «الحارث بن هشام» وهو يظنه سراقة فوكز في صدر الحارث فألقاه، ثم خرج هارباً، وقال له المشركون: إلى أين يا سراقة؟ ألم تكن قلت: إنك جار لنا، لا تفارقنا؟ فقال: اني أرى ما لا ترون، إني أخاف الله، والله شديد العقاب، ثم فرحتي ألقى نفسه في البحر.
وبدأت إمارات الفشل والاضطراب في صفوف المشركين، وجعلت تتهدم أمام حملات المسلمين العنيفة، واقتربت المعركة من نهايتها، وأخذت جموع المشركين في الفرار والانسحاب المبدد، وركب المسلمون ظهورهم يأسرون ويقتلون حتى تمت عليهم الهزيمة.
وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة بالنسبة إلى المشركين، وبفتح مبين بالنسبة للمسلمين، وقد استشهد من المسلمين في هذه المعركة أربعة عشر رجلاً، ستة من المهاجرين وثمانيةً من الأنصار.
أما المشركون فقد لحقتهم خسائر فادحة، قتل منهم سبعون وأسر سبعون، وعامتهم القادة والزعماء والصناديد.
ولما انفضت الحرب أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف على القتلى، فقال: (بئس العشيرة كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وخذلتموني ونصرني الناس، واخرجتموني وآواني الناس) ثم أمر بهم، فسحبوا إلى قليب من قلب بدر.
القرآن يتحدث حول موضوع المعركة
وحول موضوع هذه المعركة نزلت سورة الأنفال، وهذه السورة تعليق إلهي – إن صح هذا التعبير – على هذه المعركة، يختلف كثيرًا عن التعاليق التي ينطق بها الملوك والقواد بعد الفتح.
إن الله تعالى لفت أنظار المسلمين – أولاً – إلى التقصيرات والتفاريط الأخلاقية التي كانت قد بقيت فيهم، وصدرت بعضها منهم، ليسعوا في تكميل نفوسهم وتزكيتها عن هذه التفاريط.
ثم أثنى بمن كان في هذا الفتح من تأييد الله وعونه ونصره بالغيب للمسلمين، ذكر لهم ذلك لئلا يغتروا بشجاعنهم وبسالتهم، فتتسور نفوسهم الغطرسة والكبرياء بل ليتوكلوا على الله ويطيعوا رسوله عليه الصلاة والسلام.
ثم بين لهم الأهداف والأغراض النبيلة التي خاض الرسول الله صلى الله عليه وسلم لأجلها هذه المعركة الدامية، ودلهم على الصفات والأخلاق التي تسببت في الفتوح في المعارك.
وخاطب المشركين والمنافقين واليهود وأسارى المعركة وعظهم موعظةً بليغةً، تهديهم إلى الاستسلام للحق والتقيد به.
ثم خاطب المسلمين حول موضوع الغنائم، وقنن لهم مبادئ وأسس هذه المسألة.
وبين وشرع لهم من قوانين الحرب والسلم ما كانت الحاجة تمس إليها بعد دخول الدعوة الإسلامية في هذه المرحلة، حتى تمتاز حروب المسلمين على حروب أهل الجاهلية، ويقوم لهم التفوق في الأخلاق والقيم والمثل، ويتأكد للدنيا أن الإسلام ليس مجرد وجهة نظرية، بل إنه يثقف أهله عمليًا على الأسس والمبادئ التي يدعو إليها.
ثم قرر بنودًا من قوانين الدولة الإسلامية التي تقيم الفرق بين المسلمين الذين يسكنون داخل حدودها، والذين يسكنون خارجها.
وفي السنة الثانية من الهجرة فرض صيام رمضان، وفرضت زكاة الفطر، وبينت أنصبة الزكاة الأخرى، وكانت فريضة زكاة الفطر وتفصيل أنصبة الزكاة الأخرى، تخفيفًا لكثير من الأوزار التي يعانيها عدد كبير من المهاجرين اللاجئين الذين كانوا فقراء لايستطيعون ضربًا في الأرض.
ومن أحسن المواقع وأروع الصدق أن أول عيد تعيد به المسلمون في حياتهم هو العيد الذي وقع في شوال سنة 2هـ إثر الفتح المبين الذي حصلوا عليه في غزوة بدر، فما أروع هذا العيد السعيد الذي جاء به الله بعد أن توج هامتهم بتاج الفتح والعز، وما أروع منظر تلك الصلاة التي صلوها بعد أن خرجوا من بيوتهم يرفعون أصواتهم بالتكبير والتوحيد والتحميد، وقد فاضت قلوبهم رغبةً إلى الله، وحنينًا إلى رحمته ورضوانه بعد ما أولاهم من النعم، وأيدهم به من النصر، وذكرهم بذلك قائلاً: ﴿وَاذْكُرُوْا إذْ أنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أن يَّتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرَهِ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، رمضان وشوال 1432هـ = أغسطس- سبتمبر 2011م ، العدد : 9-10 ، السنة : 35