أسماء الرسول  صلى الله عليه وسلم وألقابه وكناه محمد – الاسم الأكثر شيوعاً في العالم (2/2)

دراسات إسلامية

بقلم :    الأستاذ صلاح عبد الستار محمد الشهاوي (*)

          وجاء في إنجيل يوحنا – إصحاح 14 –: «إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد» وتفسير المعزي كما جاء في ترجمتهم هو الفارقليط وهذا اللفظ يعني أحمد، أي الذي له حمد كثير «وقد سأل المرحوم الأستاذ عبد الوهاب النجار الدكتور «كارونيلنو» المستشرق الإيطالي عن معنى كلمة «فارقليط» وهي تكتب أحيانا «بارقليط» وأحيانا «باركليت» فقال: إنها تعني الذي له حمد كثير(12).

*  ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم في الكتب المنزلة:

       العظيم – وقع في سفر من التوراة عن إسماعيل: وسيلد عظيماً لأمة عظيمة.

       الجبار – سمي بذلك في الزبور – كتاب داود عليه السلام حيث جاء: تقلد أيها الجبار سيفك فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك – قالوا ومعناه في حق النبي صلى الله عليه وسلم: إما لإصلاحه الأمة بالهداية والتعليم أو لقهره أعداءه أو لعلو منزلته على البشر، ونفى الله عز وجل عنه جبرية التكبر في القرآن، فقال: «وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ».

       ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم في التوراة (المتوكل) و(المختار) و(مقيم السنة) و (المقدس) و (روح الحق) وفي الإنجيل (البارقليط) أي الذي يفرق بين الحق والباطل ، و(ماذماذ) أي الطيب الطيب و(حمطايا) أي حامي الحرم  و (الخاتم الخاتم). أي الخاتم الذي ختم به الأنبياء والخاتم أحسن الأنبياء خلقاً وخُلقاً(13).

*  اسمه صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم:

       ورد اسمه صلى الله عليه وسلم كاسم علم – محمد – أربع مرات.

       «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُوٌل قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ»(آل عمران: 144).

       «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ»(محمد: 2).

       «مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ»(الفتح: 29).

       «مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (الأحزاب:40).

       وورد كاسم علم – أحمد – مرة واحدة في قوله تعالي:

       «وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ»(الصف: 6)

*  أسماؤه صلى الله عليه وسلم وكناه:

       أما أسماؤه صلى الله عليه وسلم فهي كثيرة منها ما جاء بنص القرآن ومنها ما جاء في الأحاديث الصحيحة ومنها ما اشتهر علي ألسنة الأئمة. روى عن جبير بن مطعم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر. وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي وأنا العاقب» قيل لأنه عقب غيره من الأنبياء وروى عنه عليه السلام: «لي عشرة أسماء» فذكر الخمسة هذه وقال: «وأنا رسول الرحمة ورسول الراحة ورسول الملاحم وأنا المقفى قفيت النبيين وأنا قيم» قال القاضي عياض: والقيم الجامع الكامل، وروى النقاش عنه عليــه الصلاة والسلام: «لي في القرآن سبعة أسماء محمد وأحمد و يس وطه والمدثر  والمز مل وعبد الله»(14).

*   ومن ألقابه صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم:

       النور لقوله تعالى: «قَدْ جَاءْكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وكِتَابٌ مُبِينٌ» والسراج المنير والشاهد والمبشر والنذير وداعي الله لقوله تعالى: «يَأَيُّها النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيْرًا» والبشير لقوله تعالى: «وَبَشِّرِ الْـمُؤْمِنِيْنَ» والمنذر لقوله: «إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر ومَنْ يَخْشَاهَا» والمذكر لقوله تعالى «إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ» والشهيد لقوله: «وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيْدًا» والخبير لقوله تعالى: «الرَّحْمٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا» قال القاضي بكر بن العلاء المأمور بالسؤال غير النبي صلى الله عليه وسلم والمسئول الخبير هو النبي صلى الله عليه وسلم. والحق المبين لقوله تعالى: «حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ» والرءوف الرحيم لقوله تعالى «بِالْـمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ»، والكريم والمكين والأمين لقوله تعالى: «إِنَّه لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين» والرسول والنبي الأمي لقوله تعالى: «اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ» والولي لقوله تعالى: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ» والهادي لقوله تعالى: «وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ».

*  ومن أسمائه ونعوته صلى الله عليه وسلم. التي جرت على ألسنة أئمة الأمة:

       المصطفى والمجتبى والحبيب ورسول رب العالمين والشفيع المشفع والمتقى والمصلح والطاهر والصادق والضحوك و سيد ولد آدم  وسيد المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وحبيب الله وخليل الرحمن وصاحب الحوض المورود واللواء المعقود والشفا عه والمقام المحمود وصاحب الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة. وصاحب التاج والمعراج راكب البراق والناقة والنجيب وصاحب الحجة والسلطان والخاتم والعلامة والبرهان. وكنيته المشهورة أبو القاسم و أبو إبراهيم عن انس أنه لما ولد له إبراهيم جاءه جبريل فقال – السلام عليك يا أبا إبراهيم – صلى الله عليه وسلم(15).

*   الذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم محمدًا:

       – محمد مولى رسول الله – كان اسمه «ماناهيه» وكان مجوسيًّا فأتى النبي وأسلم فغير اسمه وسماه محمدًا.

       – محمد بن يفدويه الهروسى – كان اسمه يفودان فسماه النبي صلى الله عليه وسلم محمدًا.

       – محمد بن طلحة – أبوه أحد العشرة المبشرين بالجنة ولد بالمدينة فحمله أبوه إلى رسول الله فمسح رأسه وسماه محمدًا وكان يلقب بالسجاد لكثرة سجوده وهو سيد أولاد طلحة.

       – محمد بن عمرو بن حزم. وكان أبوه عاملاً على أهل نجران سماه أبوه محمدًا وكناه أبا سليمان وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فكتب صلى الله عليه وسلم إليه: «سمه محمدًا وكنه أبا عبد الملك».

       – محمد بن أنس حمله أبوة إلى رسول الله فمسح رأسه ودعا له بالبركة وقال: «باسمي» ولا تكنوه بكنيتي.

       – محمد بن الحنيفة. وهو محمد بن علي بن أبي طالب سماه النبي قبل مولده؛ حيث قال الامام على رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم – إن ولد ولد بعدك أسميه باسمك. قال صلى الله عليه وسلم: نعم –

*   أول من تسمى محمدًا في الجاهلية:

       تذكر لنا كتب السيرة أن اسم محمد لم يكن شائعاً عند العرب ولم يُسمَّ به أحد من قبل؛ لكن هذا لا يعني أن العرب لم يألفوا اسم محمد فقد عرف العرب هذا الاسم من اليهود والنصارى وكانت نبوءاتهم بداية معرفة العرب باسم محمد. يقول النويرى: «وأما محمد فان الله حمى أن يسمى به أحد من العرب ولا من غيرهم إلى أن شاع قبل وجوده وميلاده صلى الله عليه وسلم أن نبيًّا يبعث اسمه محمد قد قرب إبان مولده فسمى قوم من العرب أبناءهم محمدًا(16).

       وروى البيهقي والطبراني وأبو نعيم والخـرائطي في الهواتف عن خليفة بن عبده قال سألت محمد بن عدي بن ربيعـة كيف سماك أبوك في الجاهلية محمداً؟ قال أما أني سألت أبي عما سألتني عنه فقال: خرجت رابع أربعة من بني تميم أنا أحدهم وسفيان بن مجاشع ويزيـد بن عمر بن ربيعة وأسامة بن مالك بن خندق فلما دنا الشام نزلنا على غدير عليه شجيرات فأشرف علينا ديراني – صاحب الدير وهو متعبد النصارى – فقال من أنتم؟. فقلنا: قوم من مضر. قال أما أنه سوف يبعث منكم وشيكاً نبي فسارعوا إليه وخذوا بحظكم منه ترشدوا؛ فإنه خاتم النبيين. فقلنا ما اسمه قال: محمد: فلما صرنا إلى أهلنا ولد لكل منا غلام فسماه محمدًا(17).

       وأما اسم أحمد فلم يتسم به أحد قبله صلى الله عليه وسلم. جاء في سورة الصف:

       «وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ…». أي أنّ صفاته، عليه السلام، تستجلب الحمد في أقوى صوره، وأجلاها، وأفضلها. فهو إذن يُحمدُ أكثر من غيره، لأن صفاته تجعله يُحمد من الناس أكثر. أمّا (محمّد) فدال على كثرة حمد الحامدين إيّاه. وعليه فإذا قصدنا بالاسم الصفة الذاتيّة، التي تدفع الناس إلى حمده، عليه السلام، فهو (أحمد)، أمّا إذا نظرنا إلى ردّة فعل الناس عندما يصفونه، عليه السلام، بما يليق بصفاته، فإنّه يكون عندها محمداً. فهو، عليه السلام، أحمد في ذاته، ومحمّد ومحمودُ من قبل الناس.

       والمعني: المقدّمات الموجودة في ذاته، عليه السلام، يلخصها اسم أحمد، أمّا النتيجة الموجودة خارج الذات فيعبر عنها اسم محمد.

       لقد اشتهر النبي، صلى الله عليه وسلم، قبل الإسلام بأنّه الصادق الأمين، وكانت هذه الشهرة نتيجة لما لمسته قريش من صِدقه وأمانته، عليه السلام، أمّا اليوم، وبعد أكثر من ألفٍ وأربعمائةِ سنة، فإننا نجد أنّ الشخصية التي تُمتدح أكثر، وذلك لما يتجلى فيها من صفات حميدة، هي شخصية الرسول، عليه السلام، فهو أحمد من غيره على مدى التاريخ البشري وإلى يومنا هذا. فتبشير عيسى، عليه السلام، كان برسول يأتي من بعده، صفته أنّه أحمد من غيره.

       والحقيقة أن القرآن الكريم ذكر بعض الأنبياء عليهم السلام بأكثر من اسم فيعقوب، عليه السلام، هو أيضاً في القرآن الكريم إسرائيل، كما أنّ يونس، عليه السلام، هو أيضاً ذو النون، وإدريس، عليه السلام، فيما يرجحه بعض المفسرين هو إلياس، ومحمد، عليه السلام، هو أحمد.

والله ولي التوفيق

*  *  *

المراجع:

12 –     المستشار محمد عزت الطهطاوي – أمثلة لما ورد في الأناجيل من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، ص 33.

13-      النويرى مصدر سابق ص 79.

14-      المصدر السابق ص 73.

15 –     المصدر السابق ص 80.

16-      المصدر السابق ص 75.

17 –     ابن الأثير- أسد الغابة-  مطبعة بولاق، 1280 هـ، ص 104.


(*)            مصر – طنطا – دمشيت.

                هاتف محمول : 0109356970(002)

                salahalsheehawy@yahoo.com

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، ذوالحجة 1433 هـ = أكتوبر – نوفمبر 2012م ، العدد : 12 ، السنة : 36

Related Posts