دراسات
إسلامية
الإسلام
والحفاظ على
بيئة الماء
بقلم: خلف أحمد
محمود أبو زيد(*)
الماء
سر وجود
الأحياء، وهو
الأساس فيما
يحدث على
الأرض من
أنشطة تؤدي
إلى سعادة
الإنسان، أو
تؤدي إلى
شقائه،
فالمكان الذي
يوجد فيه الماء
تزدهر فيه
الحياة،
والمكان الذي
ينعدم فيه
الماء تنعدم فيه
مظاهر الحياة
والأحياء،
وقد وضح
الخالق - عز
وجل - أهمية
الماء لحياة
الكائنات على
وجه الأرض في
قوله تعالى
«وَجَعَلنَا
مِنَ المَآءِ
كُلَّ شَيءٍ
حَيٍّ
أَفَلاَ
يُؤْمِنُوْنَ»
(سورة
الأنبياء،
الآية30)، وهنا
تأكيد من الخالق
- عز وجل - بأن
الماء سر من
أسرار الحياة
لكافة
الكائنات،
وهذا ما أثبته
علم الخلية
«أن الماء هو
المكون الهام
في تركيب مادة
الخلية
الحية؛ إذ
يكون نحو 90% من
أجسام
الأحياء الدينا
ونحو 70% من
أجسام
الأحياء
الراقية بما في
ذلك الإنسان،
وأن خلايا
الجسم بدون
الماء لا يمكن
أن تحصل على
الغذاء أو
تطرد الفضلات
خارج الجسم»(1).
فالماء
عصب الحياة
وأساس بقاء
الكائنات والمخلوقات
على وجه
الأرض، وقد
شاءت إرادة
الله - سبحانه
وتعالى - أن
يكون الماء
كالهواء وفرة ورخصاً
في كثير من
بقاع الأرض،
وفي أماكن أخرى
جعله عزيز
المنال فادح
الثمن، ولكن
بعض الخبراء
يعتقدون بأن الماء
العذب لو وزع
بالتساوي بين
سكان العالم لكان
ذلك كافياً من
الناحية
النظرية، إلا
أن معظم الماء
العذب يأخذ
طريقه إلى
البحر دون الاستفادة
منه، كما أن
كثيراً منه
يناله التلوث
بمختلف
أشكاله مما
يجعل
الاستفادة
منه محدودة،
وحيث تؤكد
الدراسات أن
«تلوث 10% من الأنهار
المنتشرة في
أنحاء العالم
والتقاط المحيطات
6.5 ملايين طن من
النفايات
سنوياً»(2) الأمر الذي
يهدد البيئة
المائية ويخل
بأساسها
المتوازن
الذي وضعه
الخالق - عز
وجل- ونتناول
عبر السطور
القادمة
مشكلة تلوث
المياه وخطره
على الوجود
الإنساني ثم
نوضح الأسس
والمبادئ
التي وضعها
ديننا
الإسلامي من
أجل الحفاظ على
هذه النعمة
الغالية.
تعريف تلوث
الماء:
ويعرف
العلماء تلوث
الماء بأنه
«التغير في الصفات
الفيزيائية
أو
الكيميائية
أو البيولوجية
بما يؤثر
سلباً على
حياة
الكائنات
التي تعيش في
هذا الماء أو
الكائنات
المستخدمة للماء»(3) ويتضح لنا
من خلال هذا
التعريف أن
أنواع التلوث
المائي يمكن
تقسيمها إلى
ثلاثة أنواع
رئيسية هي:
1-
التلوث
الطبيعي: وهو
الذي يغير أهم
الخواص الفيزيائية
للماء من (
الحرارة -
اللون الطعم – العكورة -
الرائحة)
2-
التلوث
الكيميائي:
وهو الذي يكون
نتيجة اختلاط
الماء بمواد
كيميائية
خطيرة مثل
(مركبات الرصاص
أو الزئبق أو
المبيدات
الحشرية).
3-
التلوث
الحيوي
والبيولوجي:
وهو يعني وجود
ميكروبات
مسببة
للأمراض
بالمياه أو
طفليات كالبلهارسيا
أو جود أحياء
نباتية
كالطحالب بكميات
كبيرة تتسبب
في تغير طبيعة
الحياة ونوعيتها،
وتؤثر في
سلامة
استخدامها.
ملوثات
المياه:
ونعرض
فيما يلي أهم
المواد التي
تؤدي إلى تلوث
المياه وتسبب
أضرار
بالاستعمالات
المقررة
للمياه،
ويمكن لنا أن
نوجز أهم هذه
الملوثات
فيما يلي:
1- الفضلات
العضوية:
ومصدرها
المخلفات
المنزلية
والفضلات
الصناعية ذات
المنشأ الحيواني
والنباتي،
وإذا كانت
الفضلات المنزلية
تمثل الكم
الأكبر؛ فإن
فضلات
الصناعة أصبحت
في ازدياد
خاصة أمام
تزايد منشآت
الصناعة
الغذائية
وصناعة الورق
والتي تصرف في
مجاري المياه
كميات كبيرة
من الأجزاء
النباتية
والحيوانية
مما يؤدي إلى
تفكك هذه
الفضلات العضوية
بفعل
الجراثيم إلى
استهلاك جانب
مهم من أكسجين
المياه مما
يؤثر على
الأسماك
والأحياء المائية
ويوفر مناخاً
للتلوث
الإنتاجي.
2-
الجراثيم
والفيروسات:
وتدخل
الجراثيم
والفيروسات
وسائر
الأحياء المهجرية
إلى الماء مع
القاذورات
المنزلية أو
مع الفضلات
الصناعية
ولاسيما
بقايا الذبح
والجلود مما
يسبب تكاثر
الجراثيم
كالكوليرا
والتيفود
فضلاً عن
الفيروسات
التي تحدث
الالتهابات
المعدية مما
يسبب مشكلةً
صحيةً خطيرةً
للإنسان.
3-
الكيماويات
العضوية:
مثل
مبيدات
الحشرات
والكيماويات
الصناعية وخاصةً
المستعملة في
التنظيف
المنزلي، وليس
بخافٍ في هذا
المجال أثر
مادة DDT التي
تستعمل
لمكافحة
الآفات وذلك
على تلويث المياه
والأخطار
الناجمة على
استعمالها.
4-
الكيماويات
اللاعضوية:
ومصدرها
المواد
المعدنية
الناتجة من
مواد التعدين
والتصنيع
والتي تصرف
مختلف أنواع
الأحماض كجزء
من الفضلات
الصناعية وهو
ما يحدث أسوأ
الأثر في
الأحياء
المائية والأسماك
والطيور ثم
تصل أخيراً
إلى الإنسان بأسلوب
مباشرٍ أو غير
مباشرٍ.
5- الأسمدة:
والتي
تستعمل
كمخصبات
نباتيةِ تنشط
نمو النبات
غير أنها تلوث
الماء بما
تنتجه من
نتروجين
فسفوري تصبه
في الماء
وصعوبة هذا
النوع من الملوثات
أن معالجة
الماء
البيولوجية
للتخلص منها
غير مجدية بما
يؤدي إلى
إكثار
للنباتات
المائية مما
يولد مشاكل
أخرى من
استهلاكها لأوكسجين
الماء وجعل
طعم الماء غير
مستساغ وغير
مقبول
الرائحة.
6- المواد
المشعة:
والتي
تصدر من
صناعات
الطاقة
النووية
والمفاعلات
النووية التي
تعمل في مجال
الصناعة أو
التشخيص الطبي،
وكذلك ما يسقط
على الأرض من
غبارٍ ذري ناتج
عن التفجيرات
النووية.
7- الماء
الساخن:
ومصدره
نواتج عمليات
التبريد
الصناعية الذي
يستعمل في
محطات توليد
الكهرباء
وتكرير النفط
والصناعات
البترو
كيميائية
والتي تعيد المياه
المستعملة
وقد ارتفعت
حرارتها إلى
البحيرات أو
المجاري
المائية وهو
ما يؤدي إلى
نقصان ذوبان
الأوكسجين في
الماء مما
يضعف الأسماك
والأحياء
المائية
ويزيد من
التفاعلات المائية
المستهلكة
للأوكسجين.
8- النفط:
وينساب
من السفن إما
بإهمال من
المسؤولين عنها
أو نتيجة
لحوادث
الناقلات أو
نتيجة
لعمليات البحث
عن البترول
تحت مياه
البحار ويقدر
«أن مليوناً
ونصف مليون طن
من النفط
تنصرف إلى
المحيطات كل
عام مما يحدث
تخريباً
للأحياء
المائية وإفساد
الغذاء
والأسماك
والذي يترتب
عليه نقص في
تكاثرها مما
يؤثر في موارد
الأشخاص الذين
يعتمدون على
الأسماك في
غذائهم»(4).
الإسلام
والحفاظ على
بيئة الماء:
بداية
نؤكد على
حقيقة هامة هي
إذا بحثنا في
الأسس
والمبادئ
التي وضعها
الإسلام في
ضبط سلوك
الإنسان في
تعامله مع
البيئة
ومواردها سوف نرى
أن تلك الأسس
والمبادئ
التي جاء بها
الإسلام
بخصوص المحافظة
على البيئة
وحمايتها من
التلوث قد
سبقت في سموها
وكمالها ما
توصل إليه
علماء الغرب
وما يزعمون
أنهم أصحاب
السبق
والريادة
ويكفي أن ندرك
الأسبقية
الزمنية
للمفاهيم
والقواعد
والمبادئ
الإسلامية
وأرساها قبل
أربعة عشر
قرناً من
الزمان، رغم
ما يتردد
دائماً من أن
المشكلات
البيئية
حديثة الظهور
بل يمكننا التأكيد،
أن تلك
القواعد
والمبادئ هي
من أبجديات
الإسلام التي
عرضها في شمول
وعمق،
وبالنسبة
للحفاظ على
البيئة
المائية، نجد
أن الإسلام قد
وضع العديد من
الضوابط
والتشريعات
التي تضمن
الحفاظ على
هذه النعمة
الغالية من
التلوث أو
الإسراف في
استخدامها،
ونعرض فيما
يلي للدعائم
التي وضعها
الإسلام من
أجل الحفاظ
على البيئة
المائية.
القران
الكريم
والحفاظ على
بيئة الماء:
إذا
أنعمنا النظر
في آيات
القران
الكريم نجد أن
الماء ورد
ذكره في
العديد من
آيات القرآن التي
جاءت تذكر
بهذه النعمة
الغالية
وتدعو
الإنسان إلى
الحفاظ عليها
وذلك على
النحو الآتي:
1- التذكير
بأهمية
البحار
والأنهار
للحياة الإنسانية:
لقد
وضع الخالق -
عز وجل - تحت
سيطرة
الإنسان البحار
والأنهار
للانتفاع بها
وبما تحتوي
عليه من
خيرات
وثروات، وقد
أعلن الخالق -
عز وجل- ذلك
في العديد من
الآيات
القرآنية
الكريمة التي
جاءت تذكر بهذه
النعمة وتدعو
للحفاظ
عليها، فبالنسبة
للبيئة
البحرية، قال
تعالى: ﴿وَهُوَ
الَّذِي سَخَّرَ
الْبَحْرَ
لِتَأْكُلُوا
مِنْهُ لَحْمًا
طَرِيًّا
وَتَسْتَخْرِجُوا
مِنْهُ
حِلْيَةً
تَلْبَسُونَهَا
وَتَرَى
الْفُلْكَ
مَوَاخِرَ
فِيهِ
وَلِتَبْتَغُوا
مِنْ فَضْلِه
وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ﴾ (النحل:14) ﴿اللهُ
الَّذِي
سَخَّرَ
لَكُمُ
الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ
الْفُلْكُ
فِيهِ
بِأَمْرِهِ
وَلِتَبْتَغُوا
مِنْ
فَضْلِهِ
وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ﴾ (الجاثية:12)
وقال تعالى: ﴿مَرَجَ
الْبَحْرَيْنِ
يَلْتَقِيَانِ
* بَيْنَهُمَا
بَرْزَخٌ لا
يَبْغِيَانِ *
فَبِأَيِّ
آلآءِ
رَبِّكُمَا
تُكَذِّبَانِ
* يَخْرُجُ
مِنْهُمَا
اللُّؤْلُؤُ
وَالْـمَرْجَانُ
* فَبِأَيِّ
آلاءِ رَبِّكُمَا
تُكَذِّبَانِ
* وَلَهُ
الْجَوَارِ الْـمُنْشَآتُ
فِي
الْبَحْرِ
كَالأعْلامِ﴾ (الرحمن 19-24)، أما
بالنسبة
للأنهار لقد
وضح الخالق -
عز وجل- أهمية
الأنهار
لحياة
الإنسان على
الأرض في العديد
من الآيات
الكريمة، قال
تعالى: ﴿أَمَّنَ
جَعَلَ
الأَرْضَ
قَرَاراً
وَجَعَلَ
خِلَالَهَا
أنهارًا﴾
(النحل:10)، كما
يذكر الخالق -
عز وجل -
بتسخير الأنهار
للإنسان في قوله
تعالى: ﴿وَسَخَّرَ
لَكُم
الأَنهارَ﴾
(إبراهيم:32) كما
يوضح الخالق
عز وجل أهمية
الماء لحياة
الإنسان
والحيوان
والنبات
فوجودهم مرتبط
بوجود الماء
قال تعالى: ﴿وَمَآ
أَنْزَلَ
اللهُ مِنَ
السَّمَآءِ
مِنْ مَّآءٍ
فَأَحْيَا
بِهِ الأرْضَ
بَعْدَ مَوْتِهَا﴾
(البقرة:164)
ويقول - جل
شأنه- ﴿وَهُوَ
الَّذِي
أَنْزَلَ
مِنَ
السَّمَآءِ
مَآءً
فَأَخْرَجْنَا
بِهِ نَبَاتَ كُلِّ
شَيْءٍ﴾ (الأنعام:99) ويقول
سبحانه: ﴿وَتَرَى
الأرْضَ
هَامِدَةً
فَإِذَآ
أَنْزَلْنَا
عَلَيْهَا
الْـمَآءَ
اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ
وَأَنْبَتَتْ
مِنْ كُلِّ
زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ (الحج:5)
﴿وَأَنْزَلْنَا
مِنَ
السَّمَآءِ
مَآءً طَهُورًا
* لِنُحْيِيَ
بِهِ
بَلْدَةً
مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ
مِمَّا
خَلَقْنَآ
أَنْعَامًا
وَأَنَاسِيَّ
كَثِيرًا﴾(الفرقان:
48-49)، ثم يذكر
الخالق - عز
وجل-: أن الماء
نعمة لعباده
مما يوجب
الشكر على هذه
النعمة
الغالية؛ قال
تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ
الْـمَآءَ
الَّذِي
تَشْرَبُونَ *
أَأَنْتُمْ
أَنْزَلْتُمُوهُ
مِنَ الْـمُزْنِ
أَمْ نَحْنُ
الْـمُنْزِلُونَ
* لَوْ
نَشَآءُ
جَعَلْنٰهُ
أُجَاجًا
فَلَوْلا
تَشْكُرُونَ﴾
(الواقعة:68-70).
2- الحفاظ على
الماء
وحمايته من
التلوث:
كما
حث الخالق - عز
وجل - على
الحفاظ على
البيئة المائية
وحمايتها من
التلوث وكل ما
يغير من طبيعتها
وصلاحيتها
للاستخدام
المعدة له
أصلاً حتى يظل
الماء نقياً
نظيفاً كما
أنزله الخالق
- عز وجل- تستلذ
به الحواس وتستمتع
به النفوس
خالياً من كل
ما يؤذي أو يضر
بالإنسان أو
الحيوان أو
النبات، قال
تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ
الْـمَآءَ
الَّذِي
تَشْرَبُونَ *
أَأَنْتُمْ
أَنْزَلْتُمُوهُ
مِنَ
الْـمُزْنِ
أَمْ نَحْنُ
الْـمُنْزِلُونَ
* لَوْ
نَشَآءُ
جَعَلْنٰهُ
أُجَاجًا
فَلَوْلا
تَشْكُرُونَ﴾
(الواقعة:68-70) كما
يوضح الخالق -
عز وجل -: أن
الماء المنزل
من السماء ذو
طبيعة خاصة
فهو «ثج» أي
ينساب وينهمر
وهو ما يعني
الصفاء والنقاء،
قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا
مِنَ
الْـمُعْصِرَاتِ
مَآءً
ثَجَّاجًا *
لِنُخْرِجَ
بِهِ حَبًّا
وَنَبَاتًا *
وَجَنّٰتٍ
أَلْفَافًا﴾
(النبأ:14-16) ﴿وَأسْقَيْنَاكُمْ
مَّآءً فُرَاتاً﴾
(المراسلات:27)
أي ماءً عذباً
زلالاً
نازلاً من السحاب
أو مما ينبع
من عيون
الأرض، ويقول
المولى - عز
وجل-: ﴿وَنَزَّلْنَا
مِنَ
السَّمَآءِ
مَآءً مُبَارَكاً﴾ (ق:9) أي
ماء فيه الخير
وفيه النماء
وفيه المحافظة
على نفوس
البشر من
الاعتلال
والإصابة بالأمراض
الخطيرة التي
تعوق مسيرتهم
الحياتية
وتوقف أعمارهم
للأرض، كما
أراد الله من
خلقهم، كما
نبه الخالق -
عز وجل - أن أي
إفساد في
البيئة على
وجه العموم
وبيئة الماء
على وجه
الخصوص إنما
من كسب البشر
وتدخلهم
السيئ الذي
أفسد البيئة
وأخل بأساسها
المتوازن،
قال تعالى: ﴿وَاشْرَبُوا
مِنْ رِّزْقِ
اللهِ وَلا
تَعْثَوْا فِي
الأرْضِ
مُفْسِدِينَ﴾
(البقرة:60) وقال
جل وعلا ﴿ظَهَرَ
الفَسَادُ
فِي البَرِّ
وَالبَحْرِ بِمَا
كَسَبَتْ
أَيْدِي
النَّاسِ﴾
(الروم:41)
3- مقاومة
الإسراف في
استخدام
الماء:
لقد
أباح الخالق -
عز وجل-
لعباده
التمتع بالطبيات
أكلاً وشرباً
ولبساً
وتزيناً،
ولكنه لم يدع
الأمر بغير
قيود وضوابط
بل قيد الإباحة
بعد الإسراف،
قال تعالى: ﴿يٰبَنِي
آدَمَ خُذُوا
زِينَتَكُمْ
عِنْدَ كُلِّ
مَسْجِدٍ
وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا
وَلا تُسْرِفُوا
إِنَّهُ لا
يُحِبُّ
الْـمُسْرِفِينَ﴾
(الأعراف:31) ويعد
استنزاف
الموارد
المائية
والإسراف في
استخدامها من
أخطر القضايا
البيئية؛
لأنه من الخطورة
بمكان سوء
استهلاك
الماء
والإسراف في
استخدامه
واعتباره
مادة رخيصة
الثمن مع ما له
من قيمة لا
يعرف قدرها
إلا أولوا
الألباب.
السنة
النبوية
وحماية بيئة
الماء:
وإذا
انتقلنا إلى
أحاديث
الرسول صلى
الله عليه
وسلم، نجد أنها
تدعو دعوة
صريحة إلى
المحافظة على
البيئة
المائية وعدم
التعدي عليها
وأن ذلك جاء
على عدة أوجه
هي:
1-
أن الماء ليس
ملكاً لأحد بل
هو منة وعطية
للخالق - عز
وجل- للناس
جميعاً فيقرر
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم ذلك
صراحة في
حديثه الصحيح
«إن الناس
شركاء في ثلاث:
الماء والكلأ
والنار» (سنن
ابن ماجه). وموجب
هذه المشاركة
ألا يتعدى
إنسان على حق
الآخرين في
استعمال
الماء سواءٌ
في كمه أو
كيفه.
2-
كما نهى النبي
–صلى الله
عليه وسلم- عن
تلويث الماء
الراكد أو
الاغتسال
فيه، فعن جابر
بن عبد الله -
رضي الله عنه-
قال: «نهى
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم أن يبال
في الماء الراكد»
(رواه مسلم)،
وعن أبي هريرة
رضي الله عنه أن
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم قال: «لا
يبولن أحدكم
في الماء
الدائم الذي
لايجري ثم يغتسل
فيه» (متفق
عليه). فهذا
النهي
والتحذير
النبوي بهدف
المحافظة على
نقاء الماء،
كما رتب النبي
صلى الله عليه
وسلم اللعن على
من يلوث
الموارد
المائية، فعن
معاذ بن جبل
رضي الله عنه
قال قال
الرسول الله
صلى الله عليه
وسلم: «اتقوا
الملاعن
الثلاثة:
البراز في
الموارد
وقارعة
الطريق
والظل»
(المستدرك للحاكم).
«والمراد» أن
هذه الأفعال
تجلب اللعن؛ لأن
أصحابها
يلعنون على
فعلهم
القبيح؛ لأنهم
أفسدوا على
الناس
منفعتهم،
فكان ظلماً
والظالم
ملعون»(5) كما أثبتت
الأبحاث
العلمية أنه
«ينتج عن
التبول
المباشر
والتبرز
المباشر أو
إلقاء مخلفات
المجارى في
المصادر
المائية وصول
العديد من
الطفيليات
والميكروبات
التي تضر بصحة
الإنسان منها:
البلهارسيا،
والدودة
الكبدية و
الإنكلستوما»(6).
3-
كما نهى النبي
صلى الله عليه
وسلم عن
الإسراف في
استخدام
الماء
في العديد من
الأحاديث
الشريفة ومن
ذلك قول النبي
صلى الله عليه
وسلم لسعد وهو
يتوضأ «ما هذا
السرف يا
سعـد، فقال:
أفي الوضوء
سرف؟ قال صلى
الله عليه
وسلم: نعم وإن
كنت على نهر
جاري» (رواه
الحاكم) وعن
عبد الله بن
معقل رضي الله
عنه قال سمعت
الرسول صلى
الله عليه
وسلم يقول
«أنه سيكون في
هذه الأمة قوم
يعتدون في
الطهور
والدعاء»
(رواه أحمد في
مسنده)
«والاعتداء
في الطهور أي
الطهارة تجاوز
الحد المعقول
في استعمال
الماء
والخروج من حد
الاعتدال إلى
حد الإسراف»(7) وإمعاناً في
هذا التحذير
نجد أن الرسول
صلى الله عليه
وسلم دعا إلى
ترشيد
استخدام
الماء في
الأمور التي
يتكرر فعلها
كالضوء
والغسل، فعن
أنس بن مالك
رضي الله عنه
قال: «كان
النبي صلى
الله عليه
وسلم يغتسل
بالصاع إلى
خمسة أمداد
ويتوضأ
بالمد» (متفق
عليه) وعن عمر
بن شعيب عن
أبيه عن جده
قال: «جاء
أعرابي إلى
النبي صلى
الله عليه
وسلم فسأله عن
الوضوء؟
فأراه ثلاثاً
ثلاثاً ثم
قال: هذا
الوضوء فمن
زاد عن هذا فقد
أساء وتعدى
وظلم» (رواه
أحمد في
مسنده) فإذا
كان استخدام
الماء في أمور
الوضوء
والعبادة
هكذا بدون
إسرافٍ أو
تبذيرٍ فما
بالنا الآن
بهذا الإسراف
الشديد في
استخدام
المياه، إن
متوسط
استهلاك
الماء يومياً
لعائلة مكونة من
أربعة أفراد
هو كالآتي:
«دورة
المياه
100جالون
الاستحمام 80
جالوناً
غسيل
الأطباق 15 جالوناً
حوض
المنافع 5
جالونات
حوض
الحمام 8
جالونات
نقاط
المياه
المتسربة
ببطء من
الحنفيات تهدر
كمية من
المياه
تتراوح ما بين
50-75 لتراً يومياً»(8) وهذا سرف
شديد يتطلب
تضافر جهود
الجميع بما يضمن
الحفاظ على هذه
الثروة من
الضياع وبما
يحقق غاية
الترشيد في
استهلاك
المياه.
أخيراً
وفي
النهاية نقول:
فإذا كان
الماء نعمةً
عظيمةً من
الله فكيف
نجحد به ولا
نصونه ونحافظ
عليه، ثم
لماذا يعبث
الإنسان
بالتوازن
الكمي للماء
فيسرف في
استخدامه،
ولماذا يعبث
بتوازنه
النوعي
فيلوثه بالمواد
الضارة
محولاً
النعمة إلى
نقمة، ألا
يعلم الإنسان
أنه مُحاسَب
يوم القيامة
على نعم الله
«ثُمَّ
لَتُسْأَلُنَّ
يَؤْمَئِذٍ
عَنِ
النَّعِيْمِ»
(التكاثر:8).
* * *
المصادر:
(1) مجلة
المجاهد، عدد
رجب، عام 1420
هجرية، ص 51 .
(2) الحفاظ
على البيئة من
منظور الإسلام،
عبد العزيز
سعد الدغيتر،
كتيب المجلة
العربية،
العدد 103، ص 19 .
(3) المحافظة
على البيئة في
منظور
الإسلام، د/
محمد عبد
السلام
أبوخزيم،
سلسلة دراسات
إسلامية
العدد 184 ص 27 .
(4) الإسلام
والبيئة، د/
إبراهيم علي
حسن، سلسلة دراسات
إسلامية
العدد 51، ص 83 .
(5) المحافظة
على البيئة من
منظور
الإسلام، مصدر
سابق ص 30 .
(6) المصدر
السابق، ص 31 .
(7) رعاية
البيئة في
الإسلام، د
/يوسف
القرضاوي ، الناشر
دارالشروق، ص
133.
(8) الحفاظ
على البيئة في
منظور
الإسلام،
مصدر سابق، ص 20 .
* * *
(*)
جمهورية مصر
العربية – محافظة
سوهاج –
مدينة ناصر – شارع
المملوك منزل
رقم (5). رقم
الهاتف
المحمول 01066380935
البريد
الالكتروني: ka_abozed_1969@yahoo.com
مجلة
الداعي
الشهرية
الصادرة عن
دار العلوم
ديوبند ،
رمضان – شوال 1435
هـ = يونيو – أغسطس
2014م ، العدد : 9-10 ،
السنة : 38