كلمة المحرر 

       يُوْصَفُ الشباب المسلم في الأغلب بأنّه متطرف إرهابي ، مِعْجَالٌ مُتَهَوِّرٌ يتّسم بالامتعاض والتَّقَزُّز من كل شيء حوله، يبدو نَاقِمًا من المجتمع البشريّ ، مُحَاوِلاً الانقضاضَ على من بيده الحلّ والعقد باعتباره إيّاه عدوًّا لدودًا يعترض الطريقَ ويحول دون الوصول إلى المنزل ويمنع من كل ما يهواه مما يتعلّق بالدين والدنيا .

       وسائلُ الإعلام التي تَتَحَكَّمُ فيها العصابةُ الصهيونيةُ والمجموعةُ الـمُتَصَهْيِنَةُ من الْمُتَسَمِّيْنَ بـ «المسيحيين» تلوك ذلك كل وقت ، بكل لغة ، وبأساليب متنوعة ، حتى عاد المجتمعُ الدُّوَلِي والشارع العالميّ يعتقد أن الملوك – على صيغة اسم الفاعل من «اللوك» – من قبل وسائل الإعلام حقيقة ثابتة لاتقبل نقاشًا.

       على حين إنّ غيره من الشباب المُنْتَمِيْ إلى شتى الديانات الباطلة في العالم يَتَّسِم بأكثر من هذه الصفات السلبية المتماثلة ؛ ولكنه لايُصَنَّفُ متطرفًا إرهابيًّا ، مِعْجَالاً مُتَهَوِّرًا ، ناقمًا محاربًا لما ولمن حوله . لاشكّ أنّ ذلك التصنيف للشباب المسلم نابع من الظلم والإحجاف بل العصبية المنتنة والحقد الأسود والكراهية المتناهية التي يحملها المجتمع غير المسلم – ولاسيّما المجتمع الغربي الصهيوني المسيحي المتصهين – ضدّ الإسلام وأبنائه .

       الشباب غير المسلم هدم المسجد البابري بالهند ، وفَجَّرَ آلافًا من الاضطرابات الطائفية في طول البلاد وعرضها ، وحصد من خلالها أرواح المسلمين ، ونهب ممتلكاتهم ، واغتصب نساءهم ، وضرب شبابهم ضربًا مبرحًا تركه عالة على المجتمع ، وحَوَّلَهم مواطنين من الدرجة الثانية ، وصَيَّرهم ضائعين هائمين ، فقراء يتكففون الناس ؛ ولكنه – الشباب غير المسلم – لم يُوْصَفْ ولامرة واحدة بأنّه متهور ارتجاليّ ناقم من المجتمع ، يمارس الإرهاب ، ويصدر عن التطرف ، ويعتمد الامتعاض والتقزز والاستياء دائمًا من الذين لايَنْتَمُوْنَ إليه ديانةً . بل تكتفي وسائل الإعلام بقولها : إنّه يميني صادر عن إملاءات الحقد والعصبية العمياء ، يرتكب الظلم ولايعمل بالتحمل والتعقّل وإنما يعمل بما لايجيزه الجوار والمواطنة والتعامل الإنساني والروح الوطنية والقوانين الدوليّة . وتعتمد في النطق بهذه الكلمات أيضًا اللينَ والتجمّلَ ، وتتجنّب الخشونةَ والجفاءَ .

       إن الشباب المسيحي فعل الأفاعيل اللاإنسانية مع المسلمين في البوسنه والهـرسك ؛ وإن الشباب الصهيوني مارس ولا زال يمارس الأفاعيل الوحشية مع الفلسطينيين ؛ ولكنهما لم يُذْكَرا ولا يُذْكَرَانِ بأيّ شيء من السلبيّة ، ولم تتعرض لهما وسائل الإعلام بتشهير أو انتقاد ؛ لأنهما أبناء الله وأحباؤه ! ولأنهما يبقيان بريئين بعد كل ذنب مهما كان شنيعًا ؛ لأنهما من جنس الملائكة !.

       إنّ أسلوب وسائل الإعلام ، إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على عدائها السافر للإسلام ، مهما غلّفت تعاملَها بالموضوعيّة والمهنيّة والجديّة ، وزعمت أنها لا تراعي إلاّ حرمةَ المهنة ولاتصدر إلاّ عن المصداقية ؛ لأن المهنة الإعلامية أنبل مهنة يزاولها الإنسان ، والموضوعيّةُ هي شرطُها الأساسيّ ، والمصداقية هي قوامها الأصليّ !.

       هل الشباب المسلم أكثر امتعاضًا ونقمة ، وتهوّرًا وارتجالاً ، وتطرفًا وإرهابًا ، ومبادرة إلى اللجوء إلى استخدام القوة ضد معارضه، من الشباب الصهيوني ، والشباب الصليبي ، والشباب الوثني ، والشباب العلماني ، والشباب الغربي ، الذي أفسد نفسه وغيره ، ودَمَّرَ أخلاقَه وأخلاقَ غيره ، وجَرَّدَ نفسه وغيره من كل قيمة من القيم الإنسانية ، وجعل إلهَه هواه من المادة والمعدة ، ووسائل الحياة ، والعري والعار ، والفجور والسفور ، والخُمَار والقِمَار ، والجنس والشهوة ، والمجون والإباحيّة ، والزواج المثلي ، والشذوذ الجنسيّ ، وجَعَلَ الدنيا جحيمًا عليه وعلى غيره لاتُطَاق .

       إنّ هذا الكيل بمكيالين هو الذي حَوَّلَ الشبابَ المسلمَ ممتعضًا كارهًا ناقمًا مستاءً من المجتمع حولَه الّذي لايُنْصِفُه ، ويراه بعين عشواء أو عوراء ، ولا يراه بعين مبصرة عيناء . إنّ غيره صالح طيب لاعيب فيه ، مهما أسكر وعربد ، وفسد وأفسد ؛ وإنّه هو فاسد طالح مثال للعيوب وصورة للنقائص ، مهما عَفّ ونزه ، وبقي حبيسَ المطالبة بحقوقه المشروعة .

       متى تُغيِّر وسائل الإعلام العالمية مسارها وتُبَدِّلَ إطارَها القديم : من العداء التقليدي للإسلام والمسلمين ، حتى يتشفّى الشباب المسلم من كل نوع من الامتعاض والكراهية ؟!.

[التحرير]

(تحريرًا في الساعة 9/ من صباح يوم الخميس : 25/5/1427هـ = 22/6/2006م)

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادي الثانية – رجب 1427هـ = يوليو – أغسطس 2006م ، العـدد : 6-7 ، السنـة : 30.

Related Posts