كلمة المحرر
شهدت الهند في الأيام الأخيرة انتخابات فرعية (by-election) في عدة ولاياتها. وأدلى الشعب الهندي صوته لـ(33) مقعداً محليا وبرلمانيا مُنِيَ فيهاحزب ب ج ب (B.J.P) في (20) مقعداً بالخسران المبين. ولايخفى على متابع الأوضاع السياسية الهندية أن حزب «ب ج ب» (B.J.P) خاض الانتخابات البرلمانية التي أقيمت في شهر مايو وقبله بقيادة «نريندرا مودي» و باسم «الرقي للجميع» وأحرز فوزاً منقطع النظير، حصد الأحزاب السياسية الأخرى، ومكَّنه من تشكيل الحكومة المركزية دون اللجوء إلى الأحزاب الأخرى. وهذا النجاح الكاسح اغترَّ به أنصاره وقياداته، ورأى أن وجهه الطائفي هو الذي جلب له هذا الفوز الكاسح، فدخل الحزب الانتخابات الفرعية وتسابق قياداته- خاصةً في ولاية «أترا براديش» – إلى إثارة النعرات الطائفية، وتأجيج الجو بتصريحاتها الاستفزازية ضد المسلمين، مما أدى إلى تنامي التوتر الطائفي بين مختلف شرائح المجتمع الهندي و شهدت مناطق من ولاية «أتر ابراديش» اشتباكات دامية.
ولكن نتائج الانتخابات الفرعية الأخيرة غيرت الموازين وقلبت الأرض ظهراً لبطن، و أقضت مضاجع قيادات الحزب،فقد شهدت ولاية «بيهار» الشرقية انتخابات فرعية في (10)مقاعد محلية وبرلمانية، أحرز تحالف الأحزاب الديموقراطية (6) مقاعد منها، وحزب «ب ج ب» الطائفي (4) مقاعد، رغم استماتة الحزب في كسب أكبر عدد من أصوات الناخبين.
و انتزع حزب المؤتمر(3) مقاعد من بين (9)مقاعد جرت لها التصويت في الانتخابات الفرعية في ولاية «غوجرات» التي تعدُّ معقلاً حصيناً لحزب (B.J.P)، ولم يكن في مُكْنَةِ واحدٍ من الأحزاب السياسية الأخرى نقباً له. وفي «أترابراديش» التي شهدت انتخابات في (11) مقعدًا محليا وبرلمانياً أحزر حزب «س ب» (S.P) ثمانية مقاعد بينما انحصر حزب «ب ج ب» (B.J.P) في(3) مقاعد علماً بأن حزب ب ج ب (B.J.P) أحرز نجاحاً كاسحاً في الولاية في الانتخابات البرلما نية السابقة التي جرت في شهر مايو و قبله، فكسب 73 مقعداً برلمانيا من بين(80) مقعدا في الولاية. وفي ولاية «راجستهان» انتزع حزب المؤتمر المعارض (3) مقاعد من مجموع (4) مقاعد من حزب «ب ج ب» الحاكم.
وهذا الجرد السريع للانتخابات الفرعية ونتائجها تشير – إشارةً واضحةَ المعالم- إلى أن أجندة حزب «ب ج ب» (B.J.P) الطائفية قد رفَضَها معظم الشعب الهندي. وتبين الهنودُ أن الوعود العريضة التي قطعها حزب ب ج ب (B.J.P) خلال الانتخابات العامة السابقة كانت مواعيد عرقوب، ومحاولةً للصيد في الماء الكدر. وأن الحزب لايهمه إلا اعتلاء منصة الحكم مهما كلَّف ذلك من سفك الدماء ونهب الأموال وهتك الأعراض وترويع الآمنين، وتنفيذ أجندة المنظمات الهندوسية المتطرفة دون ما كان ينادي به حزب ب ج ب (B.J.P) من المحاربة ضد تراجع الاقتصاد وارتفاع معدلات التضخم وسلسلة فضائح الفساد المالي والفقر المدقع والبطالة العارمة مما يعانيه شريحةٌ واسعةٌ من الهنود وتئن تحت وطأته.
فهل يتعظ الحـزب بخيبــة أمله هذا؟ ويتجنب قياداته اتباعَ السياسة التي لايؤمن بها الأغلبية الساحقة من الشعب الهندي؟وهل تدفع هذه النتائج غير المرجوة الحزبَ إلى الاعتراف بالتعددية التي يمتاز بها البلاد،وأخذها بعين الاعتبار؟ [التحرير]
(تحريرًا في الساعة 9 من صباح يوم الأربعاء 28/ذي القعدة 1435هـ = 24/سبتمبر 2014م)
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، محرم – صفر 1436 هـ = نوفمبر – ديسمبر 2014م ، العدد : 1-2 ، السنة : 39