اللغة والأدب

بقلم : الأخ الأستاذ ياسر نديم القاسمي

كلّية معارف الوحي والعلوم الإنسانية

الجامعة الإسلامية العالمية ، ماليزيا

التقديم

        الأديب العالمي، رائد الرواية العربيّة، وأميرها وفارسها الأوّل، وعلم من أعلام الأدب العربي الحديث، والحائز على جائزة نوبيل العالمية في الأدب، والرجل الذي قدّم للأدب العربي عامّة والقصة العربيَّة خاصّة أروع وأعظم الخدمات… ألقاب عديدة وكثيرة أطلقت على الروائي العربي نجيب محفوظ، وهي تدل على أنّه هو الكاتب العربي الذي بعث الرواية من مرقدها في ثقافة العرب لتلحق في هذا الصدد بالثقافة الفرنسيّة والأمريكيّة السبّاقة في هذا المجال.

        لقد تناول كثير من الدارسين أدب نجيب محفوظ، واختلفت بالطبع طرق التناول لأدب هذا الأديب الروائي الكبير، فمنهم من تابع نظرية الحب في أدبه، ومنهم من أخذ جانب البؤس والشقاء، ومنهم من تحدث عن الفكر الفلسفي المتوغّل في ثنايا أدبه، ومنهم من تناول المنهج التاريخيّ في أدبه أحياناً، والبناء الروائي أحياناً أخرى. ومنهم من ركّز على دلالة الشخصيات بحسبانها نماذج اجتماعية لشريحة تاريخية معيّنة، ومنهم في الأخير من صرف العناية إلى فكره الانتماء واللاانتماء في أدبه، وصلتها بالظروف الاجتماعية. فهناك دراسات متنوعة ومختلفة كشفت القناع عن ما تكمن روايات نجيب محفوظ من أفكار وقضايا، ومشاكل اجتماعية وسياسيّة. كل هذه الدراسات أدّت بلا جدال دوراً مهمًّا في استكشاف أدب هذا الأديب العالميّ؛ ولكن أدبه بسبب شموليته وثرائه وغنائه لا يزال يحتاج إلى دراسات أخرى. فإن أديبنا ليس أديباً عادياً يكتب لترفيه النفوس، إنّما هو يطرح أفكاراً وقضايا ومشاكل وحلولاً من خلال كلمات يودعها إلى صفحات، ومن خلال روايات يقدّمها إلى كلّ من يعاني حياة قاسية شقية بائسة، وإلى كل من يعايش أزمة ولا يجد طريقاً للخروج منها. حقاً إنه ليس أديباً عادياً، إنّما هو في عالم الروائي يتخطى المكانية والزمانية ويشمل الحياة العريضة لتلبّس فيها الماضي والحاضر والمستقبل. وفيه ترى نموذج الفنان الذي استفاء من مختلف المناهج الفنيّة، واستطاع أن يستوعب بذكاء ومقدرة كل تلك المناهج لتتحوّل على يديه إلى مقدرة ومهارة في إعطاء مذاق جديد للعمل الروائي. فأنت حين تقرأه تجد صورة للتاريخ شاخصة أمام ناظريك، قد تجد فيه – مثلاً – “ولولتر سكوت” في استحضار الماضي وتسجيله. وقد تجد فيه “تلزاك” في واقعيته، كما قد ترى “إميل زولا” في طبيعته، فكأنّك تحسّ حين تقرأه أنه خلق هؤلاء الروائيين الغربيين من جديد، أو قد خلق تجسيداً جديداً لفنّهم.

        هذا البحث محاولة متواضعة لاستكشاف بعض جوانب أدب نجيب محفوظ، وذلك من خلال النظر في فلسفته ومدى تأثره بالمذهب الرمزي، واهتمامه بالواقع الاجتماعي. كما أنه يلقي نظراً على حياة هذا الأديب الذي عُدّ بالاتفاق آخر العمالقة الكبار في الأدب العربي، وعلى فنّ الرواية بصفة عامّة، فإن هذا هو المجال الذي أبلى فيه أديبنا الكبير بلاءً حسناً.

تعريف الأدب:

        تقتضي دراسة أدب نجيب محفوظ أن نستقصي معنى الأدب وتعريفه، حتى نرى أن رواياته من نماذج رائعةللأدب العربي الحديث.

        كلمة “الأدب” في الجاهلية لا تحمل معنى واضحاً، بل تنحسر في بعض من المدلولات لتدلّ على معنى ضيق جداًّ. ومن ذلك قول الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد:

نحن في المشتاة ندعو الجفلى

لا تـــرى الأَدِبُ فينا ينتقــر

        “الجفلي” هي الدعوة العامة، و”الأَدِبُ” هو الداعي. فالأدب شاع استعماله في الأدب الجاهليّ بمعنى الدعوة العامة، أو الدعوة إلى مأدبة أو وليمة(1). أما بعد ظهور الإسلام الذي قضى على الجاهلية الجهلاء وما تحمله من خصائص، أخذت كلمة “الأدب” معنى تربوياً تهذيبياًّ يشير إلى الأخلاق الحميدة، فنجد الأدب يحمل هذا المعنى في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: “أدّبني ربي فأحسن تأديبي”(2) وهو يشير إلى أدب القرآن الكريم، والأخلاق السامية الإسلامية التي تحلّى بها نبيّنا الكريم صّلى الله عليه وسلم.

        وبمرور الزمن نلاحظ اتساعاً في معنى الأدب، ففي العصر الأمويّ اتسع نطاقه ليشمل التعليم أيضاً، فقد كان المعلّم مؤدّباً يختاره الخلفاء والأمراء والمنتمون إلى الطبقة العليا لتعليم أبنائهم وتهذيبهم(3). ثم جاء الجاحظ ووصفه بأنه “الأخذ من كلّ علم بطرف” ووافقه ابن خلدون في مقدمته. هكذا نرى طبيعة التغيّر متجلية في معنى الأدب، فكلّما مرّ عهد طرء على معناه تغيّر نوعاً ما. حتى أصبح النقاد يعرّفون الأدب:”أنّه هو الشعر والنثر الفني أي نثر الخطب والرسائل والمقامات والأمثال السائدة.”(4) ولكن التعريف هذا لا يتّسم بالشموليّة، فهو لا يحدّد للأدب أصولاً ولا أهدافاً، كما لا يساير الزمان الذين نحن فيه، والذي يحتوي على عديد من صنوف الأدب لم تكن مألوفة في الأدب العربيّ من قبل.

        الغربيّون بفضل سبقهم في الآداب الحديثة عرّفوا الأدب تعاريف تحمل في أنفسها العمق والوسعة والشمولية نذكر منها تعريفين فيما يلي:

        1- “الأدب صياغة فنية لتجربة بشرية.”(5)

        هذا هو أحد التعاريف الشائعة عن الأوربييّن عن الأدب، وهو تعريف يحمل في طياته أصول الأدب العامّة، ومصادره وأهدافه.

        2- “الأدب نقد للحياة”. كلمة “نقد” في هذا التعريف استعملت بمعناها الاشتقاقي، فهي مأخوذة من الفعل اليوناني “Crino” ومعناه “يميّز”، فكلمة النقد الأوربيّة معناها إذن: تمييز العناصر المكونة للشيء الذي ننقده، وليس معناه الأصلي تقييم ذلك الشيء، والحكم بجودته أو رداءته.(6)

        بعد ما تأثـّر العالم العربيّ بالنهضة الأوربيّة، وترجمت آدابها وعلومها إلى العربيّة، وأضيف إلى تاريخنا الأدبي باب جديد باسم “النهضة العربيّة الحديثة” مال النقاد العرب إلى تعريف جديد للأدب، فمن جورجي زيدان إلى شوقي ضيف، كلّ من كتب حول “تاريخ الأدب العربي” أتى بتعريف يختلف عن تعريف الآخر في اللّفظ، ولم يتمكّن من تغيير جوهر الأدب من خلال تعريفه، وقد كان ذلك أمراً مُحالاً، أو- على الأقلّ- مستبعداً. فلذا نراهم يتفقون على معنى التعريف الآتي، وإن عبّروه بأسلوب مختلف: “الأدب هو العبارة الجميلة المتّسمة بعنصر الجمال والخيال في استخدامها عن الأشياء.”(7)

مفهوم الرواية:

        تعد الرواية من أهم الأجناس الأدبية التي حاولت تصوير الذات والواقع  وتشخيص ذاتها  إما بطريقة مباشرة وإما بطريقة غير مباشرة  قائمة على التماثل والانعكاس غير الآلي. كما أنها استوعبت جميع الخطابات واللغات والأساليب والمنظورات والأنواع والأجناس الأدبية والفنية الصغرى والكبرى إلى أن  صارت الرواية جنسًا أدبيًا منفتحًا وغير مكتمل قابلاً لاستيعاب كل المواضيع و الأشكال والأبنية الجمالية.الروائي العربي نجيب محفوظ اتخذ فن الرواية سلاحًا له لأجل تصوير الحياة، واستكشاف الذات والواقع العربيين عامة والمصريين خاصة، الأمر الذي جعله من روّاد الرواية العربية؛ ولكن هذا الفن كان قد نضج وازدهر قبل ذلك في الآداب الغربية، وكان له فلسفات ونظريات تجعله متميزًا عن الفنون الأدبية الأخرى. فلنلق نظرة على تطوّر فن الرواية في العالمين العربي والغربي.  

نشأة الرواية:

        كانت الرواية في أوربا جنسًا أدبياً مغمورًا ومهمّشًا، وخطاباً سرديًا منحطاً لاقيمة له، يقبل عليه الشباب من أجل الاستمتاع والترفية بعيدًا عن حياة الجد والصرامة التي كانت تفرضها الأسر الغربية على أولادها؛ حيث كانت تحذرهم من قراءة الروايات، ناهيك عن موقف الكنيسة المعروف من كل ماهو مدنس وسفلي؛ لأن الرواية ارتبطت باللهو والمجون والغرام والتسلية والفكاهة بالمقارنة مع الأجناس الأدبية السامية والنبيلة، كالشعر والملحمة والدراما. و قد ساد هذا التصور السلبي إلى غاية القرن الثامن عشر؛ ولكن  الرواية انتعشت في القرن التاسع عشر، وأصبحت  مع “بلزاك” و”زولا” و”فلوبير” و”تولوستوي” و”دويستفسكي” الشكل الأدبي الوحيد القادر على استكناه الذات والواقع، واستقراء المجتمع والتاريخ، بصدق موضوعي موثق وتخييل فني يوهم بالواقع(8). وعدت الرواية عند منظّريها ملحمة بورجوازية، وأداة للصراع الاجتماعي ضد قوى الإقطاع والاستغلال والقهر، وسلاحًا شعبيًا خطرًا لمناهضة الظلم والاستبداد وإدانة الواقع المتردي، وتسفيه قيمه المنحطة، والتغني بالقيم الأصيلة ، ونشدان واقع إنساني مثالي أفضل تعم فيه السعادة والعدالة والفضيلة والحرية والحب، حيث يعيش فيه الجميع  بسلام وأمان. أما عصرنا الحديث فقد أصبح عصرَ الرواية بامتياز؛ لأن الرواية كانت وما تزال الجنس الأدبي الأكثر انفتاحاً على التقاط مشاكل الذات والواقع ، والقادرة على استيعاب جميع الأجناس و الأنواع والخطابات الأخرى،  كما أنها الجنس الأدبي المهيمن والمفضل لدى الكثير من القراء والمثقفين بالمقارنة مع الشعر والمسرح.

الرواية في الأدب العربي:

        تعتبر الرواية من الوسائل التي تم عبرها الاتصال بين الحضارة العــربيـــة والحضــارة الأوروبية إذ تصدت الرواية لمهمة نقل الثقافة الأوروبية وتعريف العرب عليها. وليس عجيباً أن يكون رفاعة الطهطاوي الذي ترجم رواية “وقائع تليماك” – وهي أول رواية مترجمة- فتحت أعين العرب(9)، الى فن جديد وفد إليهم من أوروبا وهو فن القصة. وتحدث طهطاوي في كتابه “تلخيص الإبريز في تلخيص باريس” – الذي اعتبره بعض الباحثين من نمط الروايـــة – داعيا “إلـي التخلص من الجهل واقتفــاء أثـــر الغرب في علومه وفنونه التي بلغت درجة عالية من الكمال والرقي الذي يظهر لمن تأمل في أحوال العلوم والفنون الأدبية والصناعية في هذا العصر بمدينة باريس.. قد انتشرت وبلغت أوجها”(10)
        إن الجهود التي بذلها رفاعة الطهطاوي لا تقتصر علي تصديه لتعريف العرب بعلوم الغرب ودعوته إياهم إلى تعلم هذه العلوم بل تتجاوز ذلك إلي الجهد الفني والأدبي الكبير مما دفع إلي اعتبار كتابات رفاعة وتلاميذه بدء النهضة الأدبية العربية – خاصة في مصر-  التي أرجعت النثر العربي إلى طبيعته المطواعة التي لا تكلف فيها ولا صناعة ولا ارباء(11) وكان ذلك من نتائج امتزاج ثقافة رفاعة الأزهرية بثقافته الفرنسية .
        ونحن نتحدث عن جهود رفاعة لا ننسى جهود أستاذه حسن العطار صاحب كتاب “مقامة الأديب الرئيس الشيخ حسن العطار في الفرنسيس” التي يدور موضوعها حول مقابلة الراوي للفرنسيين في حي الأزبكية. وكان العطار حريصاً علي فتح آذان الشعب وعيونه علي حضارة الغرب، فبث أفكاره هذه علي لسان الراوي. وفيها يظهر تحبيذه لهذا، إلا أن الوعي المتفتح الذي اتخذ صورة إيجابية له حين ثار القاهريون علي الفرنسيين في السنوات الثلاث مدة احتلالهم لمصر جعل العطار الذي خشي علي نفسه من تهمة طعن الحركة الثورية المصرية حينئذ يقول علي لسان الراوي رافضاً طلب الفرنسيين له بملازمتهم: “فسوفت في الإجابة وأضمرت علي عدم الإنابة علماً مني بأن هذا أمر تفوق عليّ منه سهام الملام، وترمقني بالعداوة والإحتقار لأجله كافة الأنام، فرجعت لرشدي واستغفرت الله مما كنت فيه.(12)

        هكذا تطورت الرواية في الآداب الغربية والعربية وأصبحت ذات نمط خاص وأسلوب معين، وذات فلسفات ونظريات لاتطيق هذا البحث أن يتناولها، أو يسلّط ضوءًا عليها. والجدير بالذكر هنا أنّ الرواية خلال رحلتها التاريخية لم تلبث إلاّ أن تتأثـّّر بالمذاهب الأدبية الغربية من الكلاسيكية والرومانسية والرمزية… فلكم نسمع قائلاً يقول: “هذه الرواية كلاسيكية و تلك رومانسية، وعلى أخرى طابع رمزي”.   

حياة نجيب محفوظ

        ولد نجيب محفوظ في الحادي عشرمن ديسمبر 1911 لعبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا. عانت زوجته حالة ولادة متعثرة، ولم تستطع القابلة فعل شيء إلا الاستنجاد بالزوج، الذي أسرع أحد أصدقائه بإحضار الدكتور “نجيب محفوظ” – الذي أصبح من أشهر أطباء النساء والتوليد في العالم- وأصرّ الأب على أن يسمي وليده باسم الدكتور القبطي الشهير.(13)

        كان نجيب محفوظ أصغر الأبناء؛ لكنه عاش مع أبيه وأمه كأنه طفل وحيد؛ لأن الفارق الزمني بينه وبين أصغر إخوته كان لا يقل عن عشر سنوات، وكانوا كلهم رجالاً ونساء قد تزوجوا وغادروا بيت العائلة، إلا أصغرهم الذي التحق بالكلية الحربية، ثم عمل بالسودان بعد تخرجه مباشرة، لذلك كانت علاقة نجيب بأمه علاقة وطيدة، وكان تأثيرها فيه عميقاً، بعكس والده الذي كان طوال الوقت في عمله خارج البيت، وكان صموتاً لا يتحدث كثيرًا داخل البيت(14). ويصف نجيب والدته بأنها: “سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب، ومع ذلك كانت مخزناً للثقافة الشعبية.. وكانت تعشق سيدنا الحسين وتزوره باستمرار.. والغريب أن والدتي أيضًا كانت دائمة التردد على المتحف المصري، وتحب قضاء أغلب الوقت في حجرة المومياوات.. ثم إنها كانت بنفس الحماس تذهب لزيارة الآثار القبطية خاصة دير “مار جرجس”.. وكنت عندما أسألها عن حبها للحسين و”مار جرجس” في نفس الوقت تقول “كلهم بركة” وتعتبرهم “سلسلة واحدة”.. والحقيقة أنني تأثرت بهذا التسامح الجميل لأن الشعب المصري لم يعرف التعصب، وهذه هي روح الإسلام الحقيقية”.(15)

        أما والده فكان موظفاً “ولم يكن من هواة القراءة، والكتاب الوحيد الذي قرأه بعد القرآن الكريم هو “حديث عيسى بن هشام”؛ لأن مؤلفه المويلحي كان صديقاً له، وعندما أحيل إلى المعاش عمل في مصنع للنحاس يملكه أحد أصدقائه.

        التحق نجيب محفوظ بالكتّاب وهو صغير جدًّا ليتخلص أهل البيت من شقاوته؛ لكنه عندما أصبح تلميذًا بالابتدائية لم يكن والده بحاجة إلى حثه على المذاكرة؛ لأنه كان مجتهدًا بالفعل ومن الأوائل دائماً، أما أولى المحطات الفاصلة في حياته فكانت حصوله على شهادة “البكالوريوس” التي تؤهله لدخول الجامعة، كان والده يرى أن أهم وظيفتين في مصر هما وكيل النيابة والطبيب، لذلك أصر على التحاق ابنه بكلية الطب أو كلية الحقوق، وكان أصدقاؤه مع هذا الرأي من حيث إن نجيب محفوظ كان متفوقاً في المواد العلمية، وكان ينجح بصعوبة في المواد الأدبية كالجغرافيا والتاريخ واللغتين الإنجليزية والفرنسية، والمادة الأدبية الوحيدة التي تفوق فيها كانت هي اللغة العربية، وكان نجاحه في البكالوريوس عام 1930 بمجموع ٪60 وترتيبه العشرين على المدرسة، وكان هذا المجموع يلحقه بكلية الحقوق مجاناً؛ لكنه اختار لنفسه كلية الآداب قسم الفلسفة.(16)

        وبعد تخرجه سنة (1934م) التحق نجيب محفوظ بالسلك الحكومي، فعمل سكرتيرًا برلمانيا بوزارة الأوقاف من  1938 إلى 1945، ثم عمل بمكتبة “الغوري” بالأزهر، ثم مديرًا لمؤسسة القرض الحسن بوزارة الأوقاف حتى عام 1954، فمديرًا لمكتب وزير الإرشاد، ثم مديرًا للرقابة على المصنفات الفنية، وفي عام1960 عمل مديرًا عامًّا لمؤسسة دعم السينما، فمستشارًا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتليفزيون، ومنذ عام1966 حتى1971 وهو عام إحالته إلى التقاعد عمل رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما، وبعدها انضم للعمل كاتبًا بمؤسسة الأهرام.(17)

بدايته مع الادب

        نمت علاقة نجيب محفوظ بالأدب من خلال قراءته للعقاد وطه حسين وسلامة موسى وتوفيق الحكيم والشيخ مصطفى عبد الرازق الذي درس له الفلسفة الإسلامية في كلية الآداب وكان يظنه قبطياً، وسير “ريدر هجارد” و”تشارلس جارفس” و”جيمس بيكي” و”توماس مان” و”سارتر” و”كامى” و”بيكيت” و”بروست” و”أناتول فرانس” و”هربرت ريد” الذي كان يكتب في مجال الفن التشكيلي، و”جولزورثي” و”تولستوي”، بالإضافة إلى قراءاته في الأدب الإغريقي. وبعد تخرجه سنة 1934 كان نجيب محفوظ مرشحًا لبعثة لدراسة الفلسفة في فرنسا؛ لكنه حُرم منها، لأن اسمه القبطي أوحى بوفديته، وكانت الحرب ضد حزب الوفد على أشدها في تلك الفترة، مما حسم صراعًا كبيرًا كان يدور في نفس نجيب محفوظ بين الفلسفة والأدب، فحسم الأمر لصالح التفرغ للأدب.   بدأ نجيب محفوظ يكتب المقالات وهو في التاسعة عشرة من عمره، ونشر أول قصصه القصيرة “ثمن الضعف” بالمجلة الجديدة الأسبوعية يوم (3 أغسطس 1934م) لكنه انطلاقاً من روح ثورة 1919 خطط لمشروعه الأدبي الكبير، وهو إعادة كتابة التاريخ الفرعوني بشكل روائي، وكتب بالفعل ثلاث روايات في هذا الاتجاه وهي: “عبث الأقدار” و”رادوبيس” و”كفاح طيبة”، لكنه توقف بعد ذلك وأعاد دراسة مشروعه.(18)

*  *  *

الهوامش :

(1)  www.thakafa.net

(2)      كنز العمّال ج:11 رقم الحديث: 31895 عن ابن مسعود

(3)      www.thakafa.net

(4)      الأدب ومذاهبه. د. محمد مندور. ص: 6 ط: مصر

(5)      المرجع السابق

(6)      المرجع السابق

(7)      دروس في تاريــخ الأدب، علوان العلي، الحوار المتمدّن، ع: 1350

(8)      مدخل إلى نظرية الرواية، جميل حمداوي. www.aklaam.net  

(9)      د. محمد رشدي حسن. أثر المقامة في نشأة القصة المصرية الحديثة. ص: 79. ط: مصر

(10)    د.محمود فهمي حجازي، أصول الفكر العربي الحديث عند الطهطاوي. ص296. ط: القاهرة

(11)    أثر المقامة في نشأة القصة المصرية الحديثة. ص: 81

(12)    المرجع السابق ص: 114

(13)    http://www.naguib-mahfouz.com/main_page.htm  الموقع الرسمي لنجيب محفوظ

(14)    المرجع السابق

(15)    المرجع السابق

(16)    المرجع السابق

(17)    المرجع السابق

(18)    المرجع السابق

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ذوالقعدة 1428هـ = نوفمبر – ديسمبر 2007م ، العـدد : 11 ، السنـة : 31.

Related Posts