الأدب الإسلامي
شعر: عبد الغني أحمد ناجي
رَكْبُ الهُدَى في جُنْحِ ليلٍ سار
يَنْسَابُ في حُلَلٍ من الأنوار
بالحقَِ يسْعَى نحو يثربَ قاصدًا
أَنِعمْ بها مِن مَلجأٍ ، ومَزَارِ
هذا الهُدَى قد هاجرتْ أنصارُهُ
بعد اضطهادِ الكفر ، والكفارِ
حَملتْ قلوبُهمُ العقيدةَ وحدَها
هي عندهم أغلىٰ من الأعمارِ
تركوا المتاعَ ، وأهْلهمْ ، وديارَهمْ
أَبْئِسْ بمكَّةَ عندهمْ مِن دار!!
سِيمُوا العذابَ لِيَرجعوا عن دينهم
أفيرجعون لحمأةِ الفُجَّارِ؟!!
رَبَط الإلَهُ قلوبَهم بعقيدةٍ
جعلتهمُ كالطودِ في الإعصارِ
فابْنُ الأَرتّ ، وياسرٌ ، وسُميَّةُ
أطوادُ حَقٍّ في دُنا الأشرارِ
لم يَسْتكِنْ أَحدٌ لِفتنة قومِهِ
بَعضٌ قضَى من وطأةِ الإِضرارِ
فسَعَوا إلى البلدِ الخليقِ بصحبةٍ
وهدايةٍ ، وحمايةٍ ، وجِوارِ
* * *
الركْبُ أنزلَ بالمدينةِ رَحْلَهُ
لتكونَ مركزَ دولةِ الأبرارِ
وجدَ الهُداةُ بيثربٍ أهلاً لهمْ
وجدُوا الأمانَ بصحبةِ الأنصارِ
هذى قريشٌ تستعدُّ لرحلةٍ
بتجارةٍ للشامِ في إخفارِ
المسلمون تشَاورُوا : ما ضرَّهمْ
لو أنَّهم قَصُّوا من التُّجار؟
ماذا يضرُّ لو أنَّهم قاموا بشـــ
ــلّ الكفر في إلحاقِهِ بِبَوَارِ؟
علمتْ قبائلُ مكَّةٍ بعزيمة
للمسلمين فأسرعوا بنِفارِ
يَبْغونَ دَحْضَ الحق حتى ينعموا
بالعيشِ في تِيهٍ من الأوزارِ
جمعَ النبيُّ صَحابَه فتشاوروا
إنَّ التشاوُرَ شرعةُ الأحرارِ
مَلأ اليقينُ قلوبهم بشجاعةٍ
والحق عوَّدهمْ عَلى الإصرارِ
النَّصرُ إحدى الحُسْنَيَيْنِ لديهمو
والخُلْد بعدَ الموتِ لِلأبرارِ
جَيِشانِ في عُرض القفارِ تحارَبا
بَدرٌ تُشاهدُ بَدْأةَ الإنذارِ
حَمِىَ الوطيسُ وأبْرقتْ شُعَلُ السُّيو
فـ تُطيحُ بالإلحادِ ، والفجَّارِ
صَوتُ اليقين مُجَلجلٌ ومُظفَّرٌ
فالحق يهدمُ دَولةَ الكفَّارِ
“الله أكبرُ” كالصَواعِقِ في الوَغى
أنْعِمْ بها من صيحةٍ ، وشعارِ!!
المؤمنُ الصِّدّيقُ يقتلُ عشرةً
والكافِرُ الرِّعِديدُ لاذَ بعارِ
هذا بلالٌ قد أطارَ بسيفِهِ
رأسَ الجحودِ ، وبُؤْرةَ الإنكارِ
والشركُ مُنتكسٌ كأنَّ رجالَه
وسطَ المعامع نِسْوة بخمارِ
هذى المعامعُ أسفرتُ عن نصرةٍ
للحقّ فوقَ جحافِلِ الكفَّار
نصَرَ الإلَهُ جنودهُ بجنودِهِ
مَلَكٌ بجانبِ مُسلم مغوارِ
سبعون قتْلَى للعدوّ ، ومثلُهمْ
أسْرَى وقد عجزوا عن الإدبارِ
* * *
فاسْتَلْهِم النَّصرَ المؤزَّرَ يا أخِي
من رَبّ بدرٍ ناصِرِ الأبرارِ
إنْ تنصروا المولى بحفظِ حُدودِهِ
يَنصرْكم المولَى بكّلِ ديارِ
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . رمضان – شوال 1429هـ = سبتمبر – أكتوبر 2008م ، العـدد : 10-9 ، السنـة : 32