محليات
عقد مجمع الفقه الإسلامي بالهند ندوته الفقهية السادسة عشرة في رحاب دارالعلوم التابعة للجامعة الإسلامية مهذب فور بمديرية أعظم جراه (الهند) في الفترة 10-13 ربيع الأول 1428هـ الموافق 30/مارس – 2/أبريل 2007م. وقد حضر الندوة حوالي مائتين من كبار علماء وفقهاء الهند وأصحاب الإفتاء الممثلين لمدارسهم الفكرية ومذاهبهم الفقهية من جميع الولايات الهندية إلى جانب خبراء الطب والاقتصاد المعاصرين، كما شارك فيها من العالم الإسلامي سعادة الدكتور عمر حسن كاسولي الأستاذ بجامعة برونائي وفضيلة الشيخ عبد القادر العارفي المدرس بدارالعلوم الإسلامية زاهدان(إيران). وبالرغم من أن سماحة الشيخ الدكتور محمد سيد الطنطاوي شيخ الأزهر الشريف لم يتمكن من الحضور للندوة لمشاركته في مؤتمر دولي بالقاهرة إلا أنه تكرم برسالة للمجمع أشاد فيها بجهود علماء الهند المتمثلة في أنشطة مجمع الفقه الإسلامي الهندي في البحث عن الحلول الشرعية لما يواجه المجتمع الإسلامي في الهند من مستجدات العصر ومتغيرات الزمان، وتمنى شيخ الأزهر في رسالته للندوة التوفيق والنجاح، وأعرب عن أطيب تمنياته وأزكى تحياته للمشاركين في الندوة .
ونوقشت في الندوة أربعةُ موضوعات سبق للمجمع أن قام بإعداد ورقة الاستفسارات بخصوصها، ووجهها للمشاركين، ووفر لهم خلاصات الأبحاث فيها. وهي:
- توسيع أوقات رمي الجمرات والأحكام المتعلقة بالمبيت في منى في العاشر والحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة .
- حقيقة موت الدماغ وحكم الشرع في فصل المِنفَسة عن المريض المعتمد عليها .
- موقف الشريعة من «القتل شفقة» .
- التسويق الشبكي أو ما يُسمّى بالتسويق المتعدد الأبعاد وحكمه في الشريعة الإسلامية .
وإليكم قرارات الندوة بخصوص هذه الموضوعات .
(أ) توسيع أوقات رمي الجمرات :
قررت الندوة بهذا الخصوص ما يلي :
أولاً: بما أن الحج من أهم عبادات الإسلام، ولا يفترضه الشارع على العبد المسلم إلا مرة واحدة في العمر كله، فينبغي على الحجاج الكرام أن يلتزموا في هذه العبادة بأفضل الطرق المشروعة التي وردت بها السنة الشريفة، ويقوموا بمراعاة جوانب الاحتياط في أدائها ما أمكن .
ويجدر بالذكر هناك أن أوقات رمي الجمرات في الأيام الثلاثة (اليوم العاشر والحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة) تتسع اتساعًا كافيًا، وهناك متسع للرمي في كل يوم إلى طلوع الصبح الصادق لليوم القادم، وعليه فلو اختار الحجاج الكرام الأوقات المناسبة لأحوالهم وظروفهم فسوف لا يجدون الصعوبة ولا يتعرضون للحوادث التي غالبًا ما تحدث بسبب عدم المعرفة والاستعجال في الأمر .
ثانيًا: يكره لعامة الناس أن يقوموا بالرمي في العاشر من ذي الحجة قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الصبح الصادق، غير أنه يجوز للنساء والمعاقين والضعفاء والمرضى ومن في حكمهم الرمي في هذه الأوقات بدون كراهة .
ثالثاً : لايجوز لأحد الرمي من منتصف الليل في العاشر من ذي الحجة، وذلك لأنه لايدخل وقت الرمي حينذاك .
رابعاً : يبدأ وقت الرمي في الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة بعد زوال الشمس، ويبقى إلى الصبح الصادق للتاريخ القادم، لذا فينبغي الرمي في هذه الأوقات، وعلى الذين يقومون بأداء الحج المفروض رعاية هذا الجانب إلا أنه لو رمى أحد قبل زوال الشمس لضرورة شديدة فلا يجب عليه الدم عملاً بقول الإمام أبي حنيفة – رحمه الله – .
خامساً : لايكره الرمي في الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة بعد غروب الشمس نظرًا إلى واقع الزحام الحالي .
سادساً : لايلزم الحاج إذا أقام هو في منى إلى ما بعد غروب الشمس رمي الثالث عشر من ذي الحجة، أما إذا اطلع الصبح الصادق للثالث عشر من ذي الحجة في منى فيلزمه رمي الثالث عشر من ذي الحجة .
(ب) حكم المبيت في منى :
أولاً : يسن للحجاج المبيت في منى في أيام منى، لذا فينبغي لهم أن يتجنبوا ترك سنة عظيمة من سنن الحج .
ثانياً : فلو اُضطُرّ أحد إلى الإقامة خارج منى لضيق المكان أو لتدبير من الحكومة السعودية فلا حرج فيه .
حقيقة الموت وفصل المِنفَسة عن المريض المعتمد عليها:
قررت الندوة بهذا الخصوص ما يلي :
أولاً : إذا توقف التنفس توقفًا تامًا وبدت على المريض علامات الموت فيتم تقرير الموت، وتجري على المريض أحكام الميت من ذلك الوقت من نفاذ الوصية وإجراء الإرث وبداية العدة وما إلى ذلك .
ثانياً : إذا كان المريض معتمدًا على المِنفَسة ولكن لم ييئس الأطباء من حياته وهناك أمل في أن يعود جهاز تنفس المريض إلى حالته الطبيعية فلا يجوز لورثة المريض فصل المِنفسة إلا إذا لم يمكن الاستمرار في العلاج من ملك المريض، ولم يستطع الورثة تحمل نفقات العلاج، ولم يبق عندهم خيار سوى ذلك .
ثالثاً : إذا كان المريض معتمدًا على المنفسة وأيس الأطباء من حياته ومن عودة جهاز تنفسه إلى حالته الطبيعية فيجوز للورثة فصل هذه الآلة .
(القتل شفقة) :
قررت الندوة بهذا الخصوص ما يلي:
أولاً : بما أن الشريعة الإسلامية تولي عناية خاصة الحفاظَ على النفس، ويفرض على الإنسان نفسه وعلى الآخرين حفظها، لذا فيحرم اللجوء إلى عمل متعمد يؤدي إلى إيصال المريض إلى الموت ، حتى ولو كان ذلك بقصد تخليص المريض من شدة آلام المرض أو بقصد تخليص أوليائه و ورثته من مشكلات العلاج والتمريض، ويُعدُّ هذا العملُ قتلاً للنفس البشرية .
ثانياً : لايجوز التخطي عن المعالجة الطبيعة لهذا المريض مع القدرة عليها، وذلك بقصد تعجيل موته حتى ولو لم يُعْطَ المريضُ دواءً مدمرًا .
التسويق الشبكي أو التسويق المتعدد الأبعاد :
قررت الندوة بهذا الخصوص ما يلي :
أولاً : تتضمن صور التسويق الشبكي السائدة اليوم مفاسد شرعية مختلفة لاشتمالها على الغش والغرر، وجعل البيع مشروطاً مع شيء غير متعلق به، وإدخال الصفقتين في صفقة والبيعتين في بيعة، ووجود صور تشبه القمار، ولا يقصد المشتري في هذا التسويق شراء السلع بل الحصول على عمولات مغرية وغير عادية، وعليه فلا يجوز الانضمام لمثل هذه التجارات .
ثانياً : وإذا لم يجز الانضمام لهذا النوع من التجارة فلا يجوز أيضًا ضم الآخرين إليها والحصول على عمولات بوساطة أعضاء الدرجات السفلى .
ثالثاً : على المسلمين أن يتجنبوا مثل هذا النوع من التجارات، وأن لاينضموا لتجارة تتعارض مع مبادئ الإسلام المضبوطة والمحددة في المعاملات .
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادى الأولى – جمادى الثانية 1428هـ = مايو – يوليو 2007م ، العـدد : 5–6 ، السنـة : 31.