الفكرالإسلامي
بقلم : أ. د. محمد المسير
نتكلم كثيرًا عن الحياة والموت، فنفرح بالحياة ونأسى على الموت، وقد توصف الحياة بالسعادة وقد توصف بالشقاء، وقد يتغنى البعض بها ويسخط الآخرون عليها.. فياترى ماذا تعنى كلمة الحياة؟!
الحياة ابتداءً نوعان:
1 – حياة الخالق.
2 – حياة المخلوق.
وحياة الخالق هي حياة أزلية بلا بداية، وأبدية بلا نهاية، وذاتية ليست ممنوحةً من أحد، وهي تصحح الاتصاف بغيرها من باقي الصفات كالقدرة والإرادة والعلم. إلخ، فلولا الحياة ما كان قادرًا أو مريدًا أو عالماً أو سميعًا أو بصيرًا أو متكلماً..
قال الله تعالى: ﴿اللهُ لَا إلٰهَ إلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّوْم﴾.
وقال جل شأنه: ﴿هُوَ الحَيُّ لَا إلٰهَ إلَّا هُوَ فَادْعُوْه مُخْلِصِيْنَ لَه الدِّيْنَ الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيْن﴾ غافر: آية65، وقال سبحانه: ﴿هُوَ الأوَّلُ وَالاٰخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ الحديد: آية3.
وحياة المخلوق هي حياة ممنوحة من الله الواحد الأحد، وهي تنقسم إلى مرحلتين:
1 – الحياة الدنيا، 2 – الحياة الآخرة.
والحياة الدنيا هي عمر هذا الكون والكائنات التي تعيش داخله، وهذه الحياة الدنيا تشمل السماء والأرض والنجوم والكواكب والجبال والشجر والدواب، وما نبصر وما لا نبصر.
وبدأت الحياة الدنيا بهذا المعنى منذ نشأة الكون وتستمر إلى نهايته التي تسمى شرعًا القيامة، حيث تتبدل الأرض غير الأرض والسموات.. والحياة الآخرة هي التي تبدأ من قيام الساعة وخروج الناس من قبورهم للحساب والجزاء، وتستمر بلا انقطاع في النعيم أو الجحيم أبد الآبدين ودهر الداهرين، وتلك هي إرادة الله تعالى للفريقين، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِه فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خٰلِدِيْنَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمٰوَاتُ وَالأرْضُ إِلا مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمٰوَاتُ وَالأرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ هود: الآيات 105-108.
وقد وصف الله تعالى هاتين الحياتين المخلوقتين بأوصاف تليق بهما وضرب لهم الأمثال، من هذه الأوصاف قوله تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَوٰةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الاٰخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ العنكبوت: آية 64.
فالحياة الدنيا استمتاع مؤقت يشغل العاقل عما ينبغي، وهذا المتاع فسر في قوله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَآءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَوٰةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَاٰبِ﴾ آل عمران:آية 14.
والذم في هذه الشهوات مقصور على الجانب البهيمي منها الذي يشبه انتفاع الحيوان الأعجم ويقف عنده؛ لكن إذا تجاوز ذلك إلى شكر المنعم والوفاء بحقه فذلك من أمور الآخرة وكنوزها.
أما الحياة الآخرة فهي الحيوان أي الحياة الكاملة فكل ما فيها دائم لا ينقطع، فالخلود الأبدي هو أخص صفاتها.
ومن الأمثال القرآنية قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيوٰةِ الدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنٰهُ مِنَ السَّمَآءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيٰحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيوٰةِ الدُّنْيَا وَالْبٰقِيٰتُ الصّٰلِحٰتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾ الكهف: الآيتان 45، 46.
فالحياة الدنيا مرحلة تمر ولا تبقى، وتسر ولا تستمر، فهي كدورة النبات يبدو جميلاً ثم لا يلبث أن يصبح هشيماً يتناثر مع الرياح.
ومن أراد الجمال الدائم والسعادة التي لاتزول والنعيم الذي لاينفد فعليه التزام منهج الله في الدنيا ليرث الجنة في الآخرة.. ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا﴾ مريم: آية 63.
والحياة الدنيا تضم ألواناً من الحياة هي:
1 – حياة النبات بالنمو والتكاثر، قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ اٰيٰتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتٰى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فصلت: آية 39.
2 – حياة الحيوان بالحركة والإحساس والنمو والتكاثر.. قال تعالى: ﴿وَمِنَ الأنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا﴾ الأنعام: آية 142.
والحمولة ما يحمل عليه كالإبل والخيل والبغال والحمير، والفرش ما ينتفع به في المأكل والمشرب والأثاث وهو ما وضحته آيات أخر مثل قوله تعالى: ﴿وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بٰلِغِيْهِ إِلا بِشِقِّ الأنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ النحل: الآيات 5-8.
3 – حياة العقلاء وهي أسمى أنواع الحياة الدنيا، وهي تتميز بالفكر والوعي والبيان.
والعقلاء من خلق الله ثلاثة:
أ – الملائكة وهم مفطورون على الطاعة ﴿لَايَعْصُوْنَ اللهَ مَا أَمَرَهُم وَيَفْعَلُوْنَ مَا يُؤْمَرُوْن﴾، وهؤلاء الملائكة لا يتزاوجون ولا يتناسلون، من وصفهم بالذكورة فسق ومن وصفهم بالأنوثة كفر لمخالفته صريح القرآن في قوله: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلٰئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمٰنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ الزخرف: آية 19.
ب – الجن وهو عالم غير منظور، يعيش حولنا، ومكلف مثلنا، ومنه المؤمن والكافر.. قال تعالى: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ الجن: الآيتان 14، 15، والجن يتناكحون ويتناسلون.. قال الله تعالى في حق إبليس اللعين: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَه وَذُرِّيَّتَه أَوْلِيَآءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظّٰلِمِينَ بَدَلاً﴾ الكهف: آية 50، وقال: ﴿فِيهِنَّ قٰصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ﴾ الرحمن: آية 56.
ج – الإنسان.. وهو الخليفة في أرض الله يعمرها ويتعرف على نواميس الكون ويبنى المجتمع والحضارة باسم الله وعلى منهج الله وحياة الإنسان هذه تمر بمجموعة من الحياة، لكل واحدة منها ناموس خاص، وهي:
* حياة الرحم.. ويمر فيها الإنسان بالنطفة والعلقة والمضغة والعظام والعظام المكسوة باللحم ثم نفخ الروح إلى أن يتكامل نموه في هذا القرار المكين وفي الظلمات الثلاث ..
قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلٰلَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظٰمَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنٰهُ خَلْقًا اٰخَرَ فَتَبٰرَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ المؤمنون: الآيات 12 – 14.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: «إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفةً ثم يكون علقةً مثل ذلك ثم يكون مضغةً مثل ذلك ثم يرسل الله إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد».
* حياة الأرض وهي مرحلة الأجل المسمى الذي حدده الله تعالى للإنسان على ظهر هذه الأرض، وهي مرحلة الابتلاء بالتكليف قال الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَّمَتَاعٌ إِلىٰ حِينٍ﴾ البقرة: آية 36. وقال جل شأنه: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنٰهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ الإنسان: الآيتان 2، 3.
* حياة القبر، والقبر أول منازل الآخرة، وفيه يسأل الإنسان عن ربه ودينه ونبيه، وهو روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.. فقد روى الشيخان عن «البراء ابن عازب» في قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الذِيْنَ اٰمَنُوا بالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِيْ الحيٰوةِ الدُّنْيَا وَفِيْ الاٰخِرَة﴾ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نزلت في عذاب القبر، فيقال له من ربك؟ فيقول: ربي الله ونبي محمد، فذلك قوله: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الذيْنَ اٰمَنُوْا﴾ إبراهيم:آية 27.
* حياة البعث.. وهي مرحلة القيامة عقب النفخ في الصور فيخرج الناس من قبورهم تغشاهم الأهوال من كل جانب، وتنتابهم المخاوف من فوقهم ومن تحت أرجلهم وتسوقهم الملائكة إلى موقف الحساب والعرض.
قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذٰلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ المعارج: الآيتان 43، 44.
* حياة الخلود.. وتلك هي آخر أنواع الحياة التي يمر بها الإنسان، وهي حياة مهيأة بقدرة الله للخلود الأبدي الذي لاينقطع في النعيم أو الجحيم.
فالمؤمنون خالدون أبدًا في جنات النعيم لا يعتريهم موت ولا ينالهم نصب ولا يغيب عنهم شيء مما لذوطاب.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنّٰتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقٰبِلِيْنَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنٰهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ اٰمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأولَى وَوَقٰهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلا مِنْ رَبِّكَ ذٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ الدخان: الآيات 51- 57، والكافرون خالدون أبدًا في نار جهنم تتوارد عليهم ألوان العذاب وتحيط بهم الحسرة بكل أشكالها.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خٰلِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنٰهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظّٰلِمِينَ * وَنَادَوْا يٰمٰلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ الزخرف: الآيات 74 – 77.
وهذا التعدد في أشكال الحياة يؤكد أن ليس للحياة ناموس واحد أو نظام خاص، بل الحياة نواميس وقوانين ونظم شتى، وما به الحياة في مرحلة لا يصلح مقياساً للحياة في مرحلة سابقة أو لاحقة.
فالجنين في رحم أمه حي وله من الظروف والملابسات مالا يصلح للإنسان على ظهر هذه الأرض، كذلك فإن حياة القبر لها من الاختلاف والتباين مالا يخضع لحياة الإنسان المشاهدة فهي نوع حياة لا نحسه نحن ولا ندركه، به يسمع السؤال ويجيب عنه..
ومما يؤكد هذا التباين في نظم الحياة ونواميسها أن حياة الخلود في النعيم بأشكال من الحياة لم تخطر على قلب بشر..
فالفاكهة كثيرة وكبيرة لا تنقطع بالفصول والأوقات.. قال الله تعالى: ﴿أُكُلُهَا دَائِم وَظلها﴾، وفي الصحيحين عن «أبي سعيد الخدري» رضى الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة سنة ما يقطعها».
وفي الجنة أزواج مطهرة ومعاشرة لهن ومع ذلكَ فليس فيها توالد ولا تناسل.. قال الله تعالى: ﴿فِيهِنَّ قٰصِرٰتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَآنٌّ﴾ الرحمن: آية 56.
وفي الجنة مأٰكل ومشارب مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ومع ذلك فليس لأهل الجنة إخراج ولا فضلات.. وفي صحيح مسلم بسنده عن «جابر» رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يبولون، ولكن طعامهم ذلك جُشاء كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس».
ثم إن أهل الجنة على وتيرة واحدة سنًا وجمالاً، فهم أتراب متساوون في السن، وهم شباب لا يعتريهم كبر، وهم أصحّاء أقوياء لا ينالهم مرض ولا نصب، ويزدادون حسنًا وبهاءً على طول المدى.
وفي صحيح مسلم بسنده عن أبي سعيد وأبي هريرة – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادى مناد: إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا يتأسوا أبدًا».
وهكذا .. فإن الحياة متنوعة النواميس متعددة الأشكال.. فسبحان الخلاق العليم ﴿الّذِيْ أعْطٰى كُلَّ شَيْءٍ خَلقَه ثُمَّ هَدٰى﴾.
وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ البقرة: آية 28.
* * *
* *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، ربيع الأول 1432 هـ = فبراير 2011 م ، العدد : 3 ، السنة : 35