كلمة المحرر

       من تهمة الإرهاب إلى إساءة للرسول صلى الله عليه وسلم ، إلى إساءة إلى القرآن الكريم ، إلى فرض الحظر على الحجاب ، إلى منع المحجبات من الدراسة والتدريس ، إلى غزو الدول الإسلامية واحتلالها ، واستعباد المسلمين وتعذيبهم والتنكيل بهم واغتصاب المسلمات وتعريتهن وتصويرهن عاريات ، وإشهارهن عبر وسائل الإعلام مُعَرَّيَات ، إلى جانب الوقوف الغربي الصليبـيّ المطلق بجانب الصهاينة عسكريًّا وماديًّا ، لاحتلال فلسطين واستعباد الفلسطينيين وتشريدهم من ديارهم ، وقصفهم ليلَ نهارَ ، وتحويل أماكن سكناهم سجنًا كبيرًا مجردًا من كل وسائل الحياة ، من الماء والدواء والغذاء والكساء ، إلى اعتبار كل مسلم ولاسيّما كل شابّ وبالأخصّ كل متدين من المسلمين ، متطرفًا متشدِّدًا إرهابيًّا ، واصطياده في كل مكان في العالم والزجّ به إلى زنزالة غوانتانامو الشهيرة بالتعذيب العديم المثال ، وإلى غيرها من أماكن مخصصة لتعذيب المسلمين في خفاء عن أنظار العالم ، إلى اعتبار الدين الإسلامي مصدرًا للإرهاب والعنف، إلى غير ذلك من البهتانات والمفتريات التي يتمّ نسجُها كلَّ وقت وإلصاقها بالإسلام والمسلمين .

       كلُّ ذلك للفتّ في أعضاد المسلمين وإصابتهم بالانهيار المعنويّ والنفسيّ .

       كما يتمُّ وضعُ طُرُقٍ لإفقار المسلمين في العالم وتجويعهم وإصابتهم بالأدواء والأمراض المُسْتَعْصِيَة ، وإغلاق أبواب التعليم والتثقيف عليهم ، وتوريطهم في قضايا شائكة ومشكلات مُعَقَّدة ، وصداعات لا أوَّلَ لها ولا آخرَ ؛ حتى لايجدوا فرصةً لالتقاط الأنفاس ، فضلاً عن أن يُفَكِّرُوا في تعمير الذات ، والأخذ بأسباب التقدّم والازدهار، وعمارة الأرض ، وقيادة الركب البشريّ ، وهداية الناس وبناء الكون .

       إنّها طرقٌ يسلكها تلاميذُ الشياطين لتضييق الخناق على المسلمين والحيلولة دونهم ودون أداء مسؤوليتهم تجاه الكون بصفتهم خيرَ أمة أُخْرِجَتْ للنّاس .

       وإنّها حِيَلُ ظلَّ يُعْمِلُها أبناءُ الباطل لإطفاء نورالحق ومحاربة أنصاره دائمًا؛ ولكنّ النورَ لم ينطفئ ، والحقّ لم يُغْلَبْ ، وأنصاره لم ينهزموا ، ودورُهم لم يُوَلِّ ، وبطاريتُهم لم تَنْفَدْ .

       إن الإسلام سيبقى ، والمسلمون سينتصرون ؛ ولكن النصر له تضحيات يؤدّيها أهلُ الحق لامَحَالَةَ. وتلك سنّةُ الله في الكون ، وحكمتُه في إدارة الخلق ، هكذا أراد ، وهكذا يكون . “واللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِه وَلكِنَّ أكْثَر النَّاسِ لاَيَعْلَمُوْنَ” (يوسف/21).    

[التحرير]

(تحريرًا في : الساعة 11 من صباح يوم السبت : 29/ صفر 1429هـ = 8/مارس2008م)

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادى الثانية 1429هـ = يونيو  2008م ، العـدد : 6  ، السنـة : 32

Related Posts