كلمة العدد
بتخطيط بعيد المدى من قبل «الصهيو صليبية» العالمية وبـ«فضل» عملاء داخليين لها، من المتغرّبين والمتحررين والعلمانيّين، وأعداء الإسلام من كلّ نوع ولون وجنس وعرق، تجري عمليةُ تدمير الإسلام والمسلمين، وتخريب العالمين العربي والإسلامي، وتعذيب الفتية المؤمنين في كلّ مكان بنحو يجعل الحليمَ الحكيمَ حيرانَ، لا يَدْرِي بماذا يُفَسِّر الأحداثَ المتسارعةَ المتلاحقةَ المُتَّصِلَةَ التي تُفَجَّر ضدّ الإسلام والمسلمين في كلّ مكان حتى في عقرديار المسلمين والعرب.
ففي «بنغلاديش» تجري عملية إقصاء الإسلام بيد رئيستها المتحررة العلمانية العميلة للقوى المعادية للإسلام – الشهيرة بذلك منذ أوّل عهدها – من مواقع الحكم والإدارة والتنفيذ حتى يعود غيرَ فاعلٍ في أيٍّ من مجالات الحياة، وتصير العلمانيّة مقابلَه هي المالكة للحلّ والعقد، ومصدر التشريع.
وفي «ميانمار» – بورما – تجري أشنعُ عمليّة لتطهيرها من العنصر الإسلامي بأيدي البوذيّين الذين يُشَكِّلُون الأغلبيّةَ في البلاد، والذين يمارسون أقسى أنواع الوحشيّة والعدوان مع المسلمين؛ حيث يصادرون أملاكَهم ويهدمون مساجدَهم ويحرقون منازَلهم ويحتلّون عقاراتِهم ومُمْتَلَكَاتِهم، ويحاولون عن تخطيط تحويلَهم عن الإسلام إلى البوذيّة، وقد يأمرونهم بأن يُـحْرِقُوا بأنفسهم مساجدَهم ومنازلَهم، ويقولون لهم: إن ذلك هو الطريق الوحيد للإبقاء على أرواحهم، مما يُشَكِّل خطرًا كبيرًا للرّدة العامّة عن الإسلام إلى البوذية، وقد تعدّت اعتداءاتُ البوذيّين بلادَ «ميانمار» إلى بلاد «سريلانكا» والخطرُ أكيدٌ أن تتعدّى إلى المسلمين في البلاد المجاورة التي هم فيها أقليّة وغيرُ المسلمين فيها أغلبيّة تتحكم في مصير البلاد، ويتربص كثير منهم الدوائر بالإسلام والمسلمين.
ودولةُ باكستان جعلتها الصهيونية الصليبية تتقلّب على أحرَّ من الجمر؛ ففي كل يوم تفجيرات واغتيالات وقصف أمريكي غير شرعي بكل المقاييس حتى المقاييس التي أعدّتها الأممُ المتحدةُ – التي هي الأخرى مُؤَسَّسَةٌ صهيو صليبيّةٌ، إنما أُسِّسَتْ لرعاية المصالح الصهيونيّة الصليبيّة – فصارت حوادثُ التفجيرات والاغتيالات عملاً رتيباً عاديًّا لا يلتفت إليه أحد ولا يسترعى انتباهَ أحد. وذلك كلّه من جرّاء ما صنعته معها أمريكا الصليبية الصهيونية منذ أن قامت القوى الصهيونية بتفجيرات «نيويورك» في سبتمبر 2001م.
وأفغانستان صارت خراباً يباباً، لا تزال تُؤَدِّي ثمنَ تمسّك أهلها بالإسلام، الأمر الذي من أجله انقضّت عليه أمريكا الصليبية الـمُسْتَعْبَدَةُ للصهيونية العالميّة ودمّرتها عن آخرها. ومهما خرجت منها القوات الأمريكية وقوات الاتحاد الأوربي الصليبي اليوم أو غدًا، فإنها – أفغانستان – لن تتخلص من تداعيات الأفاعيل الأمريكية معها؛ لأنها – أمريكا – ستظل تُنَفِّذ فيها مُخَطَّطَها البعيد المدى.
وفي الهند – البلاد الواسعة التي يُشَكِّل المسلمون فيها نسبةً قد تفوق نسبةَ المسلمين في كثير من البلاد العربية والإسلامية، وقد حكموها نحو ألفَ سنة، وأَثْرَوْهَا حضارةً وثقافةً لم يكن لها بهما عهدٌ قبل العهد الإسلامي، يواجه المسلمون أزمات ومشكلات لاحدَّ لها ولا عدَّ. وهذه المشكلات كان قد زَرَعَها الاستعمار الإنجليزيّ الصليبيّ الذي كان يؤمن ويعمل بمبدإ «فَرِّقْ تَسُدْ». وظلّت تؤتي ثمارها المرة التي كانت تتمثل في الاضطرابات الطائفية؛ ولكنها تفاقمت خلال الأعوام الأخيرة بنحو خطير صار يُهَدَدِّ كيان المسلمين في البلاد؛ لأن الصهيونية العالمية والصليبية الحاقدة تعاونتا مع العقليّة المتعصّبة التي رَبَّتها منظمات هندوسيّة متطرفة تَعَهَّدَتْها الصهيونيّةُ خصوصاً والصليبيّة عموماً بالسقي والريّ والتسميد في الوقت المناسب وبالقدر المناسب، ولاسيما خلال العقود الأخيرة التي اشتدّت فيها الإحيائية الهندوسيّة السلبيّة التي تحالفت مع الصهيونية بشكل رهيب، وكلتاهما على تواصل دائم وتعاون حيّ مُكَثَّف وعلاقةِ ودٍّ حمية مع المنظمات الهندوسية في شأن التخطيط للإضرار بالإسلام والمسلمين في هذه البلاد، التي كانت هي بلادَهم التي حكموها في الماضي بالعدل المضروب بهم المثل، والمساواة بين شتى طوائف الشعب، التي سَجَّلَها التاريخُ، وأشاد بها المنصفون من المؤرخين؛ حتى غير المسلمين النصارى والهندوس.
فالاشتباكات الوهميّة بين الشباب المسلم والشرطة الهنديّة، والاعتقال العشوائي للشباب المسلم من كل أنحاء البلاد، ولاسيّما الشباب المثقف الحامل لشهادات عالية مهنية من الطب والهندسة وما إلى ذلك، والقيام بتفجيرات في أمكنة شتى في البلاد وتحميل مسؤوليّتِها الشباب المسلم، واختلاق شواهد لذلك، والزج به في السجون والمعتقلات دون محاكمة منصفة تنتهي في فترة قياسيّة محددة، وإضاعة أعماره ولاسيّما فرص شبابه في السجون، ثم براءة كثير منه من خلال عمليّة المحاكمة، والمماطلة في إطلاق سراحهم حتى بعد صدور القرار القضائي؛ كلُّ ذلك مما أخوف الشعب المسلم في أرجاء البلاد، وجعلهم يتقلبون على أحرّ من الجمر ويقلقون قلقاً مثل قلق من يطأ بقدميه جذواتٍ مُتَّقِدةً. ذلك كلُّه وغيره ناتج من العصبيات المنتنة المستشرية في جميع قطاعات المصالح الحكومية والمناصب الرسميّة، التي إنما يحتلّ كلَّها أو جلَّها أفرادُ الشعب الهندوسيّ، الذين يزاحمون المسلمين ويتعاملون معهم في الأغلب صادرين عن الكراهية الشديدة وروح المقاومة.. وذلك بدوره ناتج من التزاوج الحاصل بين الصهيونية وبين المنظمات الهندوسية العاملة على الإحيائية الهندوسيّة السلبيّة.
وفي العراق – الذي عاش منذ أيام الذكرى العاشرة للحرب الأمريكية البريطانية له – لايزال الأشقاء يلحسون الآلام المبرحة، فكل يوم اغتيال وتفجير وتقتيل بعدد هائل. إن هذه الدولة العربية الإسلامية التي ليست مجرد دولة شقيقة، وإنما هو جزء لايتجزأ من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. إنّها تحوّلت بلد الأشباح، واليتامى والأرامل، والقتلى والجرحى، والأسرى والمنكوبين، والمتضررين والمتشردين. إنها – لأن الأمريكان والريطانيين اعتصروه ظلماً وإجراماً ونهباً وسرقة – تحولت إلى مفرخة للسرطانات والأوبئة، فقد وَرَدَ في تقرير حديث أعدّته الأستاذة الدكتورة «زينب عبد العزيز» ونشرته الصحف والمجلات العربية العديدة ومواقع الإنترنت الإسلاميّة أن العراق يولد فيه أطفال بلاعيون، أو برأسين أوثلاثة، أطفال مصابون بأورام خبيثة، بلا أعضاء أساسيّة أو بأطراف ناقصة أو زائدة، والتشوهات في تزايد، والوضع أسوأ مما كان عليه في «هيروشيما» و«نجازاكي» اليابانيتين.
بعد عشر سنوات من الحظر الاقتصادي والعقوبات الاقتصادية الطاحنة استخدمت أمريكا جميع قواها لهَلْهَلَة ما تبقى من الاقتصاد العراقي، وبنيته التحتية، ونسيجه الاجتماعي. إن الجيش الأمريكي الفاجر الغادر الكافر مدفوعاً بالروح الصليبية الصهيونية دكَّ المصانع والمدارس، والجامعات والمستشفيات، والمتاحف ومحطات الطاقة، ومحطات المياه. وتواطأت جمع وسائل الإعلام الأمريكية والغربية للترويج لهذه الحرب المدمرة للعالم الإسلامي والعالم العربي بدءًا من العراق، وتلفيق أكاذيب واختلاق حجج وبراهين على امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، التي لم يكن لها أي وجود؛ ولكن هذا الإعلام نفسه تواطأ على التعتيم على شناعة هذه الحرب وتداعياتها الكاسحة وتوابعها المدمرة.
استخدمت في هذه الحرب – التي خاضتها أمريكا رغم الاحتجاجات الحاشدة في عواصم الدنيا كلها، التي لايوجد لها نظير في التاريخ البشري حسب التسجيل الوثائقي العالمي ورغم منع الأمم المتحدة لها منها – جميع الأسلحة الفتاكة الـمُحَرَّمَة دوليًّا، بما فيها «اليورانيوم المخصب» و«الفوسفور الأبيض». وتمّ خلال هذه الحرب اغتيال أكثر من مليون ونصف المليون من العراقيين، إلى جانب أكثر من مليون مفقود، والنازحين وسط النيران، وقد زادوا على الأربعة ملايين ونصف المليون، أي أكثر من 7 ملايين من جملة عدد السكان البالغ 31 مليوناً، بالإضافة إلى هجرة شريحة كبيرة من الدارسين المحترفين، وعشرات الآلاف الذين تمّ سجنهم بلا محاكمة وبلا أيّ ذنب، وأُلْقِيَ بهم في غياهب السجون العلنيّة والسرّيّة على أيدي فرق الموت التي كانت قد تَدَرَّبَتْ على التفنن في التعذيب والقتل ألماً ومهانةً.
وإنّ الوضع الإنسانيّ المتأزّم بعد غزو العراق يُعَدُّ الأسوأ في العالم؛ فحوالي نصف عدد السكان هناك يعيشون في عشوائيّات غير صالحة للاستخدام الآدمي، و11 مليوناً منهم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة، و70٪ منهم لايجدون مياهاً صالحة للشرب، وأدّت عدوى «اليورانيوم المخصب» والتلوث الكيماوي إلى زيادة التشوّهات الخَلْقِيّة والسرطانات؛ ففي العراق يموت 40 ألف طفل دون الخامسة كلَّ عام، وأكثرُ من نصف مليون طفل يعانون سوء التغذية، وحوالي مليون شابّ وطفل بين الخامسة والرابعة عشرة مُجْبَرُوْنَ على العمل في محاولة يائسة لإحياء البلاد بعد إعادتها إلى «العصر الحجري» كما كان قد أعلن بذلك مسبقاً عام 1991م «جيمس بيكر» وزير خارجية أمريكا آنذاك. كما ترك الأمريكيون بعد غزوهم للعراق 12 ألف موقع أثري منهوباً مدكوكاً، وسرقوا مُقْتَنَيَات المَتْحَفَ الوطني في بغداد قبل الغزو بأيام، منها 15 ألف قطعة فريدة في العالم تُمَثِّل أصالةَ الحضارة العراقية، ولا تُقَدَّر قيمتُها بأيّ مال. والمُؤْسِفُ أنّ جرائم أمريكا الحربيّة ثابتةٌ على الملأ ويعرفها العالم كله؛ ولكنها لا تزال بلا أي محاسبة إلى الآن. ولو أنّ عشر معشارها كان المسلمون صَنَعُوها مع الصهاينة أو الصليبيين لدَكُّوا بلادَهم واقتلعوها من جذورها واستأصلوها بأسرها؛ ولكن المسلمين ذَنْبُهم الأكبرُ أنهم ضُعَفَاءُ لم يهتمّوا بإعداد القوة المستطاعة، التي كان لهم ليُرْهِبُوا بها عدوَّ الله وعدوَّهم وآخرين من دونهم لايعلمونهم ولكنّ الله يعلمهم.
ولم تكتفِ أمريكا وبريطانيا بتدمير العراق ودكّه، ولكنهما رَوَّجَتا لحرب طائفية فيه، فقد كشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية في مقال لها أنهما لم تغرقا العراق في الدماء فحسب؛ بل إنهما روّجتا لحرب طائفية تُهَدِّدُ المنطقةَ الآن، وصَرَّحت الصحيفةُ أنّه بعد عشر سنوات على شنّ الدولتين هجومًا غيرَ مُبَرَّر بُنِيَ على ذريعةٍ كاذبةٍ وبعد مرور أكثر من عام على انسحاب آخر القوات القتاليّة، ما زال المدنيّون يُقْتَلُون بمعدل لايقلّ عن 4000 شخص كلّ عام والشرطة بمعدل لا يقلّ عن 1000. وأشارت الصحيفة أن الوضع في العراق كما كان في أيام إدارة القوات الأمريكية والبريطانية للبلاد، فمازال التعذيب منتشرًا، وسجنُ الآلاف بدون محاكمة، وحالات الاختفاء والقتل تَتَكَرَّرُ بشكل روتيني. وقالت «الجارديان» في تقريرها أن غزو العراق كان عملاً عدوانيًّا صارخًا ضد دولة مقصومة الظهر، واعْتُبِرَ غيرَ قانونيّ من قِبَل الغالبيّة العظمى للرأي القانوني الدولي. وأضافت الصحيفة أنّ فرق الموت الطائفية كانت تُوَجِّهُهَا القوات الأمريكية وتُدَرِّبُها تحت سياسة «فَرِّقْ تَسُدْ» وأن أمريكا وبريطانيا تعمدتا أن تفرزا بعد الحرب دولةً شيعيّةً مُتَسَلِّطَةً تُدَارُ اليوم بواسطة رئيس الوزراء «نوري المالكي» الشيعيّ المتعصب الطائفي، أُجْبِرَ فيها نائب الرئيس السني «طارق الهاشميّ» على مغادرة البلاد، وحُكِمَ عليه بالإعدام غيابيًّا في قضايا ادِّعَاءَات بالقتل. إن إزاحة حكومة أهل السنة وإحلال حكومة الشيعة محلَّها تتواطأ مع إيران وتساعد العلويين النصيريين البعثيين اليساريين في سوريا، كانت إحدى الخطط التي تَعَمَّدَتْ كلٌّ من أمريكا وبريطانيا تنفيذها في العراق؛ لكي تزداد المنطقة «الشرق أوسطية» الخليجية صراعًا وتناحرًا، ويسهل للغرب وأمريكا والصهيونية والصليبية الصيدُ في الماء العكر طويلاً وبنحو مُتَّصِل.
وفي دول الخليج العربية لاتزال أمريكا مُعَرْبِدَةً تُحْدِثُ فيها قلاقل ولااستقرارات، وتُخَوِّف قادتها وحكّامَها بأنها ستغيِّرهم بغيرهم إذا لم ينفذوا إملاءاتها حرفيًّا ودونما تغيير؛ فعليهم أن لا يحولوا دون مصالحها «الصهيو أمريكية صليبية».
وفي الدول التي هبّت فيها رياحُ التغيير وكادت تستقرّ فيها الديموقراطيّة والحريّة، حالت أمريكا الصهيونية الصليبية دون ذلك عن طريق التدخل العسكري المباشر وغير المباشر أولاً ثم عن طريق عملائها المتغربين والعلمانيين والليبراليين والإمبرياليين ثانيًا؛ حيث عَقَّدَتْ أمريكا والقوى الغربية الوضعَ في دولة «تونس» التي هبّت منها رياح التغيير قبل جميع الدول التي تفجّرت فيها الثورات؛ ولكن القوى المعادية للإسلام لاتزال تصارع القوى الإسلامية فيها، حتى تحول دون استقرارها وحتى يعود الاستبداد مجددًا، فلا تزال تُفْشِلُ جميع المحاولات التي يبذلها المخلصون من الإسلاميين لتحصين الثورة والحفاظ على ثمراتها واكتساباتها؛ ولكن قوى «الثورة المضادة» لا تزال تعمد إلى نشر ما يُهَدِّدُ ويُدَمِّرُ المجتمع من انحرافات وفسادات وفتن عشواء، مثل دعم ظواهر قطع الطرق والسرقات المنظمة وقطع الماء والكهرباء وحرق الزوايا والتكايا وحملة الاغتصاب عن طريق من يمكن التحكّم فيهم، سواء من خلال الصور والفيديوهات، أو المخدرات والمال، والاعتصامات والاضطرابات العشوائية، وصولاً إلى حرق المقامات وقتل الناشطين من أجل إشعال حرب أهلية في «تونس»، كما جرى ويجري في كل من أفغانستان، والصومال، و«مالي» وغيرها.
وفي اليمن لا يختلف الوضع عمّا في تونس اللهم إلاّ الاختلاف في الشكل والمظهر.
أمّا في مصر، فحَدِّثْ عن الشرّ ولا حرج؛ لأن القوى اليسارية الليبراليّة العلمانية المتغربة التي خَسِرَتْ معركةَ الانتخابات، وحُرِمَتِ الوصولَ إلى كرسي الحكم والسلطة، تفعل الأفاعيل مع القوى الإسلاميّة الديموقراطيّة، وتُشْعِل الطائفيّةَ بين أقباط مصر المسيحية وبين الشعب المسلم المصري الذي لايهمه إلاّ الإسلام ويؤمن بالتعاش السلميّ؛ ولكنه لايؤمن به «فلول» النظام السابق وعملاء أمريكا والغرب وخَدَمَةُ المصالح الصهيو صليبية، فيحاولون أن يحوِّلوا مصر حججًا لا تُطَاقُ على أهلها، وأن يُمَهِّدُوا الطريقَ إلى عودة الاستبداد السابق.
وحقًّا يستغرب كثيرٌ من العرب والمصريين والمسلمين في كلِّ مكان يتابع وضعَ مصر فيما بعد الثورة هذا التحالفَ العجيبَ – الذي نشأ مؤخرًا ضدَّ الرئيس «محمد مرسي» والتيار الإسلامي – بين بعض الثُّوَّار الذين شاركوا في ثورة 25/يناير 2011 م وفلول ورموز النظام السابق الذين تَحوَّلُوا – كما يقول الأستاذ محمد جمال عرفة – بين يوم وليلة إلى «ثوّار» فَتَحَ لهم اليساريّون والليبراليون ميدانَ الثورة (التحرير) وتَحَالَفُوا معهم فيما سُمِّي بـ«جبهة الإنقاذ» ولا يتوخّون من وراء ذلك إلاّ إسقاطَ الرئيس المصري «محمد مرسي» وجَرَّ البلاد إلى القهر والبطش السابق الذي تَخَلَّصَتْ منه بفضل الثورة الباسلة التي قام بها الشعب متحدًا متآلفًا متكاقفاً، ولا يهمهم إلاّ إيصال إنفسهم إلى السلطة والانتصار للنظام السابق وخدمة المصالح «الصهيو صليبية».
وفي سوريا التي مضى على تفجر الثورة فيها ضد النظام الاستبدادي الذي يقوده بشار الأسد البعثي العلوي النصيري أكثر من عامين، يقول أحدث تقرير نشرته الصحف العالمية: إن هناك 4 ملايين شخص تضرروا من جرائم بشار داخل سوريا، بينهم ما يقرب من مليون طفل، ومن إجمالي مليوني نازح سوري يوجد 800 ألف طفل. وهناك نصف مليون طفل لاجئ حاليًّا في كل من لبنان وتركيا والأردن والعراق ومصر. جاء ذلك في تقرير «اليونيسيف» الذي صدر في مارس 2013م.
قالت «اليونيسيف»: كلُّ الجهود المبذولة من قبلها لتوفير المياه الصالحة للشرب ومرافق الصرف الصحي وخدمات الصحة والتعليم وتقديم الدعم المعنوي والصحي إلى العائلات التي نزحت داخل سوريا وإلى اللاجئين إلى الدول المجاورة، كلُّ الجهود مُهَدَّدَةٌ بسبب النقص الحادّ في التمويل؛ ففي ديسمبر 2012م ناشدت «اليونيسيف» المجتمع الدولي للحصول على مبلغ 195 مليون دولار أمريكي لإنقاذ أرواح الأطفال السوريين وأسرهم ومساعدتهم حتى يونيو 2013م، حتى الآن تم فقط تمويل أقل من 20٪ من هذا النداء.
وأَكَّدَتِ «اليونيسيف» أن الأطفال يتعرضون لحالة أشد سوءًا من غيرهم، لأن وضع الحرب الرهيب يحوّلهم كياناً مهزوزًا من الداخل إلى جانب ما يتعرضون له من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والتشويه، والعنف الجنسيّ، والتعذيب والاجتحاز التعسفي، والتجنيد من قبل الجيش، والتعرض لمخلفات الحرب من متفجرات، وزيادة التعصب، وعدم إمكانية الوصول إلى مراكز الرعاية الصحيّة.
وصَرَّحت أن البنية الأساسيّة والخدمات العامة تتعرض للتدمير بشكل منهجيّ. ويُعْتَبَرُ الوضعُ أسوأَ بكثير في مراكز الإيواء الجماعية التي يأوي إليها آلاف النازحين داخليًّا. وفي بعض الحالات يُضْطَرُّ 70 شخصًا لمشاركة مرحاض واحد. وهناك ما يقدر بنحو 32 ألف سوري في مصر (ديسمبر 2012م) وما يقدر بنحو 12 ألف في انتظار التسجيل.
إن مصادر الأمم المتحدة تقول: إن ثلاثة آلاف سوري يفرّون إلى البلدان المجاورة يوميًّا وإن أكثر من نصف اللاجئين السوريين الذين فرّوا من الحرب في بلدهم إلى بلاد مجاورة هم من الأطفال. إن الوضع الإنساني في سوريا تَفَاقَمَ وتَأَزَّمَ بنحو يفوق التصورَ، وإنه سيزداد سوءًا في الأيام القادمة كما تدل وضعيّة الصراع بين الثوار وبين الجيش النظامي الـمُدَعَّم من بعض القوى العالمية التي لا ترى في مؤمن إلاّ ولاذمة.
فالعالم الإسلامي والعالم العربيّ يعيشان قلقًا بالغًا، والمسلمون مُـمْتَحَنُونَ في كل مكان؛ ولكن الحق يعلو ولايعلى عليه، والمسلمون منتصرون بإذن الله شريطة الإيمان الخالص، والصبر والمصابرة، والمثابرة والمرابطة، والمؤامراتُ الصهيو صليبية ستفشل بإذن الله تعالى. وصدق الله «وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»(آل عمران/139).
نور عالم خليل الأميني
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، شعبان 1434 هـ = يونيو – يوليو 2013م ، العدد : 8 ، السنة : 37