كلمة
العدد
الصبر
وأهميته في
الوضع الذي
يعيشه
المسلمون
اليوم
الوضعُ
الصعبُ الذي
يعيشه
المسلمون
اليومَ في
العالم كله
جَعَلَهم
حيارى
هائمين؛ لأنهم
عادوا يحسبون
أن الأعداء هم
المنتصرون
عليهم في كل
معركة بينهم
وبينهم، وكأن
الظروفَ كلَّها،
والحيلَ
والتدابيرَ
جميعَها إنما
تُوَائِم
الأعداءَ
وتُنَاوِئُهم
–
المسلمين –؛ ولكنهم
لو
تَأَمَّلُوا
بدقّة وإمعان
لعلموا أن
الصراع بين
الحقّ
والباطل،
والإسلام والكفر،
وأولياء
الرحمن
وأولياء
الشيطان، إنّما
هو على نفس
الوتيرة التي
كان عليها في
اليوم الأوّل
وفي مطلع
الإسلام وأول
عهد النبي –
صلى الله عليه
وسلم - بالجهر بالحقّ
والصدع
بالدعوة إلى
الله وحده.
وسيظلّ كذلك
إلى أن يرث
الله الأرضَ
ومن عليها.
والمطلوبُ
أن نُعِدّ
العُدَّة،
ونأخذ الأهبةَ،
ونستجمع
الأسبابَ
التي تنفعنا
في مُوَاجَهَة
الأعداء
ومُقَاوَمَة
مكرهم ومدافعة
شرهم، كما
أَمَرنا الله
تعالى بذلك في
محكم كتابه: «وَأَعِدُّوا
لَهُمْ ما
اسْتَطَعْتُمْ
مِنْ قُوَّةٍ
وَمِنْ
رِّبَاطِ
الخَيْلِ
تُرْهِبُونَ
بِهِ عَدُوَّ
اللهِ
وَعَدُوَّكُمْ
وءَاخَرِينَ
مِنْ
دُونِهِمْ
لاَتَعْلَمُونَهُمْۖ
اللهُ
يَعْلَمُهُمْ
ج وَمَا
تُنْفِقُوا
مِنْ شَيْءٍ
فِي سَبِيلِ
اللهِ
يُوَفَّ
إِلَيْكُمْ
وَأَنْتُمْ
لاَ
تُظْلَمُون»
(الأنفال/60).
وكثيرًا
مّا يظنّ
كثيرٌ منّا أن
كفّار اليوم أذكى
وأقوى وأقدر
على الدسيسة
والمكر والاحتيال
السَّيِّءِ
واستجماع
المُعَدَّات
الحربيّة من
الكفار الذين
وَاجَهُوا
النبيَّ – صلى
الله عليه
وسلم -
وصَحْبَه – رضي الله
عنهم –
لأن العصر عصر
العلم
التطبيقيّ
والاكتشافات
والاختراعات
التي لم يكن
للإنسان عهدٌ
بها في ذلك
العصر الذي
شَهِدَ مطلعَ
الإسلام وتطبيقَه
الشاملَ
الكاملَ.
والحقُّ
أنّ النبي –
صلى الله عليه
وسلم - وصَحْبَه
– رضي الله
عنهم –
وَاجَهُوا
أشدَّ بدرجات
كثيرة مما
نُواجِهُه
اليوم، إذا
وَضَعْنَا
الأمرَ في
إطار ذلك الزمن؛
فلم يترك
الكفارُ
طريقًا إلاّ
سلكوه لإبادة
الإسلام في
مهده؛ ولكن
النبي – صلى
الله عليه
وسلم -
وصَحْبَه – رضي الله
عنهم –
حَطَّمُوا
جميعَ
محاولاتهم
بالصبر
والصلاة،
وبالحكمة
الإيمانية،
التي
أُكْرِمُوا
بها،
والشجاعة
التي
أُوتُوها،
إلى جانب ما
أَعَدُّوه من
قوة
مُسْتَطَاعة؛
لأنهم لم
يكونوا ليُقَصِّروا
في امتثال
الأمر
الإلهيّ بإعداد
القوة
المستطاعة،
كما ظِلْنَا
نحن –
المسلمين –
نُقَصِّر في
ذلك عبر قرون
طويلة
سَبَقَنا فيها
إلى ذلك
الأعداءُ في
الدنيا كلّها
سبقًا جَعَلَنَا
اليوم لا نشقّ
غبارَهم ولا
نَلْحَق آثارَهم.
ولو
بقي الإطارُ
الزمنيّ –
بمشيئة الله – على
ما كان عليه
في عهد النبيّ
– صلى الله
عليه وسلم -
وابْتُلِينَا
بما
ابْتُلِيَ به
هو – صلى الله
عليه وسلم -
وصَحْبُه – رضي
الله عنهم – لما
استطعنا أن
نُوَاجِهَه،
وننتصر فيه
ونكسب
المعركةَ
القائمة
بيننا وبين
الكَفَرَة؛
لأننا دونما
شكّ دون
مستواهم في كل
من الإيمان
واليقين،
والصدق
والإخلاص،
والشجاعة والصبر
والثبات،
وامتثال جميع
الأوامر
الإلهيّة،
بما فيها
الأمرُ
بإعداد القوة
الـمُسْتَطَاعَة
الـمُرْهِبَة
لأعداء الله وأعدائنا
من الكفرة
والمشركين
والدهريين الذين
يُكَذِّبُون
الله ورسوله.
الصراعُ
بين الإيمان
والكفر سيظلّ
قائمًا إلى
يوم القيامة،
وسيظلّ
المؤمنون
يُبْتَلُون
بأذى شديد من
الكَفَرَة
الفَجَرَة
على صعيدي
القول والفعل
معًا، كما
أخبرهم بذلك
ربّنا تعالى:
«لَتُبْلَوُنَّ
فِي
أَمْوَالِكُمْ
و
أَنْفُسِكُمْ
قف
وَلَتَسْمَعُنَّ
مِنَ
الَّذِيْنَ
أُوتُوْا
الْكِتٰبَ
مِنْ
قَبْلِكُمْ
وَمِنَ
الَّذِيْنَ
أَشْرَكُوآ
أَذىً
كَثِيرًاط»(آل
عمران/186).
لكنّ
الله تعالى
لَقَّنَهم –
المؤمنين – الصبرَ
على جميع
الابتلاءات،
والشدائد
والمُلِمَّات،
فنزل كتابُه
العظيمُ
بالتأكيد على
الصبر فيما
أمر به تعالى
ودعا إليه،
وجَعَلَ الصبرَ
من عزائم
الأمور،
وعلامات
التقوى، وعُدَد
المؤمنين،
وسند
المتوكلين
عليه والمنيبين
إليه، فقال:
«وَإِنْ
تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا
فَإِن ذٰلِكَ
مِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ»
(آل عمران/186). وقال
تعالى:
«وَاصْبِرْ
عَلَىٰ مَآ
أَصَابَكَط
إِنَّ ذٰلِكَ
مِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ»
(لقمان/17).
وأكّد
أن كيد
الكافرين
ومكر
الماكرين
وحيلة أعداء
الله ستذهب
هباءً، ولا
يمسّهم – المؤمنين – بضرّ لئن
تمسّكوا
بالصبر، فقال
تعالى:
«إِنْ
تَمْسَسْكُمْ
حَسَنَةٌ
تَسُؤْهُمْ ز وَإِن
تُصِبْكُمْ
سَيِّئَةٌ
يَفْرَحُوْا بِهَا
ط وَإِنْ
تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا
لاَ يَضُرُّكُمْ
كَيْدُهُمْ
شَيْئًاط
إِنَّ اللهَ
بِمَا
يَعْمَلُونَ
مُحِيطٌ» (آل
عمران/ 120).
والصبرُ
على البلاء في
الدين أو
الدنيا خير
للمؤمن كما أن
الشكر على
النعم خير له،
كما قال النبي
– صلى الله
عليه وسلم - فقد
روى أبو يحيى
صهيب بن سنان – رضي الله
عنه –
قال: قال رسول
الله – صلى
الله عليه
وسلم -: «عجبًا
لأمر المؤمن:
إن أمره كله
له خير، وليس
ذلك لأحـد
إلاّ للمؤمن:
إن أصابته سرّاءُ
شَكَرَ فكان
خيرًا له، وإن
أصابته ضرَّاءُ
صَبَرَ فكان
خيرًا له»(1).
ثم
إن البلاء
يجعل المؤمنَ
يلقى الله
وليس عليه
خطيئة؛ لأنه
يمحو خطيئاته
كلَّها؛ فعن
أبي هريرة -
رضي الله عنه -
قال: قال رسول
الله – صلى الله
عليه وسلم-:
«ما يزال
البلاءُ
بالمؤمن
والمؤمنة في
نفسه وولده
وماله حتى يلقى
الله تعالى
وما عليه
خطيئة»(2).
وكَأَنَّ
الصبرَ هو
الْـمَلْجَأُ
الأكبر الأقوى
الذي عَلَّمَ
الله
المؤمنين
الاستنادَ
إليه
والاعتماد
عليه
والتَّثَبُّت
به لدى كل
مُلِمَّة
تُلِمّ بهم
لحكمة يعلمها
الله، ولكي
يعلم المخلصين
منهم من غير
المخلصين،
وليُعْلِمَ النّاس
علنًا
وجهارًا
الصادقين من
الكاذبين. وقد
أخبر الله
تعالى أن
الطريق
المُبَاشِر إلى
دخول الجنة
إنّما هو
النجاح في
اختبار الصبر،
فقال تعالى:
«أَمْ
حَسِبْتُمْ
أَنْ
تَدْخُلُوا
الْجَنَّةَ
وَلَمَّا
يَعْلَمِ
اللهُ الَّذِيْنَ
جٰهَدُوا
مِنْكُمْ
وَيَعْلَمَ
الصّٰبِرِينَ»
(آل عمران/ 142).
إنّ
كتاب الله عزّ
وجلّ ورد فيه
ذكر الصبر بمشتقاته
وصيغه في 103
مواضع، ودلّت
كلها على فضائل
لا تُحْصَىٰ
لهذه الصفة
الجليلة
العظيمة التي
لا يُوفَّق
لها إلاّ
السعداءُ
الذين يريد
الله بهم خيرًا
كثيرًا في
الدنيا
والآخرة؛
فالصبرُ بركاتُه
لا تنتهي في
الدنيا وإنما
تتجاوزها إلى
الآخرة؛ فقد
قال تعالى:
«أُوْلٰئِكَ
يُجْزَونَ
الغُرْفَةَ
بِمَا
صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ
فِيهَا
تَحِيَّةً
وَسَلاَمًا خٰلِدِيْنَ
فَيهَاط
حَسُنَتْ
مُسْتَقَرًّا
وَمُقَامًا»
(الفرقان/ 75-76).
وقال: «إِنِّي
جَزَيْتُهُم
الْيَوْمَ بِمَا
صَبَرُوآ لا
أَنَّهُمْ
هُمُ
الْفَآئِزُوْنَ»
(المؤمنون/111).
وقال:
«إِنَّمَا
يُوَفَّى
الصّٰبِرُونَ
أَجْرَهُمْ
بِغَيْرِ
حِسَابٍ» (الزمر/10).
والحقُّ
أن فضيلة
الصبر هي أم
الفضائل؛
لأنّها هي
التي
تُرَبِّي مَلَكَات
الخير في
النفس، فكلُّ
فضيلة من الفضائل
التي ينبغي أن
يَتَحَلَّىٰ
بها الإنسانُ
لكي يكون على
مستوى رضا
الله تعالى
وعبده
المطلوب
المنشود
تحتاج إلى هذه
الفضيلة التي
هي مفتاح
الخير؛ ولهذا
رَبَّى النبي
– صلى الله
عليه وسلم -
أمتَه عليها – فضيلة
الصبر – وحَضَّها
على التدرّب
عليها
والتمسّك بها
والعضّ عليها
بالنواجذ
والالتجاء
إليها لدى كل
خطب، حتى
دعاها إلى أن
تتكلف الصبرَ
في أول الأمر،
حتى تتعوّده؛
لأن النفس
البشريّة من شأنها
أنها إذا
تَعَوَّدتْ
احتمالَ
الشدائد،
هانت عليه.
فعن
أبي سعيد سعد
بن مالك بن
سنان الخدري – رضي
الله عنه – أن
ناسًا من
الأنصار
سألوا رسول
الله – صلى الله
عليه وسلم -
فأعطاهم، ثم
سألوه
فأعطاهم، حتى
نَفِدَ ما
عنده، فقال
لهم حين أنفق
كلَّ شيء
بيده: «ما يكن
عندي من خير
فلن
أَدَّخِره عنكم،
ومن
يَسْتَعْفِف
يُعِفَّه
الله، ومن يَسْتَغْنِ
يُغْنِه
الله، ومن
يَتَصَبَّرْ
يُصَبِّرْهُ
الله. وما
أُعْطِيَ
أحدٌ عطاءً
خيرًا وأوسع
من الصبر»(3).
ومعنى
الحديث: أن من
يمتنع عن
السؤال
يُجَازِه
الله على
استعفافِه
بصيانة وجهه
ودفع فاقته؛
ومن يستغنِ
بالله عمن
سواه فإنه
يعطيه ما يستغني
به عن السؤال،
ويخلق في قلبه
الغنى؛ ومن
يُعَالِجْ
نفسه على ترك
السؤال، ويصبر
إلى أن يحصل
له الرزق،
فإنه
يُقَوِّيه ويُمَكِّنه
من نفسه حتى
تنقاد له
ويذعن هو لتحمل
الشدائد،
فعند ذلك يكون
الله معه
فيظفر بمطلوبه(4).
ويكفي
لنا أن نستحضر
دائمًا
الجزءَ
الأخيرَ من
الحديث، وهو
«وما
أُعْطِيَ أحدٌ
عطاءً خيرًا
وأوسع من
الصبر» لأنه
ما إن يستحضره
أحد إلاّ
ويتمسّك
بالصبر لدى كل
شدّة من
الشدائد التي
تتصل بالدنيا
أو الآخرة،
فيستحق من
الله النصر
والعون الذي
وعده للصابرين
المتوكلين
عليه تعالى
المحتسبين
أجره.
فعلى
كل مسلم أن
يُعَوِّد
نفسَه
الصبرَ، واحتمالَ
المكاره،
والثباتَ
للشدائد،
ويحاول جاهدًا
تحصيلَ ملكة
الصبر،
وتعلّمَ
صناعة الاحتمال
للمكاره، لأن
الدنيا هي
موضعها،
والآخرة هي
دار الراحة
والنعيم
واللذة
الحقيقية.
وقد
عدّ النبي –
صلى الله عليه
وسلم - الصبرَ
ضياءً ينير
الطريق في
ظلمة الحيرة
التي تُسَبِّبها
الشدائدُ
والمُلِمَّاتُ،
ويُوَضِّح
حقائق
الأمور،
ويُلْهِم
المصابَ
بالبلاء خيرَ الأساليب
التي
يُعَالِجه
بها فيفوز
بذلك خيري
الدنيا
والآخرة. فقد
روى أبو مالك
الحارث بن
عاصم الأشعري – رضي الله
عنه –
قال: قال رسول
الله – صلى
الله عليه
وسلم -: «الطهور
شطر الإيمان،
والحمد لله
تملأ
الميزان،
وسبحان الله والحمد
لله تملآن – أو تملأ – ما بين
السماوات
والأرض،
والصلاة نور،
والصدقة
برهان،
والصبر ضياء،
والقرآن حجة
لك أو عليك.
كلُّ الناس
يغدو، فبائع
نفسه،
فمُعْتِقُها،
أو
مُوبِقُها»(5).
وهناك
أمور إذا
استحضرها
المسلم كانت
عونًا له على
التمسّك
بالصبر. منها
أن يؤمن إيمانًا
قويًّا بكل
معنى الكلمة
أن ما أصابه من
البلاء أو
الفتنة أو
الشدة إنما هو
بقضاء الله
وقدره؛ لأنه
هو وكل ما
يملك هو إنما
هو ملك لله
تعالى؛ ولكنه
لايصيبه بلاء
إلاّ بما كسبت
يداه:
«وَمَآ
أَصَابَكُمْ
مِّنْ مُّصِيبَةٍ
فَبِمَا
كَسَبَتْ
أَيْدِيْكُمْ
وَيعْفُوا
عَنْ
كَثِيرٍ»
(الشورى/30).
ويتأكّد
أن الخير فيما
يختاره الله
ويرضاه له:
«وَعَسَىٰ
أَنْ
تَكْرَهوا
شَيْئًا وَّ
هُوَ خَيْرٌ
لَكُمْ ج
وَعَسَىٰ
أَنْ
تُحِبُّوا
شَيْئًا وَّ
هُوَ شَرٌّ
لَكُمْط
وَاللهُ
يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ
لاَ
تَعْلَمُونَ»
(البقرة/216).
فلا
بدّ أن لا
يجزع ولا
يفزع، ولا
يَسْخَط ولا
يَتَعَتَّب،
وإنما يتحمل
ما نزل به في
صبر ورضًا
بقضاء الله
العليم
الخبير
الحكيم القوي المتين،
ويتذرّع
بالإنابة
والاستغفار
والتوبة
النصوح؛ لأن
الله تعالى
يفرح بتوبة
عبده فرحًا
أشدّ، كما ورد
في الحديث،
فقد أخرج مسلم
أن رسول الله
– صلى الله
عليه وسلم -
قال:
«للهُ
أَشَدّ فرحًا
بتوبة عبده
حين يتوب إليه،
من أحدكم كان
على راحلته
بأرضِ فلاة،
فَانْفَلَتَتْ
منه وعليها
طعامُه
وشرابُه، فأَيِسَ
منها، فأتى
شجرةً فاضطجع
في ظلّها، وقد
أَيِسَ من
راحلتِه،
فبَيْنَمَا
هو كذلك إذ هو
بها قائمةً
عنده، فأخذ
بخِطَامها،
ثم قال من شدّة
الفرح: اللّهم
أنتَ عبدي
وأنا ربّك،
أخطأ من شدّة
الفرح(6).
فلا
يضعِ العبدُ
حين تنزل به
المصيبة
أوقاته في
التعتّب
والتسخّط؛ بل
ليواصل
الدعاء والرجاء،
ويلحّ على
استرضاء الله
تعالى
واستمطار
رحمته؛ فما
نزل به لم يكن له
بدّ منه ولا
معدى عنه؛ فقد
قال صلى الله
عليه وسلم:
«واعلم
أن ما أخطأك
لم يكن ليصيبك
وما أصابك لم
يكن ليخطئك،
واعلم أن
النصر مع
الصبر، وأن الفرج
مع الكرب، وأن
مع العسر
يسرًا»(7).
وليعلم
دائمًا أن
جزعه لا يزيل المصيبة
ولا يجعلها
ترتدّ على
أدبارها، وإنما
يَسُرُّ
شَانِئِيه
ويُحْزِن
مُحِبِّيه؛
فالأحسنُ
الصبرُ
وانتظارُ
الفرج
وانكشافِ
الكرب. وكلما
صبر الإنسان
تَرَقَّىٰ في
مدارج الفضل
والكمال،
ويفوز
بالدرجة السامية
والمنزلة
العالية التي
قدرها الله
تعالى، فقد
روى أحمد وأبوداود
عن محمد بن
خالد
السُّلَمِي
عن أبيه عن
جده مرفوعًا:
«أن
العبد إذا
سبقت له من
الله منزلة لم
يبلغها،
ابتلاه الله
تعالى في جسده
أو في ماله أو
في ولده، ثم
صَبَّرَهُ
على ذلك حتى
يُبْلِغه المنزلة
التي سبقت له
من الله عز
وجل»(8).
فالمؤمن
مُطَالَبٌ
بالصبر
وتحمّل الأذى
والتضرّع
إليه تعالى
واللجوء إلى
رحمته بصدق
التوبة
والإكثار من
الاستغفار
كلما وَاجَهَ
مصيبة أو
أَلَـمَّتْ
به فتنة.
ولا
سيّما في مثل
ما نعيشه
اليوم من
الوضع المؤلم
والملابسات
القاتمة
والظروف
المظلمة، التي
أصبحنا لا
نَجْتَلِي
فيها الطريقَ
إلى مغالبة
الأعداء
ومواجهة
المبطلين
الذين يتقلبون
في البلاد،
وكأنهم
بأيديهم
مقاليد الأمور
في العالم كما
يَحْسَبُون،
فيجعلون سكان
الدنيا كلها
يتأكدون أن
الحق ما
يقولون ويمارسون،
وأن الباطل
كله هو ما
يتبنّاه
المسلمون
ويدعون إليه.
(تحريرًا
في الساعة 11:30 من
يوم السبت:
19/صفر 1436هـ =
13/ديسمبر 2014م)
نور
عالم خليل
الأميني
مجلة
الداعي
الشهرية
الصادرة عن
دار العلوم
ديوبند ،
ربيع الثاني 1436
هـ =
يناير-فبراير
2015م ، العدد : 4 ،
السنة : 39