جمعيّة علماء الهند تعقد احتفالها الثلاثين العامّ بمدينة ’’ديوبند‘‘ ويشاركه عدد كبيرٌ لايُحْصىٰ من العلماء والقادة وعامة الشعب

محليات

إعداد :  محمد رضوان القاسمي البجنوري

طالب في قسم الإفتاء

بالجامعة الإسلامية دارالعلوم/ ديوبند

في 3/نوفمبر 2009م = 14/ ذي القعدة 1430هـ وبالذات ظهر يوم الثلاثاء انتهى الاحتفال العامّ الثلاثون الذي عقدته جمعية علماء الهند في ساحة واسعة بضواحي مدينة “ديوبند”، أطلقتْ عليها “شيخ الهند نجار” (مدينة شيخ الهند). استمرّ الاحتفال مدّة ثلاثة أيّام، وعُقدت في اليومين الأولين منها عدةُ جلسات خاصّة في ساحة مصلّى العيد للمدينة، اشترك فيها أعضاء للمجلس التنفيذيّ للجمعيّة، ومسؤولون عنها توافدوا من شتى ولايات الهند إلى جانب العلماء والدّعاة والمفكّرين والزعماء، وجرىٰ خلال الجلسات البحثُ حول نحو 30 مقترحًا وبالتالي تمّ الاتفاق عليها عن طريق التصويت الشفويّ، ثم عُقد الاحتفال العامّ في الساعة التاسعة من صباح يوم الثلاثاء (3/نوفمبر 2009م = 14/ذي القعدة 1430هـ) برئاسة فضيلة الشيخ المقرئ السيّد محمد عثمان المنصورفوري رئيس جمعية علماء الهند وأستاذ الحديث بجامعة دارالعلوم/ ديوبند.

كان الاحتفال تاريخيًّا وأحرز نجاحًا كبيرًا، وامتاز بأنه قد حضره زعماء شتّى الديانات الهنديّة، وعلماء وممثلو مدارس الفكر الإسلاميّة بما فيها “الجماعة الإسلاميّة” و”البريلويّة” و”أهل الحديث”، وقادةُ المنظّمات والمؤسسات الإسلاميّة أمثال: هيئة قانون الأحوال الشخصيّة الإسلامية لعموم الهند، والمؤسسات التعليميّة الملّية لعموم الهند، وهيئة العلماء لعموم الهند، وما إليها. وأبدى الجميع آراءهم وأفكارهم، وأشادوا بالخدمات القيّمة التي ظلّت تقوم بها جمعيّةُ العلماء لعموم الهند لصالح المسلمين والبلاد منذ تأسيسها وحتى اليوم، وشارك الاحتفالَ حسب التقدير الإعلاميّ على الأقل مئة ألف من القادة والساسة، والزعماء والعلماء، وعامّة المسلمين من القرى والأرياف القاصية والدانية ومن جميع الولايات الهنديّة.

اُستهلّ الاحتفال بتلاوة آي من القرآن الكريم تشرّف بتلاوتها فضيلة الشيخ المقرئ عبد الرؤوف البلندشهري الأستاذ بجامعة دارالعلوم/ ديوبند، وقام بإدارته فضيلة الشيخ السيّد محمود أسعد المدنيّ الأمين العام لجمعية علماء الهند. ثم تقدّم فضيلة الشيخ المقرئ السيّد محمد عثمان المنصور فوري رئيس الجمعيّة، وألقى كلمةً رئاسيّةً سلّط فيها الضوء على أهداف الاحتفال وما يتوخّاه من الأغراض كما قام بإلقاء الضوء على تأريخ كلّ من جمعية علماء الهند وجامعة دارالعلوم/ ديوبند وما بينهما من العلاقات الوثيقة والأواصر القديمة والصلات الروحيّة بشكل موجز وقال فيما قال:

إن الجمعيّة ظلّتْ تقوم بخدمات جليلة وتضحيات جسيمة منذ نشأتها في مختلف المجالات بالنسبة للأمة المسلمة والبلاد، ولاتزال تمضي قدمًا إلى الإمام محققًا كامل النجاح، وأكد: أن الجمعيّة لاتكاد توازيها أيّة منظّمة ومؤسّسة إسلاميّة في البلاد في سبيل تقديم التضحيات والقيام بالخدمات الاجتماعيّة لصالح المسلمين الهنود؛ فالاحتفال هذا لايمثّل الجمعيّة فحسب؛ وإنما يمثّل كذلك المسلمين الهنود كافةً، والمنظّماتُ الإسلامية الهندية كلُّها منظماتنا سواء كانت الجماعة الإسلامية أو جماعة أهل الحديث أم الهيئة الاستشارية الإسلامية وما إليها .

وأكّد فضيلته وهو يذكر سماحة الشيخ “محمود حسن” – رحمه الله – المعروف في شبه القارة الهندية بـ”شيخ الهند” أنه – رحمه الله – أوّل من قدَّم فكرة “اللاعنف” في البلاد، وهذه الفلسفةُ من مُعْطَيَاته هو، كما تُشَكِّل فتواه في شأن “ترك الموالاة” مثالاً حيًّا للدعوة إلى تبني اللاعنف؛ فلا يسع الجمعيّة أن تَنْسَىٰ فلسفةَ الشيخ – رحمه الله – .

وقال وهو يخاطب الحكومةَ : إنّنا نطالب الحكومة صادرين عن الثقة بها أن تهتمّ بأمر المسلمين باعتبارهم أكبر الأقليّات في البلاد، ولن تتقدّم البلاد حتى تُعَالَج قضاياهم ومشكلاتهم الحياتية. واستطرد وهو يصارح الوزراءَ الذين حضروا المنبر بأسلوب واضح قائلاً: إن لم يتمّ الإصغاءُ إلى القرارات الصادرة عن الاحتفال، وبالتالي العمل بها؛ فإننا عازمون على أننا سوف نشنّ حملة “إنقاذ البلاد والشعب” على مستوى البلاد، ولن نتورّع عن ذلك .

وحضر الاحتفالَ وزير الداخلية صاحب المعالي السيد “بي جدمبرم” كضيفِ شرف، وقام بإلقاء كلمة قال فيها: إن من محاسن الجمهورية أن تحافظ الأغلبية على حقوق الأقليّات والطبقاتِ المتخلّفة في البلاد، مؤكدًا: أن الإرهاب والطائفيّة لايمكن الصمود في وجههما إلا بالاتحاد، وهذا الهدف لن يتحقق بمجرد الكلام؛ بل لابد من اتّخاذ خطوات مثمرة لذلك، وإنّ تقدُّم البلاد يتوقف على أن نكافح القوى المعادية للبلاد بشكل قاطع وبكلّ مالدينا من القوّة، وكذلك يتعيّن على الأغلبيّة أن تراعي الأقليّات في البلاد؛ لأن ذلك فرصَةٌ للأغلبية ذهبيّةٌ. وأضاف قائلاً: ولابدّ أن نُدين الطائفية أينما وكيفما وُجدتْ؛ لأن الطائفية إنما تضادّ الاجتماعيةَ وتحول دون تشكيل مجتمعٍ متحضر وتُهدر الاستقلال السياسيّ للناس؛ غير أن أكبر مظهرٍ للطائفيّة هي الاضطرابات الطائفيّة التي تعانيها البلاد. والتوصّلُ إلى هدفٍ مّا عن طريق العنف والتشدد يتعارض كليًّا مع مُثُلِ المجتمع المتحضر وقِيَمه السامية. وكارثةُ هدم المسجد البابري الأثري في 6/ديسمبر 1992م هي الأخرى كانت قد أتت نابعةً من هذه النفسية الطائفيّة الإجراميّة .

وتابعَ وهو يتحدّث عن الاتحاد فيما بين المسلمين والهندوس قائلاً: إن دين الإسلام – كما أظنّ – قد دخل الهندَ في زمن محمد الرسول – صلى الله عليه وسلم – . وفي  629م قد قام الشيخ الإمام مالك بن دينار – رحمه الله – ببناء المسجد الجامع المعروف اليوم بـ”تشيرون من” الكائن في مدينة “كودنكالور” من ولاية “كيرالا” الذي يُعَدُّ من أقدم المساجد في الهند، وحسب ما ذكره المؤرخون قد لُوحظتْ أولُ سفينةٍ للركّاب المسلمين على ضفّة البحر الهنديّ في 630م، والفضلُ في انتشار ضوء الإسلام في الهند إنّما يرجع إلى الصوفية الهنود الذين بلّغوا رسالةَ الإسلام الناسَ بأسلوب مألوف لديهم، ومضى قائلاً: إنه قد سرَّني أن الجامعة الإسلاميّة دارالعلوم/ ديوبند قد سبق لها أن نظّمتْ مؤتمرًا مضادًا للإرهاب في 25/ فبراير 2008م أصدرتْ فيه فتوىً ضدّ الإرهاب كانت تنصّ على أن الإسلام معادٍ للتشدّد وسفك الدماء دونما حق أشدّ المعاداة، وأظنّ أن هذه الفتوى لايحب العمل بها على المسلمين فحسب؛ وإنما على كلّ من يتّسم بالفكر المستقيم والحسّ السليم من أبناء البلاد. وقال: إن العلماء والقادة المسلمين قد لعبوا دورًا رائعًا في تحرير الهند من براثن الاستعمار الغربيّ، وقدّموا تضحيات جسيمة لا تُنْسَىٰ، مؤكّدًا: أن مساعي المسلمين في شأن النهوض بالبلاد لاتقلّ عن مساعي أحد من أهالي البلاد الآخرين .

وتحدّث إلى الاحتفال وزير الدولة للمواصلات الشابّ السيد “ساتش بائلات” وقال فيما قال: إن الحاجة ماسّة اليوم إلى أن ننهض نحن الشباب جميعًا لإثارة اليقظة العامّة في الشعب المسلم الهندّي بجانب توفير فُرصٍ لهم للحصول على التعليم؛ لأن التعليم هو الذي سوف يفتح لهم كلَّ باب مغلق. وصرّح في شأن الإرهاب: أن البلاد كلّها نهضت لتحارب الإرهاب، وأنا أريد أن أدعو العالم إلى أن يزور الهند ويشاهد أننا كيف نسعى متكاتفين للتصدّي لظاهرة الإرهاب والقضاء عليها.

وقال السيد “سوامي راماديف” القائد الدينيّ المعروف لدى الهندوس الآريين: إني لا أحوّل أحدًا من الناس إلى مسلم أو كافر، وإنما أعلّم، أسلوبَ عيش الحياة. وألقى الضوء على الأساليب التي يتبنّاها هو في شأن تعليم “اليوجا” وفعلاً قدّم نموذجًا عمليًّا لذلك، مؤكّدًا أنّ الخمر هي أمّ الخبائث ولابد من فرض الحظر عليها، وأثبت كونها حرامًا بما جاء في القرآن الكريم والحديث النبويّ، وقال: إنها تحمل في طيّها أضرارًا كثيرةً؛ فلابد من اجتنابها. وأضاف: إن عمليّة إجهاض الحمل للبنات هي معصية كبيرة؛ فمن ثم على المجتمع أن يتيقَّظ بهذا الصدد أيضًا.

وتحدّث إلى الاحتفال فضيلة الشيخ السيّد محمد سالم القاسمي – حفظه الله – عميد جامعة “دارالعلوم وقف/ ديوبند” ونائب رئيس هيئة الأحوال الشخصيّة الإسلامية لعموم الهند فقال: هناك مؤامراتٌ متّصلة مدروسة منذ اليوم الأول ضدّ الإسلام والمسلمين. والقوى المعاديةُ للإسلام والمسلمين تقوم بتوجيه اتّهامات مزيَّفة إلى الإسلام؛ رغم أن التأريخ الإسلاميّ يزخر بما يتبنّاه من تعاليم الأمن والسلام والأخوّة والمساواة والودّ والاحترام والصفح والتّسامح، وليس ذلك جديدًا على العالم الإسلاميّ؛ فالوضع الراهن يفرض علينا نحن العلماءَ بصفة خاصة وعامّة المسلمين بصفة عامّة أن نجتمع على رصيف واحد نابذين الخلافات وراءنا، وننخرط في سلك واحدٍ لنتمكّن من الردّ على مثل هذه المؤامرات ردًّا قاطعًا، انطلاقًا من الحكمة العملية التي انتهجها أسلافنا؛ لأن مواجهتها لاتتم بالعاطفية والحماس.

وأكد العالم الشيعي السيد “كلب صادق” القائد الدينيّ المعروف لدى طائفة الشيعة في كلمته: إن كلاًّ من أحزاب “بي ايس بي” و”سماج وادي” و”الكونغريس” وأفراخها من الأحزاب السياسيّة الهندية لم تَعُدْ موثوقًا بها لدى الشعب المسلم الهنديّ؛ ذلك أن أيام الانتخابات هي التي تجعلها تتذكّر المسلمين. مصارحًا أن المسلمين هم الآخرون عادوا يسيرون في اتّجاهٍ معاكس؛ حيث يثقون بالأحزاب السياسيّة، ولا ينقطعون إلى الربّ الحقيقي جلّ وعلا، وإن هذا لوضعٌ مؤلمٌ مقلقٌ. فبدل أن نتسوّل على عتبةِ أحد من الناس: القادة والساسة والزعماء، ونتطفّل على مائدة هؤلاء، علينا أن نمدّ أيدينا إلى الله عز وجلّ بِكلِّ ما نحتاج إليه، ونتطفّل على مائدته هو.

وانتقد النزعةَ التي تؤيد طلبَ الدّعم من الحكومة قائلاً: يجب أن نستقل نحن المسلمين بأنفسنا في شؤوننا كلّها، ولا نطلب من الحكومة معونةً من أيّ نوع؛ لأن الحق من شأنه أنه لايُطالَب به؛ وإنّما هو يُنْتَزَع بالقوة؛ فعلينا أن نتقدّم وننتزع الحقوقَ الواجبة التي خوَّلها لنا الدستور الهنديّ كائنًا مّا كان.

وحضر الاحتفال فضيلة الشيخ السيّد مرغوب الرحمان الموقّر – حفظه الله – رئيس الجامعة الإسلامية دارالعلوم/ ديوبند رغم ما يعاني من انحراف صحّي شديد، وعوارض الشيخوخة المتزايدة، وألقى كلمة قيمة أكّد فيها على ضرورة الائتلاف والاتحاد فيما بين المسلمين الهنود قائلاً: نحن بحاجة ماسّة إلى الاتحاد فيما بيننا، والجهدِ المتّصل والتحرك الدائب، إذا أردنا أن نوجد حلولاً للقضايا الإسلاميّة. وجمعيةُ علماء الهند ظلّتْ تعتني بقضايا المسلمين الهنود ومشكلاتهم، وتتحرّك في سبيل معالجتها بكل ما يمكنها من الوسائل، وهذا الاحتفال امتدادٌ لهذا الجهد ونرجو أنه يحقِّق الأهداف المرجوة .

وقال القائد الهندوسيّ السيّد “ستارام يجوري” عضو البرلمان الهنديّ: هناك هندان: هند تتمتع وتنعم برخاء ورفاهيّة، وهند تصاب بحالة الفوضى والاضطراب، ولن نمضي نحن الهنود إلى الأمام قدمًا حتى يتمّ الاندماج فيما بينهما، مؤكدًا أننا نعتزّ بحبِّ الشعب المسلم الهنديّ لبلاده، والهندُ لن تبقى حتى يتمّ لكلٍّ من أبنائها أن يتمتّع بالمساواة في الحقوق والواجبات الوطنيّة .

وأكّد السيد “كي رحمان” نائب رئيس مجلس الشيوخ الهنديّ لحضور الاحتفال بأن الحكومة الهندية لن تقوم بتأسيسِ الهيئة المركزية للمدارس الإسلامية؛ حتى تكسب تأييدَ المسؤولين عن المدارس الإسلاميّة واتفاقَهم على ذلك .

وأدلى فضيلة الشيخ السيّد محمود أسعد المدنيّ الأمين العامّ لجمعية علماء الهند وعضو مجلس الشيوخ الهنديّ حديثًا فقال: إنه يجب على من بيدهم زمامُ القيادة والسلطة أن يتمسّكوا بالعدل والإنصاف إذا هم حرصوا على تحويل الهند إلى بلاد متقدّمة ذات رفاهية، وإن حُرِمَ المسلمون في البلاد؛ فلن تحظى البلاد بأي تقدم. وقال بنوع من التحدّي : إن المسلمين لابد من إعطاء حقوقهم التي خُوِّلَتْ لهم من قبل الدستور الهنديّ كائنًا مّا كان، وأنهم مساهمون في الحقوق الوطنيّة على السّواء في جميع المجالات، وليسوا كمُسْتَأْجَرِين فيها أصلاً. وأكّد: أننا نرفض الهيئةَ المركزية للمدارس الإسلامية رفضًا باتًّا. والحكومةُ يجب عليها – إذا كانت مخلصةً – أن تقوم بإنشاء مدارس عصريّة لأطفال المسلمين، وتسعى للقضاء على التخلف الذي يعانيه المسلمون، وتعطي الحجز في جميع المجالات، وتعالج قضاياهم، كما يجب عليها أن تُعْطِيَهُمْ حقوقهم التي ظلّوا محرومين إيّاها منذ تحرير البلاد وحتى اليوم.

وحضر الاحتفالَ عدد كبير من الشخصيّات البارزة من داخل البلاد وخارجها وعبّرتْ عن انطباعاتها بمن فيهم: أصحاب الفضيلة الشيخ سعيد أحمد/ من إنكلترا، والشيخ جلال الدين العمري الأمين العام للجماعة الإسلامية بالهند ، والشيخ أصغر علي إمام مهدي السلفيّ أمير جمعية أهل الحديث بالهند، والشيخ المفتي محمد سلمان المنصورفوري رئيس تحرير مجلة “ندائى شاهي” الأرديّة المعروفة والأستاذ بالجامعة القاسمية شاهي، مراد آباد/ يوبي، والسيّد “آرك بشب” القائد الدينيّ المعروف لدى المسيحيّين ومن إليهم، كما شارك الاحتفالَ عدد وجيه من أساتذة كلّ من جامعتي دارالعلوم، ودارالعلوم وقف/ ديوبند وما إليها.

وأصدر الاحتفال قرارات هامّة بعضها فيما يلي:

* هناك محاولاتٌ قبيحة متصلة مدروسة اليوم لإلصاق دين كالإسلام المحبّ للأمن والسّلام بالإرهاب بشكل مخطَّط؛ فالاحتفال يندد بهذه المحاولات بكل قوة. كما يرفض الإرهابَ بجميع أشكاله وألوانه رفضًا كليًّا، أيًّا كان مرتكبه وإلى أيّ منظّمة كان انتماؤه، وتزداد هذه الجريمةُ بشاعةً إن كانت الإدارة الحكوميّة هي الأخرى تغذّيها وتعمل على إنمائها .

* ظلّتْ القوى المعادية للإسلام والمسلمين تَشُنُّ حملةً دعائيةً تحاول من ورائها أن توهِم الجماهيرَ بأنّ “الإرهاب” و”الجهاد الإسلاميّ” كليهما مترادفان مع أنه بينهما ما بين السماء والأرض من فرق واضح وبَون شاسع؛ ذلك أنّ الجهاد الإسلاميّ إنما يعبِّر عن عمل بنائي، بينما الإرهاب يعني عملاً تخريبيًّا، ومن ثم يطالب الاحتفال أن يُتَجَنَّب تفسير “الجهاد” بشكل مغلوط .

* ليتمّ إعطاء الحجز للمسلمين وانتدابهم في جميع المجالات والكليّات حسب نسبتهم في البلاد، ولِتُتَّخذ خطواتٌ فاعلةٌ لإزالة ما يحول دُون ذلك – فيما يبدو – من الحواجز القانونية منها وغير القانونيّة .

* الاحتفال يؤكّد أن الزواج المثليّ لعنةٌ وانحطاط في المثل الأخلاقيّة، وفساد في الفطرة التي فُطر الناس عليها؛ فلذا يطالب الحكومةَ بأن توجّه نداءً ضدّ ما قرّرته المحكمة العليا بـ”دهلي” من شرعيّة الزواج المثليّ، تبنيًّا للموقف الواضح البيّن، مطالبةً المحكمةَ بأن لايتمّ إدخال التعديل على ماده 377 من الدستور الهنديّ .

* الاحتفالُ يدعو جميع أعضاء الجمعيّة إلى أن يقوموا بالتعاون مع نظام هيئة التعليم الدينيّ (التي قد قامت بتأسيسها الجمعيّة بدورها) ويقدّموا خدمات في سبيل الحفاظ على إبقاء النشء الجديد الذي هو عدّة المستقبل على الإسلام .

* ليتم تأسيسُ المدارس الابتدائية والمدارس الثانوية العالية وكليات التجارة والهندسة والتكنولوجيا والطبّ وما إلى ذلك، كما ظلّتْ جمعيّة علماء الهند تمضي قدمًا في هذا الصدد بما يمكنها من الوسائل والإمكانيّات، وفعلاً قد أنشأتْ لحدّ اليوم كلّية تدريب المعلّمين وكليّة PTC للبنات وعدد من الكليات العصرية والمساكن الطلاّبيّة وقد بدئت فيها الدراسة فعلاً .

* الاحتفال يوجّه إلى الحكومة مطالبةً قويّةً بأن تمتنع عن تأسيس الهيئة المركزية للمدارس الإسلاميّة، واصفًا إيّاه بكونه تدخّلاً في المسيرة العملية للمدارس الإسلاميّة ومكافحةً لمعنوياتها الأصيلة، مؤكّدًا أن الحكومة إذا تفكرّ في الواقع بشأن ترويج التعليم العصري بالنسبة للمسلمين الهنود فعليها أن تقوم بإنشاء مدارس عصرية لأطفال المسلمين من جديد، وكذلك يُطالب الاحتفال الحكومة بأن تعتبر كلاًّ من جامعتي “علي جراه” والجامعة الملّية الإسلاميّة بـ”دهلي” جامعتين مخصّصتين للأقلية المسلمة.

* لايختلف اثنان في أنّ المسلمين في الهند ظلّوا يحبّون البلاد حبًّا جمًّا كما يشهد بذلك تاريخ البلاد؛ لكنه لايسعهم أن يعبدوا غيرَ الإله الحقيقي والربّ الواحد وهو الله عز وجل، ويشركوا به أحدًا، سواء كان رسولاً أم كانت أمًّا لأحد؛ لأن ذلك قد يضادّ عقيدةَ التوحيد لديهم، وبالتالي لن يسوغ لهم أن يقوموا بإنشاد النشيد الوثني الوطنيّ “فندي ماترام” الذي يتضمّن الأبياتِ الشركيّة. والفتوى التي أصدرتْها جامعة دارالعلوم/ ديوبند ضدّ هذا النشيد، يؤيدها هذا الاحتفالُ تأييدًا مطلقًا، اعتبارًا منه أن حبَّ الوطن لاينحصر في إنشاد النشيد فحسب؛ فلا يُرغَم المسلمون على ذلك، وقد سبق أن المحكمة العليا الهنديّة هي الأخرى قد أصدرتْ قرارًا بأنه لن يُجبَر أحدٌ على إنشاد “فندي ماترام”.

* الاحتفال يرجو الحكومةَ بأن تقوم بتأسيس هيئةٍ مركزية تساعد المدارسَ العصرية الإسلاميّة الأهلية، والمنظّمات الإسلاميّةَ على إنشاء مدارس أخرىٰ لأجل الدراسةِ العصرية العليا في سهولةٍ ويسرٍ، أو لكي يلتحق بهذه الهيئة المقترحة المدارسُ التي لاتستطيع أن تتقيّد بمنهجِ الهيئاتِ الموجودة في البلاد اليوم.

وأخيرًا قدّم فضيلة الشيخ محمد حسيب الصديقي رئيس بلديّة مدينة ديوبند بصفته رئيسَ اللجنة التحضيرية للاحتفال الشكرَ الجزيل إلى جميع الحضور والمستعمين الذين تحمّلوا مشاقَ السفر لحضور الاحتفال من أقاصي البلاد وأدانيها، وأشاد فضيلته بجميع المساهمين في عقد الاحتفال. كما أبدى فضيلة الشيخ المقرئ السيد محمد عثمان المنصور فوري رئيس جمعية علماء الهند عواطفَه الودّيـة تجاه المشاركين، وانتهى الاحتفالُ التأريخي العظيم في نحو الثانية من ظهيرة الثلاثاء (3/نوفمبر 2009م = 14/ ذي القعدة 1430هـ) بدعاء فضيلة الرئيس حفظه الله ورعاه .

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، ربيع الأول 1431 هـ = فبراير – مارس 2010م ، العدد : 3 ، السنة : 34

Related Posts