كلمة المحرر

في سلسلة من المعاناة التي يواجهها المسلمون الهنود أصدرت محكمة بـ«دهلي الجديدة» -العاصمة الهندية-مؤخرًا قرارًا في قضية سيئة السمعة استمر النظر فيها ودراسة ملابساتها نحو28 عامًا ببراءة رجال الشرطة الستة عشر المتهمين بأنهم احتجزوا 42 مسلمًا بعد وقوع اشتباكات طائفية وأعمال شغب بين الهندوس والمسلمين بمدينة «ميروت» عام 1987م ثم ساقوهم وأردوهم قتلى بإطلاق الرصاص عليهم على قناة قرب دهلي العاصمة، وألقوا جثثهم فيها. وقد نجا بعض المحتجزين– رغم إصابتهم الرصاص –  من الموت الأحمر في هذه المجزرة بأن تعلقوا ببعض الشجيرات على حافة القناة ولازموا الصمت ريثما أيقنوا مغادرة رجال الأمن مواقعهم، ليخرجوا ويقصوا على العالم كله هذه المجزرة الرهيبة والوحشية التي تندى لها جبين الإنسانية.

       وتُعرف هذه القضية – التي تعتبر أقدم قضية منظورة لدى محكمة «تيس هزاري» بـ«دهلي»- بمجزرة «هاشم فوره»، بمدينة «ميروت». وقررت المحكمة تبرئتهم لعدم وجود أدلة كافية حول هوياتهم، بينما استمر الضباط في تأدية عملهم طوال فترة التقاضي بالدعوى البطيئة للغاية.

       والجدير بالذكر أن لائحة الاتهام الأولى 1996م عن سلسلة من الجرائم، بما في ذلك القتل والتآمر تضمنت أسماء تسعة عشر من رجال الشرطة؛ ولكن ثلاثة منهم ماتوا أثناء المحاكمة. وكان كل المتهمين الآخرين تم إطلاق سراحهم بكفالة.

       ورغم مضي هذه المدة الطويلة كان ورثة المقتولين على أملٍ في أنه يتم الانتصاف لهم ومعاقبة رجال الأمن الضالعين فيها معاقبةً رادعةً إلا أن المحكمة برأتهم لعدم وجود أدلة كافية بشأن هوياتهم، مما أثار القلق وجدد لهم الجروح السابقة. ويذهب الرأي العام في هذه القضية – عقب صدور الحكم القضائي فيها – إلى أن المتضررين لم يُنتصَف لهم. وإن كانت تبرئة المحكمة المتهمين في هذه القضية تبعث الأسى والهم إلا أنها لا تثير العجب والحيرة؛ فقد ذهب الآلاف من المسلمين ضحية الاضطرابات الطائفية السابقة دون أن يُنزَل العقابُ على أحدٍ من المتهمين بالضلوع فيها.

       وتقول الروايات: إن الشرطة ورجال الأمن قاموا بمداهمات بيوت المسلمين في ظلام الليل واقتادوا نحوًا من مئة منهم ليحشروهم في إحدى الشاحنات التي نقلتهم إلى بعض القنوات فنزلوهم منها واحدًا واحدًا وأطلقوا عليهم الرصاص ولم ينجُ منهم في ظلام الليل إلا من يُعدُّون على أصابع اليد الواحدة.

       وما كان لأحد أن يبدي رأيًا فيما يخص قرار المحكمة، إلا أن من الثابت ثبوتًا لاشك فيه أن الأسلوب الذي تم اتباعه في عرض القضية على المحكمة يكشف القناع عن لامبالاة الحكومة والشرطة كما لم يتم عرض شهادات الناجين من هذه المجزرة عرضًا مؤثرًا. ولايخفى أن تقديم الأدلة والبراهين ضد المتهمين من واجب الشرطة وقد فشلت في هذه القضية فشلا ذريعًا.

       وهنا يطرح السؤال: فَمَنِ الضالعُ في مجزرة «هاشم فوره» هذه؟ إن تأجيل القرار في القضية لمدة 28 عامًا يشف عن نوع من إهدار العدل والنصفة، أليس غريبًا أن يستمر التقاضي في القضية دون أن يسفر عن مجرم واحدٍ فيها؟

وفي ظل ذلك يسائل المرأ القيادةَ الإسلامية في البلاد: هل ستقتنع بهذا القرار الصادر من المحكمة أو أن ثمة خططاً لاستئناف الحكم أمام محكمة عليا؟

[التحرير]

(تحريرًا في الساعة الرابعة من مساء يوم الأحد: 29/جمادى الثانية 1436هـ =10/أبريل2015م)

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، شعبان 1436 هـ = مايو – يونيو 2015م ، العدد : 8 ، السنة : 39

Related Posts