محليات

بقلم : مساعد التحرير

على مرآى ومسمع من العالم الذي ينادي بحرية المعتقد الديني وحقوق الإنسان، أجبرت إحدى الجماعات الهندوسية المتطرفة المقربة من حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم ما لايقل عن60 أسرة مسلمة تضم ثلاث مئة مسلم أو أقل أو أكثر في مدينة «آغرا»، الهندية على اعتناق الهندوسية. وأقامت قداسات هندوسية ببعض المعابد الهندوسية لترسيمهم طبقًا للشعائر الهندوسية الوثنية. وأثارت تصريحات زعماء الجماعات الهندوسية المتطرفة في هذا الصدد موجةً عارمةً من الجدل والنقاش والغضب في الأوساط السياسية والشعبية والإسلامية، وخاصةً بعد تصريحات المتحدثين باسم هذه الجماعات الهندوسية المتشددة بأنها قامت في السنوات الأخيرة وستقوم- مستقبلاً – بالمزيد والمزيد من تنظيم طقوس التحويل التي تسميها «gharvapasi»، وتعني «العودة إلى المنزل» كما تزعم هذه الجماعات المتشددة أن المرتدين عن الإسلام قد رجعوا إلى أصل دينهم دين آبائهم ممن دخل في الإسلام أحفادهم.

       وفي جانب آخر يشهد البرلمان الهندي جدلًا حامياً حول هذه القضية، وأصيب بحالة من الشلل منذ أيام بسبب احتجاج نواب من المعارضة على تحويل المسلمين الهنود إلى الهندوسية بصورة جماعية، مطالبين رئيس الوزراء «ناريندرا مودي» الذي يحكم حزبه (حزب ب ج ب) بإدلاء بيان بصدد التقارير التي تشير إلى حمل المسلمين الفقراء في الهند على التحول إلى الديانة الهندوسية قسراً، وتواجه الحكومة هجوماً شرساً من قبل الأحزاب المعارضة، وتظاهر المسلمون في «آغرا» ضده، ونفضت الحكومة المركزية بقيادة «نريندرا مودي» يدها من هذه القضية بأسرها متعللة بأنها تخص الحكومة المحلية لـ«أترابراديش»، وعليها أن تتخذ الإجراءات اللازمة حيالها. وقال سلطان أحمد –عضو البرلمان الهندي عن حزب «ترنمول كانغريس»: ليت شعري ما يحدث في «آغرا» باسم «إعادة التحويل قسراً» (gharvapasi)، ورئيس الوزراء بين أظهرنا هلا يقوم بمنع أصحابه من مثل هذه التصرفات الشنيعة. واعتبرت زعيمةُ حزب «بهوجان سماج» الأمر جدَّ خطير. وأن هذه الحالة من صنيع حزب «ب ج ب» الحاكم والمنظمات المتحالفة معه، والتي تحاول تسميم جو البلاد، وعلى حكومة «سماج وادي» الحاكم في الولاية – التي شهدت القضية – أن تأخذها بجدية؛ فإنها قد تؤدي إلى إضرام النار الطائفية في البلاد كلها، ولن ينحصر شرها في ولاية «أترابراديش» فحسب. ومن جانبه قال قيادي في حزب «ب ج ب» الحاكم: إن الحكومة قلقة على ذلك، إلا أن الأمر يرجع إلى الحكومة المحلية، وقد تم تسجيل بلاغ في القضية فيما أعلم. وقال قيادي في حزب «جاناتا دال»: إن منظمة «بجرنك دل»، و«وشوا هندو بريشد» لهما يد في القضية. وتمارس اليوم شتى الحيل لتحويل الناس عن معتقدهم، وتساءل: في أي طبقة من الطبقات يتم تصنيف هؤلاء المحوَّلين إلى الهندوسية؛ فإن الهندوسية تضم مئات الآلاف من الطبقات، وهلا تقومون بالقضاء على التفرقة الطبقية السائدة في مجتمعكم الهندوسي قبل أن تحولوا غيركم إلى الهندوسية. وأضاف: إن تصنيف الناس بناء على المعتقدات والأديان هذا لايخدم مصلحة البلاد.

       وفي ذات السياق اعترف «راجيشور سينغ» – الرئيس المحلي للجنة «إحياء الهندوسية» بدور لجنته في قضية التحويل إلى الهندوسية المسمى بـ«(gharvapasi)- بأن اللجنة سبق أن قامت بمثل هذه النشاطات. وأفصح عن خطط لجنته المستقبلية قائلا: إنها ستنظم قداسات مماثلة في «علي كره» في 25 من ديسمبر القادم لإعادة تحويل مالا يقل عن خمسة آلاف مسلم ونصراني إلى الهندوسية، ولترسيمهم طبقًا للشعائر الهندوسية الوثنية.

       هذا، وبلغ الناطق بلسان منظمة «آر إيس إيس» المتطرفة من التهكم والعنجهية أن أبى وصف هذه العملية كلها بتحول عقدي أوديني وأصر على أنها «عودة إلى المنزل» (gharvapasi)، وأضاف قائلا: إن الناشطين في منظمة «آرإيس إيس» دائبون على تنظيم برامج مماثلة، مما أثار حفيظة أهالي مدينة «آغرا» المسلمين والهندوس كلهم على حدٍ سواء فاجتمع وجوههم وقياداتهم الشعبية على رصيف واحدٍ ونددوا – بشدة – بتصرفات هذه المنظمات الهندوسية المتطرفة، وطالبوا بفرض الحظر على نشاطاتها خلال تظاهرات نظَّموها في المدينة.

       وتجدر الإشارة إلى أن حالة التحويل الديني والعقدي قسراً، التي شهدتها مدينة «آغرا» لم تأت صدفةً، ومن غير تخطيط مسبق؛ فإن منظمة «التحويل إلى الهندوسية» وكذلك منظمة «بجرنك دال» – من أجنحة منظمة «آر إيس إيس»- ناشطتان في هذا المجال منذ ما لايقل عن ستة أشهر، فاختارت – وفقاً لخطة مرسومة مسبقة- لتحقيق أهدافها منطقةً يعيشها بضع مئات من المسلمين محدَقين بالتجمعات الهندوسية من كل جانب. وهؤلاء المسلمون يعانون فقرا مدقعاً وأمية، ويواجهون قضايا حيوية؛ فمنهم من لايحمل معه بطاقة تموينية، ومنهم من لايحمل الهوية، ومنهم من حُرِم أطفالهم التعليمَ الديني والدراسة العصرية على حد سواء، وليس في قريتهم مسجد أو مدرسة دينية إسلامية، كما أغفلتها القيادات والمنظمات الإسلامية فلم تجعل لها حظا من نشاطاتها وأعمالها الخيرية. وأدهى وأمر من ذلك كله أنهم يعيشون على جمع الخرق والنفايات، بجانب اتهمام المنظمات المتشددة الهندوسية إياهم بأنهم دخلوا البلاد بصورة غير شرعية أو هم نازحون من مناطق أخرى من البلاد. وتجوس منظمة «آر إيس إيس» خلال ديارهم منذ ستة أشهر تغريهم بالتحول إلى الهندوسية.

        (صحيفة «راشتريه سهارا» الأردية اليومية، دهلي الجديدة، ص1، السنة:15، العدد: 5502، الخميس 17/صفر1436هـ الموافق 11/ديسمبر 2014م).

*  *  *

قضية المسجد البابري ……….منعطف جديد

       أيودهيا:

       أعلن هاشم الأنصاري- الشاكي في قضية المسجد البابري ومسقط رأس الإله «راما» – عن تخليه عن متابعة القضية متزامناً مع دعوته إلى بناء معبد «راماً» في مكان المسجد، وبالتحديد قبل حلول الذكرى الثانية والعشرين لتدميره وهدمه. وأبدى الأنصاري غضبه وإنكاره الشديد تجاه ذلك مساء أمس، كما ندد باستخدام القضية للصالح السياسي من قبل بعض الساسة. وقال – وهو يتحدث إلى الإعلام-: إنه عزل نفسه عن هذه القضية المنظورة لدى المحكمة العليا الهندية. ولن يشارك في برنامج يقام بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لهدم المسجد البابري في هذا العام. ويلزم بيتَه يوم السادس من ديسمبر المصادف لهذه الذكرى». فيما أفاد نجله إقبال الأنصاري بأن والده – هاشم الأنصاري- إنما تخلى عن متابعة القضية لكبر سنه، واستنكر الأنباء التي تفيد أن أباه وافق على بناء المعبد مكان المسجد البابري.

       واستطرد إقبال الأنصاري قائلا: إن وسائل الإعلام تساءلت أباه عما إذا  كان ينوي حضور الفعاليات التي ستقام هذا العام بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لهدم المسجد الباري؟ فرد عليها بأن كبر سنه لايسمح له بذلك. وقال– وهو يرد على سؤال موجه إليه عن بناء معبد «راما»-: إن مدينة أيودهيا- حيث يقع المسجد البابري- بها مالايقل عن عشرة فدانات من الأراضي ولايعجز أنصار بناء معبد «راما» أن يقيموه في أي مكان منه يروقهم.

       وأضاف إقبال الأنصاري قائلا: إن أباه قد بلغ من العمر ما يعجز معه عن الرد على أسئلة الإعلام رداً دقيقًا.

       وقال هاشم الأنصاري- البالغ93عاماً-: سبق أن قلتُ عام 2010هـ وقت صدور قرار محكمة الاستئناف بالولاية: يجب أن نبحث عن حلول مناسبة لهذه القضية ذات الحساسية الزائدة فيما يتعلق بالانسجام الطائفي خارج جدران المحكمة عن طريق الحوار بين أطراف النزاع.

       وفي ذات السياق قال محمد عبد الرحيم القرشي –مساعد الأمين العام لهيئة الأحوال الشخصية لعموم المسلمين في الهند-: ليت شعري ما الذي حمل هاشم الأنصاري على إدلاء مثل هذا التصريح، وربما كان ذلك من مخططات العناصر التي أدركت أنها عاجزة عن إثبات الأسطورة القائلة بوجود معبد «راما» مكان المسجد البابري. وأضاف القرشي: هَبْ أن هاشم الأنصاري تنازل عن دعواه في القضية المنظورة أمام المحكمة العليا؛ فإن موقفه هذا لاينعكس سلباً على القضية. فإن المحكمة العليا رُفِعَت إليها ستُ شكاوى خاصة بهذه القضية. وليس هاشم الأنصاري هو الشاكي الوحيد في القضية، فثمة شكاة آخرون فيها، فلاينعكس ذلك سلباً على شكاوينا فيها.

       وقال ظفر ياب الجيلاني– منسق لجنة المسجد البابري- وسط أنباء عن إعلان هاشم الأنصاري التخلي عن متابعة قضية المسجد البابري في المحكمة -: لن نعجز عن إرضاء هاشم الأنصاري بمتابعة القضية. وقد سبق أن تخلى عنها الأنصاري في الماضي ثم عاد إلى متابعتها. وأضاف قائلا: إنه لن ينعكس سلباً على القضية فيما إذا أصر الأنصاري على تخليه عنها.

       وقال فضيلة الشيخ السيد أرشد المدني – حفظه الله – وهو يعرب عن ردة فعله على إعلان هاشم الأنصاري تخليه عن القضية: ربما هذا موقف يخص هاشم الأنصاري، وأما جمعية علماء الهند فقد ظلت على صلة وثيقة مباشرة بهذه القضية منذ اليوم الأول، وستتابع القضية في المحكمة، ولن تتخلى عنها مالم يتم البتُّ فيها. وثقتنا بالمحكمة الهندية كبيرة، وأملنا قوي أن يصل الحق لصاحبه في هذه القضية. وأضاف قائلا: يستحيل أن تتخلى الجمعيةُ عن قضية المسجد البابري واستعادته.

        (صحيفة «راشتريه سهارا» الأردية اليومية، دهلي الجديدة، ص1، السنة:15، العدد:5495، الخميس 10صفر 1436هـ الموافق 4/ديسمبر 2014م).

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، جمادى الأولى 1436 هـ = فبراير – مارس 2015م ، العدد : 5 ، السنة : 39

Related Posts