الأدب الإسلامي
إلى المسجد الأقصى وأكنافه المباركة
شعر: الشاعر الإسلامي الأستاذ عبد الرحمن صالح العشماوي / الرياض
جَمَدتْ كفي، فما عادتْ تُشيرُ
جمّدتْها فتنٌ كُبْرى تدُورُ
جمدتْها أمَّةٌ يرمي الأعادي
صدرَها وهْي إلى الرَّامي تَحُورُ
جمدتْها من دعاوي القوم ريحٌ
كلَّما هبتْ يَهُبُّ الزَّمْهريرُ
سائل يسأل عن صمتي وينسى
أنَّ صمت الحر تعبيرٌ مثيرُ
ما الذي تطلبُ مني؟ وحروفي
تتساقى الدَّمْعَ، والشِّعر كسيرُ؟!
ما الذي تطلب مني؟ والقوافي
في حناياها لظى حُزْنٍ يَمورُ؟!
جَمَدتْ كفي، فأصبحتُ مقيماً
عند باب الصمتِ، والشكوى تسيرُ
أَلجمتْني يا أخي رؤيا وجوهٍ
من بني قومي تغشاهنَّ زُورُ
أنا قد ألْجمَني حجمُ الدعاوى
فهْو حجمٌ – لو تأملتَ – كبيرُ
دَحَلَ الغَدرُ بنا حتى دَخَلْنا
في كهوفٍ لم يصافحنَّ نورُ
عملاء البغي في قومي قلوبٌ
في حنايهنَّ شرٌّ مستطيرُ
شابهوا بعضًا عدوٌّ وعميلٌ
وكبيرٌ في الدَّعاوي وصغير
إنما يلتفُّ حولَ البغي قومٌ
ما لهم عرفٌ ولا فيهم نكيرُ
كبُرَ الجرحُ فلم تقدرْ حروفي
حَمْلَهُ فاستبطنَ الشعرَ الشعورُ
لاتَسَلني فجوابي في غيابٍ
منذُ أنْ ميز آلامي الحضورُ
أوَما تبصر في الأرضِ قتيلاً
دمه الممزوج بالطين يفورُ؟!
أوَما تبصر من أبناء قومي
مَنْ له فعلٌ مع الباقي خطيرُ
ترفعُ الرايةُ بالإسلام دينًا
واضحًا أنزله ربٌّ قديرُ
فلماذا يلتوي وجهٌ بغيضٌ
ولماذا يبرزُ الرأسُ الحسيرُ؟
ولماذا يكره الرايةَ قومٌ
ولماذا يهجمُ الكلبُ العقورُ؟
رايةُ الإسلام لا يكرهُ منها
حفْقَها إلا حقودٌ ومُبيرُ
كيف نجفو شرعةَ الرحمن فينا
ثم نرجو أن يُجار المستجيرُ؟!
أيها السائلُ، لاتسأل، فدمعي
مثل دمعْ الشعر محبوسٌ أسيرُ
لم أزلْ أحبس من بركان شعري
ما لو اهتزَّ لخافته البحورُ
لو جرى يوماً لما وافاكَ إلا
موجه الهادرُ، والسيل الغزيرُ
أنتَ تشكو، وأنا أشكو وقومي
في سبات، وأراضي الحزمِ بُورُ
أظلم الليل، نعم – والله – لكنْ
في حنايا ليلنا فجرٌ منيرُ
أيها السائل، خُذْها من لسانٍ
خَلْفَه قلبٌ إلى الخير يطيرُ
سوف يبقى المسجدُ الأقصى كيانًا
يتهاوى دونَه الباغي المغيرُ
إنما تنكشف الظلماءُ عنا
حينما يُتَّبَعُ الهادي البشيرُ
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . شعبان 1428هـ = أغسطس – سبتمبر 2007م ، العـدد : 8 ، السنـة : 31.