كلمة المحرر
شهدت الهند في السنوات الأخيرة حالاتٍ لاتحصى من اللاتسامح الديني بين مختلف أتباع الديانات، و بدأ النسيج الاجتماعي يتعرض للتفكك والانهيار بصورة لم يسبق لها مثيل في الماضي؛ فقد تعرضت الأقليات والمسلمون خاصةً للاعتداء عليهم والضرب المبرح حتى الموت والقتل بمختلف صوره و ألوانه بتهمة اقتناء لحوم البقرة أو حملها أوتناولها، على أيدي حفنة من المتطرفين الهندوس الذين يشكلون الأكثرية في البلاد، زعمًا منها أنها جماعة تهدف إلى الحفاظ على البقرة و الذود عنها. وتقوم هذه الشرذمة القليلة بأعمالها العدوانية في مختلف أنحاء البلاد من غير رقيب ولا مخافة لومة لائم.
وهذه الظاهرة لم تقتصر ويلاتها على الأقليات والمسلمين، و إنما طالت فئةً من المنبوذين الهندوس أنفسهم، و ما قصةُ تعرض أفراد من هذه الشريحة من المجتمع الهندوسي ببعيدة، في حين تنفث الجماعات المتطرفة السمومَ ضد الأقليات وخاصة المسلمين، في غياب عن محاولة حكومية لكبح جماح هذه الجماعة والحد من غلوائها، كما أن تاخير البتِّ في قضايا الضالعين في مثل هذه الأحداث يزيد الطين بلةً و يزيد هذه الشرذمة جرأةً على التلاعب بقانون الدولة وأمنها وسلامتها، ويوفر لها حزامَ أمن قوي من المساءلة أو العقوبة كما أنه زاد المتضررين من هذه الأعمال الوحشية والعدوانية خوفًا وهلعًا، وخاصةً في الاضطرابات التي تشتعل نارها من حين لآخر في مختلف أصقاع البلاد.
وهذه الظاهرة المشؤومة هي التي دفعت أحد الناطقين باسم حزب المؤتمر الوطني إلى القول بأن الهند أصبحت يعرفها العالمُ اليوم أمةً غير متسامحة، و أن ملامحها وهويتها بدأت تتغير، وأنه لايمر أسبوع إلا و يتعرض البعض لتهمة الخيانة في البلاد.
ولعل هذه الظاهرة نفسها دعت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية- التي تتابع الحرية الدينية على مستوى العالم وتُصدر تقاريرها بكل صراحة – إلى تصنيف الهند دولةً في الدرجة الثانية فيما يخص دوس الحرية الدينية، علمًا بأنها- الهند – لازالت في هذه الفئة من الدول منذ عام 2009م. [التحرير]
(تحريرًا في الساعة الثانية عشرة ظهرًا من يوم الثلاثاء: 26/ذو القعدة 1437هـ =30/أغسطس 2016م)
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، المحرم – صفر 1438 هـ = أكتوبر – نو فمبر 2016م ، العدد : 1-2 ، السنة : 41